صفحات المستقبل

عندما تفقد السلطة الرابعة قيمتها …. السفير مثالا


مدونة فسحة امل

يعيش العالم العربي منذ بداية ربيعه حربا استثنائية بين الصحافة الحرة والصحافة الرسمية والمؤدلجة، إذ تتبادل هذه الفئتان الاتهام بالعمالة إما للأنظمة الاستبدادية أو للغرب والاستعمار، وهذا ما يظهر جليا من خلال تعاطي الصحافة مع الثورة السورية .

تتهم الصحافة الرسمية السورية وما يدور في فلكها من صحف وإذاعات وقنوات فضائية بقية العالم بالتآمر عليها مع ما تسميه القوى الرجعية في الخليج العربي (قطر والسعودية) والصهيونية والامبريالية. وهذه التآمر يتمثل في تضليل المشاهد ومحاولة شيطنة النظام السوري الذي يتمتع بدعم شعبي منقطع النظير .

هذا الاتهام منطقي جدا في ظل التبعية العمياء للصحافة في سوريا للنظام السياسي ، لا يستغرب المتابع للصحافة العربية مواقف بعض هذه الوسائل كقناة الميادين اللبنانية أو صحيفة الأخبار اللبنانية التي لا تخفي على الإطلاق ولائها لنظام الأسد بل وتستميت في الدفاع عن هذا النظام. لكن ما يدعو الى الدهشة هو صحيفة بحجم صحيفة السفير اللبنانية التي أنها تبدو لقارئها على أنها جزء من المنظومة الإعلامية التي تدور في فلك نظام دمشق، إذ ما تزال الصحيفة مصرة على استقاء معلوماتها من مصدر واحد هو وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا ، لا ترى في ثنايا صفحاتها إلا ما يتهم المعارضة السورية أو الدول الداعمة لها وإن حدث ووجدت فيها مقالا لمعارض سوري تجد أن هذا المعارض هو إما عضو في هيئة التنسيق الوطنية أو المنبر الديموقراطي، ولا تجد فيها كاتب واحد من الداعمين للمجلس الوطني او للجيش السوري الحر.

تنتهج السفير منهجا واضحا للغاية في دعم قوى سياسية محددة دون سواها، إذ تصر صحيفة السفير على تسمية الجيش السوري الحر بقوات المعارضة المسلحة، لعدم رغبتها في الاعتراف بوجود قوة مسلحة منظمة تحت قيادة واحدة تواجه النظام إنما تحاول أن توحي للقارئ بأن هذه القوى هي مجرد جماعات متفرقة هنا وهناك.

طرحت صحيفة السفير كمثال لما لهذه الصحيفة من قراء في الشارع السوري، ولما كانت تتمتع به من مصداقية ، لكن ادعاء الحيادية الذي تدعيه السفير أصبح باطلا تماما نتيجة لما تقوم الصحيفة بنشره. وليست هي الجهة الإعلامية التي تنتهج ذات النهج، وما يبدو واضحا أن الإيديولوجية القومية العربية التي تعتنقها رئاسة تحرير الصحيفة هي ما يدفعها لاتخاذ هذا الموقف، إذ ما يزال الجزء الأكبر من القوميين العرب واليساريين مؤيدين لنظام الأسد في مواجهة الثورة السورية تحت اسم مواجهة المخططات الإمبريالية الأمريكية الصهيونية. يبدو أن هؤلاء لم يدركوا أن حقيقة ما يحدث في سوريا هو مؤامرة، نعم مؤامرة لكن على شعب كامل باسم المقاومة والممانعة ومواجهة العدو الإمبريالي الأمريكي الصهيوني، مؤامرة يقودها ببساطة سلسلة قوى هي ببساطة حزب ادعى عبر تاريخه الطويل أن الأمة العربية الواحدة هي هدفه وأنه حزب علماني تحرري لكنه في ذات الوقت يتحالف مع ايران الدولة الفارسية عدو العرب تاريخيا ذات النظام الديني المنغلق على ذاته، فعن أي أمة عربية يبحث البعث ومن لف لفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى