سوريا: دعاية الإعمار في زمن الهدم!/ سلام السعدي
في ظل توسع رقعة الدمار والخراب في سوريا، ليس من المنطق في شيء أن تتوسع شركات البناء والتطوير العقاري. المنطق أن تهاجر تلك الشركات بعيداً عن بلادٍ تعيش مرحلة هدم مجنونة، لتعود لاحقاً في مرحلة البناء وإعادة الاعمار.
لكنّ النظام السوري يمتلك منطقاً خاصاً، يجعل مرحلة البناء موصولة بمرحلة الهدم، ويتجلى هذا المنطق في كون النظام، وهو “الدولة”، يقوم بالهدم والبناء معاً، وإن كان يبرع في الهدم أكثر.
شركات “حليفة”
أوضح مصدر في “هيئة التطوير العقاري” لصحيفة “تشرين” الحكومية، أن رأسمال شركات التطوير العقاري الحاصلة على الترخيص النهائي بلغ 2.51 مليار ليرة (15.2 مليون دولار). وأضاف أن “عدد الشركات الحاصلة على الترخيص النهائي بلغ 40 شركة، منها 3 شركات قطاع عام وشركة تابعة لخزانة نقابة المهندسين”.
أما مناطق التطوير العقاري فبلغ عددها 21 منطقة، منها 16 منطقة على أراضي أملاك الدولة، و5 مناطق مملوكة لجهات خاصة، بمساحة إجمالية تبلغ 4 آلاف هكتار. ويقدر عدد مساكن تلك المناطق بنحو 159 ألف مسكن تستوعب نحو 780 ألف نسمة متوزعة على 7 مناطق في ريف دمشق، 8 مناطق في حلب، 4 مناطق في حمص، ومنطقة واحدة في كلٍ من دير الزور والسويداء.
الحكومة السورية لم تتطرق لطبيعة الشركات ومالكيها ونسبة الاستثمار الأجنبي فيها، إذ من المتوقع أن تكون مشاركة كل من روسيا وإيران وازنة في مشاريع إعادة الإعمار، وذلك بالتوازي مع مشاركة الحلقة القريبة من الرئيس بشار الأسد التي استحوذت، قبل الثورة، على كل مشاريع التطوير العقاري.
ربما تستطيع الحكومة المباشرة في التطوير العقاري في عدد من المناطق التي تحكم السيطرة عليها، ومنها اللاذقية وطرطوس والسويداء، وهذه المناطق ذكرت بالفعل في خطة الحكومة للتطوير العقاري. لكن لعاب الشركات “الحليفة” بدء يسيل وعيونهم على مناطق أخرى، عاث فيها النظام وجيشه وطائراته الحربية خراباً ودماراً فباتت تحتاج إلى إعادة إعمار كاملة وشاملة، بدءا بالأبنية السكنية مروراً بالبنى التحتية من صحة وتعليم وكهرباء وصرف صحي.. إلخ.
تهجير قسري
بالتوازي أعلنت “وزارة الإسكان والتنمية العمرانية” أنها بصدد العمل على ملف السكن العشوائي بما سيسهم في “خلق حركة عمرانية تؤمن مسكناً مقبولاً للمواطنين، ولاسيما أن الامتداد العشوائي يشكل حالة غير صحيحة، وخللاً في النسيج الحضري والعمراني للمدن، والتوزيع الجغرافي للسكان بين المدينة والريف”.
وقالت الوزارة إن عدد مناطق السكن العشوائي في سوريا يبلغ 157 منطقة بمساحة إجمالية 10838 هكتاراً، وأنها كلفت شركات للاستشارات الفنية لتقديم دراسات بصددها.
ويبدو واضحاً أن تصريحات الحكومة السورية تحمل جانباً دعائياً. فمن المناطق التي زعمت الحكومة إعداد دراسات حول السكن العشوائي فيها، كل من يلدا وحرستا وداريا، ويعلم الجميع أن هذه المناطق هدمت فوق رؤوس سكانها، وتحولت مناطق السكن العشوائي فيها إلى أكوام من الحطام، هذا فضلاً عن أنها خارج سلطة الحكومة.
وليس جديداً أن يستعمل النظام السوري ذريعة “تطوير مناطق السكن العشوائي” من أجل هدمها والتخلص من سكانها، فقد عمل بمثابرة على ذلك منذ بداية الثورة. ففي العام 2012 أصدر بشار الأسد مرسوماً بإستحداث منطقتين تنظيميتين في دمشق، وللمصادفة كانت المنطقتين حاضنتين للسكن العشوائي وللثورة على النظام.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن ما يراوح بين 26 إلى 30 في المئة من سكان سوريا يعيشون في مناطق السكن العشوائي. وتتجاوز النسبة 35 في المئة في كل من دمشق وحلب، حيث تصل الكثافة السكانية في بعض مناطقهما إلى 700 شخص في الكيلومتر المربع الواحد.
المدن