شؤون أسماء الأسد
محمد الوادي
ساختار التسمية العراقية المشهورة للحذاء ” القندرة ” طالما ان درجة الغرام العربي بهذه التسمية تحرك وتلعب بتلك المشاعر العربية الصبيانية عند جمهور عريض من الامية العربية الفكرية والسياسية والاعلامية والثقافية والعلمية، فلقد ابتكر العرب شعر القندرة واعلام القندرة وبطولة القندرة ومعجزة القندرة واسطورة القندرة ومراسل القندرة وسجلوا سابقة على كل الامم بفرحهم العارم وصدورهم المرتفعة وشواربهم المنتشية مع انطلاق مراسل القندرة بفعلته المشينة اتجاه الرئيس بوش في مؤتمر صحفي في بغداد، ولكن لابد من الاشارة قبل كل شيء ان مراسل القندرة اصبح من الماضي المهمل في الذاكرة الفقيرة والضعيفة لهذه الامة بعد ان استنفذ الدور الرخيص الذي قام به والمدفوع الثمن مسبقا مع تاخير بعض الدفع لاحقا كما صرح وبشكل معيب مراسل القندرة نفسه في احدى القنوات الفضائية، وايضا ومع انطلاق القنادر باتجاهه وسط باريس من مواطن عراقي فلقد اصبح لقب مراسل القندرة بامتياز دون منافس. ( مع العلم هناك قنادر جديدة يحضر لانطلاقها في نهاية شهر مارس الحالي ) وذلك ان حدث فستكون طامة اخلاقية كبرى.
اليوم معظم الاعلام العربي من راسه حتى قدميه مشغول بنقل وتداول خزعبلات اعلامية مزعومة للبريد الالكتروني لزوجة الرئيس السوري بشار الاسد، وقبل كل شيء اصبحت السرقة في شريعتنا وفي اخلاقنا واعرافنا العربية مستباحة!
لذلك يتم تناول هذه الاميلات المزعومة والمسروقة لاسماء الاسد دون الاشارة الى جانبها الفكري والاخلاقي والادبي، والادهى من ذلك وان صدقت رواية هذه الاميلات فانها لاتحمل بين طياتها الى مايقلق الامة وشعوبها المغلوبة على امرها في كل شيء لامن بعيد ولامن قريب، فمثلا لم نسمع لحد حذه اللحظة ان احد الاميلات أشار على سبيل المثال والاقتباس ان بشار وزوجته أسماء قد اتفقوا على بناء مستوطنة اسرائيلية وسط القدس !! وأن الاسد طلب من زوجته ان تعد العدة لمبيتهم في تلك المستوطنة على الاقل ليلة واحدة مساهمة منهم في تحرير القدس، عل طريقة فتاوى وعاظ السلاطين من ماركة صنع ” حسب الطلب ” !! كما لم نقرأ حتى هذه اللحظة ان الرئيس السوري وزوجته تبادلوا الاراء بالاميلات بشأن تفاصيل استقبال الوزيرة الاسرائيلية ” تسيبي ليفني” في دمشق !! كل الذي تم سرقته ونشره ان صدق هو ان الاسد وزوجته تبادلوا ارسال بعض ابيات الشعر الاوربي ومقطوعات من الموسيقى العالمية، وهذه بحد ذاتها نقطة تسجل عليهم لانهم لم يتبادلوا الاميلات عن طبخ الثريد او عن صينية أكلة المضروب او الشعتة مع السمن البلدي والتمر ولبن الماعز الطازج او المنسف او كبسة لحم هرفي !!ونزولا عند رغبات الجمهور العربي المسكين وتصديق محتوى هذه الاميلات فان حاجات تطلبها زوجة رئيس عربي لاتتجاوز بضعة مئات من الدولارات اصبحت هي الشغل الشاغل للاعلام العربي السطحي في كل شيء حتى في مناقشة وتداول كوارثه التي تستوطنه، بل ان حذاء اسماء الاسد وسعره المعلن المتواضع اصبح الخبر الاول في نشرات الاخبار العربية قبل احداث ذبح غزة الاخيرة !! مع العلم توجد فضائح عربية مالية رسمية وشبه رسمية في الغرب يدنى لها الجبين من طاولات قمار مونتو كارلو وحتى سرقة واختفاء مجوهرات وعشرات الملايين من الدولارات في غرف الفنادق !! بل ان حذاء عربي رسمي كسر كعبه في احدى الاجتماعات الرسمية في احدى عواصم الغرب وعمل ” طوشة ولوشة وطاش ماطاش ” ولم يسأل احد عن سعره او عن ماركته السيئة التي اضافة هزيمة علنية اخرى لهزائم العرب !!، مادامت مفاهيم النصر والهزائم اصبحت حسب المقاسات ” القندرية ” السياسية وليس الانسانية.
الشعب السوري مثل كل شعوب الارض له حقوق دستورية وانسانية يجب ان يحصل عليها، ولكن هذه الحقوق يجب ان تبعد عن سوق النخاسة الطائفية العربية، كما انه من غير المقبول ان يتم الاستهتار بفكر وعقل المواطن العربي والتلاعب به الى حد الاستهانة واشغاله عن جوهر الامور بامور ثانوية مسخة ومخجلة مثل حذاء زوجة الرئيس السوري. حقيقة الاحداث في سورية ان هناك شعب يطالب بحقوق دستورية لكن اطراف دولية واقليمية وعربية دخلت على الخط فاخرجته من خانة السلم الى خانة الحرب الداخلية المدعومة بالمال والسلاح والفتاوى العربية الطائفية. والحقيقة الاكبر ان جوهر المشكلة ليس بالاسعار المعلنة لتسوق اسماء الاسد وهي مقارنة بعوائل حاكمة في بلدان عربية اخرى لاتعادل سعر ” مكارم الحاكم وولي الامر ” لخدمه وحاشيته، لكن جوهر المشكلة ان هناك معادلة أقليمية يسعى البعض الى كسرها وبناء معادلات جديدة تفتقر مسبقا الى البعد المنطقي والعمق التاريخي في هذه المنطقة. وهو نوع من اللعب بالنار سيدفع ثمنه الجميع في مقدمتهم المحرضين والداعمين والمنفذين وايضا دول المجهر العربي التي انتفخت كثيرا قد يكون لحد الانفجار الكبير.
ايلاف