صفحات الناس

سوريا : طائرات روسية آيلة للسقوط/سلام السعدي

في محاولة لإعادة تأهيل أسطول النقل الجوي المتداعي من جراء العقوبات الإقتصادية المفروضة على سوريا، تتجه مؤسسة الطيران السورية للإعتماد على صناعة الطائرات الروسية، متجاهلة الأخطار المحتملة المحدقة.

قبل أيام، كانت مؤسسة الطيران السورية على موعد مع تسلم طائرتين من طراز “انتوف” روسية الصنع، لكن التسليم تأجل بطلب من المؤسسة، من أجل “زيادة المسافة بين المقاعد”، إلى شهري أيار وآب المقبلين. وكانت المؤسسة قد تسلمت في نهاية العام الماضي 2013، طائرتين من الطراز نفسه، في إطار خطة حكومية تقضي بشراء 15 طائرة روسية، يتم تسليمها على امتداد السنوات الخمس المقبلة.

الأسطول السوري من الطائرات باشر التداعي منذ العام 2004، عندما فرضت أميركا عقوبات اقتصادية على سوريا، شملت حظر بيع الطائرات وقطع التبديل التي تنتجها الشركات الأميركية، أو التي تسهم في تكوينها بنسبة تزيد عن 10 في المئة.

 ولدى انفراج العلاقات السياسية بين سوريا وفرنسا في العام 2008، حاولت الحكومة السورية الاعتماد على طائرات شركة “إيرباص” الفرنسية. وبالفعل وقعت مذكرة لشراء 14 طائرة، غير أن رفض الولايات المتحدة حال دون إتمام الصفقة، إذ تشارك الشركات الأميركية بأكثر من 10 في المئة من مكونات الطائرة الفرنسية. هكذا أعلن وزير النقل السوري في العام 2008 تراجع أسطول طائرات نقل الركاب، وخروج كل طائرات “بوينغ” الأميركية من الخدمة باستثناء طائرة واحدة، لتقتصر حركة الطيران على 6 طائرات “ايرباص”.

الحصار الخانق دفع الحكومة السورية لإطلاق مفاوضات مع روسيا من أجل شراء طائرات من طراز “إليوشن” و”أنتوف”. طال أمد المفاوضات من دون نتائج، في ظل شائعات عن تردد سوريا، بسبب انخفاض شروط الأمان في هذا النوع من الطائرات، فيما تحدث البعض عن عدم موافقة روسية نزولاً عند رغبة أميركا وفرنسا، خصوصاً ان العلاقات السورية الروسية آنذاك، كانت في أوهن أيامها.

بعد اندلاع الثورة، وتحديداً في العام 2012، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على الخطوط السورية تضمنت منع السفر إلى كل دول الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن منع بيع طائرات جديدة للحكومة السورية من قبل الشركات الأوروبية. هكذا، حسمت سوريا أمرها في العام 2013، وتعاقدت على 15 طائرة “انتوف” روسية الصنع.

الحكومة بالغت في مدح طائرة “الأنتوف”، مدعيةً أنها دخلت “حيز التشغيل في شركات عديدة في العالم”، وبأنها تتميّز “بالإقتصادية في التشغيل، من حيث مصروف الوقود والتكلفة، فضلاً عن تجهيزات فنية متطورة”. أكثر من ذلك، راحت تروج بأسلوب دعائي ساذج لتفاصيل صغيرة باتت موجودة في أكثر طائرات العالم تواضعاً، مثل “شاشات نظام الترفيه ذات الدقة العالية، ونظام فيديو، ونظام موسيقى من 26 قناة، والإستماع من خلال السماعات الشخصية لكل مسافر”. كل ذلك في محاولة لإخفاء العيوب القاتلة التي “تميّز” الطائرة الروسية التي اشتهرت بالحوادث الجوية.

ففي السودان الخاضع هو الآخر لعقوبات اقتصادية، لا يكاد يمر عام من دون سقوط طائرات روسية الصنع. في العام 2008 تكررت حوادث السقوط لثلاث مرات متتالية في غضون شهر واحد، ما دفع الرئيس عمر البشير إلى إيقاف مؤقت لطائرات “انتوف” و”اليوشن” في السودان. ولدى عودة الطائرة للعمل، عادت الحوادث الجوية والتي كان آخرها حادث مروع في شهر آب العام 2012، حيث سقطت طائرة “انتوف” ما أدى إلى مقتل 26 راكباً كان من بينهم عدد من الوزراء والسياسيين والعسكريين والإعلاميين.

لكن، لا يبدو أن النظام السوري قد اكتفى بقتل السوريين على الأرض، طالما أن روسيا تٌصنّع موتاً فريداً في صورة نعوش طائرة.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى