صفحات العالم

شبلي العيسمي يُعلن انتصاره!


                                            ب.ش.

اعلن احد النشطاء السوريين مساء الأربعاء الماضي عبر اتصال ببرنامج الاستحقاق في “المستقبل” للزميل علي حمادة انه تمت تصفية المناضل القومي العربي الكبير شبلي العيسمي وأدلى الناشط بمعلومات دقيقة، كيف ومن خطف العيسمي من عاليه والأمكنة التي نقل اليها واسماء الذين تواطؤا وعلى رأسهم السفير السوري في لبنان (الشاعر) علي عبد الكريم، ونحن لم نصدق مثل هذه المعلومات ولا نقبلها.

شبلي العيسمي من مناضلي حزب البعث، ونعرف كثيرين من هذا الحزب، مناضلين وشرفاء تعرضوا من النظامين البعثيين الصدامي والأسدي، للنفي والاعتقال أو لابشع أنواع التنكيل والتعذيب والاتهامات. لأن منطق النظامين البائدين واحد: انس انك بعثي (أو قومي عربي أو يساري) وتذكر فقط انك عميل، ومخبر، ومرتزقة للنظام، تسلم وتبارك ويُرضى عنك وتكافأ…

العيسمي لم ينس انه عربي (والنظام لم يعد عروبياً!) ولم ينس انه “تحريري” (والنظام لم يعد تحريرياًُ)

ولم ينس العيسمي انه علماني (والنظام لم يعد علمانياً) والعيسمي لم ينس انه صاحب رسالة “وحدوية” (والنظام بات أداة تقسيمية للأمة العربية). والعيسمي لم ينس انه ما زال متمسكاً بالجولان (والنظام لم يعد متمسكاً بالجولان)، والعيسمي لم ينس ان اسرائيل التي تحتل فلسطين والجولان هي “العدو” الذي يجب ممانعته والنظام لم يعد في هذه الأولوية وعين اولويات أخرى في “ممانعته”: احتلال لبنان، تجزئة القرار الفلسطيني، والعمل على تمزيق العراق، واحباط الشعب السوري, والعيسمي لم ينس ان عليه، ومن خلال قيام “البعث” ومبادئه الاساسية (البيطار، عفلق، الحوراني، وزريق كعروبيين) ان ينحاز إلى مصالح الأمة، وشعوبها وقضاياها، والنظام لم يعد في هذا الحسبان اذ انحاز لايران في حربها على العراق، ومن ثم الى الحلفاء وايران في الحرب الثانية،

ولم ينس العيسمي ان إرادة الجماهير هي التي تقود الدول وتعين حكامها ورؤساءها وبرلماناتها،

والنظام السوري احل العائلة محل الجماهير، والتوريث محل الانتخابات فبات هو الذي ينتخب الجماهير وليست هي التي تنتخبه.

لم ينس ان من صلب الأيديولوجية البعثية قبل وصول “الحزبين” العظيمين الى الحكم، ان، مهمات الحزب في أدبياته وشعاراته بناء مجتمع مدني تسوده العدالة، ودولة القانون والمواثيق المدنية والقضاء والنظام السوري فرض حكم المخابرات والأجهزة كبديل من كل ذلك،

ولم ينس العيسمي ان السجون انشئت للمجرمين والعملاء والقتلة،

والنظام جعل البلاد سجناً كبيراً، وجعل السجون والزنازين لأهل الرأي الحر، والتعبير الوطني وللمعترضين على سلوكه وللمطالبين بالحرية والديموقراطية والابداع،

ولم ينس العيسمي ان الحزبية لا تعني الأحادية ولا تعني الاقصائية ومحو التعددية والغاء الاختلاف،

والنظام جعل من البعث “حزب الأمة” و”القائد” الأوحد… كغطاء لهيمنة العائلة والانساب والزبانية

ولم ينس العيسمي ان حزب البعث في انطلاقاته كان حزب “الفقراء” والمثقفين والكتاب والحالمين والنظام جعل منه حزب “الأوليغارشية” الفئوية وحزب المرتزقة والجهلة والخنوعين،

ولم ينس العيسمي ان خيرات سوريا والأمة العربية وثرواتها “مشرتكة” بين شعوبها لبناء مجتمع التكافؤ والرفاه،

والنظام صادر ثرواتها ونهب خيراتها و”أمّم” ممتلكاتها ويضمها إلى خزائنه الخاصة،

ولم ينس العيسمي ان البعث قد رأى في منطلقاته ان توحيد الأمة العربية لا يعني استفراد ضعفها من الأنظمة، ولا التآمر على شعوبها، بغية السيطرة عليها او احتلالها كما حصل في لبنان،

والنظام لم يفعل سوى استفراد الدول العربية وتفكيكها، وافتعال الحروب فيها واشعالها لاضعافها واستفراسها،

ولم ينس العيسمي ان الجيش السوري (الباسل) انشئ لحماية الديار، والأرض والحدود واسترجاع ما سلبه العدو وممانعة الأطماع والاعتداءات،

… والنظام جعل من الجيش السوري (ذي التاريخ البطولي المجيد) جيشاً لحمايته، وقمع الناس وقمع اللبنانيين وضرب المقاومة الفلسطينية.

ولم ينس العيسمي ان البعث لم ينشأ أساساً لارتكاب المجازر وابادة المعارضين وقصف المنازل وتدمير الأحياء وتهجير الأهالي ولم تبنى عقيدته أصلاً على القتل،

والنظام السوري منذ وصول هؤلاء المنتحلين “لقب” البعث قام على القتل كمبدأ اساسي من “دستوره” ومن سلوكه واستمر بالقتل،

ولم ينس العيسمي ان القتل اذا دام ردحاً كاسلوب حكم وايديولوجيا سلوكية فانه لن يدون الى الأبد.

نعم، لم ينس العيسمي ما فعله النظامان البعثيان في كل من سوريا والعراق فجرا الهزائم العسكرية والاقتصادية والسياسية حتى خلع الأول صدام والثاني في الطريق إلى “الأبد”..

لكن العيسمي، لا بد، وهو المخطوف في سيارة شاعر (يفترض انه ما زال شاعراً، وماذا سيكتب بعد اليوم) برتبة سفير ثم وسط المخابرات، ابتسم نعم، ابتسم في سره ربما لأن ما قدره، وتوقعه، ها هو حوله، ثورة الجماهير، عميمة، وحية بشبابها، ومظاهراتها، وشهدائها، تخلع الطاغية بعد الآخر، فمن تونس، الى مصر، فليبيا، فاليمن فسوريا!

ابتسم العيسمي وربما شقت ابتسامته تجاعيد وجهه التسعيني وملأته بالضوء والشباب والفتوة والأمل وكأنه يقول لهؤلاء القتلة والمتواطئين معهم من العملاء اللبنانيين خذوني الى حيث تريدون… وسأعود إلى هؤلاء الثوار، في اصواتهم وعيونهم ونظرتهم واذرعهم وصدورهم وسأسبقهم الى الساحات والميادين… خذوني ايها الساقطون الى حيت تشاؤون، فها انا اعلن انتصاري عليكم!

العيسمي، ربما اغمض عينيه، لحظة بين خاطفيه السفاحين وقتلة الأطفال وتراءت امامه سوريا حرة كهوائها وشمسها وسهولها وشوارعها ومدارسها وجبالها!

بقيت ابتسامة العيسمي على وجهه طويلاً طويلاً،

لترتسم طويلاً وطويلاً على وجوه الثوار. انها لحظة الانتصار الحاسم، قالها في سره، فخذوني حيثما شئتم،

لأنكم تذهبون، باذن الشعب الى طريق اللاعودة…

انا هو العائد ايها الطغاة! وانتم الراحلون!

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى