صفحات العالم

طبول الحرب تُقرع في سورية


داود الشريان

«كل الخيارات مطروحة» شعار بات يتصدر مشهد الوضع المتفاقم في سورية. واشنطن تقول: «إن الحملة المتصاعدة التي يشنها الجيش فجّرت مقاومة مسلحة»، وتركيا تصف المرحلة الانتقالية بأنها «بشعة»، وصوت المعارضة السلمية غُيِّب بسبب عنف الأجهزة الأمنية السورية التي يبدو أنها ماضية في تحريض الشعب على مقاومة مسلحة، والخلاص من رفض المجتمع الدولي لنهجها في مواجهة شعبها الأعزل، وخلق مبررات لمزيد من العنف ضد المواطنين الأبرياء.

هل أصبح نشوب حرب أهلية في سورية قدراً محسوماً؟

بعض المعارضة يستبعد الحرب، فالشعب في رأيه موحد في مقابل النظام، وهذا صحيح من الناحية النظرية المتفائلة. لكن هذا الرأي فيه تبسيط للوضع، فالمعارضة بشقيها الداخلي والخارجي ليست متفقة، وبعضها يتصرف على طريقة المعارضة العراقية، ويطالب بتدخل أجنبي بلا شروط، وثمة خلافات بين الإسلاميين والليبراليين، وأخرى بين الأكراد والعرب، فضلاً عن أن الجيش يمتلك مقومات صراع مذهبي محتمل، وقبل هذا وبعده فإن الأطراف الأجنبية وعلى رأسها تركيا وإسرائيل مدعومة بعواصم غربية، لن تسمح للثورة بأن تتشكل من دون أن يكون لها دور، وهي ربما سهّلت دخول السلاح، ودعم طرف في مواجهة الآخر، ومثلما تحوّل لبنان في سبعينات القرن العشرين الى مسرح لتصفية حسابات دول، فإن سورية ليست بمنأى عن هذه النتيجة المروّعة.

وسط هذا الغموض، وزيادة الفجوة بين قوى المعارضة، وتلويح الأجانب بالتدخل في الوقت المناسب، يتفرج العالم العربي على سورية، مصدّقاً أن قضية أمن إسرائيل ستقف حائلاً دون تدهور الأوضاع الى حرب أهلية. لكن الواقع يشير الى أن النظام لم يعد أمامه سوى إدخال البلد في حرب، وهو ربما وسّع نطاق الأزمة لتمتد الى لبنان والمخيمات الفلسطينية. هل هناك أمل بتجنيب السوريين ويلات حرب أهلية؟

لا شك في أن الوضع في سورية يقبل طرح الأسئلة، لكنه يستعصي على الإجابات والمخارج الآمنة. الدول العربية في وضع لا يسمح لها بتغيير موقفها، القائم على أمل كاذب بأن النظام ما زال يملك فرصة التراجع عن أسلوبه العنيف ضد المدنيين، والمعارضة الخارجية تعتقد بأن ليس أمامها إلا الاستعانة بالقوى الأجنبية والإقليمية للخلاص من نظام الرئيس بشار الأسد.

ويلٌ للعرب من الأيام المقبلة في سورية.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى