صفحات العالم

سوريا والتدخل الأجنبي


عبدالزهرة الركابي

التدخل العسكري، سواء الذي يتم لأسباب إنسانية أو لأسباب استراتيجية، يتطلب توافر شرطين أساسيين مسبقين: الشرط الأول، إجماع على أسلوب الحكم الجديد بعد إطاحة النظام القائم – وهي مسألة حيوية للغاية.

الشرط المسبق الثاني هو أن يكون الهدف من التدخل موضوعيا، و قابلا للتحقق خلال مدى زمني قابل للإدامة محليا.

من جانبي، والكلام لهنري كيسنجر، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، أشك في أن المسألة السورية قادرة على اجتياز هذه الاختبارات، خصوصا أنها تتسم ببعد طائفي يزداد ظهورا على الدوام.

فعندما نستجيب لمأساة إنسانية ما، يجب أن نكون حريصين على ألا نتسبب بتصرفاتنا في خلق أو تسهيل نشوء مأساة أخرى.

قد تكون هذه شهادة من مسؤول أميركي أسبق بشأن التدخل، عُرف بتحركاته الدبلوماسية المثيرة إبان السبعينات، وكان اللافت فيها، هو تكرار التحذير من التورّط في الأزمة السورية، بل ويتساءل بغرابة عن النظام البديل عندما يقول، ومَنْ هي الجهة التي ستحل محل القيادة المطاحة؟ وماذا نعرف عنها؟

ويقر المسؤول الأميركي الأسبق بصعوبة عملية التدخل بالقول، إنّ الفرق بين التدخل الإستراتيجي والتدخل الإنساني كبير، فالعالم يرهن التدخل الإنساني بالإجماع، ومثل هذا الإجماع عسير التبلور، عُسرا يقيِّد التدخل، لو أُقرّ وحصل.

وإليكم شهادة أميركية أخرى على هذا النحو، حيث يقول السفير ريتشارد ميرفي، المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، والسفير السابق للولايات المتحدة في سوريا في محاولة لتفسير الموقف الأميركي والعوامل المؤثرة في محدودية الخيارات الأميركية، في معرض إجابته على سؤال يتعلق بإصرار إدارة أوباما على استبعاد الخيار العسكري في سوريا.

يقول ميرفي: أعتقد أن إدارة أوباما حالفها الصواب في ذلك القرار، لأن المعارضة السورية منقسمة على نفسها، ولها تاريخ طويل في عدم التوحّد، كما أنه لا توجد مساندة شعبية أميركية للتورّط في التدخل العسكري في سوريا، غير أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن تزويد دول أخرى في المنطقة بالمعلومات والإرشادات عن التوجهات السياسية لجماعات المعارضة السورية، التي يمكن لهذه الدول أن تزودها بالأسلحة انطلاقا من حقيقة أن أحدا لا يريد أن يجد نفسه في نهاية المطاف يقدم الأسلحة إلى جماعات متطرفة لها صلات مثلا بتنظيم القاعدة.

وعلى كل حال، فإن مفهوم التدخل الإنساني، هو عبارة عن تدخل قسري في الشؤون الداخلية لدولة ما، بهدف منع أو وقف انتهاكات حقوق الإنسان، التي ترتكب على نطاق واسع، وبهذا المعنى يجب تمييزه عن «المساعدة الإنسانية»، التي لا تنطوي على القسر، والتي تحدث عادة بموافقة الدولة المعنية.

القبس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى