صراع الأمم على سوريا ٢٠١٢
علي حماده
فيما كانت جميع الجلسات النقاشية التي حفل بها “مؤتمر الشرق اوسط، شمال افريقيا واوراسيا” الذي نظمه “المنتدى الاقتصادي العالمي” في مدينة اسطنبول في اليومين الماضيين، والتي ركزت على التحولات الجيو- سياسية في المنطقة في ضوء الربيع العربي، تولي الازمة السورية مكانة الصدارة، كان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو يستضيف في اسطنبول نفسها مؤتمرا دوليا تحت عنوان “مكافحة الارهاب” ويشارك فيه رؤساء حكومات ووزراء خارجية عرب واوروبيون بالاضافة الى وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والى جانبهم مسؤولو 29 دولة. وقال لي صحافي اميركي كبير كتب مؤخرا عن الازمة السورية في احدى كبريات الصحف الاميركية، انه وفقا لمعلوماته، فإن المؤتمر المذكور سيشهد على هامشه لقاءات عربية اوروبية اميركية ستركز على الوضع السوري. اضاف محدثي، انه شعر بأن المؤتمر برمته يدور في روحه حول سوريا، او بمعنى آخر الصراع الدولي على سوريا! فالاتصالات الخلفية بين الاميركيين والروس والاوروبيين والعرب قائمة على قدم وساق، في ما يبدو انه تحضير لصفقة دولية كبرى يجري عقدها بين كل الجهات المعنية، وكلها تدور حول مرحلة ما بعد النظام. وفي الاثناء تبقى المعركة على الارض مستعرة بعدما اغرق بشار الاسد نفسه ونظامه في بحر من دماء السوريين.
تزامناً مع المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب في اسطنبول، كان ديبلوماسي تركي يشير الي بمتابعة جولة وزيرة الخارجية الاميركية على كل من جورجيا وارمينيا واذربيجان، وعدم استبعاد ان تكون جزءا من “كونشيرتو” الامم التي تجمع اوراقها لتحسين مواقعها في المعطى السوري المستقبلي. وجولة كلينتون تزعج موسكو التي تعتبر الجمهوريات الثلاث السوفياتية سابقا، واقعة في نطاق حديقة روسيا الخلفية. وفي المقابل كانت متابعة لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبكين، تقابلها زيارة وزير الدفاع اميركي ليون بانيتا لنيودلهي تحت عنوان تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. كل هذا يحدث وسوريا تتحول بسرعة هائلة الى مسرح حرب مفتوحة بين النظام والثوار في الداخل، وعلى مستوى آخر، فإنها تتحول الى مسرح لحرب باردة جديدة بين محورَي “موسكو – بكين” من جهة والغرب وعرب الخليج من جهة اخرى.
انه الانزلاق المتسارع الخطى نحو مزيد من القتل والتدمير، والنظام في سوريا يرفض النظر في المعطى الداخلي الاساسي الذي يمثل الرافعة الاولى لتدخل العالم كله في سوريا.
على صعيد آخر، تتقاطع المعلومات التي تؤكد ان الجيش الحر يتلقى اسلحة نوعية بوتيرة اسرع، مما يفسر الخسائر المرتفعة لجيش النظام في العديد من المناطق السورية.
في الخلاصة، نقول ان بشار، بالسلوك المافيوي التي مارسه منذ بدء الازمة، اوصل الى طرح سوريا على مائدة الكبار، وصار جزءا من الماضي.
النهار