صفحات العالم

سوريا: وصاية عربية – دولية؟


محمد ابرهيم

مبادرة روسيا مع الصين الى طرح مشروع قرار في مجلس الأمن يتضمن عناصر جديدة، قد تعلن دخول الأزمة السورية مرحلة حاسمة.

المبادرة احتفظت بالكثير من الموقف الروسي الأصلي لكنها اضافت بندين يشكلان تحولا جوهريا: ادانة الإستخدام المفرط للقوة من جانب النظام، وتبني خطة الجامعة العربية للحل بكل بنودها.

ما زالت روسيا تعارض التدخل العسكري الخارجي، لكنها قطعت شوطا في الإقتراب من موقع الجامعة العربية في تصور الحل: الحل العربي كبديل من الحل الدولي، والحوار بين الطرفين… بإشرافها.

يمكن نسبة التطور في موقف روسيا الى إقتناعها اخيرا بأن النظام فقد القدرة على الاحتواء العسكري للتمرد الشعبي-العسكري. وان الزمن بات يعمل لمصلحة نشوء مواقع جغرافية خارجة عن سيطرة النظام، خصوصا في محاذاة الجيران.

كما يمكن نسبته الى ملاقاة الجامعة العربية قبل ان تنتقل الى الضفة الدولية الأخرى، معلنة فشلها في اقناع سوريا بقبول مبادرتها الخاصة ببعثة المراقبين كمدخل الى الحل، مما يضيف وزنها الى وزن الدول الغربية في مجلس الأمن ويجعل الموقف الروسي اشد حرجا.

روسيا المتخوفة من حرب اهلية في سوريا، باتت نذرها كثيرة، ربما تكون اختارت بديلا ممكنا بين التدخل العسكري الخارجي، والحرب الأهلية المعممة التي تعود لتستدعي في مرحلة من مراحلها هذا التدخل.

هذا البديل الممكن هو نوع من الوصاية الدولية المشتركة على سوريا انطلاقا من التوافق في مجلس الأمن. وبما يشبه المآل الذي وصل اليه الوضع اليمني، حيث لعب مجلس التعاون الخليجي الدور الذي تلعبه الجامعة العربية في سوريا، وادى مجلس الأمن، بتوافق غربي – روسي، دور الداعم للمبادرة الخليجية والرادع لمحاولات تفلت نظام علي عبدالله صالح. ويذكر هنا ان روسيا دعت اكثر من مرة الى مساواة التعاطي الغربي مع سوريا بالتعاطي مع اليمن. بذلك يصبح بديل الحرب الأهلية الزاحفة في سوريا، الإنتقال الهادىء للسلطة بما يحفظ السلم الأهلي، المرغوب اقليميا ودوليا. اذ ليس بين جيران سوريا، اذا استثنينا اسرائيل، من قد يجد مصلحة في انقسامها كيانات متقاتلة. وليس بين “المعسكرين” الدوليين صاحب مصلحة في ترك الوضع السوري يتدهور الى هذا الحد: لا الغرب الراعي للتحولات العربية، ولا “الشرق” الحريص على استقرار هذه المنطقة الحساسة.

النظام السوري اصبح اضعف من ان يترجم تهديداته بإحراق المنطقة، والموقف العربي – الدولي الموحّد يضعه امام طريق واحد: اصلاحات حقيقية تعيد “توزيع” السلطة بدون انفجار الاحتقانات التي تتجمع منذ اكثر من اربعة عقود.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى