سورية بين مطرقة البند الخامس وسندان الفصل السابع
حميد بن عطية
الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الذي سيغادر ‘الكريملين’ بتاريخ 7 مايو القادم تاركا كرسي الرئاسة لحليفه فلاديمير بوتين، تنبأ خلال تقييمه لأربعة سنوات من حكمه لروسيا بأن الربيع العربي سينتهي بخريف بارد وأن الشعوب العربية خاصــــة تلك التي ثارت أو في طريق ثورتها على أنظمتـــها المستبدة مطـــــالبة في حال إسقاط هذه الأنظمة بحسن اختيار من يمثلها، لأن الفرصة مواتية لوصول الإسلاميين المتطرفين إلى سدة الحكم بالعالم العربي حسب قناعة السيد ميدفيديف، لكن قد يكون رئيس الحكومة الروسية المقبل بعد تنصيب بوتين رئيسا لروسيا معذورا في تخوفه من المستقبل المجهول الذي يتـــهدد بعض الدول العربية التي عاشت وتعيــش ثورات ما يسمى بالربيـــــع العربي كحال ما يجري في ليـــبيا وتونس ومصر واليمن لكن التخوف الكبير الذي أعلنه الرئيس الروسي يتعلـــــق بسورية التي تحولت إلى ساحة صراع بين قوى إقليميــــة ودولية وهو ما سيطيل من عمر الأزمة ويهدد بحرب أهلية قد تكون عواقبها وخيمة ليس على سورية فحسب بل على المنطقة برمتها.
ما يزيد من احتمال نشوب حرب أهلية مدمرة بسورية قد تقود منطقة الشرق الأوسط إلى شفير الهاوية، فشل خطة المبعوث الأممي والعربي كوفي عنان في ترسيم الهدنة بين الجيش النظامي وفلول الجيش السوري الحر، خطة عنان التي تدخل تشارف على الانقضاء، لم تستطع توقيف ألة الموت التي تحصد العشرات من أبناء سورية يوميا بمختلف توجهاتهم السياسية والمسؤولية يتحملها نظام دموي يحاول القضاء على المعارضة في أسرع وقت وإخماد صوت الجماهير الثائرة بكل الوسائل فيما لم تفلح قيادة الجيش السوري الحر في السيطرة على جماعاتها المتهمة هي الأخرى بارتكاب أعمال عنف مضادة ويبقى الخاسر الأكبر في هذه الفتنة هو الشعب السوري الذي تحول إلى رهينة في أيدي النظام ودول عربية وغربية لا تريد خيرا لهذا الشعب وترمي بكامل ثقلها لإشعال فتيل الحرب الأهلية بدعوتها إلى تسليح المعارضة وإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية السورية والتي قد تكون منطلق نواة النظام السوري القادم في حال الإطاحة بالنظام الديكتاتوري بدمشق.
الخامس من شهر مايو القادم، موعد تقديم السيد كوفي عنان لتقريره حول الوضع في سورية أمام مجلس الأمن، سيكون محطة هامة ستحدد معالم سورية في ظل تسارع الأحداث المأساوية داخليا وخارجيا ويخشى المهتمون بالشأن السوري أن يعلن المبعوث الأممي والعربي فشل خطته المقترحة لحل الأزمة والتي قد تتزامن إعلان فشل مهمة المراقبين الأمميين التي بدأت بعض الأصوات التي لا تحبذ لسورية الخير في الحديث عن عدم جدواها ومما يزيد من احتمالات انفلات الوضع الأمني بسورية وتحوله إلى حر ب أهلية، هو تشبت النظام بسياسته الأمنية الاستئصالية وتشتت المعارضة السورية بالداخل والخارج وكان آخر مسمار دُقَ في نعش هذه المعارضة، إعلان رجل الأعمال ‘نوفل الدواليبي’ السوري الأصل، السعودي الجنسية من باريس عن تشكيل حكومة انتقالية قال بأنها تمثل أطيافا كبيرة من ممثلي الشعب بالداخل والخارج و بديلا للمجلس الوطني السوري، رجل الأعمال المعروف بولائه لآل سعود طالب صراحة بالتدخل العسكري في سورية وتسليح المعارضة وهما مطلبين نادت بهما جهارا كل من قطر والسعودية وفرنسا وباستحياء أمريكا وتركية التي هددت حكومتها بإقامة منطقة عازلة بين البــلدين واللجوء إلى البند الخامس من معاهدة الحلف الأطلسي في حال تعرض تركية للخطر من حدودها مع سورية فيما لوّح العرب الغاضبين على نظام بشار الأسد باللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي يجيز التدخل العسكري في مثل الوضع السوري في حال فشل الوسائل السلمية لفض النزاع.
‘ كاتب جزائري