عرائس “الزعتري” السوريات.. فرحة يئدها ألم اللجوء
عمان ـ من ليث الجنيدي وزهراء يامان ـ تجلس أمام المرآة كعروس من شمع.. تنظر إلى فستان العرس الأبيض الذي يلف جسدها المثقل بالآلام وقد زالت الفوارق بينه وبين كفن لم تتح لها الفرصة أن تلف به جثة عزيز فقدته هناك.. تسلم نفسها لمختصة التزيين لتضع بعض الألوان والظلال على وجهها عسى أن تتمكن من تجميل فرحتها الكسيرة، التي اغتالها ألم اللجوء..
هن عرائس مخميم الزعتري للائجين السوريين بشمال شرقي الأردن، حيث يستقبلن اليوم الذي تطلق عليه الفتيات عادة “فرحة العمر” بألم اللجوء وفقد الأحبة، إلا أن الزواج بالنسبة لهن “شر لا بد منه”، حفاظا على أنفسهن من القيل والقال ومحاولات الاستغلال لهن.
سارة محمد ( 19 عاما ) من مدينة درعا السورية وتعمل في محل لتزيين العرائس السوريات بالزعتري وبيع الحاجيات الأساسية لهن من ملابس وأدوات تجميل وغيرها.
تقول سارة لمراسلة الأناضول “أعيش مع والدي في المخيم منذ عام تقريبا، بعد أن رفضت العودة مع والدتي وأشقائي إلى سوريا ، وأعمل في هذا المحل منذ عدة شهور، وأشاهد دائما حزن العرائس من اللاجئات”.
وتشرح “يأتين هنا لكل شيء، بدءا من شراء فستان الزفاف أو استئجاره، وهو الأمر الذي يتوقف على الوضع المادي للعريس، فشراء الفستان يكلف 240 دينارا (342 دولار) ، بينما الاستئجار لا يحتاج إلا لـ 15 دينارا أردنيا فقط (21 دولار)” .
وتضيف سارة “يأتي إلي في الأسبوع قرابة 13 عروسا، وجميعهن بحالة نفسية سيئة، منهن من فقدت شقيق ومنهن من فقدت أبا، فكيف تتوقع أن تكون مشاعرهن، بالإضافة إلى أن مجرد زواجهن في المخيم بعيدا عن بلادهن وأهلهن يسبب لهن ألما نفسيا شديدا” .
وتشير سارة إلى أنه “رغم ارتداء العرائس لفساتين الفرح إلا أن مراسم الزواج تقتصر على ذلك فقط، دون إقامة أي احتفالات في تلك الكرفانات أو الخيام الصغيرة، فالفرح بالنسبة للسوريين هنا معدوم والنفسيات محطمة، وأيضا يتم الإختصار في مراسم الفرح احتراما لمشاعر البعض، لأن الجميع فقد عزيزا لديه”.
وتستطرد “حتى أنا كمثال لباقي أخواتي من اللاجئات السوريات، فعمري 19 عاما لكن نفسيتي نفسية امرأة عمرها ستون عاما من كثرة الحزن والألم على ما حل بنا”، مضيفة “لكن مع كل ذلك أنا سعيدة جدا لوجودي في المخيم، لأني خارجه سيتم معاملتي على أنني لاجئة، أما هنا فكلنا بالمصاب واحد”.
ولا يوجد في مخيم الزعتري مأذون شرعي، ويتم عقد قران السوريات في المحكمة الشرعية الموجودة في مدينة المفرق القريبة، فيما يعتمد الكثير من السوريين في المخيم على عقود خارجية، تكتب فيما بينهم – بحسب قول بعضهم –، مما يترتب عليه صعوبة كبيرة، بالنسبة للجهات المختصة، في الأردن من إحصاء حالات الزواج داخل المخيم نظرا لعدم تسجيلها لدى المحاكم الشرعية المختصة.
ويعتبر مخيم الزعتري من أكبر مخيمات اللجوء الخاصة بالسوريين، إذ يضم ما يزيد على 121 ألف لاجئ سوري في وقت تجاوزت فيه أعداد اللاجئين السوريين المسجلين رسميا في الأردن حاجز الـ542 ألف لاجئ ، فضلا عن وجو ما يزيد عن 750 ألف سوري متواجدين على الأراضي الأردنية قبل بدء الحرب في سوريا بحكم القرابة والنسب والمصاهرة والتجارة .
وتعتبر الأردن من أكثر الدول تأثرا بالأزمة السورية التي اندلعت منذ نحو عامين ونصف، نظرا لطول حدوده معها والتي تزيد على 375 كم ، يتخللها عشرات المنافذ الغير شرعية التي كانت ولا زالت معابر لدخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها.(الأناضول)