شذرات ساراماغو
جوزيه ساراماغو
افتتاحيات روائية
العمى
إذا كنت تستطيع أن ترى فانظر.. إذا كنت تستطيع أن تنظر فراقب..
كل الأسماء
أنت تعرف الاسم الذي أطلقوه عليك، لكنك لا تعرف الاسم الذي لك.
البصيرة
قال الكلب: علينا أن ننبح
قصة حصار لشبونة
ما دمت لم تبلغ الحقيقة فلن تستطيع تصويبها، وإذا لم تقم بتصويبها فلن تصل إليها، وفي هذه الأثناء حذار من الاستسلام.
إهداءات إلى بيلار
إلى بيلار، بيتي
*
إلى بيلار التي لم تكن قد ولدت بعد، وتأخرت في المجيء.
*
إلى بيلار حتى اللحظة الأخيرة.
*
إلى بيلار.. كمن يقول ماء.
*
إلى بيلار.. التي لم تتركني للموت.
جدي يعانق أشجاره
(من محاضرة نوبل)
اقتربت جدتي منا، ووضعت أمامي إبريقاً كبيراً من القهوة، وبعض أقراص الخبز، وسألتني إن كان نومي مريحاً الليلة الفائتة، وكنت أقص عليها أحلامي الرديئة التي تستولدها حكايات جدي. كانت غالباً ما تطمئنني، وتقول: “لا تحلم كثيراً، فالأحلام لا صلة لها بالواقع”. في ذلك الوقت، فكرت أن جدتي هي الأخرى امرأة حكيمة جداً، بيد أنها لا تصل إلى مصاف حكمة جدي الذي ينام تحت شجرة التين وإلى جانبه حفيده جوزيه. ويستطيع أن يحرك العالم بكلمات قليلة. بعد مرور سنوات رحل جدي إلى مثواه الأخير. في ذلك الوقت كنت قد أصبحت راشداً، وأدركت بعد كل ذلك أن جدتي تؤمن هي الأخرى بالأحلام، ولم يكن لديها سبب آخر غير الجلوس أمام كوخها، إذ أنها تعيش وحيدة الآن، وما فتئت، وهي تحدق في النجوم الكبيرة والصغيرة المبثوثة فوق رأسها، تردد هذه الكلمات: “العالم جميل جداً، ومن المؤسف جداً أن نغادره”. بيد أنها لم تقل إنها تخاف الموت، لكنها تأسف لأنها تغادر الحياة […] كانت تجلس أمام الكوخ وهي لا تشبه أية امرأة في العالم؛ كنتُ أتخيل أناساً يعيشون فيه وينامون مع الخنازير الصغيرة، كما لو كانت هذه الحيوانات أولادهم. الناس يأسفون على مغادرة الحياة لأن العالم جميل في نظرهم؛ وجدي خورونيمو، راعي الخنازير وراوي الحكايات، كان يحس بالموت يقترب منه ليقتطفه؛ ما يدفعه إلى أن يقول للأشجار: وداعاً أيتها الأشجار! وإلى معانقتها واحدة بعد الأخرى، والدموع تنهمر من عينيه، لأنه كان يدرك أنه لن يراها مرة أخرى.
من “دفتر ساراماغو”
جورج بوش
إنه أصغر الرؤساء الأميركيين الصغار. ذكاء عادي، وجهالة صميمية. تعبير شفوي مرتبك ومأخوذ دوماً إلى تجربة لا تقاوم هي تجربة الهراء الخالص. يقدّم الرجل نفسه أمام الإنسانية في منطق هرجي لراعي بقر ورث العالم وبات يحيّره إلى درجة ظنّه قطيع ماشية، لا نعرف تماماً ما الذي يفكر فيه فعلاً، ولا نعرف أيضاً إذا كان يفكر (في المعنى النبيل للكلمة). لا نعرف إذا كان رجلاً آلياً مبرمجاً على نحو سيئ فحسب، يقوم دائماً بخلط الرسائل المحفوظة داخله وتبديلها. غير أنه تميز مرةً في حياته، ففي الرجل الآلي رئيس الولايات المتحدة جورج بوش، برنامجاً يعمل على نحو استثنائي: إنه برنامج الكذب.
محمود درويش
أشعار درويش متجذرة في الحياة، في عذابات الشعب الفلسطيني وآماله الخالدة، ولها جمال شكلي يلامس، في أغلب الأحيان، سمواً معجزاً مع بساطة في الكلمات. إنها مثل يوميات تسجل، خطوة خطوة، دمعة دمعة، الكوارث، ولكن أيضاً أشكال الحرمان، علاوة على الأفراح العميقة لشعبٍ لا يبدو أن ثمة استعداداً للإعلان عن نهاية لآلامه، رغم مرور ستين عاماً. أن تقرأ محمود درويش – بالإضافة إلى أن ذلك يمثل تجربة جمالية من المستحيل نسيانها – يعني القيام بجولة أليمة على خطى الظلم والعار اللذين كان الشعب الفلسطيني ضحيتهما على يد إسرائيل.
شذرات أخرى
الوحيدون المهتمون بتغيير العالم هم المتشائمون، فالمتفائلون سعداء بما يملكون.
*
أكتب الروايات لأني لا أستطيع كتابة الأبحاث.
*
لا يزال العالم جحيماً يولد فيه الملايين ليتعذّبوا.
*
الأصعب من الوصول إلى المريخ هو الوصول إلى أنفسنا.
*
تبدأ الشيخوخة عندما نفقد الفضول.
العربي الجديد