صفحات العالم

سوريا والسيناريو الليبي المجتزأ


حسام كنفاني

مع مؤتمر “أصدقاء سوريا”، الذي عقد قبل أيام في تونس، يقفز مجدداً السيناريو الليبي إلى الواجهة . ليس فقط من باب تشابه الأسماء بين “أصدقاء سوريا” و”أصدقاء ليبيا”، بل من ناحية التصريحات التي توحي بأن هناك خياراً يبدو الاتجاه لتطبيقه، سراً قبل خروجه إلى العلن .

السيناريو الليبي لن يكون نفسه، فالغرب بالمطلق يتعلم من تجاربه، خصوصاً في الآونة الأخيرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول . كما أن غزو أفغانستان لم يكن هو نفسه غزو العراق، لذا فإن “المساعدة” في ليبيا لن تكون هي نفسها في سوريا . في ليبيا كان الأطلسي يؤمن الغطاء الجوي ومنطقة حظر الطيران، وهو ما سهّل على قوات الثورة الليبية التقدم باتجاه طرابلس، وهو ما لم يحسم من دون تزويد المقاتلين بأسلحة جديدة لاستخدامها في أرض المعركة .

في سوريا لا مكان ل “الأطلسي”، الكل مجمع على ذلك، فلا الظروف الدولية تسمح، ولا موقع سوريا الاستراتيجي وتحالفاتها يدع مثل هذا التدخل يمر مرور الكرام من دون إشعال المنطقة بأسرها، وهو ما لا يرغب فيه أحد . يبقى عنصر آخر من السيناريو الليبي، ألا وهو تسليح المعارضة، وهو الخيار الذي قال عنه وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، إنه “ممتاز”، ودعا إليه رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني .

الحماسة واضحة في هذا الاتجاه لمحاولة تطبيق الجزء الثاني من السيناريو الليبي، مع الإدراك أن مثل هذا الأمر سيؤدي إلى صراع طويل الأمد، من دون استبعاد اندلاع حرب أهلية في سوريا، مع خسارة الثورة لطابعها السلمي، والذي لا تزال ملامحه وأنصاره موجودين ويدافعون عنه بحماسة .

تقارير أمريكية كثيرة تشير إلى أن الجزء الثاني من السيناريو الليبي بدأ يطبق فعلياً، وأن شحنات من الأسلحة “الخفيفة” بدأت تصل إلى المقاتلين في سوريا، بعلم الغرب والعرب وبغض الطرف منهم . غير أن الأمر لن يكون حاسماً قبل الدخول الغربي المباشر على خط التسليح، وهو أمر لا يزال محل أخذ ورد، تماماً كما كان الأمر في ليبيا، حين كان الغرب يشدد على رفض تسليح المقاتلين خوفاً من القاعدة، لكن مع نهاية الثورة خرج برنار هنري ليفي ليعلن جهاراً أن فرنسا سلحت المقاتلين .

الأمر نفسه يتكرر اليوم، وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تستبعد تسليح المعارضة، خوفاً من وصول هذه السلاح إلى أيدي “القاعدة” وحركة “حماس” . الكلام السابق عن ليبيا لم يكن يعني أن السلاح لم يكن يتدفق، والكلام الحالي عن سوريا أيضاً . لكن الفارق أن ما كان يحصل سرّاً في ليبيا، سيكون علناً في سوريا . قرار التسليح قد يكون قريباً ورسميّاً، لتعويض غياب “الأطلسي” .

الحليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى