عشاء خفيف لأحبّتنا الراحلين/ مانويل بنديرا
عشاء خفيف
عندما يصل غير المرغوب في مجيئه
(مَنْ يدرى ما إذا كان فظا أو رقيقا)
ربما سأخاف.
وربما سأبتسم وأقول:
“أهلا بك، يا مَنْ لا مفرّ منك!”
نهاري كان سعيداً والليل قد يسقط.
(الليل بكل مفاتنه)
سيجد الحقل محروثاً، والبيت نظيفاً،
والمائدة منصوبة،
وكل شيء في مكانه الصحيح.
لحظة في مقهى
عندما مرَّت الجنازة
خلع الرجال في المقهى قبعاتهم
بطريقة آلية،
وحيُّوا الميت ذاهلين.
واستداروا جميعًا نحو الحياة
مستغرقين فى الحياة
واثقين بالحياة
***
لكن واحداً منهم كشف رأسه بحركة بطيئة متمهلة
وهو ينظر طويلاً إلى التابوت.
كان هذا الواحد يعلم أن الحياة اضطراب شرس
وبلا غاية.
أن الحياة خيانة
وحيّا المادَّة التي كانت تمرّ
متحررة إلى الأبد من الروح التي انطفأتْ.
الإعداد للموت
الحياة معجزة.
كل زهرة،
بشكلها، لونها، عطرها،
كل زهرة معجزة.
كل عصفور،
بريشه، طيرانه، تغريده،
كل عصفور معجزة.
المكان، اللانهائي،
المكان معجزة.
الزمان، اللانهائي،
الزمان معجزة.
الذاكرة معجزة.
الوعي معجزة.
كل شيء معجزة.
كل شيء، ما عدا الموت.
– طوبى للموت، الذي هو نهاية كل المعجزات.
قصيدة الموتى
غدًا، يوم الموتى،
اذهبْ إلى المقابر، اذهبْ، وحيداً،
واعثر بين القبور
على شاهد ضريح أبي.
***
خُذْ ثلاث وردات جميلة.
اجْثُ واتْلُ صلاة.
لا من أجل الأب، بل من أجل الابن:
حاجة الابن أعظم.
***
لم يبق منِّي سوى المرارة،
مرارة الحياة التي عشتُها
وما مِنْ شيء أريد، وما مِنْ شيء آمُل
وفي الحقيقة: رغم أنني هنا، فأنا هناك.
فن الحب
إذا أردتَ أن تُحسّ بسعادة الحب، اِنْسَ روحك.
فالروح هي التي تدمِّر الحب.
في الله وحده يمكنها أن تجد الراحة.
وليس في روح أخرى.
في الله وحده – أو في ما وراء العالم.
***
الأرواح لا تتواصل
***
دَعْ جسدك يصل إلى تفاهم مع جسد آخر.
***
فالأجساد يفهم كل منها الآخر، أما الأرواح فلا.
* Manuel Bandeira شاعر من البرازيل، ولد عام 1886. صدر له عدة مجموعات شعرية، مثل “كرنفال” و”نجمة الصباح” و”نجمة المساء”. رحل عام 1968 في ريو دي جانيرو التي أمضى معظم عمره فيها.
ترجمة: خليل كلفت (1941 – 2015)
العربي الجديد