سوريا: مبادلة قتلى بمعتقلين/ محمود سرحان
في عملية هي الأولى من نوعها في العاصمة دمشق، قام لواء “العز بن عبد السلام”، التابع لألوية الصحابة العاملة ضمن صفوف الجيش الحر في المنطقة الجنوبية من العاصمة دمشق، بعملية تبادل مع النظام، شملت تسليم جثة أحد العسكريين في الجيش السوري مقابل الافراج عن عدد من المعتقلين.
وفي تفاصيل العملية، التي أُطلق عليها اسم “الفجر المتسامي”، استطاعت ألوية الجيش الحر التصدي لمجموعة مسلحة مكونة من سبعة افراد، كانت تحاول الدخول خلسة إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة “الحر” في حي التضامن. المجموعة وقعت في كمين أدى إلى سقوط جميع أفرادها، واستطاع مقاتلو لواء العز بن عبد السلام سحب جثة احدهم، فيما تعذر سحب الباقي نتيجة كثافة النيران التي تعرضوا لها من مقاتلي النظام.
وبعدما تبين أن الجثة تعود لأحد الضباط العسكريين التابعين للنظام برتبة ملازم أول، قرر اللواء اجراء عملية تبادل يعيد بموجبها جثة الضابط مقابل الافراج عن عدد من المعتقلين المدنيين، وتحديداً النساء اللواتي يتم احتجازهن في جامع “سعد بن ربيع” في حي “شارع نسرين”. مرت المفاوضات بمراحل صعبة. في البداية، جوبهت برفض قاطع من قبل القائد العسكري لميليشيا شارع نسرين، ويدعى “ابو منتجب”، الذي تلفظ بكلمات نابية بحق المعتقلين والضابط القتيل، قبل أن يتدخل أخ القتيل، وهو أيضاً من العسكريين في صفوف قوات النظام، لاستعادة جثة أخيه، منقذاً العملية. وسيلة الاتصال الأولى بين الطرفين على جبهة القتال الفاصلة، كانت عبر مكبرات الصوت، بعدها استمرت المفاوضات أربعة أيام، تم في احدى محطاتها رفض اسماء نحو 30 معتقلًا طلب لواء “العز بن عبد السلام” اطلاق سراحهم. لكن في النهاية تم الاتفاق على اطلاق سراح 13 معتقلاً من الفلسطينيين والسوريين. وتمت صفقة التبادل بوساطة “الهيئة الوطنية الأهلية الفلسطينية” العاملة في مخيم اليرموك.
أجريت عملية التبادل من خلال معبر اليرموك في الساعة السابعة من مساء يوم الاحد 11- 8 – 2013، عبر ارسال الجثة مع متطوعي “الهيئة” بالتزامن مع انطلاق المعتقلين المفرج عنهم بالصفقة، ولكنها انتهت باعتقال مسؤول الهيئة، علي الشهابي. الروايات اختلفت حول سبب اعتقاله، لكن البعض اعتبر انها جاءت على خلفية وساطته بالصفقة.
عملية التبادل جاءت لتعيد تسليط الضوء على احد اشكال القمع والظلم، الذي يمارسه النظام وشبيحته من خلال انتهاج أسلوب الاعتقال التعسفي بحق المدنيين المسالمين من الشعب السوري بهدف زرع الرعب والخوف في نفوسهم. كما جاءت لتؤكد أيضاً على أن “اللجان الشعبية” التابعة للنظام ليست سوى عصابات مسلحة لزعامات محلية، لديها عناصرها ومعتقلاتها الخاصة بها.
في احد المشاهد المصورة للمدنيين المفرج عنهم، يُسأل شيخ طاعن في السن عن سبب اعتقاله، فيجيب بصوت خافت وبحيرة بالغة “ما عامل شي … ما بعرف”.
بدورها، سيدة كبيرة في السن تم اعتقالها أيضاً من دون سبب، أخذت تشرح طريقة ضربها بوحشية وسوء معاملتها رغم كبر سنها، مؤكدةً على وجود الكثيرين من المعتقلين المدنيين في الجامع الذي تم تحويله إلى معتقل.
سابقاً، وفي حالات عديدة تم الاتفاق على تبادل اسرى ومعتقلين بين طرفي الصراع في سوريا، لكن هذه الصفقة تختلف عن سابقاتها لأنها عملية تبادل بين “قتلى ومعتقلين”، وهي بذلك الأولى من نوعها ليس في دمشق فقط بل أيضاً في سوريا، وقد تفتح الباب على عمليات مشابهة لها، ولا سيما بعد توارد انباء عن الاستعداد لتنفيذ صفقة أخرى في الأيام القليلة المقبلة لتبادل جثة ضابط برتبة كبيرة مقابل الإفراج عن معتقلين جدد.