سوريا.. حانت لحظة الجد
طارق الحميد
نستطيع القول اليوم بأن لحظة الجد والعمل دوليا قد انطلقت من إسطنبول في اتجاه إنهاء مرحلة سيئة من مراحل منطقتنا، وتحديدا نظام بشار الأسد، فمؤتمر أصدقاء سوريا بالأمس مثل نقطة انطلاقة للرد على جرائم الأسد وقواته، كما مثل رسالة واضحة، وهي أن رحيل الأسد حتمي.
بالأمس أسقط مؤتمر إسطنبول، الممثل بثمانين دولة، الشرعية كاملة عن نظام الأسد حين اعترف بالمجلس الوطني ممثلا وحيدا عن الشعب السوري، وبادر المجلس فورا للتعهد بتقديم رواتب مالية للجيش الحر، مما يعني ضمنيا أن الدعم المالي قد تحقق. والأمر الآخر المهم أيضا أن مؤتمر أصدقاء سوريا قد طالب بتحديد سقف زمني لمهمة السيد كوفي أنان، أي أنها لن تكون مفلوتة بلا زمن، وهذه بحد ذاتها صفعة حقيقية للنظام الأسدي الذي تبجح بالقول إنه لا قيمة لمهمة أنان، وبأن النظام قد حقق النصر ميدانيا، كما قال شبيحة النظام الأسدي، سواء حسن نصر الله في لبنان أو المتحدث باسم خارجية النظام جهاد المقدسي. وبالأمس سمعنا هيلاري كلينتون تقول إنه على الأسد أن يتنحى، وسمعنا السيد رجب طيب أردوغان يقول إن تركيا لن تقبل بأي خطة تؤدي إلى بقاء الأسد في الحكم، وأهمية حديث رئيس الوزراء التركي تحديدا، تكمن في أنه لم يقلها علنا وحسب، بل قالها في طهران، ولم يسمع من الإيرانيين تهديدا، بل كان الرد الإيراني: «حسنا.. ومن بديل الأسد؟»، مما يعني أن طهران باتت تعي جيدا أن الأسد قد انتهى.
وبالطبع فإن هذه كلها رسائل مهمة سيفهمها من هم حول بشار الأسد أكثر من الأسد نفسه، الذي بات من الواضح أنه مفصول عن الواقع. ومعلوماتي الخاصة تشير إلى أنه اليوم سيصار إلى تفعيل فكرة مجموعة العمل الخاصة بمتابعة الشأن السوري، وهي المجموعة التي كانت مقررة في مؤتمر أصدقاء سوريا بتونس، وكتبت عنها في حينها، مما يعني أنه ستكون هناك غرفة عمليات خاصة، وهذا يعني أن التحركات المقبلة ستكون محددة وواضحة، بل فعالة جدا، ويفترض أن تصب في خدمة الثوار على الأرض، وبكل الأشكال، فعندما تقول أميركا إنها ستدعم الثوار بالاتصالات، وليس الأسلحة، فالاتصالات مهمة بأهمية الأسلحة، بل هي عنصر قاتل ضد النظام الأسدي الذي يستعين بأجهزة إيرانية تحد من اتصالات الثوار، وتحركاتهم.
الأمر الآخر، سيكون هناك تحرك فوري من قبل تلك المجموعة المحددة للتواصل مع كل من الصين وروسيا، وهذا أمر مهم، أيا كان الموقف من موسكو، كما سيصار إلى تشكيل ما يشبه الصندوق لدعم السوريين، وكل يدعم بما يراه مناسبا، مما يعني أن الباب قد فتح للدعم «المؤثر».
ولذا فإنه يمكن القول إن مؤتمر إسطنبول قد نجح، ومثل صفعة حقيقية لتبجحات النظام الأسدي الأخيرة، كما يعني أن لحظة العمل الجاد قد انطلقت من إسطنبول، ليتخلص السوريون، والمنطقة، من هذا النظام الإجرامي.
وعليه فنحن في انتظار التحركات الملموسة.
الشرق الأوسط