صفحات الحوار

عامر مطر عن ‘احتفالية الشارع السوري’: ثقافتنا.. بأدوات العدو

ديمة ونوس

 “الفن يهزم القمع”، هكذا يقدّم منظمّو “احتفالية الشارع السوري” فعالياتهم التي تبدأ غداً في مدينة “كفرنبل” في موعد الذكرى السنوية الثالثة للثورة السورية وتستمرّ حتى 18 آذار/مارس. الدورة الثالثة من الاحتفالية تحمل عبئاً لا يستهان به. بعد ثلاثة أعوام، باتت تواجه نظام الأسد وشبيحته بعين، بينما ترفّ العين الأخرى خوفاً من ممارسات “داعش”.

“لذلك لا بدّ من الاحتفال بالثورة التي واجهت الديكتاتورية العسكرية، وتواجه اليوم التطرّف الديني أيضاً. لا بدّ من الاحتفال بحلم الحرية الذي تعاقب عليه مدننا بالبراميل المتفجرة وبالسيارات المفخّخة”، يقول البيان الصادر على صفحات فايسبوك.

عن الدورة الثالثة للاحتفالية وعن المخاطر التي يواجهها المنظمّون والناشطون في الشمال المحرّر من النظام والمحتل من “داعش”، كان لـ”المدن” هذا الحوار مع مدير “احتفالية الشارع السوري”، الصحافي والناشط عامر مطر.

 –                    هل كنت تتوقع أن تكون لفعاليتكم هذه دورات متلاحقة؟ الدورات السنوية المتلاحقة تعني أن الثورة مستمرّة، صحيح، لكن القتل أيضاً مستمر والنظام ما زال قوياً على ما يبدو!

بعد ثلاث سنوات من الثورة، وبالتالي من الاحتفالية، نحاول اليوم مواجهة قيود جديدة فرضت علينا خلال السنة الماضية. تتغير الأولويات في كل عام والعلاقة مع الواقع كذلك. ما زال الموت مستمراً، والبراميل تهطل والمعارك تدور. وعلى الرغم من ذلك، هناك متظاهرون يتفاعلون مع كل حدث يحتفي بالثورة.

الاحتفالية تواجه اليوم ظلم النظام وآثاره السلبية على المجتمع، وظلم الكتائب الإسلامية مثل “داعش” التي اختطفت وقتلت عدداً كبيراً من الثوّار، لذلك نرفع “لا إكراه في الدين”، كشعار أساسي في احتفالية هذا العام.

 –                    بعد العام الأول على بدء “احتفالية الشارع السوري”، اعتقد البعض أن الفعالية ستساهم في خلق بنية لمجتمع مدني في الشمال المحرّر. إلا أن “داعش” قلبت المعايير. كيف تكملون احتفاليتكم بوجود “داعش”؟

الأماكن التي عملنا فيها السنة الماضية، تسيطر “داعش” عليها اليوم، مثل منبج الباب في ريف حلب، وتل أبيض والرقة. باللون الأسود، صبغت “داعش” بعض الجدران التي رسمنا عليها. وحوّلت أحد الأبنية المدمّرة في منبج بعدما لونّاه، من لوحة رسمناها، إلى مكبّ للنفايات.

احتفالية هذا العام في كفرنبل، المكان المحرّر من “داعش” والنظام. نحاول أن يمتد بعض الفعاليات فتقام في أوقات متفرقة خلال السنة المقبلة. إذ تمّ الاعلان عن “مهرجان سوريا لأفلام الموبايل” الذي سنعرض أفلامه في أيلول/سبتمبر المقبل، وسنبدأ بعد أيام قليلة بتدريب الناشطين للتجهيز له كما أننا نعدّ الآن رسوماً خاصة بالمهرجان كبداية للحملة الترويجية له.

 –                    ألا تخافون أن تستفز هذه الفعاليات المدنية “داعش” فتزيد وتيرة عملياتها ضد الناشطين والمدنيين؟

كل فعل يدعو للحرية يستفزّ “داعش” والنظام معاً. وهذا الأمر تقريباً خارج حساباتنا، لأنهم أصلاً ومن دون استفزاز يستهدفون كل ناشط أو صحافي. وسبق لفريق عملنا أن تعرّض للمضايقة والاعتقال، وما زال أحد أفراد الفريق مختطفاً في سجون “داعش”.

الطريقة الأمثل للتعامل مع عدو من هذا النوع هي استخدام أدوات مشابهة لأدواته، فداعش تستخدم القرآن في حربها على السوريين، ونحن نستخدم القرآن حالياً في حملاتنا ضدهم، من خلال انتقاء عبارات مثل: “لا إكراه في الدين”، و”فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.

–                     هل تعتقد أنها ستكون الدورة الأخيرة في ظل نظام الأسد؟ هل ما زلت متفائلاً؟

الواقع يوحي بأن زمن الحرب مع النظام ومع الجماعات المتطرفة سيطول. ولا أعرف تماماً إن كنت متفائلاً أم لا. لأن الخيبات المتكرّرة من سلوك المجتمع الدولي ولا مبالاته، تجعلني، كجزء كبير من السوريين، عاجزاً عن التفكير بالمستقبل بجدية.

 –                    ماذا تروي عن مشاهداتك الأخيرة في المناطق المحرّرة التي تتنقّل بينها؟ ما الذي تبدّل في نمط الحياة بعد ظهور “داعش”؟

كل شيء تغيّر. تضطر أمي اليوم لتغطية وجهها بالأسود ككل النساء في الرقة، وإلا قد تتعرّض للجلد هي وأبي. اللون الأسود يتخلل ملامح الناس في الرقة أيضاً، بفعل الرعب من قطع الرؤوس والجلد. لا تمرّ سيارة في الشارع من دون التفكير بأنها قد تكون مفخّخة. خلت المدينة من الناشطين ليتكدّسوا في جنوب تركيا بحثاً عن عمل أو مساعدات تعيلهم في حياة المنفى القريب من مدنهم وقراهم التي تحوّلت إلى ولايات في دولة البغدادي. أما هنا في ريف إدلب المحرّر من “داعش” أخيراً، يبدو الوضع مختلفاً تماماً. نرى عبارات “داعش” مشطوبة بالأسود في الشوارع، إلا أن عبارات التحذير من الخلايا النائمة لداعش تبقى تلاحقك.

 –                    تطلقون للعام الأول فعالية “مهرجان سوريا لأفلام الموبايل”، هل تعتقد أن هذا النوع من السينما أو الأفلام التسجيلية التي تفتقر للجودة وأحياناً للموهبة، سيكرّس في المرحلة المقبلة؟ وما الذي يمنع برأيك الكثير من المخرجين السوريين المعارضين منهم عن إنجاز أفلام عن الثورة في الداخل المحرّر؟

الجودة مقياس مايع وغير منصف ومتغير. أفلام كثيرة اعتبرتها التجارب الراديكالية غير مرحّب بها لنقص الجودة، وتحوّلت لاحقاً لأيقونات في السينما متل أفلام فيرتوف. والموهبة لا تحدّدها نوعية الكاميرا. ستشرف على “مهرجان سوريا لأفلام الموبايل” لجنة تحكيم. سينمائيون خبراء سيشاهدون الأفلام ويحكمون عليها. هدفنا من المشروع هو تطوير بذرة فنية نعرف أنها موجودة عند الكثير من الهواة.

لا وجود لأي سبب يمنع المخرجين السوريين المعارضين من العمل والتصوير داخل الشمال المحرّر من النظام و”داعش”، إلا ربما الخوف غير المبرّر من الشمال الذي تحوّل إلى عالم يشبه قصص الخرافات عند من لا يعرفه، ولم يحاول التعرّف عليه أصلاً.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى