سوريا والمستقبل … التركي؟
محمد ابرهيم
بعد مبادرة الجامعة العربية إزاء سوريا تضاءلت الحاجة الى مجلس الأمن في المسعى الدولي الى اسقاط النظام السوري. فحسم الجامعة موقفها، وبدء التعاطي مع هذا النظام بلغة الإنذارات، امّنا عطاء شرعيا لمجموعة من الخطوات الجارية والمنتظرة، يتوقّع ان تكون فاعلة في دفع الوضع السوري بمجمله نحو الإنهيار.
صحيح ان إنعطافة سورية ما في اتجاه التعامل الإيجابي مع الطلبات العربية تبقى ممكنة، لكنها وإن تحققت لابد وان تتعثر بسرعة، فمآلها معروف مسبقا: جدولة تفكيك النظام القائم.
مبادرة الجامعة تتضمن بندين: عزلة ديبلوماسية وعقوبات اقتصادية، وللبندين امتدادت دولية تجعل الكلام عن الفرق بين التعريب والتدويل في غير مكانه.
العزلة الديبلوماسية العربية تفسح في المجال امام استخدام فاعل لمؤسسات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بما يدخل النظام السوري في نفق الملاحقات الجنائية.
والعزلة نفسها تضعف تصدي روسيا والصين لتدويل الأزمة. فالأولى رحّبت اساسا بالحل العربي، ومع انها تعتبر اليوم ان الجامعة اخطأت بتعليق عضوية سوريا، من المشكوك فيه ان تخوض اشتباكا سياسيا مطوّلا مع الجامعة ككيان معنوي. اما الصين فإنها ما زالت تعتبر الحل العربي المخرج المنطقي الوحيد للأزمة.
والعزلة العربية شحنت الموقف التركي بطاقة مستجدة. وبات لقضية حماية المدنيين شقان: شق يتعلق بالمنظمات الدولية، وشق يتعلق بالحدود السورية-التركية، حيث اصبحت القدرة على فرض منطقة حظر ايسر، مثلما اصبحت اصعب القدرة الروسية على التصدي لها.
حتى الجانب العسكري من الإنتفاضة اكتسب شرعية جديدة رغم عناية الأطراف التي ترعاه، ماديا او معنويا، بالمزاوجة بين ادانته واعتباره نتيجة طبيعية للحل الأمني الذي يمعن فيه النظام.
وتركيز الجامعة العربية على وقف الحل الأمني وفّر قاسما مشتركا لمعارضي الداخل والخارج في سوريا قوامه رفض الحوار مع النظام، مما يجعل كلام الأخير عن اصلاح من دون شريك بلا معنى.
اما في الجانب الإقتصادي فإن الفاعلية المنتظرة اكبر. لأنه اذا عطفنا العقوبات الأميركية-الأوروبية على صعوبات الوضع الإقتصادي السوري الأصلية والراهنة، واضفنا اليها ما هو منتظر من مقاطعات اقتصادية عربية نجد ان الطوق الإقتصادي اصبح شبه مكتمل.
هذا كلّه يجعل سيناريو التفكك الداخلي الإحتمال المرجّح. والتفكك كما بات معروفا هو صنو النزاع الأهلي، وهذا بدوره يعيد طرح التدويل بصيغة جديدة.
الإخوان المسلمون السوريون رحبوا بتدخل عسكري تركي لحماية المدنيين. وكل المعطيات تشير الى ان تركيا قد تشكل نقطة تقاطع عربية-دولية، بما يشمل الشق الدولي الداعم للنظام حاليا، وذلك بمهمة وحيدة: حجز الحرب الأهلية.
النهار