عندما يتحدث بشار.. سيدهشك أكثر!
سعد بن عبدالقادر القويعي
في زمن الديكتاتورية البائدة، وفي مشهد يعكس حالة اللاوعي، وعدم الحس الوطني، وتُزيف الحقائق، وتفبرك الوقائع، عن طريق نشر روح الإشاعات، وعدم المصداقية المهنية في بث الخبر، وقراءته بموضوعية، كل ذلك؛ من أجل تجميل وجه النظام القبيح، وتسويق الأكاذيب بعد تزويقها، ونشرها، وكأنها أحداث صحيحة؛ من أجل الخروج عن المألوف، عملاً بالمبدأ الميكافيلي: «الغاية تُبرر الوسيلة».
أسهب -الرئيس السوري- بشار الأسد في خطابه الطويل أمام مجلس الشعب -قبل أيام-، والذي امتد لمدة سبعين دقيقة، واحتوى سبعة آلاف كلمة؛ ليستفزنا بعد طول مكابرة، ويثير أسفنا -من خلال- اللعب على الألفاظ لبعض الجمل، والعبارات التي تغير المعنى الجوهري للمضمون، بما يخدم مصالحه، ومصالح حزبه كدولة -أولاً وأخيراً-، والمنتمية إلى فروع الأمن السوري، وفرق موته، وكتائبه الأمنية، حاملين راية: «أنهم فوق كل شيء»؛ ليلعبوا على الأوراق الداخلية، والخارجية. ومحاولة طرح الأوراق الإقليمية؛ من أجل المساومة، وإقناعنا بأن ما يجري، هو صراع بين الدولة، ومجموعات إرهابية مسلحة، حين تطرق إلى مجزرة «الحولة»، وعمليات القتل التي وقعت في مناطق أخرى، فوصفها بأنها: «مجازر بشعة، الوحوش لا تقوم بها»، وأنه شعر بالغضب لدرجة الانفجار؛ لمشاهد جثث الأطفال». ونفى مسؤولية نظامه عمّا حصل، -معتبراً- أن المجزرة جاءت في إطار: مخطط، مضيفاً: «هذا الكارت، هو الكارت الأخير بالنسبة لهم، وهو يدل على الإفلاس».
التطرف في التحليل؛ لتخويف الآخرين، وزرع اليأس في نفس المواطن السوري، والعمل على زعزعة ثقته بحاضره، ومستقبله، هو -مع الأسف- أداء إعلامه الرسمي غير المبتكر، المشهور بأساليب التضليل الإعلامي، وتزييف الحقائق، وفبركة الأدلة، -كونها- تفتقد للإرادة، والإدارة. وتخفق في التعاطي مع الملفات الساخنة، التي تشهدها الساحة السورية -منذ أكثر من ستة عشر شهراً-. والذي كان من المفترض نقل تلك الأحداث بمهنية عالية، ضمن أدواته المتاحة؛ لتقريب وجهات النظر بين مختلف شرائح المجتمع، ورأب الصدع الحاصل في وجه الوطن.
تمنيت على الرئيس السوري ألا يطلق تهديداته الخنفشارية، وتصريحاته السفسطائية. وأن يتعلّم من أخطائه السابقة التي ارتكبها، فالاحتراف يقوم على تراكم الخبرات، والحياة تتعمّق بالتعلم من التجارب السابقة. وأن يحدثنا بشفافية عن أسباب الأزمة، بدل أن يهرب من التحدث عن جرائم حزبه، أو عن ملايين الشعب السوري التي خرجت، بينما الغضب يجتاح المحافظات السورية. فالمتاجرة بشعارات الحرية، وحقوق الإنسان، ومبادئ الديمقراطية، باتت أحد وسائل الفتنة، عندما يُتاجر بها، دون تطبيق لها على أرض الواقع.
أيها الرئيس: بئس الكرسي الذي تراهن على بقائك عليه، حين يغيب الضمير، وتهون كرامة الإنسان. وبئس الإنجاز الذي حققته، عندما أردت بها قتل الحقائق في مهدها. فلم تر سوى مفاتن السلطة، وسيئات الجاثمين على صدور الناس. ولم تتورع في استخدام أقذر، وأقبح الوسائل؛ لسحق المخالفين لك، بدءاً من القتل الجماعي، وعمليات الاغتصاب، ومروراً بحرب الإبادة، وانتهاءً باستباحة القيم، والمعاهدات، والقوانين الدولية. فعن أيّ شرعية تتكلم؟، وعن أيّ مثل، وقيم إنسانية تتحدث؟، وأين أنت من احترام قرار الشعب، وخياراته؟.
الجزيرة السعودية