صفحات العالم

سوريا .. فوضى ومُستقبلٌ غامِض


امين يونس

قانون العَرض والطَلَب ، ينعكِسُ عملياً خلال الأسابيع الأخيرة ، على المناطق الحدودية المُحاذية لسوريا … ومن المعروف ، أن قبضة السلطة السورية قد تراخَتْ الى حدٍ بعيد على هذه المناطق ، بل ان هنالك فراغٌ أمني واضح ، حسب أقوال القادمين من الجانب السوري .. ومن تداعيات هذا الوضع ، هو نشاط عمليات التهريب وزيادة وتيرتها مؤخراً .. وحيث ان الكثير من المواطنين السوريين ، يشعرون بالإنفلات الأمني ، وغياب الأمان ، فأنهم يضطرون الى حماية أرواحهم وأموالهم ، بأنفسهم .. وذلك يحتاج الى التسليح والعِتاد ، وهي لاتتوفر عادةً في قُراهُم ومُدنهم .. ولهذا يلجأون الى الجانب العراقي للتزود بالسلاح والعتاد ! .. أخبرَني أحد الموصلليين ، ان سعر بندقية الكلاشينكوف في الموصل كان في السنة الماضية ، حوالي المئتَي دولار أمريكي .. والآن تُباع بأكثر من ألف دولار ، بسبب الطلب المُتزايد عليها من سوريا ! .

سائق تكسي هنا في دهوك ، قال : هل تعرف لماذا إنخفض سعر كيلوغرام اللحم ولا سيما لحم العجول ، في الأيام الأخيرة ؟ أجاب : لأن أعداداً مُهمة من هذه العجول السمينة ، تُعبَر يومياً من الجانب السوري الى المناطق الحدودية ، يُبادلون بها ، البنادق والعِتاد على الأغلب . رُبما ان الوضعية في منطقة البوكمال ، مُشابهة لذلك الى حدٍ ما .

يبدو ان ” الإرهابيين ” أيضاً يعبرون خلسةً من منطقة ربيعة ، بإتجاه سوريا .. والمشهَد يلفهُ الكثير من الغموض والضبابية .. فَمِنْ قائلٍ ، بأن المُسلحين الذين يتسللون ، هُم نفسهم الذين قَدموا أصلاً عن طريق سوريا خلال السنوات الماضية ، وهُم من جنسيات عربية مُختلفة .. أي بكلماتٍ اُخرى : هِيَ بِضاعتهُم رُدّتْ إليهم ! . وهنالك مَنْ يقول ، ان العديد من المُسلحين الذين يعبرون الحدود في الآونة الاخيرة ، هُم من المُناوئين للنظام السوري ، ومدعومون من المُعارضة السورية .

عموماً .. أعتقد ان النظام السوري وأجهزته الامنية ، لم يكُن يتوقع قبل سنة ، ان الامور سوف تَصِل الى هذه الدرجة ، من الإنفلات الأمني ، والفوضى الضاربة أطنابها في معظم المدن السورية … والقوة المتزايدة لحركات التمرد الشعبي ، والمُظاهرات الداعية الى إسقاط النظام .. ناهيك عن الحصار السياسي والدبلوماسي الدَولي المُتصاعِد … بل أن أكثر ما يُسبب الحنق للنظام السوري ، كما يبدو ، هو الموقف المُتشّدِد للجامعة العربية او بالأحرى للدول الخليجية ولاسيما السعودية وقَطر ، اللتان تدعون صراحة الى تّدخُلٍ عسكري لإسقاط النظام .

…………………………..

لا أتمنى للشعب السوري ان يُصيبه ما أصابنا نحنُ ، من ” بركات ” تحرير العراق بواسطة الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموماً .. وما حصلَ من مذابح إستمرتْ لسنين ، وتدمير شُبه تام ومُتعّمد للبُنى التحتية للبلد … ولكن بالمُقابل ، أتوجَسُ من تخّبُط المعارضة السورية ولاسيما الموجودة في الخارج ، ويأسها الواضح من أي تغيير ، بدون الإستعانة بالغرب وذيله الخليجي .. ومن الجانب الآخر .. لو أراد بشار الأسد ونظامه ، إثبات انه مُختلِف عن صدام حسين ونظامه الفاشي .. فأنه يستطيع ان يتخلى اليوم قبل الغد ، عن السلطة بِكل بساطة ، ليضع حداً لنزيف الدم ، ويقطع الطريق على دسائس الغرب وتركيا والخليج ، التي تريد تدمير سوريا كما دمرتْ العراق !.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى