سوريا ليست بخير سيادة الرئيس
إبراهيم اليوسف
تابعت بألم كبير كلمة السيد بشار الأسد، التي ألقاها في مدرج جامعة دمشق، على جموع من بطانة النظام، نفسه، حيث الصفوف الأولى من المدرج، كان يشغلها شيوخ وكهول، وهم من أزلامه ومخابراته، والمصفقون لمذابحه بحق شعبه، وتبدو ملامح من هم من جيل الطلبة قليلة، في الطابق الأول، ما خلا من كانوا في الصفوف الأخيرة، ولعل هؤلاء من الطلبة المقربين الذين دأبوا كتابة التقارير الأمنية، ضد زملائهم، لقد ألقى بشار الأسد كلمته على مدرج جامعي، بعض طالباته، وطلابه، في زنزانات، ومنفردات، الفروع الأمنية، سواء أكان ذلك في دمشق-حيث ألقيت الكلمة، أو في جامعة حلب، حيث اعتقلت طالبات من معرة النعمان، ولا يزلن مجهولات المصير.
لا أناقش مضمون الكلمة-المدوّنة- المكتوبة له، بروح كلمة” مجلس المهرجين”، وبروح الكلمة الثانية التي ألقاها أمام الحكومة الجديدة-المشكلة-مرة بتسكين الشين وأخرى بفتحها- وبعد ثلاثة أشهر من الثورة، ووحشية النظام، ومحاصرة المدن بطريقة بربرية من قبل الجيش الوطني، حيث لا يزال يتحدث بخطاب واثق –وإن كان ملقيه مرتبكاً في بدايته، بل وعلى امتداد الشريط اللغوي الاستفزازي للكلمة، على نحو واضح، إذ راح يفلسف رؤيته الإصلاحية التي تذكّرها مع سماعه كلمة” لا”، مدوية، على امتداد الخريطة السورية، مصراً على أن هناك: مخربين، متواطئين مع الخارج، خلال تصنيفه الشعب إلى ثلاثة مثلثات، وإن الجيش الذي قتل النساء والأطفال والشباب والشيوخ إنما يمارس مهمة مقدسة، ولن يعود إلى ثكناته-إنه تهديد يجعله مسؤولاً عن الدم الذي يسيل وقد كنا نعزوه إلى سواه حتى اليوم- وهكذا بالنسبة إلى مديحه للجيش الإلكتروني الذي يعد جزءاً من آلة القمع والإطلاع على بريد المواطن الإلكتروني، ودردشاته مع سواه، ومحاكمته على أساسها بعد اعتقاله، بل يرى في صرخة من يرسل مقاطع فيديو، أو أخباراً صادقة، تبين بشاعة إجرام النظام بحق المدنيين العزل جريمة، بل ما هو آلم أنه سوغ الاعتقال التعسفي، على أنه يتم بعد الحصول على موافقة قضائية، وكأننا في بلد قضاؤه نزيه، ويعتقد أن هناك من الممكن أن ينتج قانون إعلام نزيه في ظل استمرار قانون الطوارى-المقنّع- ما دامت ذهنية التخوين مستمرة، وقادر على تحويل كلمة ” صباح الخير” الموجهة إليه، إلى شتيمة مندس متآمر، يجب مواجهة قائلها بالرصاص.
لقد اعتبر بشار الأسد إعادة الجنسية إلى المواطنين الكرد الذين انسلخت منهم منّة، وكأن كل مطلب الشعب الكردي يكمن في هذه المنة، السخية، برأيه، مع أن المطلب الكردي، هو مطلب ثاني أكبر قومية في سوريا، وعليه، وعلى سواه إدراك ذلك.
وفي ما يتعلق بمحاسبة المخربين، فلقد كان عليه أن يبين، بأنه سوف تتم مساءلة المجرمين الذين أمروا بإطلاق الرصاص على المواطنين العزل، بدعوى الكذب عليهم، والنيل من وطنيتهم، ووصمهم بالتبعية، والقبض من الخارج.
حقيقة، إن الكلمة التي ألقاها بشار الأسد، وكانت منذ بدايتها حتى عبارتها الأخيرة، نيلاً من كرامة المواطن السوري البطل، وتحدياً لإرادته، وكانت أسوأ من كلمتيه السابقتين،وكمتابع لهذه الكلمة أتأسف على الوقت الذي أمضيته لاستماعها، وأحس بقرف وأنا أريد مقاربة بعض فقرها لمناقشتها، لأنها بينت في المحصلة أن ما نسمعه من فضائية الدنيا وأخواتها، ينتمي إلى لغة هذا الخطاب المتعالي، الانتقامي، الاستفزازي، الخشبي، الذي يفتقر للمنطق والحكمة ومصلحة الوطن والشعب، وهو يروم إعادة سوريا بملايينها إلى حظيرة الخنوع، وهو ما لن يتم.
· عنوان المقال رد على العبارة الأخيرة التي قالها بشار الأسد في كلمته