بيانات الانتفاضة

عندما يصبح المجلس الوطني عبئا على الثورة السورية


لم يخطر ببال أحد قط أن يتحول المجلس الوطني السوري الذي أعلن الثوار السوريون انه يمثلهم إلى عبء حقيقي يثقل على عاتق الثورة و يشدها إلى الخلف ، كان متوقعا على نطاق واسع  أن الثورة التي اشتعلت في العالم السوري كفيلة بأن  تدفع  قوى المعارضة التقليدية التي شكلت المجلس الوطني  لكي ترمي بأمراضها و عصبياتها و أدلجاتها خلفها ، بل أن تحرقها أيضا مع عالم الاستبداد الذي أحرقته الثورة إلى الأبد .

 لم يحصل هذا البتة ، و يبدو أنه ممتنع الحصول ، فالمعارضة التقليدية التي سيطرت على المجلس الوطني السوري لم تلبث  تتصارع على الهيمنة عليه منذ تأسيسه ، صراع مرير على الهيمنة يشهده هذا المجلس ، صراع يعطل  حسن الإدارة الممكن لملفات الثورة المعقدة .

لم تكن خافية ربما إرادة الهيمنة على المجلس منذ تأسيسه ، كانت متضمنة في قاعدة بنائه الأولى ، قاعدة التوافق الذي لا يشير بدلالاته إلا إلى المحاصصة التي عطلت هياكل المجلس كلها و فرغت وظيفته و خط سيره العملي من النجاح في تحقيق ما هو ايجابي و ملح للثورة ، التوافق / المحاصصة  بين قوى لم تختبر السياسة إلا في واقع افتراضي مقطوع عن صخب الحياة الاجتماعية و حيويتها أولا ، و لم تعرفها إلا بوصفها  لغة مكتوبة أو منطوقة  تضج بالمفردات و المفاهيم الكبيرة أدى إلى تشوه بنيوي في المجلس حين  ابتعد عن الديمقراطية الداخلية التي تضفي الشرعية على المراكز و البنى الأساسية فيه و تشدها إلى الأطراف و الدوائر الأكثر اتساعا  ، و إلى عقم عملي بحكم ان النافذين في صناعة القرار في المجلس قوى تقليدية لم تتعاط  السياسة أو تختبر خطاباتها السياسية  إلا في واقع افتراضي أو تبعا لظروف تفرض عليها نشاطا سريا يحجبها عن الواقع الساخن و يبعدها عن فن التعاطي العملي المنتج معه  .كل ذلك  يفسر تعطيل معظم الجسم السياسي للمجلس كما يفسر البطء في الحركة و غياب الفعالية المؤثرة في فصول الثورة بالمعنى الملموس و الخلاق و يفسر قبل ذلك التعاطي النخبوي الوصائي مع إرادة الثوار و التأخر في نقلها كما هي إلى العالم .

رغم ما سببه ذلك من تضخم الفواتير الوطنية و البشرية الباهظة ، إلا أن الوقت لم يفت بعد  ربما على المجلس لكي  يتدارك كل هذه الأخطاء ، فيستأنف العمل بشكل حثيث للتماهي مع الثورة بفعالية و سرعة و استجابة مثمرة ، إلا  ان النجاح في ذلك يتطلب من وجهة نظرنا نقضا للشروط البنائية التي قام عليها المجلس ، بكسر قاعدة التوافق / المحاصصة وإعطاء الديمقراطية قيمة مركزية للعلاقات الداخلية التي تنظم وحدته البنائية و تمفصل هياكله و تموضع مراكز الثقل فيه.

 هيئة تحرير موقع الحداثة

موقع الحداثة هو الموقع الرسمي لحزب الحداثة و الديمقراطية لسورية

www.hadatha4syria.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى