سوريا… على السكين يا سندويش/ مروان أبو خالد
على الرغم من كل ما تتعرض له شروط الحياة فيها، بقيت “الوجبات الشعبية” الزهيدة ملاذاً أخيراً لأكثرية السوريين، الذين ارتفعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أسعار كل حاجاتهم، بالتوازي مع رخص حيواتهم المهدورة يومياً على مرأى ومسمع من جيرانهم الأقربين والأبعدين.
فقد شهدت أسعار السندويشات والوجبات الشعبية ارتفاعاً جنونياً، بعدما كانت ملاذاً لذوي الدخل المتوسط والمحدود قبل الحرب الطاحنة الدائرة في البلاد. فأسعار السندويش زادت أخيراً بنسبة 60% بحسب جريدة “الوطن” الموالية للنظام. كما أن وجبات الفول والمسبحة والفتة التي كانت من المكونات الأساسية لغذاء السوريين، أصبحت رفاهية زائدة بعدما تجاوز الارتفاع في أسعارها نسبة 200% حدّاً أدنى، عمّا كانت عليه قبل بدء الحرب.
ارتفاع الأسعار المترافق مع الظروف الاقتصادية الصعبة وتآكل دخول السوريين، دفع نحو انخفاض الطلب بشكل كبير على المطاعم الشعبية. يقول صاحب أحد المطاعم في دمشق أبو عمر لـ”المدن”: “قبل الحرب كنت أبيع يومياً حوالي 500 صحن من الفول والفتة والمسبحة بأنواعها، والمبيعات كانت تصل إلى قرابة 1000 صحن في الأعياد والمناسبات، وزبائني كانوا من مختلف الفئات الاجتماعية، لاسيما العمال. فرخص الطعام لدينا كان يدفعهم للمجيء لتناول وجبات الغداء ثم العودة لورش العمل لإكمال أعمالهم من جديد. اليوم وبعد 3 سنوات من الحرب انخفضت مبيعات المطعم لأقل من 100 صحن يومياً، واضطررت لخفض عدد العمال إلى 5 فقط”.
وبالمقارنة مع أسعار العام 2011 يلاحظ ارتفاع سعر الصحن الواحد من الفتة والمسبحة والفول من 50 ليرة إلى ما بين 150-200 ليرة. كما ارتفع سعر سندويش الشاورما من 50 إلى 200 ليرة، وسندويش الفلافل من 15 إلى ما بين 75-100 ليرة. أما سندويش الكفتا والسودا والسجق فقد ارتفع سعرها إلى ما بين 100-125 ليرة، بعدما كانت لا تتجاوز 30-40 ليرة. ووصل سعر سندويش البطاطا إلى 150 ليرة، من 50 ليرة العام 2011. أما الوجبات السريعة فلا يقل سعرها اليوم عن 250 ليرة بالحد الأدنى.
والحال ان الحكومة وأصحاب المطاعم يتبادلون الإتهامات حول رفع الأسعار. فالحكومة ترى أن سبب الغلاء هو جشع أصحاب المطاعم الذين تصل نسبة ربحهم في السندويش الواحد إلى 40%. هذا فيما يشير أصحاب المطاعم إلى أنهم لا يتحملون مسؤولية رفع الأسعار، الذي ألحق الضرر بهم، وخفّض مبيعاتهم اليومية. كما يردون الإرتفاع إلى إزدياد التكاليف أضعافاً مضاعفة، بدءاً من ارتفاع سعر الغاز وصعوبة تأمينه، وصولاً إلى غلاء الخبز والمواد الغذائية والخضر التي تتألف منها الوجبات. كما إكتفت الحكومة بإصدار نشرة لتحديد أسعار السندويش في أيلول عُدّت غير واقعية. إذ حددت سندويش الشاورما بـ 140 ليرة، وسندويشة الفلافل بـ65 ليرة، ومثل هذه الأسعار مجحفة في ظل ارتفاع التكاليف، على حد قول أصحاب المطاعم.
غني عن القول، أن ما تتعرض له أسعار الوجبات الشعبية يجعل منها إسماً على غير مسمى. ما قد يهدد دمشق بفقدان الكثير من المطاعم التي وسمت شوارعها وإجتذبت القاطنين فيها، فضلاً عن تهديد الأمن الغذائي للشرائح الأضعف من المجتمع السوري، الذين تركتهم السياسات المافيوية لقمة سائغة للحرب وتجارها.
المدن