صفحات الثقافة

صور فوتوغرافية من جحيم القتل اليومي في سوريا بحارة حريك


                                            ي.ت

“يحدث الآن” عنوان معرض للمصور الايطالي اليسيو رومنزي في “هنغار أمم” في حارة حريك يمثل تجربة تصوير هائلة لأحداث سوريا، لا وجه شبه بين تجربة المصور الفوتوغرافي اليسيو روفندي في تغطيته أحداث مصر وليبيا وبين تجربته التصويرية في سوريا. في سوريا وجد نفسه في قلب جحيم القتل اليومي والعنف المدمّر الذي ارتكبته أدوات النظام السوري لا سيما في حمص والقصير.

منذ العام 2005 يعمل اليسيو رومنزي مصوراً صحافياً مستقلاً وقد نشرت صوره الممهورة بتوقيعه كبريات المطبوعات في العالم. لكن الأمر في سوريا احتاج إلى أكثر من الاستقلالية بل والحيادية مع نظام لا يشبه غيره مطلقاً.

يقول رومنزي في مقدمة الكتاب “بخلاف مصر وليبيا ما ان يصل المرء إلى سوريا حتى تمتلئ رئتاه برائحة موت دفين، ويستبد به الشعور بأن “الأعظم” لم يقع بعد (…)

و”هذا ما وجدتني أوثقه وأرويه. عملي كمصور ان أخبر الآخرين من خلال صوري بما يجري. ولكن في سوريا لم أشعر بأنني أقوم بعملي فقط. في سوريا تملكني الشعور بأن أؤدي واجباً إنسانياً وأخلاقياً”. بأنني أصور، أولاً، على نية الناس القتلى، أشبه بفعل صلاة على القتلى وليس على نية أولئك الذي يطالبون الصحف التي قد يعنيها أن تنشر صوري”.

ويؤكد رومنزي “ان تجربته مع الصورة في سوريا تطول إلى عمق وحجم من المشاعر الإنسانية إزاء إرهاب الدولة على عكس كل ما جرى من مشاهد تصويرية التقطها ليس فقط في مصر وليبيا بل في العالم أجمع على نحو مشاهد عنف غير متوقعة” (…)

ويضيف: “الصورة في سوريا تتجاوز المهنة بحد ذاتها، والصورة بحد ذاتها إلى ما هو أبعد منها ومن منهجية العمل نفسه وتنجز شيئاً آخر عن الناس، وثيقة لثورة مختلفة تماماً وقصة مختلفة تماماً تروى للأجيال. ما جرى في القصير وفي بابا عمرو أمر يحتوي على مؤثرات عدة، لصور تصير هي سجينة لحظة العنف التي لا تنتهي في صفوف العائلات المحتشدة في المكان”.

شيء غير مدني تماماً، لا يمت بصلة إلى حقوق المواطنية. صورة الناس مذعورة، تأخذها مباشرة من العينين ومن الجسد المرتجف من الخوف إلى الأقصى. يحتاج التقاط الصورة إلى جهود مضنية إلى تركيز على الجسد في ردات فعله الأقصى إلى صور القتلى والجثث والأمور تختلط تماماً بين الجيد والسيئ، بين الصح والخطأ، بين الايمان والكفر.

في لحظة تعيش كل الموت، وتتنفس كل عفن الحرب عبر الجثث الملقاة في النهر حين قيض لها ان تغتسل بالماء حتى الماء الوسخة.

ان تلك النسوة اللواتي يبحثن عن خبز لأطفالهن، يسألن عن أزواجهن وأطفالهن وقد قتلهم النظام من غير سبب. أو تلك المرأة التي تركض بلا هوادة في عرض الشارع وطوله. إنها أم تلغي هذا أمام استحالة إطعام أطفالها وتزويدهم بالحليب والماء.

كان البقاء في “القصير” أمر يشبه اللحظة المستحيلة في تجربة مهنية من اليأس والاحباط أمام عنف لم يتوقف وإزاء ثورة مواطنين بدورها مستحيلة بدورها وجدت لكي لا تتوقف وكان على الكاميرا ان تلتقط جوهر الأشياء والكثير من النقاط الغريبة لصورة أخرى غير تلك التي تلتقط عادة للنشر في صحيفة.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى