شركة “الجهاديّين”
الـيـاس الزغـبـي
لم يتوقّف المتابعون كثيراً عند “اللهفة” التي أبداها السيّد حسن نصرالله على “القاعدة”، والنصيحة التي أسداها إليها بعدم التورّط في سوريّا، وعدم “قتل بعضهم بعضاً” مع نظام الأسد!
ففي تلاطم المواقف وحدّتها، في خطابه الأخير، كادت هذه “اللهفة” تضيع وتعبر عبوراً عاديّاً، تحت حرص المهمومين بـ “تفوّق السيّد” على إدراجها في إطار المناورة أو الشطارة السياسيّة.
ولكنّ التعبير “تقتلون بعضكم بعضاً”، ليس مجرّد زلّة لسان لم يعتدْ جمهوره على مثلها، بل يرقى إلى كشف الحقيقة التي تربط النظام السوري، منذ سنوات، مع المجموعات المتطرّفة والإرهابيّة، من العراق إلى لبنان، ودائماً تحت رعاية “الأخ الأكبر”، جمهوريّة ولاية الفقيه.
ومَن يحرص اليوم على دم الأخْوَة ووحدة المسار والمصير بين النظام و”القاعدة”، هو نفسه الذي وضع خطّاً أحمر حول معسكر نهر البارد و”فتح الإسلام” سنة 2007.
وليس من باب الصدفة أن يكون الشخص الأشدّ توتّراً في حرب البارد، والمكلّف عبر الإعلام العالمي (الأميركي والأوروبي) مهمّة التشويه السياسي والمالي وإلصاق التهمة بـ 14 آذار والرئيس الحريري تحديداً، قد بات اليوم وراء القضبان بتهمة التفجير والإرهاب تنفيذاً لمخطّط الأسد – مملوك – سماحة.
فرؤوس خيوط المخطّط الإرهابي المركزي بدأت تظهر قبل الإنهيار النهائي للنظام، فكيف بعد انهياره؟
وفي كلّ يوم ينكشف صاعق جديد، منها ملاطفة نصرالله لـ “القاعدة”، وأخيرها خطّة اغتيال المفتي مالك الشعّار، وليس آخرها.
هذا المشهد العام للتحالف الموضوعي بين قوى “الممانعة والمقاومة” ومجموعات التطرّف والإرهاب المتفرّعة من “القاعدة”، هو نتاج المعادلة المستمرّة عبر التاريخ: العنف يغتذي من العنف، والتطرّف يقتات من التطرّف. ولا يشذّ التعامل مع التطرّف في إسرائيل عن هذه المعادلة، بل يثبّتها.
فمنذ قيام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة تضاعَفَ التطرّف في العالم، وباتت طهران المرجع الملهِم والحاضن للمجموعات المتطرّفة، ليس فقط معنويّاً، بل بالتمويل والتدريب والتسليح.
هذا ما حصل على ضفّتيها في أفغانستان والعراق، وهذا ما يحصل اليوم في سوريّا ولبنان، وربّما غداً في مناطق أخرى (الخليج في المقدّمة)، كي تتدارك المزيد من انكماش نفوذها بعد غزّة.
وليس الصخب الخطابي ضدّ إسرائيل، سوى غبار لتغطية عمق التواطؤ وحقيقة تقاطع المصالح:
فلا انتعشت غزّة ومعها الأمل في الوحدة الفلسطينيّة، إلاّ بعد ارتخاء قبضة إيران.
ولا 33 سنة من الدعم العسكري والمالي لنظام آل الأسد، حرّر ترابة واحدة في الجولان.
ولا استتباع طائفة بكاملها في لبنان وتسليحها وتمويلها، أمّن وحدته واستقراره وازدهاره.
قد تنطلي العناوين اللمّاعة للمشروع الإيراني، مثل تحرير فلسطين، ومحاربة الإستكبار وحماية المستضعفين، و “الممانعة والمقاومة”، على الكثير من الناس.
وقد يؤدّي رفع الصوت والسبّابة والعقيرة، إلى تخويف آخرين.
وقد يشتري المال ذِمَمَاً وهِمَمَاً واقتناعات.
لكنْ، لكلّ طريق نهاية، وما من خفيٍّ إلاّ ويظهر.
إذا كان ضغط التطوّرات في سوريّا، والخوف على مصير الأسد، جعَلا نصرالله يكشف بعض المستور، ويناشد عدوّه “الحميم” (القاعدة) ألاّ يقاتل أشقّاءه في النظام، فإنّ الآتي أعظم.
إنّ “وحدة الجهاد والجهاديّين” تحرّم أن يتقاتلوا ويقتل “بعضهم بعضاً”
وحده الإرهاب يوحّد متطرّفي المذاهب، تحت شعار الفتنة والتكفير.
فلتتوحّد جهودهم جميعاً، في سوريّا ولبنان وسائر أرض الجهاد والنصرة، لقتل الأحرار والوطنيّين والليبراليّين ودعاة الحريّة والسيادة والإستقلال وحقوق الإنسان والعدالة والمجتمع المدني.
أليس هذا ما تفعله “شركة الجهاديّين”، من مذابح في سوريّا واغتيالات في لبنان؟.
موقع لبنان الان