سوريا والحرب الشيعية – السنّية
راجح الخوري
قبل شهرين ونيف، تحديداً في 10 كانون الاول الماضي، نشرت صحيفة “تايمز” مقالاً خلاصته ان سوريا قد تصبح منطلقاً لحرب كبيرة مدمرة وشاملة تقع بين السنة والشيعة يمكن ان تتحول حرباً عالمية!
لا ينطوي هذا التحليل على اي مبالغة، تكفي مراقبة الانزلاق الايراني المتزايد الى الرمال الدموية المتحركة في سوريا لكي يدرك المرء ان المقال المذكور الذي كتبه السياسي البريطاني البارون بادي اشداون، الذي سبق له ان عيّن ممثلاً لشؤون البوسنة والهرسك، يشكل تأكيداً للرؤية الاستباقية المتصاعدة السوداء، التي بدأت تفاصيلها اليومية ترسم بالفعل معالم حرب مذهبية بغيضة مدمرة وطويلة، وخصوصاً في ظل التحول في خلفيات الصراع السوري، الذي بدأ بين الطغيان والحرية ويكاد الآن يصبح بين المذهبين الشيعي والسني وذلك لأسباب ثلاثة:
اولاً العجز العربي عن الحل والتغاضي الاميركي الغربي عن دعم الثوار خصوصاً بعد النتائج المفاجئة التي افرزها “الربيع العربي” في تونس وليبيا ومصر، ثانياً الانحياز الروسي – الصيني الى النظام وتعطيل مجلس الامن، ثالثاً وهو الاخطر الانزلاق الايراني الى القتال ميدانياً الى جانب النظام، وهو ايضاً ما ينزلق اليه اكثر “حزب الله” الذي يتبع ولاية الفقيه، بما قد يجعل من سوريا في النهاية ساحة صراع تستجلب عناصر الحماسة والتطرف السني من العراق وغيره لمواجهة وحشية النظام وعناصر التطرف الشيعي الايراني!
لم يكن حسن شاطري وهو احد كبار جنرالات فيلق القدس اول ايراني يقتل في سوريا، وفي حين يرتفع عدد القتلى من عناصر “حزب الله” الذين باتوا يقاتلون علناً وجهاراً الى جانب النظام، تصدر تصريحات مهدي طائب وهو رجل دين مقرب من المرشد علي خامنئي ويتولى المسؤولية عن الحرب الناعمة ضد ايران، لتوحي بأن ايران تخوض في سوريا حرب حياة او موت:
“لو خسرنا سوريا لا يمكن ان نحتفظ بطهران، ولكن لو خسرنا خوزستان [وهو اقليم الأهواز ذو الغالبية العربية] فيمكن ان نستعيدها ما دمنا نحتفظ بسوريا. سوريا هي المحافظة الايرانية رقم 35 [هكذا تحدث صدّام حسين عن الكويت] انها محافظة استراتيجية لنا، ولهذا اقترحت الحكومة الايرانية انشاء قوات تعبئة لحرب المدن تتسلم حرب الشوارع من الجيش السوري”.
التورط الايراني السافر في سوريا يأتي بعد سلسلة طويلة من التدخلات في عدد من دول الخليج العربي من السعودية الى البحرين الى الكويت والامارات واليمن وحروب الحوثيين وبعد تاريخ طويل من التهديدات وادعاء حق السيطرة على الاقليم والاندفاع للعب دور محوري فيه وهو ما شكل تسميماً للاجواء وتخريباً للعلاقات بين المسلمين، وما يشكل الآن استقطاباً للتطرف السني لمواجهة الشيعة في “المحافظة رقم 35″… فيا غيرة اهل الدين!
النهار