علي فرزات: عندما تسخر من الجلاد تكون قد تجاوزت الخوف: فن الثورة السورية يزدهر على وقع تفاقم العنف
دبي – ا ف ب: تساهم الموسيقى والرسم والافلام القصيرة والكرتونية التي تلد من رحم العنف في سوريا بابقاء الثورة حية بعد تسعة اشهر على اندلاعها، اذ يقوم فنانون بنشر ابتكاراتهم يوميا عبر الانترنت دون الكشف عادة عن هويتهم.
وفي ما بات التعبير الابرز عن التحدي للنظام، يقوم المتظاهرون السوريون يوميا برقص الدبكة وبأداء الاغاني الفلكلورية مع تغيير كلماتها لتشمل مطلب ‘اعدام الرئيس’ بشار الاسد، في مواجهة القوات السورية.
ويشكل شخص الاسد وأفراد قواته موضوع السخرية الابرز لهذه التعبيرات الفنية النابعة من صفوف المحتجين في سوريا حيث قتل اكثر من ستة الاف شخص منذ اندلاع الاحتجاجات بحسب ارقام الامم المتحدة.
وقال الكاتب المسرحي السوري وليد قوتلي ان ‘الثورة كسرت حاجزي الصمت والخوف وهذا بحاجة الى تعبير وكلام ليرفع الناس اصواتهم’.
واعتبر قوتلي ان ‘المخزون (الفني الثائر) موجود وبعد كل هذا الضغظ الهائل انفجر هذا المخزون. هو مخزون حضاري وانساني مهم ومتراكم عبر اكثر من اربعين سنة من الكبت والضغط والتعسف واحتقار الشعب واحتقار مواهبه واحتقار مواطنته’.
ويقوم الناشطون بالتصويت عبر موقع فيسبوك للتسمية التي يتم اطلاقها على كل يوم جمعة، وهو اليوم الذي يشهد اكبر المظاهرات.
وقال الناشط ازهر الاصفر الذي يشرف على هذه العملية ‘ان مدراء الصفحات الرئيسية للثورة يقومون باقتراح مجموعة من المسميات استنادا الى الاحداث الرئيسية التي شهدها الاسبوع، ويتم اختيار التسمية في النهاية بالتصويت عبر الانترنت’.
واضاف الازهر ‘بناء على الاسم الذي يتم اختياره، يتم تصميم شعار (لوغو) كما يتم انتاج شريط فيديو كليب للترويج لتظاهرات الجمعة’.
واختار الناشطون هذا الاسبوع تسمية جمعة ‘بروتوكول الموت’، في اشارة الى استمرار القتل بالرغم من توقيع الحكومة السورية على بروتوكول ارسال مراقبين الى سورية.
وبعد تصميم الشعار، يتم اعتماده كصورة رئيسية في جميع الصفحات المؤيدة للثورة تقريبا على فيسبوك.
ومن جهة اخرى، تنتشر الاغاني المؤيدة للثورة بكثافة عبر الانترنت، وهي تنتمي الى اساليب موسيقية متنوعة تتراوح من الاغاني الفلكلورية الى موسيقى الراب.
وقد انتشرت بين مؤيدي الثورة اغان تستخدم الحان الاغاني الفلكلورية الشهيرة لتضع عليها كلمات مناهضة للنظام، بما في ذلك ‘دلعونا الحرية’.
وتم انشاء صفحة على فيسبوك تحت مسمى ‘مهرجان سوريا الحرة الاول للافلام’، ويستطيع المشاركون من خلاله التصويت لاختيار افضل فيلم قصير حول الاحتجاجات.
ففيلم ‘حذاء الجنرال’ مثلا للمخرج اكرم اغا، يصف من خلال الرسوم قيام قوات الجيش بقمع الرجال والنساء والاطفال، الى ان يرمي طفل طابته باتجاه الجيش فتكبر تدريجيا وتطيح بالعسكر وتحرر البلاد.
كما تنتشر افلام تستخدم الدمى المتحركة وتتهكم على الرئيس السوري الذي تسميه ‘بيشو’. ويتم ايضا استخدام شخصيات برنامج ‘افتح يا سمسم’ الامريكي المدبلج للعربية، لاجراء حوارات ساخرة بين الرئيس الاسد وشقيقه ماهر.
وفي احد الاعلانات الخاصة بالثورة، تم تغيير اسم برنامج ‘من سيربح المليون’ الشهير الى ‘من سيقتل المليون’.
وقال قوتلي ‘الاغاني كانت عفوية لان هناك احساسا في اللاوعي بانه يجب ان تترافق الثورة التي فيها قتل وذبح واغتصاب مع جانب يغذي الروح ويستنهض الجمالية… ليس بالشعارات فقط. الشعار تحول الى ترتيل وغناء مهم جدا’.
من جهته، قال الرسام علي فرزات الحائز جائزة ساخاروف التي يمنحها البرلمان الاوروبي عن رسوه الكاريكاتورية التي تم بسببها ضربه من قبل موالين للنظام الصيف الماضي، ‘عندما يرى الانسان حريته من خلال فوهة البندقية ينتهي هذا الخوف من الموت’.
وقال ان ما يقوم به الناشطون هو ‘مقاومة ساخرة’ مشددا على ان ‘الفن ينبع من نبض الشارع وهمومه’.
واكد فرزات الذي فر الى الكويت لوكالة فرانس برس ‘عندما تسخر من الجزار وتسخر من القاتل تكون قد تجاوزت حالة الخوف’.
وفي 11 ايلول/سبتمبر، قام سوريون في منطقة الكسوة بالقرب من دمشق باعداد قالب حلوى لونوه بالاحمر وكتبوا عليه ‘قالب حلوى مضرج بدماء شهدائنا في عيد ميلاد بشار الاسد’.
كما قام ناشطون بخلق صفحة على فيسبوك تحت مسمى ‘الثورة الصينية’، وهي صفحة تنشر قصصا مضحكة من الصين هي في الواقع تحوير ساخر للاحداث في سوريا. ويتم تسمية الاسد بجينتاو، نسبة الى الرئيس الصيني، وحليف الرئيس السوري، هو جينتاو.
وقال قوتلي ان ‘عفوية الثورة خلقت عفوية الفن الذي هو تعبير من نوع آخر عن الثورة’.
وعما اذا كان يمكن ان تتحول الثورة في سوريا الى ثورة فنية، قال فرزات ‘عندما تكون هناك ثورة حقيقية فالأمور كلها تسير بالتوازي’.