صفحات العالم

سوريا: لا عودة إلى الوراء أيا يكن الثمن


    علي حماده

ينقل بعض زوار اصحاب القرار في نظام بشار الاسد، وهم من المقربين لكنهم معروفون بالثرثرة، ينقل هؤلاء عن احد القادة من الحلقة الاقرب الى الرأس ردا على سؤاله عن كل الارتكابات بحق الاطفال في سوريا قوله “ان المسؤول عن الاطفال الذين يقتلون هم الاهالي الذي يقومون بالتظاهرات والانشطة الارهابية، وان النظام لا يتوقف عند قتل الاطفال ولا النساء والرجال في سبيل البقاء والحفاظ على السلطة. “يضيف القائد المذكور “ان النظام اهم من بضعة آلاف يتم التغرير بهم، ومن هنا فاننا مستعدون لبحر من الدماء”. بهذه العبارات يعبر محيط بشار الاسد عن “رؤيته” للصراع في سوريا. انه محيط يعكس حقيقة ما يفكر فيه بشار نفسه: انهم لا يرون شعبا ولا مطالب وحقوقا ولا عذابات متراكمة، بل يرون ان السلطة تبرر بحارا من الدماء، ويقال ان ماهر الاسد قال امام ضباطه في الفرقة الرابعة: “الله نفسه لن يجعلنا نتخلى عن الحكم”! وهذا ايضا ما يفسر اقدام ضباط كبار (لا نقول جنودا) في جيش بشار على تنظيم حملات القتل المنهجي والجماعي، ومنهم من ذهب غير مرة الى الاشراف على احراق الناس رجالا ونساء وهم احياء. هذا ما يفسر ايضا وايضا المشاهد المتكررة عشرات المرات حيث يسمع جنود بشار يرددون شعارات كافرة من قبيل “لا إله الا بشار”!

هذا  غيض من فيض ما ينقل الينا من الداخل السوري الثائر على ارث حافظ الأسد. وهذه صورة جزئية للنظام الذي لا يملك ولن يملك الا منطق القوة لمخاطبة الشعب او التعامل معه. ومن هنا ضرورة التنبه الى ان ما يدور في عقل ورثة حافظ الاسد ليس حلولا سياسية، وان يكن بشار يزعم انه يحضر لانتخابات تشريعية في السابع من ايار المقبل! طبعا يعرف القاصي والداني ان انتخابات بشار هي انتخابات فوق جبال من الجثث وبحار من الدماء، وان اي مجلس شعب يخرج منها لن تكون شرعيته بافضل من تلك الشرعية المتهالكة التي يتمسك بها الاسد الابن راهنا. استنتاجنا مما تقدم هو أن المنطق الوحيد المطروح على طاولة الصراع مع جمهورية حافظ الاسد هو منطق القوة، الامر الذي يستدعي تحركا أكثر كثافة لتسليح نوعي ومكثف للجيش السوري الحر تحضيرا للمواجهة الآتية، بعد ان يتبين للجميع ان خطة كوفي انان لا يمكنها ان تنجح مع معدلات قتل يومية تصل الى مئة مدني سوري.

ان ثورة السوريين حقيقية ومتجذرة في عمق الوعي الوطني، والصمود حقيقي وواقعي، والدليل ان بشار لم يبسط سيطرته على اي من المدن والبلدات الثائرة. خلاصة الامر: لا تموت ثورة وراءها من يتوق الى الموت اكثر من الحياة المذلة التي يقدمها امثال بشار الاسد.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى