صفحات العالم

سورية: هل اوشك تسليح المعارضة؟


رأي القدس

اذا كانت موسكو قلقة من تلميح تركيا الى امكانية تفعيل المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو التي تعتبر عضوا مؤسسا فيه وبما يؤدي الى تدخل عسكري ضد السلطات السورية التي انتهكت سيادتها الوطنية فان ما يقلق اصدقاء سورية في المقابل هو حالة الانقسام المتفاقمة في صفوف المعارضة السورية.

بالامس اعلن رجل الاعمال السوري نوفل الدواليبي المقيم في المملكة العربية السعودية عن تشكيل حكومة انتقالية تتولى السلطة التنفيذية في البلاد وتجسد بديلا للحكومة الحالية التي تواجه انتفاضة شعبية مستمرة منذ اربعة عشر شهرا على الاقل.

هذا الاعلان الذي صدر من باريس جاء مفاجئا للكثيرين سواء داخل تحالف اعلان دمشق او المجلس الوطني السوري الذي يشكل المظلة الاشمل للمعارضة السورية واطيافها السياسية والعقائدية المتعددة.

المهمة الاكبر لتجمع اصدقاء سورية تمثلت في توحيد صفوف المعارضة السورية في اطار تمثيلي اوسع على غرار المجلس الوطني الانتقالي الليبي، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتحقق هذا الهدف، بل وتفاقمت الخلافات.

ولعل التصريحات التي اطلقها السيد الدواليبي وانتقد فيها المجلس الوطني السوري جاءت لتؤكد هذه الحقيقة، خاصة عندما قال ‘ان المجلس الوطني السوري للاسف هيئة تشريعية لم يثبت ان هيئته تمثل الشعب السوري والثورة’.

لا نعرف كيف سينجح السيد الدواليبي فيما فشل فيه المجلس الوطني من حيث توحيد صفوف المعارضة وايجاد كيان بديل يمكن ان يكون اكثر تمثيلا للشعب السوري وانتفاضته ولجانه التنسيقية، وجيشه الوطني الحر، ولكن ما نعرفه انه، وبحكم ثروته المالية الضخمة، وتمتعه المفترض بدعم المملكة العربية السعودية وربما دول خليجية اخرى يمكن ان يشكل بديلا معارضا وقويا للمجلس الوطني السوري.

فمن يملك المال، وابن آخر رئيس وزراء لسورية الديمقراطية (معروف الدواليبي) ويحظى بدعم المملكة العربية ويحمل جنسيتها في الوقت نفسه، يستطيع ان يشتري السلاح ويمول جيوشا، وينظم مؤتمرات، ويخصص رواتب ومكافآت مالية، ويعالج جرحى، ويدعم المقاتلين والمنتفضين في الداخل في مواجهة نظام دموي يريد انهاء الانتفاضة باسرع وقت ممكن وبالطرق والوسائل كافة.

المملكة العربية السعودية دعت اكثر من مرة على لسان وزير خارجيتها الامير سعود الفيصل الى تسليح المعارضة السورية حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها في مواجهة عمليات القتل التي لم تتوقف حتى مع بدء تطبيق خطة المبعوث الدولي كوفي عنان على حد وصفه، ولا نعرف ما اذا كان اعلان السيد الدواليبي خطوة عملية، او قناة تسليح في هذا الاطار ام لا؟

اثناء تمويل المملكة العربية السعودية ودعمها للجهاد الافغاني ضد الاحتلال السوفييتي في الثمانينات من القرن الماضي تم اللجوء الى رجال اعمال سعوديين وعرب لكي يتولوا مهمة ايصال الاموال والاسلحة والاغاثة الطبية الى هؤلاء المجاهدين، وخصصت الحكومة السعودية مليارات الدولارات في هذا الصدد، ومن غير المستبعد ان يتم اللجوء الى الاسلوب نفسه، والخبرات نفسها لتصليب عود المعارضة السورية، والداخلية منها خاصة، وتمكينها من الدفاع عن المنتفضين الذين يتعرضون لنيران الدبابات السورية وقذائفها.

من الواضح ان هناك شبه اجماع في الاوساط الداعمة للانتفاضة السورية على ان مهمة كوفي عنان قد فشلت بسبب عدم الالتزام بقرار وقف اطلاق النار، وان الخامس من الشهر المقبل (ايار/مايو) سيكون موعد اعلان هذا الفشل عندما يقدم المبعوث الدولي تقريره الى مجلس الامن، والاستعداد لمرحلة التسليح العسكري المكثف او تدخل قوات حلف الناتو او الاثنين معا مثلما لمح آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي.

الشهر المقبل قد يكون حاسما على صعيد الملف السوري، فاما الحرب الاهلية او الحرب الاقليمية مثلما اكد جوبيه نفسه قبل بضعة ايام.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى