عن مفاوضات جنيف –مقالات مختارة-
مشروع دي ميستورا للإبقاء على الأسد
خاص، جنيف – العربي الجديد
هذه هي الوثائق السريّة التي قدمها المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى مجلس الأمن قبل أشهر، تحت مُسمى “التوصية الأولى”، وهي حول “مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف”، والتي ترافقت مع مجموعات العمل الأربع، ورفض حينها الائتلاف السوري في بيان مشترك مع الفصائل العسكرية المعارضة، المشاركة فيها.
وتنص الفقرة (51) من الملحق الرابع للتوصية بشكل صريح على بقاء (الرئيس السوري) بشار الأسد، وتقول الفقرة: “علاوة على ذلك، فإن وجود المرحلة التحضيرية يسمح ضمنياً باحتمال استمرار الرئيس في ممارسة بعض المهام خلال هذه الفترة، على الرغم من أن المسؤوليات الأساسية مثل الإشراف على الشؤون العسكرية والأمنية ستتولاها منذ البداية هيئة الحكم الانتقالي (والتي تكون الحكومة الحالية ممثلة فيها)”.
وقال المصدر الذي سلمَ الوثيقة، لـ “العربي الجديد”، إنّ فرنسا هي الدولة الوحيدة الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي رفضت الوثيقة، وبناء على ذلك وضع دي ميستورا مسودة جديدة حذف فيها الفقرة (51) وبعض الأمور الأخرى ليجعل مصير الأسد غامضاً في الدراسة الثانية عبر ذكر “الحفاظ على الصلاحيات البروتوكولية” للرئيس، والتي تم تسليمها فيما بعد للأطراف السورية في ورقتين، والتي تم تسريبها.
وهذا ما يفسر رفض المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي (الممثل بالائتلاف الوطني) لمجموعات العمل الأربع في ذاك الوقت، وأضاف المصدر ذاته، أنّ هناك انطباعاً لدى المعارضة السورية المشاركة في مفاوضات جنيف حالياً، أن المبعوث الدولي يسعى لإيصال نتائج المفاوضات إلى صيغة الإطار العام التنفيذي المذكورة في الوثيقة.
وأشار المصدر، إلى أن هذا الانطباع سائد منذ بدء الجولة الأولى من المفاوضات، وزاد على ذلك رغبة دي ميستورا بتعدّد الوفود الناطقة باسم المعارضة لتمييع الموقف، وتمرير قرارات عدّة لا تقبل بها الهيئة العليا للمفاوضات.
وتنص “مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف”، على أربع مراحل لتحقيق الحل السياسي في سورية، الأولى: “تكون عبر الدعم الدولي والإقليمي لجهود المبعوث الدولي وتوفير منصة سياسية لمناقشة التسوية السياسية والحرب على الإرهاب. والثانية هي مرحلة التفاوض سواء من خلال المحادثات غير المباشرة أو المفاوضات المباشرة وبالمساعدة الفعالة من الأمم المتحدة.
أمّا المرحلة الثالثة وهي “الانتقال” عبر تشكيل هيئة حكم انتقالية، فتكون قسمين: الأولى تحضيرية والثانية كاملة، تتمتع هيئة الحكم الانتقالي بسلطات تنفيذية كاملة (مع إمكانية استثناء السلطات البروتوكولية)، في حين تنص المرحلة الرابعة والأخيرة وهي الحالة النهائية، على تطبيق مخرجات الحوار الوطني والمراجعة الدستورية، وتجرى انتخابات تشريعية ورئاسية برعاية الأمم المتحدة وبدعم فني. وسيأذن ذلك ببداية مرحلة جديدة في سورية تتمتع فيها بالسلام. وتبقى المبادئ الأساسية المحدّدة في الاتفاق المؤقت سارية بوصفها جزءاً من الدستور.
وفيما يلي النص الحرفي لوثيقة دي ميستورا:
التوصية الأولى
مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف
أولاً: الدعم الدولي والإقليمي
- تحظى جهود المبعوث الخاص بدعم آلية دولية وإقليمية، ويمكن للمبعوث الخاص أن يشرك بشكل خاص القوى الدولية والإقليمية الكبرى بالطريقة والوقت الذي يجده مناسباً.
- قد يطلب من أولئك اللاعبين تنسيق الدعم السياسي لجهود المبعوث الخاص وتوظيف علاقاتهم بالأطراف السورية لتعزيز جاهزيتهم لتطبيق الالتزامات والواجبات ودفع التسوية السياسية وتوفير منصة لمناقشة التسوية السياسية والحرب على الإرهاب، ودعم تطبيق الاتفاق المؤقت بمجرد التوصل إليه. ومع تطور الديناميات الإقليمية يمكن تشكيل مجموعة اتصال.
ثانياً: مرحلة التفاوض
- تكون المفاوضات التي يجريها المبعوث الأممي الخاص سواء من خلال المحادثات غير المباشرة أو المفاوضات المباشرة وبالمساعدة الفعالة من الأمم المتحدة، مبنيةً على بيان جنيف والإطار التنفيذي، وتهدف إلى التوصل لاتفاق مؤقت خلال (عدد متفق عليه) من الأشهر. ويجب أن يتمتع هذا الاتفاق المؤقت بصفة دستورية وأن يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار بين أطراف الاتفاق والتعاون والدمج بين القوى المتحاربة (بما في ذلك في سبيل محاربة المنظمات الإرهابية)، وإصلاحاً للقطاع الأمني، ومبادئ أساسية ليتم تطبيقها على امتداد المرحلة الانتقالية وفي سورية المستقبل ما بعد المرحلة الانتقالية، وتشكيل سلطات انتقالية، وإجراءات لتسهيل عودة اللاجئين والنازحين الطوعية. وتكون هذه عملية يقودها ويملكها السوريون وتستند إلى القرار السوري.
- منذ بداية المحادثات، ومن قبيل إجراءات لبناء الثقة (انظر الملحق رقم 1) تلتزم الأطراف بالامتناع عن استخدام أساليب الحرب المحظورة بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة، وأي نوع من الأسلحة الكيماوية وأية وسيلة من وسائل الإرهاب، على سبيل المثال لا الحصر. كما تسمح الأطراف أيضاً بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود. ويمكن الاتفاق على إجراءات إضافية لبناء الثقة بما في ذلك على سبيل المثال الإفراج عن المعتقلين السياسيين ووقف عمل محكمة الإرهاب. وستراجع مجموعة الاتصال احترام الأطراف لهذه الالتزامات.
- ولتسهيل بناء الثقة خلال العملية الانتقالية، وفي الحالة النهائية التي تعقب الانتقال، وخلال الاتفاق المؤقت، فإنها ستتبنى وتحترم مجموعة من المبادئ الأساسية (انظر الملحق رقم 2). وتتضمن هذه المبادئ الأساسية: سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها، ومبدأ لا غالب ولا مغلوب، ومبدأ الدولة اللاطائفية، التعددية الديموقراطية متعددة الأحزاب المبنية على الشمول والتمثيل (انظر الملحق رقم 3) والمواطنة، ومبدأ المساواة في الوصول إلى الخدمات العامة، ومبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان والمساءلة.
- إذا لم تتوصل الأطراف إلى اتفاق مؤقت بعد (س) شهراً، يقيم المبعوث الخاص الوضع ويتشاور مع مجموعة الاتصال. ويمكن للأمين العام تقديم التوصيات التي يراها مناسبة لمجلس الأمن.
ثالثاً: الانتقال
- يكون الالتزام (وتطبيق) وقف إطلاق النار المستدام أساسياً للمشاركة في المؤسسات الانتقالية. ويتضمن وقف إطلاق النار الدائم تعريفاً وبرنامجاً زمنياً لوقف الدعم وسحب جميع المقاتلين الأجانب.
- تمتد المرحلة الانتقالية التحضيرية (انظر الملحق رقم 4) لمدة (س) شهراً. وخلال المرحلة التحضيرية، تتمتع هيئة الحكم الانتقالي بسلطات تنفيذية محددة، وفي المرحلة الانتقالية الكاملة، والتي تمتد (س) شهراً، تتمتع هيئة الحكم الانتقالي بسلطات تنفيذية كاملة (مع إمكانية استثناء السلطات البروتوكولية).
- وتكون هيئة الحكم الانتقالي (انظر الملحق رقم 5) انعكاساً للشعب السوري على أساس غير طائفي ولا تمييزي. وتتكون من ممثلين من الحكومة، والمعارضة، وممثلين للمجتمع المدني غير مرتبطين لا بالحكومة ولا المعارضة.
- وتتمتع هيئة الحكم الانتقالي منذ لحظة تأسيسها بسلطة كاملة على جميع الشؤون العسكرية والأمنية وتشرف على المجلس العسكري المشترك (انظر الملحق رقم 6). وتضمن هيئة الحكم الانتقالي حماية جميع المواطنين، وإيصال المساعدات الإنسانية، وتدعو المجتمع الدولي للمساعدة في محاربة المنظمات الإرهابية (انظر الملحق رقم 7).
- سيعمل المجلس العسكري المشترك على التنسيق مع الهيكليات العسكرية المحلية القائمة. وسيتضمن ممثلين عن الأطراف المقاتلة التي تتمتع بوجود معتبر. وستعمل بمثابة منصة لقيادة جميع العمليات العسكرية للأطراف، وتضمن احترام وقف إطلاق النار بين الأطراف والمعركة المشتركة ضد المنظمات الإرهابية واستعادة سلامة أراضي سورية.
- سيعمل المجلس العسكري المشترك مع الهيكليات العسكرية المحلية القائمة، وينشئ –عند الضرورة- هيئات محلية لوقف إطلاق النار. ويكون أي تنظيم مسلح غير متضمن في المجلس العسكري المشترك ممثلاً في هيئة وقف إطلاق النار الإقليمية و/ أو المحلية.
- يكون هناك مؤتمر وطني سوري (انظر الملحق رقم 8) يتكون من أشخاص يمثلون الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. ويكون ثلث ممثلي كل مجموعة على الأقل من النساء. ويعكف المؤتمر الوطني السوري على عملية حوار وطني، كما سوف يعين هيئة لإجراء مراجعة دستورية، وسيقدم المشورة أيضاً لهيئة الحكم الانتقالي حول عملها. (سيتم تجميد مجلس الشعب خلال المرحلة الانتقالية وتضطلع هيئة الحكم الانتقالي بأية وظائف تشريعية ضرورية).
- يتم توسيع المحكمة الدستورية العليا خلال المرحلة الانتقالية بأشخاص تسميهم المعارضة وممثلين آخرين للمواطنين. ويتم إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى بحيث يكون مستقلاً. وسيتم إغلاق محاكم الإرهاب ويحال اختصاصهم القضائي إلى القضاء العادي.
- تعين هيئة الحكم الانتقالي لجنة مستقلة لوضع مسودات المقترحات التي تقدم إلى الحوار الوطني الذي يجريه المؤتمر الوطني السوري (أو تسلم إلى هيئة الحكم الانتقالي) لوضع برنامج للعدالة الانتقالية، والمساءلة والمصالحة بما ينسجم مع المعايير والأعراف الدولية (انظر الملحق رقم 9).
- تعمل هيئة الحكم الانتقالي على تنظيم ولاية المجالس المحلية وهيكليتها وتشكيلها في المناطق التي لا تتوفر فيها حوكمة محلية فعالة و/ أو خدمات عامة (انظر الملحق رقم 10).
- سيتم الحفاظ على مؤسسات الدولة وإصلاحها بما في ذلك الجيش والقطاع الأمني والقضائي بما يضمن المهنية وتعزيز التنوع (انظر الملحق رقم 11).
- لن تكون هناك عملية لاجتثاث البعث. ومن أجل بناء الثقة بالعملية، سيتضمن الاتفاق المؤقت قائمة متفقاً عليها من الأطراف من (120) اسماً للأشخاص الذي لا يمكن أن يستلموا مناصب رسمية نظراً لدورهم في الصراع. (ويتم إغلاق مؤسسات استخباراتية محددة).
- تعمل لجنة خاصة بالمعتقلين والمفقودين على الإفراج الفوري عن المعتقلين ذوي الصلة والبحث عن الأشخاص المفقودين. وتتشكل اللجنة من ممثلين تسميهم الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.
- يعمد المجتمع الدولي إلى رفع كافة العقوبات الاقتصادية خلال المرحلة الانتقالية. كما يقدم أيضاً مساهمات معتبرة لعودة اللاجيئن والنازحين وإعادة بناء سورية اقتصادياً وإعادة تنميتها.
- يساعد المجتمع الدولي الأطراف السورية على ضمان انسحاب جميع المقاتلين الأجانب. وسيساعد المجتمع الدولي هيئة الحكم الانتقالي بناء على طلبها في محاربة المنظمات الإرهابية الموجودة في سورية.
- تساعد بعثة الأمم المتحدة في دعم تطبيق الاتفاق المؤقت (ويمكن أن يتضمن ذلك دعم أو مراقبة وقف إطلاق النار).
رابعاً: الحالة النهائية
- في نهاية المرحلة الانتقالية، يتم تطبيق مخرجات الحوار الوطني والمراجعة الدستورية، وتجرى انتخابات تشريعية ورئاسية برعاية الأمم المتحدة وبدعم فني. وسيأذن ذلك ببداية مرحلة جديدة في سورية تتمتع فيها بالسلام. وتبقى المبادئ الأساسية المحددة في الاتفاق المؤقت سارية بوصفها جزءاً من الدستور.
التوصية الأولى، الملحق الأول
إجراءات بناء الثقة
مقدمة
- تقترح مسودة الإطار التنفيذي طيفاً واسعاً من اجراءات بناء الثقة المصممة لخلق ثقة أكبر بين الأطراف في العملية وبالالتزام عن حسن نية من الطرف/ الأطراف الأخرى بالتوصل إلى اتفاق سياسي وتنفيذه. وتتم معايرة هذه الإجراءات بحيث تعالج المسائل الأساسية المتعلقة بالثقة والتي يمكن أن تظهر خلال كل مرحلة من العملية ولتحفيز التقدم في العملية الانتقالية وعلى الأخص مساهمة المجتمع الدولي. وتخضع إجراءات بناء الثقة هذه للقرار السوري.
المرحلة التفاوضية
- يمثل الوضع على الأرض العقبة الأولى في إطلاق العملية التفاوضية، ولايمكن أن تثق الأطراف بالتزام بعضها الآخر بالتوصل إلى حل تفاوضي إن كانت تستخدم أساليب الحرب المحظورة. وعليه، فإن الإجراء الأول المقترح لبناء الثقة هو التزام الأطراف بالامتناع منذ بداية العملية التفاوضية عن استخدام اساليب الحرب المحظورة بما فيها استخدام البراميل المتفجرة، وأي نوع من الأسلحة الكيماوية، وأية وسيلة من وسائل الإرهاب. ويمكن الاتفاق على إجراءات إضافية لبناء الثقة مثل الإفراج عن المعتقلين السياسيين، ووقف عمل محاكم الإرهاب في الدولة، ووسيلة لمعالجة الوثائق المفقودة في سورية. وتراجع مجموعة الاتصال حترام الأطراف لإلتزاماتها من أجل ثقة أكبر.
المبادئ الأساسية
- لتسهيل بناء الثقة في العملية الانتقالية وكذلك بعدها في الدولة النهائية، سيتبنى الاتفاق المؤقت مجموعة من المبادئ الأساسية ويحترمها، بحيث تكون سارية خلال المرحلة الإنتقالية ومابعدها. وتكون هذه المبادئ الأساسية مصممة ليس فقط لتحديد الأرضية المشتركة بين الأطراف فيما يتعلق بالقيم الأساسية، بل لإعطاء التطمنيات كذلك لكل الأطراف بأنه وبغض النظر عن حصتهم من السلطة خلال المرحلة الانتقالية وبغض النظر عن الأحداث الملتبسة في هذه الفترة، فإن مبادئ وقيماً معينةً وإجراءات حماية تحافظ على مصالحهم ستسمر خلال المرحلة الانتقالية وبعدها.
وقف إطلاق النار
- سيتزامن دخول الاتفاق المؤقت حيز التنفيذ مع بدء وقف إطلاق النار الدائم بين الأطراف الموقعة. ويجب أن يمكن وقف إطلاق النار الأطراف من محاربة المنظمات الإرهابية المحددة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
- لزيادة احتمالية احترام وقف إطلاق النار يتخذ عدد من الإجراءات:
أ. يحق للأطراف التي تلتزم بوقف إطلاق النار فقط المشاركة في المؤسسات الانتقالية.
ب. يشرف تواجد دولي بتكليف من الأمم المتحدة على تنفيذ وقف إطلاق النار.
ج. يشرف المجلس العسكري المشترك مدعوماً بهيئات لوقف إطلاق النار على تنفيذ وقف إطلاق النار.
د. في حال وقوع خرق ملموس لوقف إطلاق النار، تناقش هيئة الحكم الانتقالي العواقب المحتملة.
ه. تعمل مجموعة الاتصال على مراجعة تنفيذ الاتفاق المؤقت ككل، بما في ذلك وقف إطلاق النار .
المرحلة الانتقالية التحضيرية
- خلال المرحلة الانتقالية التحضيرية، من المهم تضمين اجراءات بناء ثقة تعزز ثقة الشعب باستدامة السلام واقتناعهم ببنود الاتفاق ودعم تنفيذها (بما في ذلك من خلال عدم دعم المخربين المحتملين، والمساهمة بشكل فعال بالمعلومات التي تقود إلى إدارة وجود المخربين). وتسعى بعض الإجراءات الواردة أدناه لزيادة الثقة بين أطراف الاتفاق، وبعضها يزيد الثقة بين هيئة الحكم الانتقالي والشعب.
- تمارس هيئة الحكم الانتقالي خلال المرحلة الانتقالية التحضيرية سلطات تنفيذية محددة، بينما تتولى حكومة تصريف أعمال باقي السلطات التنفيذية والتي من شأنها –بين أشياء أخرى- ضمان استمرارية تقديم الخدمات العامة. و تعمل هذه المواد على بناء الثقة بين الأطراف:
أ. من خلال السماح بانتقال السلطة بشكل أكثر سلاسة في المرحلة الانتقالية بهدف تسهيل استمرار تقديم الخدمات العامة.
ب. من خلال السماح لهيئة الحكم الانتقالي بتطوير خبرة أكبر في ممارسة السلطات المحددة الموكلة إليها في المرحلة الانتقالية، قبل تولي كامل السلطات في المرحلة الانتقالية الكاملة.
- يهدف الإنشاء الفوري للجنة المعتقلين والمختفين إلى تقديم نتائج ملموسة مباشرة تساعد السوريين على الثقة بتحقيق انتقال حقيقي. وتوكل لهذه اللجنة مهمة مراقبة مراكز الاحتجاز ومتابعة الإفراج عن المعتقلين والمفقودين.
- وتهدف إجراءات بناء الثقة الأخرى إلى ضمان أن جميع من يتصرف بحسن نية سيكون له مكان في مستقبل سورية:
أ. واحدة من المواد الأساسية الموجهة للحكومة وداعميها تشير بما لا يقبل الشك بأنه لن تكون هناك عملية اجتثاث للبعث
ب. يمكن أن تتضمن تفاصيل المبادئ الأساسية (الواردة أعلاه) مواد فيها التالي:
- يكون للمواطنين السوريين والسلطات المحلية صوت في وضع السياسات الوطنية،
- تطبق قواعد القرار بالأغلبية الخاصة فيما يتعلق بالإجراءات التشريعية والتنفيذية التي تؤثر على مكونات بعينها في المجتمع السوري.
- نظام انتخابي يضمن التمثيل الفعال للمكونات المختلفة للمجتمع السوري، بما فيها النساء.
- تتضمن إجراءات بناء الثقة الإضافية، الموجهة إلى المعنيين برؤية تغيير حقيقي، بما في ذلك المدنيين، ضمان توقف انتهاكات حقوق الإنسان والمساءلة على الجرائم المرتكبة خلال فترة النزاع :
أ. يمكن أن تنص مسودة الإطار على إغلاق مؤسسات محددة لإظهار النتائج المباشرة للتوقيع على اتفاق مؤقت.
ب. تنص مسودة الإطار التنفيذي بأنه يجب أن يكون هناك عملية عدالة انتقالية، وإن كانت تنص في الوقت ذاته بأنها يجب أن توضع من قبل السوريين، وبأنها ستدخل حيز التنفيذ فقط بعد أن يتم نقاشها وتبنيها من قبلهم خلال المرحلة الانتقالية.
مساهمات وتطمينات المجتمع الدولي
- تضمين مواد تذكر بوضوح بأنه من المتوقع من المجتمع الدولي العمل على بناء الثقة بين الأطراف والمواطنين السوري بالدعم الفعال لعملية السلام ولإعادة إعمار سوريا من قبل الأمم المتحدة، ومجموعة الاتصال، واللاعبين الأساسيين الخارجيين في الاقتصاد والسياسة.
- تطالب مسودة الإطار التنفيذي المجتمع الدولي بدعم اجراءات بناء ثقة توفر مكاسب وتخلق الثقة في العملية (بينما يقومون بشكل عملي بتسهيل استعادة سورية) من خلال رفع العقوبات الاقتصادية في المرحلة المناسبة، مع تقديم مساهمات معتبرة في الوقت نفسه لعودة اللاجئين والنازحين وإعادة إعمار سورية وتنميتها.
- ويطلب من المجتمع الدولي أيضاً مساعدة الأطراف السورية في ضمان انسحاب كل المقاتلين الأجانب ومساعدة هيئة الحكم الانتقالي بطلب منها في محاربة المنظمات الإرهابية الموجودة في سورية.
- تتطلب مسودة الإطار التنفيذي استمرار التزام الأمم المتحدة من خلال انشاء بعثة للأمم المتحدة لدعم تنفيذ الاتفاق المؤقت (والتي قد تكون امتداداً للتواجد الأممي الخاص بمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار أو غير ذلك).
التوصية الأولى، الملحق الثاني
المبادئ الأساسية
- وفقاً للفقرة الخامسة للمسودة، من المقترح تضمين مبادئ أساسية حول الجوهر والعملية في الاتفاق المؤقت وذلك ليتم تطبيقها خلال المرحلة الانتقالية وفي الحالة النهائية التي تتبع انتهاء المرحلة الانتقالية.
- تهدف المبادئ الأساسية لتقديم تطمينات للسوريين من خلال الإشارة إلى القاعدة التي تستند إليها العملية الانتقالية وتقديم رؤية للحالة المستقبلية النهائية لسورية. بحيث تعكس المبادئ الأساسية جوانب في الإجراءات والمضمون.
- يأمل أن تقدم المبادئ الأساسية من بين أشياء أخرى تطمينات بأن المرحلة الانتقالية غير راجعة، وبأنها تسعى لمعالجة أخطاء وإساءات الماضي من خلال الحفاظ على مؤسسسات الدولة وإصلاحها، وبأنها انعكاس للتنوع المجتمعي الذي تتكون منه سوريا وبأنها تعطي دوراً لكل السوريين في دولتهم المستقبلية، على أساس المساواة، التضمين، مع آليات لاحترام حقوق الإنسان وكرامته، وحقه في المشاركة الكاملة في العمليات السياسية.
- تستند بعض المبادئ الأساسية المذكورة أدناه إلى بيان جنيف بينما الأخرى قد حددت المبادئ الأخرى بشكل أكبر من خلال مشاورات جنيف كما عبر عنها السوريون.
- من المقترح طرح المبادئ الأساسية التالية لدراستها من قبل الأطراف:
المبادئ العامة
أ. سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.
ب. سورية واحدة لكل السوريين: لا غالب ولا مغلوب.
ج. دولة غير طائفية، تعددية، ديمقراطية، ذات أحزاب متعددة ترتكز إلى احترام سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والتضمين، والمواطنة، والعيش المشترك، واحترام الكرامة والتنوع، وعدم التمييز، والمساواة في الحقوق بين النساء والرجال، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية الاعتقاد، وحرية التجمع السلمي، وتكافؤ الفرص.
د. لا يمكن التراجع عن الانتقال وإحالة الصلاحيات.
مبادئ تتعلق بطبيعة مؤسسات الدولة
أ. المحافظة على المؤسسات الحكومية وإصلاحها ولكن بالحد الأدنى من التغيير الضروري لضمان انسجام هذه المؤسسات مع المبادئ المذكورة أعلاه.
ب. ضمان شرعية ودستورية هذه المؤسسات بالقدر الممكن.
ج. تخضع كل مؤسسات الدولة للسلطة المدنية بما فيها القوات المسلحة والقطاع الأمني.
د. احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان مع نظام للعدالة الانتقالية يقوده السوريون ويملكون زمامه بما في ذلك المحاسبة، وجبر الضرر، والمصالحة.
ه. إنشاء قضاء مستقل ومتضمن للجميع.
و. إتاحة الوصول المتساوي للخدمات العامة، والمساواة في التعيين ضمن القطاع العام مع مراعاة الجدارة، والتضمين والتمثيل. وتقدم السلطات العامة بما فيها الشرطة خدماتها لكافة الجماعات بعدل ومساواة.
المبادئ المتعلقة بالتضمين والتمثيل
ز. يجب أن يشارك المواطنون السوريون والسلطات المحلية في صياغة السياسات المحلية والوطنية.
ح. تطبق قواعد القرار بالأغلبية الخاصة فيما يتعلق بالإجراءات التشريعية والتنفيذية التي تؤثر على مكونات بعينها في المجتمع السوري.
ط. نظام انتخابي يضمن التمثيل الفعال للمكونات المختلفة للمجتمع السوري، بما في ذلك النساء.
الوصية الأولى، الملحق الثالث
التمثيل والتضمين
أولاً: الضمانات والتطمينات للأقليات
الافتراضات الأساسية
- خلال مشاورات جنيف، كرر المشاركون السوريون بأنهم لايريدون إنشاء نظام طائفي (كما في العراق ولبنان).
- مع ذلك يعكس الوضع على الأرض تزايداً في تطييف الصراع.
- بالإضافة إلى ذلك، وبحسب التركيبة السكانية للمجتمع السوري (أغلبية مزدوجة للعرب والسنة) فإن تبني الأغلبية البسيطة بوصفه آلية لاتخاذ القرار سيزيد من خطر أن لا يسمع للمجتمعات الأصغر صوت، بما في ذلك في الأمور التي تعنيهم بشكل خاص.
مواد مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف
- في سبيل تقديم الضمانات والتطمينات للمجتمعات الأصغر من دون تبني التمثيل النسبي على أساس طائفي، تقترح مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف الإجراءات التالية، والتي تخضع جميعها لما يقرره السوريون:
أ. المفاوضات الشاملة: سيتم إثراء المفاوضات التي ستقود إلى الاتفاق المؤقت من خلال المشاورات المكثفة مع المجتمع المدني، والمواطنين غير المرتبطين، بما يعكس كل مكونات المجتمع السوري، بما فيهم النساء، والشباب والنازحون واللاجئون.
ب. المبادئ الأساسية بما فيها الدولة غير الطائفية،والتعددية، والديمقراطية، ومتعددة الأحزاب والمبنية على التضمين والمواطنة.
ج. السلطات الانتقالية المبنية على التضمين والتمثيل:
- تكون هيئة حكم انتقالي (ورئاستها) شاملة وتمثيلية بما يعكس الشعب السوري على أساس غير طائفي أو تمييزي. وتتضمن هذه الهيئة (ورئاستها) ممثلين عن الحكومة، والمعارضة، والمواطنين غير المنحازين. حيث تخصص نسبة من المقاعد للمواطنين غير المنحازين لتجاوز خطر أن تقترح الحكومة والمعارضة أعضاء غير ممثلين وغير شاملين في قوائمها. وسيتم اختيار هؤلاء وفق نظام مختلط يتضمن التسمية من قبل عدة مكونات مجتمعية وكذلك التعيين من قبل المبعوث الخاص.
- مؤتمر وطني سوري تمثيلي وشامل.
- مشاركة المجتمعات الأصغر في مجلس عسكري مشترك وهيئة وقف إطلاق النار. بحيث يكون المجلس العسكري المشترك وهيئة وقف إطلاق النار ممثلين للتنوع السوري.
د. إصلاح مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش والقطاع الأمني الأوسع والقضاء بغرض تعزيز التنوع بين أهداف أخرى.
ذ. تطبيق قواعد القرار بالأغلبية الخاصة فيما يتعلق بالإجراءات التشريعية والتنفيذية التي تؤثر على مكونات بعينها في المجتمع السوري.
ثانياً: تمثيل النوع الاجتماعي
- تقترح مسودة الإطار التفنيذي لبيان جنيف أن تمثل النساء على الأقل ثلث الممثلين في المؤتمر الوطني السوري وهيئة الحكم الانتقالي.
التوصية الأولى، الملحق الرابع
المرحلة التحضيرية
- عند توقيع الاتفاق المؤقت، تبدأ المرحلة التحضيرية للانتقال وتستمر هذه المرحلة عدداً من الأشهر (مثلاً: خمسة)، وتتبعها مرحلة انتقالية كاملة.
- تنشأ المؤسسات الانتقالية خلال المرحلة التحضيرية، ويستغرق تشكيل مؤسسات جديدة وإعادة تأسيس المؤسسات الموجودة بعض الوقت بالضرورة. وستواجه مؤسسات مختلفة تعقيدات مختلفة وبعضها قد يستغرق تشغيله وقتاً أطول من البعض الآخر. لذا تعتمد مدة المرحلة التحضيرية على اعتبارات عملية وسياسية. ويخضع مفهوم المرحلة التحضيرية، المواضيع التي تعالجها، ومدتها للقرار السوري.
- تختلف المرحلة التحضيرية عن المرحلة الانتقالية الكاملة في ثلاثة مناحي:
أ. في المرحلة التحضيرية يتم انشاء المؤسسات الانتقالية، ولكن لأسباب عملية قد لا تكون كل هذه المؤسسات كاملة التشغيل بعد لإتاحة الوقت اللازم لإنشاء وتشغيل المؤسسات الجديدة. وفي المرحلة الانتقالية الكاملة ستكون المؤسسات الانتقالية كاملة التشغيل.
ب. في المرحلة التحضيرية، تكون لهيئة الحكم الانتقالي سلطات تنفيذية محددة، مع إحالة بعض السلطات التنفيذية إلى جهة أخرى. وفي المرحلة الانتقالية الكاملة تملك هيئة الحكم الانتقالي وتمارس سلطات تنفيذية كاملة.
ج. في المرحلة التحضيرية، يمكن أن تكون السلطات التنفيذية التي لا تمتلكها هيئة الحكم الانتقالي بيد السلطات السورية. ويمكن اعتبار هذه السلطات حكومة “تصريف الأعمال” فيما يخص السلطات التي لم تستلمها هيئة الحكم الانتقالي بعد. أما في المرحلة الانتقالية الكاملة فلن يكون هناك حكومة “تصريف أعمال”.
- منذ لحظة إنشائها في بداية المرحلة التحضيرية للمرحلة الانتقالية، تتولى هيئة الحكم الانتقالي من بين أشياء أخرى:
أ. ممارسة السلطة العليا على كل الأمور العسكرية والأمنية بما فيها الإشراف على المجلس العسكري المشترك.
ب. التخطيط والمساعدات الدولية.
ج. الشؤون الخارجية.
ج. الداخلية.
د. المؤسسات التي قامت بارتكاب خروقات لحقوق الإنسان.
ذ. ضمان حماية كل المدنيين وعلى الأخص المجموعات الهشة.
ر. ازالة العوائق أمام وصول المساعدات الإنسانية.
ز. دعوة المجتمع الدولي للمساعدة في محاربة المنظمات الإرهابية المحددة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
س. تمتلك السلطة على الموازنة الضرورية لممارسة وظائفها.
ش. (خيار: أن يكون لها السلطات التشريعية التي كانت لدى مجلس الشعب).
- يمكن تغيير أو توسيع القائمة السابقة للسلطات خلال المرحلة التفاوضية. ويجب أن يتضمن الاتفاق المؤقت قائمة شاملة لكل سلطات هيئة الحكم الانتقالي في المرحلة التحضيرية.
- تتولى السلطات السورية التي تعمل كحكومة تصريف أعمال بسلطات محدودة الصلاحيات التي لم تذكر في قائمة الاتفاق المؤقت على امتداد المرحلة التحضيرية. ويمكن أن ترتبط هذه الصلاحيات على وجه الخصوص تقديم الخدمات العامة، بما فيها على سبيل المثال لا الحصر الماء والكهرباء، النقل، والخدمات الاقتصادية.
- سيكون وجود هيئة الحكم الانتقالي الناشئة مع حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات إشكالياً بطبيعته. ورغم ذلك قد وجودهما معاً ضرورياً لعدة أسباب، أحدها هو الحاجة لضمان عدم انقطاع تقديم الخدمات العامة.
- سبب آخر لوجودهما معاً في المرحلة التحضيرية هو توفير سلاسة أكبر في عملية الانتقال إلى تقاسم السلطة الموجود بشكل طبيعي في هيئة الحكم الانتقالي التي قررها بيان جنيف. إن الاستمرار المؤقت لعناصر من الحكومة السورية بعد توقيع الاتفاق المؤقت قد يجعل تطبيق بيان جنيف أكثر قبولاً.
- علاوة على ذلك،فإن وجود المرحلة التحضيرية يسمح ضمنياً باحتمال استمرار الرئيس في ممارسة بعض المهام خلال هذه الفترة، رغم أن المسؤوليات الأساسية مثل الإشراف على الشؤون العسكرية والأمنية ستتولاها منذ البداية هيئة الحكم الانتقالي (والتي تكون الحكومة الحالية ممثلة فيها).
التوصية الأولى، الملحق الخامس
هيئة الحكم الانتقالي
بحسب بيان جنيف، فإنّ هيئة الحكم الانتقالي تهدف إلى انشاء بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية وتمارس سلطات تنفيذية كاملة.
تطرح ورقة المفهوم هذه مجموعة من الخيارات فيما يتعلق بإنشاء وعمل هيئة الحكم الانتقالي، بالإضافة إلى علاقتها بالمؤسسات الانتقالية الأخرى ومؤسسات الدولة القائمة. وتخضع الصيغة المقترحة أدناه لبنية، ودور هيئة الحكم الانتقالي للقرار سوري. ويشير الخيار الأول على امتداد الوثيقة ” إلى الخيار الأكثر تفضيلاً بينما يقدم النص (بين القوسين) شرحاً للخيار المقترح، وإيجابياته وسلبياته.
وقد اعتمدت المعايير التالية في اقتراح الحل الأنسب لكل ناحية من نواحي تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، وعملها، وعلاقتها بباقي المؤسسات:
- الوضوح: فيما يتعلق بتقسيم السلطات والمسؤوليات (للحد من خطر التداخل أو الخلاف على التفسير، وتجنب تنازع الاختصاصات بين هيئة الحكم الانتقالي والحكومة أو المؤسسات الانتقالية).
- الدستورية: حيث تبقى الحاجة للالتزام ما أمكن بالدستور السوري.
- التجانس: مع نص بيان جنيف.
- الواقعية: الحاجة لأخذ الوضع على الأرض بعين الاعتبار إلى الحد الممكن.
التأسيس
- سيؤسس الاتفاق المؤقت هيئة حكم انتقالي، وتمثل هيئة الحكم الانتقالي الشعب السوري على أساس غير طائفي وغير تمييزي.
- يتم إنشاء هيئة الحكم الانتقالي في أسرع وقت ممكن بعد توقيع الاتفاق المؤقت، خلال مدة لا تتجاوز، 2-3 أسابيع.
العلاقة مع المؤسسات الانتقالية الأخرى
- يؤسس الاتفاق المؤقت “سلطة انتقالية” تتألف من هيئة الحكم الانتقالي والمجلس العسكري المشترك، والمؤتمر الوطني السوري.
- بموجب هذا الاتفاق، تتولى هيئة الحكم الانتقالي السلطات التنفيذية الكاملة وتعمل بمثابة حكومة، فيما يتولى المجلس العسكري المشترك الأمن، ويقود المؤتمر الوطني السوري المراجعة الدستورية والحوار الوطني. ويعمل المجلس العسكري المشترك تحت سلطة هيئة الحكم الانتقالي، أما المؤتمر الوطني السوري فعمله شبه تشريعي وله دور استشاري.
- يضع هذا الترتيب كل القرارات الأساسية للمرحلة الانتقالية ضمن اختصاص ومسؤولية هيئة الحكم الانتقالي.
- إن كان اعطاء هذا الترتيب اسماً غير هيئة الحكم الانتقالي (مثل حكومة وحدة وطنية انتقالية) يسهل تبنيها من قبل أحد الأطراف فيجب اتباع ذلك.
تسلسل الانتقال/ نقل السلطات
- خلال المرحلة التحضيرية، يكون لهيئة الحكم الانتقالي سلطات محدودة. في المرحلة الانتقالية الكاملة، والتي تستمر لما يصل لخمسة عشر شهراً، يكون لهيئة الحكم الانتقالي سلطات تنفيذية كاملة. (وتتضمن السلطات التي يجب أن تنتقل فوراً السلطة على القوات الأمنية والعسكرية، والشؤون الخارجية، والدعم الدولي، والسلطات الضرورية لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية الفوري وغير المعرقل، وسلطة الموازنة والتحكم بالمؤسسات المالية بما فيها البنك المركزي.
الموافقة المتبادلة
- ستتكون هيئة الحكم الانتقالي من ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمواطنين غير المرتبطين مع أي منهما.
- بموجب بنود بيان جنيف، يجب تحديد عضوية هيئة الحكم الانتقالي بالموافقة المتبادلة. وتستند الموافقة المتبادلة إلى مجموعة من معايير الأهلية. (ومع هذا فلا بد لطرف ثالث مثل المبعوث الدولي أو مجموعة الاتصال الدولية- أن يتولى مراقبة احترام هذه المعايير) (ترد مناقشة معايير الأهلية هذه في القسم التالي).
التشكيل
- تخصيص المقاعد: ستقسم المقاعد في هيئة الحكم الانتقالي حسب الصيغة التالية: 40 في المائة لكل من الحكومة والمعارضة، و20 في المائة للمواطنين غير المنتمين. يأخذ هذا بعين الاعتبار السلطة النسبية للفاعلين المختلفين على الأرض، وصعوبة المساومات بين الشرائح المختلفة من المعارضة (كلما كانت حصة المعارضة أكبر كلما كانت المساومات أسهل)، والحاجة إلى التضمين والتمثيل (تخصيص مقاعد للمواطنين غير المنتمين هي آلية لمعالجة اختلال التوازن جزئياً (مثلاً، تمثيل المكونات).
- معايير الأهلية: للترشح لهيئة الحكم الانتقالي يجب أن يكون الأفراد:
أ. لا ينتسبون (أن يكونوا نأوا بأنفسهم عن) أي من المنظمات المسماة “إرهابية” حسب قرارات مجلس الأمن المعرفة في قرارات مجلس الأمن 2170 (2014) و2178 (2014).
ب. ليسوا ضمن قائمة الأسماء المتوافق عليها في الاتفاق المؤقت والتي لا يجب أن تحتل منصباً منذ دخول الاتفاق المؤقت حيز التنفيذ لأسباب تتعلق بدورها في الصراع.
- تضمن هذه المعايير أن يتمتع أعضاء هيئة الحكم الانتقالي بقبول واسع من قبل كل السوريين والمجتمع الدولي. ويجب أن تكون هذه المعايير أخف مايمكن حتى لا تتعقد عملية المساومات.
- اختيار الأعضاء غير المنتمين: سيتم اختيار ثلثي الأعضاء غير المنتمين ذاتياً من قبل المجموعات المجتمعية ذات الصلة مع احتفاظ الأمم المتحدة بالحق في تعيين الثلث واستخدام هذا الهامش للمناورة لضمان التمثيل والتضمين، بما في ذلك التوازن مع الناس غير المنتمين والمقربين من الحكومة في مقابل هؤلاء الذين ينظر إليهم على أنهم أقرب للمعارضة.
- تمثيل المرأة: على الأمم المتحدة أن تقترح بحسب معاييرها الخاصة أن تمثل النساء 30% على الأقل من كل ثلث في هيئة الحكم الانتقالي.
الوظيفة
- توزيع الملفات: ستلتزم هيئة الحكم الانتقالي بمعايير التضمين والتمثيل كما وردت في المبادئ الأساسية لدى تحديد توزيع الملفات.
- قواعد اتخاذ القرار:
أ. ستتخذ هيئة الحكم الانتقالي قراراتها بأغلبية الأصوات. (وبحسب تركيبتها، سيحتاج الوصول إلى أغلبية إلى بناء تحالفات ويمنع أي طرف من احتكار اتخاذ القرار).
ب. تطبق قواعد القرار بالأغلبية الخاصة فيما يتعلق بالإجراءات التي تؤثر على مكونات بعينها في المجتمع السوري (الاجماع أو الأغلبية العظمى بثلثين أو أكثر).
- رئاسة هيئة الحكم الانتقالي: ستكون رئاسة هيئة الحكم الانتقالي مسؤولة عن تنظيم عمل الهيئة ووضع أجندة اجتماعاتها، ومتابعة تطبيق قراراتها، والإشراف على عمل المؤسسات الانتقالية الأخرى (المجلس العسكري المشترك والمؤتمر الوطني السوري) والتواصل مع المجتمع الدولي.
- تكون رئاسة هيئة الحكم الانتقالي مسؤولةً عن ضمان احترام المبادئ الأساسية للاتفاق المؤقت. وستعهد إليها أيضاً مسؤولية التحكيم للمساعدة في تخطي الاستعصاءات المحتملة ضمن هيئة الحكم الانتقالي وبين هيئة الحكم الانتقالي والمؤسسات الانتقالية الأخرى.
- اختيار رئاسة الهيئة: سيختار أعضاء هيئة الحكم الانتقالي (بالانتخاب أو التعيين بحيث يسمي كل مكون ممثليه) رئاسة الهيئة التي يتداولونها كل شهر على قمة هذه الهيكلية. سيتم تحديد عدد أعضاء الرئاسة في الاتفاق المؤقت (العدد المقترح هو بين 5 و10، توزع كما يلي 4:4:2، أو 2:2:1). ويتبع نفس نظام التوزيع المتبع في مقاعد هيئة الحكم الانتقالي (40 في المائة للمعارضة، 40 في المائة للحكومة، 20 في المائة للمواطنين غير المرتبطين).
- قواعد اتخاذ القرار في رئاسة الهيئة: ستعمل رئاسة هيئة الحكم الانتقالي على قاعدة التوافق. وعندما لا يمكن الوصول إلى توافق يلجأ إلى الأغلبية العظمى بأكثر من الثلثين (عدد الأصوات المطلوبة هو (1) سبعة أصوات حسب الخيار الأول و(2) أربعة أصوات حسب الخيار الثاني).
آليات تجاوز الاستعصاء
- في حال لم تستطع رئاسة هيئة الحكم الانتقالي تحقيق الأغلبية العظمى بثلثي الأصوات، تنتخب هيئة الحكم الانتقالي رئاسة جديدة خلال (س) من الأيام.
التوصية الأولى، الملحق السادس
المجلس العسكري المشترك وهيئات وقف إطلاق النار
- سيشكل الاتفاق المؤقت بمجرد توقيعه مجلساً عسكرياً مشتركاً يخضع للإشراف المدني لهيئة الحكم الانتقالي. ويخضع تشكيل المجلس العسكري المشترك وهيكليته ودوره للقرار السوري.
- سيتألف المجلس العسكري من ممثلين عن الأطراف المقاتلة التي لها حضور معتبر على المستوى الوطني أو في مناطق محددة. وتكون كل مجموعة معارضة مسلحة غير مشمولة في المجلس موجودة في هيئات وقف إطلاق النار المحلية و/أو الوطنية.
- سيمثل المجلس العسكري تنوع المجتمع السوري بما في ذلك المناطق الجغرافية. وسيتم تعيين أعضائه من قبل الحكومة، والمعارضة السياسية، والمعارضة المسلحة بشكل منفصل. ويقوم المبعوث الخاص للأمم المتحدة بتيسير عملية التعيين.
- يمكن للمجلس العسكري أن يضم (العدد) من الممثلين تقريباً. ويضطلع برئاسته شخص/أشخاص مقبولون من الطرفين من بين المعينين، أو من قبل ممثل دولي مقبول من الأطراف.
- المجلس العسكري:
أ. سيعمل مع البنى العسكرية المحلية بما فيها المجالس العسكرية المحلية.
ب. يشكل منصة لقيادة كل العمليات العسكرية للأطراف.
ج. يضمن احترام وقف إطلاق النار بين الأطراف
د. ينسق الحرب المشتركة ضد المنظمات الإرهابية.
ه. ينسق العمليات العسكرية التي تهدف استعادة سلامة الأراضي السورية.
- ترفع هيئة وقف إطلاق النار الوطنية تقاريرها إلى المجلس العسكري المشترك ما لم يكن المجلس العسكري هو نفسه الهيئة الوطنية لوقف إطلاق النار (خيار بديل يجب تحديده في الاتفاق المؤقت).
- تشكّل هيئة وقف إطلاق النار الوطنية حيثما دعت الحاجة هيئات وقف إطلاق نار محلية لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار ومعالجة الانتهاكات.
- ستبلغ هيئة وقف إطلاق النار المجلس العسكري وهيئة الحكم الانتقالي بأي انتتهاكات ملموسة لمواد اتفاقية وقف إطلاق النار التي لم تتمكن من معالجتها. وستقيّم هيئة الحكم الانتقالي تبعات تلك الخروقات الملموسة على تنفيذ الاتفاق المؤقت.
- يسهم التواجد الدولي في الإشراف على وقف إطلاق النار.
التوصية الأولى، الملحق السابع
دعوة المجتمع الدولي للمساعدة في محاربة المنظمات الإرهابية
- تمتلك هيئة الحكم الانتقالي من لحظة تأسيسها بموجب الاتفاق المؤقت السلطة العليا على كافة الأمور العسكرية والأمنية. وتقوم هيئة الحكم الانتقالي، من بين أمور أخرى ، بدعوة المجتمع الدولي للمساعدة في محاربة المنظمات الإرهابية. ويجب أن يكون هذا قراراً سورياً. مع ملاحظة أن هذا لا يمنع بدء جهود محاربة الإرهاب قبل إنشاء هيئة الحكم الانتقالي.
- يمكن لهذه الدعوة أن تكون متضمنة في الاتفاق المؤقت نفسه باسم هيئة الحكم الانتقالي، أو تصدر عن هيئة الحكم الانتقالي لدى تأسيسها.
- ينص الاتفاق المؤقت على هذه الدعوة مسبقاً بهدف:
أ. تسهيل مشاركة أعضاء المجتمع الدولي الذين لن يستجيبوا لدعوة الحكومة الحالية في محاربة المنظمات الإرهابية.
ب. ضمان أن تكون السلطات الانتقالية منفتحة على المشاركة الدولية في محاربة المنظمات الإرهابية.
- يمكن توجيه هذه الدعوة للمجتمع الدولي عوضاً عن توجيهها لأي جهة محددة أو دولة عضو على وجه التحديد. ويسمح ذلك بمرونة الاستجابة ويحول دون التعقيدات التي قد تترتب مثلاً على توجيه الدعوة إلى مجلس الأمن مع احتمال عدم قدرته على التحرك الجماعي.
- ستتضمن الدعوة بالضرورة المطالبة بتنسيق تحركات أية حكومة أجنبية مع هيئة الحكم الانتقالي. ولذلك يمكن لهيئة الحكم الانتقالي أن توفر وسائل تسمح للحكومات الأجنبية بتبادل المعلومات مع المجلس العسكري المشترك سواء من خلال هيئة الحكم الانتقالي نفسها أو غير ذلك.
- يلحظ أن هذا لا يمنع بدء جهود محاربة الإرهاب قبل تأسيس هيئة الحكم الانتقالي.
التوصية الأولى، الملحق الثامن
المؤتمر الوطني السوري والسلطات التشريعية خلال المرحلة الانتقالية
- ينص الاتفاق المؤقت على تأسيس المؤتمر الوطني السوري. ويخضع دوره، وتشكيله، وتوزيع مقاعده، ووظيفته للقرار سوري.
الدور
- يضطلع هذا المؤتمر بدور استشاري تجاه هيئة الحكم الانتقالي.
- وسيكون مسؤولاً أيضاً عن وضع إطار الحوار الوطني السوري وإنشاء هيئة مراجعة دستورية.
التركيب وتوزيع المقاعد
- سيتشكل المؤتمر الوطني السوري، شأنه شأن المؤسسات الانتقالية الأخرى، على أساس التضمين والتمثيل.
- سيتم تمثيل كم من حكومة سوريا، والمعارضة والمواطنين غير المرتبطين بنسبة 2:2:1. وستختار الحكومة والمعارضة ممثليها على مبدأ الموافقة المتبادلة على عدد من المعايير.
- ستمثل النساء 30 في المائة على الأقل من كل قائمة (الحكومة، المعارضة، المواطنين غير المرتبطين).
- يمكن للحكومة السورية أن تستخدم حقها في المقاعد المخصصة لها بترشيح أعضاء من مجلس الشعب الحالي في المؤتمر الوطني السوري.
- لا يمكن للممثلين أن يكونوا أفراد تم وضعهم في الاتقاق المؤقت في قائمة الأشخاص والذين لايجب أن يكون لديهم منصب من لحظة دخول الاتفاق المؤقت حيز التنفيذ بسبب دورهم في الصراع.
- بناء على مشاوراته مع سوريين، يمكن للمبعوث الخاص أن يحتفظ بحق تعيين بعض المواطنين غير المرتبطين لضمان التضمين والتمثيل.
السلطات التشريعية
- التزاماً بالمبدأ الأساسي المرتبط بالحفاظ على مؤسسات الدولة وللحؤول دون تعديل القوانين من قبل هيئة غير منتخبة، فلن يضطلع المؤتمر الوطني السوري بوظائف تشريعية.
- سيتم الحفاظ على جميع القوانين السورية واحترامها ما لم تتضمن بنوداً تتعارض صراحةً مع بنود الاتفاق المؤقت. وفي مثل هذه الحالات تسود بنود الاتفاق المؤقت على التشريعات القائمة والتي سيتم تجميدها.
- في حال وجدت هيئة الحكم الانتقالي أنها تحتاج لوضع تشريعات لمعالجة أمور تخضع للتشريعات المجمدة، ستصدر أنظمةً مؤقتةً يكون لها قوة القانون خلال المرحلة التحضيرية والمرحلة الانتقالية الكاملة.
التوصية الأولى، الملحق التاسع
العدالة الانتقالية
- يطالب بيان جنيف في الفقرة 10 (د) بـ “المساءلة على الأفعال المرتكبة خلال هذا النزاع”، بالإضافة إلى “مجموعة شاملة من أدوات العدالة الانتقالية تعويض ضحايا هذا النزاع أو رد الاعتبار إليهم، واتخاذ خطوات من أجل المصالحة الوطنية والعفو”.
- تقترح مسودة الإطار التنفيذي أن تعين هيئة الحكم الانتقالي لجنة مستقلة لتحضير مقترحات لعملية العدالة الانتقالية. تقوم اللجنة بعملها وفق المعايير الدولية للعدالة الانتقالية وعليه يجب أن تدرس وتقترح آليات لضمان المحاسبة، وجبر الضرر للضحايا (مادياً أو رمزياً)، والإصلاح المؤسساتي، وطرق التحقيق وإعطاء التقارير عن الأنماط الممنهجة للانتهاكات والتغييرات المقترحة لمعالجة الأسباب المؤدية إلى انتهاكات حقوق الإنسان (مثلاً، هيئات الحقيقة أو غيرها). العدالة الانتقالية هي عملية يقودها السوريين ويملكون زمامها وهي خاضعة للقرار السوري.
- تعين هيئة الحكم الانتقالي اللجنة بعد التشاور مع نطاق واسع من المعنيين لضمان تمثيل وجهات النظر المتنوعة فيها. ويجب أن تتكون اللجنة من أشخاص مختارين وفق معايير، ويجب أن تتضمن ناس يتمتعون باحترام كبير ويمثلون المجتمع. وتدرس مشاركة الضحايا، والمجتمع المدني، والنساء، ومكونات المجتمع (مجموعات الأقليات)، المحامين، والقضاة وآخرين في عضوية اللجنة. يقترح أن تكون اللجنة كبيرة بما يكفي لضمان التمثيل، وصغيرة بما يضمن الكفاءة في العمل. ولذا يقترح أن يتراوح عدد اعضائها بين 9 إلى 15 شخص. وتقدم المقترحات لدى تجهيزها، إلى (آلية الحوار الوطني/ هيئة الحكم الانتقالي) للمصادقة.
- يقترح أن يتم الاتفاق على مبدأ تأسيس اللجنة خلال مرحلة التفاوض، بحيث ترسل إشارة للسوريين بأنه سيكون هناك إجراءات لتعزيز العدالة والمصالحة في حين يجري في الوقت ذاته تأخير هذه الإجراءات لفترة محدودة من الزمن.
- يقترح أن لا تعالج هيئة الحكم الانتقالي مسألة العدالة الانتقالية من بداية تسلمها السلطات التنفيذية الكاملة، بل بعد (عدد) من الأشهر من تشكيلها تقريباً، وذلك في ضوء الطبيعة الخلافية جداً لهذه المسألة، والمخاوف من أن عمل اللجنة قد يؤخر العملية الانتقالية بسبب الجدل حول التوازن بين المصالحة والمحاسبة. في حين يقصد من كل المعايير الدولية للعدالة الانتقالية خلق الظروف التي تشجع على المصالحة، مايحدث غالباً هو أن بعض الأطراف (المهددة بالخسارة) في مراحل ما بعد الصراع سترغب بأن تركز فقط على المصالحة بينما سيصرّ الضحايا على آليات المحاسبة.
التوصية الأولى، الملحق الأول
الحكم المحلي
الفرضيات الأساسية
- يوفر المرسوم التشريعي رقم 107 (2011) حول الإدارة المحلية الإطار القانوني للحكم المحلي في سوريا. حيث يقدم المرسوم مبدأ اللامركزية في السلطات والمسؤوليات. وتركز المادة 131 من دستور عام 2012، الخاصة بالحكومة المحلية، على أهمية “مبدأ لامركزية السلطات والمسؤوليات”.
- تتضمن الوحدات الإدارية المحافظات، والمدن، والبلدات، والبلديات. ولكل منها مجلس محلي يتألف من عدد من الأعضاء المنتخبين حسب قانون الانتخاب العام. وتستمر ولاية المجلس لأربع سنوات ولديه مكتب تنفيذي. ويرأس رئيس الوزراء المجلس الأعلى للإدارة المحلية.
- تتولى المجالس المحلية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية المتوازنة والمستدامة لمنطقتها (بما يشمل التخطيط، والصناعة، والزراعة، والاقتصاد، والتجارة، والتعليم، والثقافة، والسياحة، والنقل، والري، والكهرباء، والصحة، والشؤون الاجتماعية، والعمل، والخدمات، والبيئة، إلخ).
- كان هناك تاريخياً فجوة ضخمة ين النظرية والتطبيق فيما يتعلق باللامركزية في سورية.
- منذ بداية عام 2011، مرت مسألة اللامركزية والحكم المحلي بمواقف منوعة، حيث ظهرت مجالس الإدارة المحلية في مناطق سيطرة المعارضة وفي بعض المناطق الأخرى التي توقفت فيها الإدارة المدنية بسبب الصراع.
مواد مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف
- تلحظ مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف التنوع في أوضاع الحكم المحلي. وتلحظ أيضاً حقيقة بأنه من غير المتوقع معالجة الوضع على المدى المتوسط والقصير.
- يتم الحفاظ على هيكيلات الإدارة المحلية الفاعلة الرسمية وغير الرسمية حيثما وجدت. وفي المناطق التي لا يوجد فيها حكم محلي فعال و/أو تقديم للخدمات العامة، تنظم هيئة الحكم الانتقالي ولاية، وهيكلية، وتشكيلة المجالس المحلية.
- يقدم الإطار أيضا ًمجموعة من المبادئ المشتركة التي تنظم عمل المجالس المحلية:
أ. السيادة، الحفاظ على سلامة الأراضي السورية ووحدتها الوطنية.
ب. التوازن القائم للسيطرة في مختلف المناطق.
ت. مبدأ الشمول واللاطائفية وعدم التمييز.
ث. توفير الخدمات العامة بشكل فعال.
ج. ممارسة كامل السلطات الممنوحة دستورياً في المحافظات والبلديات مع بداية الحالة النهائية.
- أخيراً، وبحسب النص وروح المرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011، يقرر الإطار بأنة يجب أن يكون للمحافظات السورية مشاركة فعالة في صيغة السياسات الوطنية. ويخضع موضوع الحكم المحلي للقرار السوري.
التوصية الأولى، الملحق الحادي عشر
الحفاظ على مؤسسات الدولة وإصلاحها
- تنطلق مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف من الإقرار بأن سوريا، قبل دخولها في الصراع، كانت تمتلك مؤسسات دولة تعمل بشكل جيد وخدمات مدنية احترافية وكفوءة.
- يقترح المبدأ الموجه للتنفيذ الحفاظ على مؤسسات الدولة التي تمتلك شرعية دستورية.
- بالنسبة للمؤسسات التي فقدت شرعيتها، تتقدم الوثيقة الإطارية بخيارات لإصلاحها وإعادة استثمارها بشرعية دستورية.
- وبالتالي سينص الاتفاق المؤقت على الحفاظ على مؤسسات الدولة وإصلاحها، بما فيها الجيش والقطاع الأمني بشكل واسع والقضاء، بهدف ضمان الاحترافية وتعزيز التنوع.
- يخضع الحفاظ على مؤسسات الدولة وإصلاحها لقرار يتخده السوريون.
المؤسسات التي تحتاج إلى إصلاح:
- ثمة مؤسسات مرتبطة بالانتهاكات واسعة الانتشار لحقوق الإنسان، وقد قام بعض المحاورين السوريين بتحديد هذه المؤسسات التي تحتاج إلى إصلاح بغية إيقاف قيادات هذه المؤسسات واستبدالهم في مطلع المرحلة التحضيرية للمرحلة الانتقالية.
- لقد جرى تحديد الصلاحيات التنفيذية الأوسع باعتبارها إحدى العناصر ذات الأهمية.
أ. تنتقل هذه السلطات أثناء المرحلة الانتقالية إلى هيئة الحكم الانتقالي.
ب. تتضمن مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف أحكاماً لعملية المراجعة الدستورية. ينبغي أن تحدث هذه التغييرات بقرار من السوريين أنفسهم، في ظل أحكام الوثيقة الإطارية وبما يتسق مع الدستور السوري.
إرساء المؤسسات الانتقالية في تاريخ وممارسة سورية
- تستمد مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف من التاريخ السوري لتشكيل مؤتمر وطني سوري يتولى مسؤولية مناقشة الاتجاهات بشكلها الأوسع لسورية المستقبل من خلال: “1 حوار وطني و 2 عملية مراجعة دستورية”.
- لن يكون لهذا المؤتمر الوطني السوري أي سلطات تشريعية ولكنه سيخدم بصفته جسماً استشارياً لهيئة الحكم الانتقالي.
مقترحات للإصلاح الدستوري
- وفقاً لمسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف، سترسي المبادئ الأساسية التالية الإصلاح الدستوري:
أ. الحق المتساوي في التعيين في القطاع العام.
ب. ينبغي على السلطات العامة بما فيها الشرطة خدمة جميع المجتمعات بعدالة ومساواة.
ج. المؤسسات الجامعة والتي تتمتع بالتمثيل.
- لضمان الطبيعة الجامعة والمتمتعة بالتمثيل لهيئة الحكم الانتقالي وحكومات الدولة النهائية، ينبغي أخذ عدة خيارات (تراكمية) بعين الاعتبار:
د. يجب على كل حكومة أن تضم على الأقل [x] في المائة من شاغلي المناصب منحدرين من كل محافظة من المحافظات.
ه.يجب أن تضم كل حكومة نسبة مئوية دنيا من شاغلي المناصب من ضمن كل طرف المحددين في كل من [اسم المجموعة] [مع نسبة مئوية لكل مجموعة].
و. يجب أن تضم كل حكومة [X] في المائة على الأقل من شاغلي المناصب من [المدن الرئيسية]، و [X] في المائة من [خارج المدن الرئيسية].
ز.مزيج من الخيارات [1 و 2 و 3]
- لضمان الطبيعة الجامعة والتمثيلية للقطاع الأمني، ينبغي الأخذ بعين الاعتبار خيارات عدّة (تراكمية):
ح. أن يتضمن الدستور متطلباً بأن يعكس المنضوون تحت القوى الأمنية على كافة المستويات تنوع الشعب السوري.
ط. تأسيس هيئة للتوظيف وهيئة للتعيين يعهد إليها ضمان التنوع والمهنية.
ي. تبني حكم قانوني يقضي بأن يتضمن الضباط نسبة دنيا من الأشخاص المنتمين إلى مجموعة محددة (مسماة).
العربي الجديد
أزمة المفاوضات السورية/ سلامة كيلة
ما زالت المفاوضات السورية من دون معنى، على الرغم من التركيز في الجولة الثالثة على “هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية”، فالخلاف يتركز على تناقض منظورين. الأول، ما يطرحه وفد النظام، وينطلق من بقاء النظام ورئيسه وأجهزته، وأن المفاوضات تهدف إلى تشكيل “حكومة وحدة وطنية”، ربما تعطى بعض الصلاحيات، حيث يجري طرح تعديل الدستور. وبالتالي، هو لا يعترف بأن تغيراً كبيراً جرى، وأن هناك مطالب طرحها الشعب، بل يفكّر في كيفية “استيعاب” المعارضة في بنية النظام، كما فعل سنة 2012، حين أدخل أحزاباً تقول إنها معارضة “شريفة”. والمنظور الثاني الذي ورد في بيان جنيف1، وكان أصلاً ينطلق من توافق أميركي روسي، وافقت عليه مجموعة العمل من أجل سورية، وتتمسك به المعارضة، وهو ينطلق من أن الأمر يحتاج إلى “مرحلة انتقالية”، تبدأ بإنهاء الوضع الحالي للنظام، وتقودها “هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحية التنفيذية”، يشكلها النظام والمعارضة وهيئات من المجتمع المدني. يتعلق الأمر هنا بضرورة إزاحة بشار الأسد والمجموعة المرتبطة به فقط، والحفاظ على بنية النظام التي تحتاج بعدئذ إلى “تعديلٍ” يتناسب مع الوضع الجديد. هذا أمر “طبيعي” حدث في الثورات الأخرى، حيث أزيح زين العابدين بن علي ومجموعته في تونس، كذلك جرى مع حسني مبارك في مصر. حتى في اليمن جرت إزاحة علي عبدالله صالح بعد عناء ومراوغة، على الرغم من أنه تبين أنه كان لا زال يمسك بكل مفاصل الدولة، وهو خارج السلطة. وبالتالي، من الطبيعي أن تكون إزاحة بشار الأسد ومجموعنه أمراً بديهياً، وأنها المدخل لأي حل، خصوصاً وأنه مارس وحشية هائلةً، تفرض أكثر مما حدث في البلدان الأخرى، أي تحويله إلى محكمة الجنايات الدولية.
تتمحور الأزمة هنا، حيث يرفض النظام ذلك حتماً، وهو يصرّ على استمراره، كونه يمثل الشرعية التي أتته من “الانتخابات”، مع أن كل الانتخابات كانت مزورة، ومرتبة أمنياً، فلا شرعية لانتخاباتٍ تجري في ظل نظامٍ مستبد، يتحكم الأمن في كل مفاصله. وبالتالي، لا يعترف بأن الملايين التي ثارت ضده تعطي شرعية، على الرغم من أنها الأكثر شرعية، فالثورة هي الشرعية قبل الانتخاب. لكن، لا يمكن لوفدٍ يمثل النظام القائم، والذي خاض الحرب ضد الشعب، أن يقول غير ذلك، وأن يؤكد على شرعيته ورفضه التقدم خطوةً “وسط”، من أجل الوصول إلى حل سياسي.
ما جرى في تونس ومصر أن الجيش تقدّم لكي ينحّي الرئيس، ويبعد بعض أتباعه، طبعاً من أجل الحفاظ على “الدولة” (وهي دولة الرأسمالية المافياوية). وفي اليمن، أُبعد صالح بالضغط السعودي الخليجي، وكان إبعاده شكلياً جداً، أكثر مما حدث في تونس ومصر، وهذا ما أعاد الصراع، وأدخل اليمن في حرب داخلية (من الشعب والأحزاب ضد صالح والحوثيين) وإقليمية (التدخل السعودي).
“كان يجب أن يظهر طرف من السلطة يُبعد بشار الأسد ومجموعته، ليتقدّم نحو الوصول إلى تحقيق “مرحلة انتقالية”. لم يكن ضرورياً أن تكون في السنتين الأوليين مع المعارضة، بل كان يكفي “تقليد” تجربتي تونس ومصر”
بالتالي، كان يجب أن يظهر طرف من السلطة يُبعد بشار الأسد ومجموعته، ليتقدّم نحو الوصول إلى تحقيق “مرحلة انتقالية”. لم يكن ضرورياً أن تكون في السنتين الأوليين مع المعارضة، بل كان يكفي “تقليد” تجربتي تونس ومصر. هذا ما بدا ممكناً نهاية سنة 2012، حين خرج فاروق الشرع الذي كان حينها نائباً للرئيس بدعوةٍ (نُشرت في جريدة الأخبار اللبنانية المدافعة عن النظام) للتفاوض والوصول إلى حل، لأنه لا إمكانية لانتصار طرف. والواضح أن مبادرته كانت مدعومةً من أطرافٍ في السلطة. لكن، لعبت إيران من أجل ألا تسير الأمور في هذا المسار، حيث أقنعت الأسد بأنها قادرة على الدفاع عنه، وسحق الثورة، حيث بدأت ترسل قوات حزب الله وقوات طائفيةٍ عراقيةٍ ومن الحرس الثوري، فشلت في أن تهزم الثورة، على الرغم من أنها ما زالت تحاول، بعد أن أدخلت روسيا في الصراع المسلح.
بهذا، انتهت إمكانية أن تُبعد هيئة أو مجموعة من داخل السلطة الفئة المتمسكة بالحل العسكري، وفتح طريق تحقيق مرحلة انتقالية، تسمح بتغيير شكل النظام السياسي لمصلحةٍ تعدديةٍ سياسية، وحريات وانتخابات “حقيقية”. أو كما أسمي في تونس ومصر بدء “المسار الديمقراطي” الذي يفتح لمشاركة المعارضة. في الوقت الذي أصبح فيه القرار “ليس سورياً”، بعد أن تحكّم النظام الإيراني بالقرار في دمشق، على ضوء وجوده العسكري الكثيف، الوجود الذي بات هو الذي يواجه الثورة، بعد أن “هزُلت” قوى النظام، وتبخّر “الجيش العربي السوري”، وأصبح الضباط الإيرانيون من يحددون الخطط والقادة، حتى من السوريين. بدأ هذا الوضع من أول دخول مباشر لحزب الله، بداية سنة 2013، وكانت إيران تهدف منه إلى سحق الثورة، فهي كذلك لا تريد سقوط النظام، وتعتبر أن وجوده بقيادة بشار الأسد “مكسب إستراتيجي” لها. ولهذا أفشلت مفاوضات جنيف 2 بداية سنة 2014.
وظهر صيف 2015 أن ميزان القوى اختلّ لغير مصلحة النظام وإيران وحزب الله، بعد التقدم الذي حققته الكتائب المسلحة. وبهذا، جرى الحديث عن دعم أميركي لدور روسي لرعاية جنيف 3. لكن، ظهر أن روسيا تطمح إلى التدخل العسكري لحماية النظام، ولتكريس وجود اقتصادي عسكري طويل الأمد، لكنها عادت، بالتوافق مع أميركا، لفرض وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات. وقد أرسلت روسيا الوفد الذي يمثل بشار الأسد كما كان في جنيف 2، ويتمثل تبريرها في أنه يمثل الشرعية، ولا شك أن هذه المسألة هي ما برّرت تدخلها في سورية به. وهو الأمر الذي يعني أنْ ليس هناك مراهنة روسية على المفاوضات، وأن روسيا ما زالت غير معنيةٍ بالوصول إلى حل سياسي، على الرغم من أنها تراهن على وقف إطلاق النار، لكنها، كما يبدو، تريد قضم مناطق المعارضة.
قال رئيس وفد النظام في مفاوضات جنيف، بشار الجعفري، إن مصير بشار الأسد غير مطروح للتفاوض، كما أنه ليس مطروحاً نقاش مسألة هيئة الحكم الانتقالية. وهو محق في أن مصير الأسد ليس مطروحاً، لكن بالضبط لأن أي حل يمكن أن ينجح يجب أن ينطلق أصلاً من إبعاد الأسد ومجموعته، وبالتالي، يكون خارج النقاش الذي يتركز على تشكيل هيئة الحكم التي تدير المرحلة الانتقالية. فمن يأتي من النظام يجب أن يكون موافقاً مسبقاً على بيان جنيف1 الذي يحدد المرحلة التي تلي حكم بشار الأسد.
لا بد أن يكون واضحاً أنه لا نجاح للحل مع بقاء بشار الأسد، ولا يفيد هنا التهديد بـ “معارضةٍ” أخرى، هي في الواقع مصنّعة، فهذا الأمر هو الذي يحدّد المعارضة من غيرها. كل حل يبدأ برحيل الأسد، هكذا ببساطة. ولهذا، يبدأ الحل من دمشق، ومن داخل النظام، بفعل ذاتي ربما لم يعد قائماً أو بفعل روسي. ومن دون ذلك، لا حل مهما استمرت المفاوضات. الحل بترحيل الأسد.
العربي الجديد
مفاوضات جنيف والثقب الاسود/ علي العبدالله
عكست اجتماعات جنيف بين المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ووفود المعارضة والنظام ومنظمات المجتمع المدني، واللقاءات الموازية بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، وبين سفراء المجموعة الدولية لدعم سوريا والوفود المشاركة، وجود ثقب اسود كبير ابتلع الافكار والتصورات والخطط التي طرحت لحل الصراع في سوريا بدلالة الصراع على سوريا، فقد ارتبطت الافكار والتصورات والخطط التي طُرحت بالصراع على سوريا وبسعي الاطراف الدولية والاقليمية لتحقيق أهدافها الخاصة ولو أدى ذلك الى فشل المفاوضات واستمرار نزيف الدم السوري.
أرادت الولايات المتحدة من مفاوضاتها مع الاتحاد الروسي في جنيف إيجاد مخرج للاستعصاء السياسي الذي برز في المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة، وتمسك كل من موسكو وطهران بالنظام السوري ورأسه وبالإطار الدستوري الذي يستند إليه (دستور 2012)، من خلال البحث عن أساس للانتقال السياسي في دستور النظام للالتفاف على ذريعة الفراغ السياسي الذي سيحصل في حال تطبيق خطة الهيئة الانتقالية ووقف العمل بالدستور الحالي الذي يطالب به وفد الهيئة العليا للمفاوضات. ففي ذلك ارضاء لروسيا وايران والنظام سيدفعهم الى الانخراط الجاد في المفاوضات والتوصل الى صيغة انتقال سياسي مقبولة من كل الأطراف، دافعها(واشنطن) إلى ذلك تحقيق تصورها لحل قائم على توازن مصالح الاطراف الدولية والاقليمية يعتمد قاعدة لاغالب ولا مغلوب يُفرض على الأطراف المحلية من خلال منع أي طرف من تحقيق مكاسب عسكرية تؤثر في النتيجة النهائية للمفاوضات، وقد برز هذا التوجه في تصريحات جون كيري لصحيفة النيويورك تايمز يوم السبت 23/4/2016 والكولونيل ستيفن وارن، الناطق باسم قوات التحالف ضد “داعش”، التي برّرت قصف النظام مدينة حلب، ومشاركة روسيا وإيران في ذلك، لموازنة مكاسب المعارضة في بلدة العيس وجوارها، حل يحقق الاستقرار الاقليمي ويتيح لواشنطن التخفف من تبعات الاقليم والتفرغ لصراع القرن في منطقة المحيط الهادي في مواجهة صعود الصين وتنمّرها على دول الجوار حليفة واشنطن.
وأما الاتحاد الروسي فيسعى من خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة والضغط على دي ميستورا وعلى وفد الهيئة العليا، بالتلويح المتكرر بعدم القبول باحتكار الهيئة لتمثيل المعارضة والسعي لإدخال شخصيات من منصات موسكو والقاهرة والأستانة فيه، وراء أكثر من هدف من حضور راسخ في شرق المتوسط واستخدامه منصة لمشاكسة الولايات المتحدة للحصول على اعتراف منها بدوره واشراكه في حل الصراعات الدولية على قدم المساواة الى توظيف ذلك في تعزيز موقعها اقليميا ودوليا في مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي والاتحاد الاوراسي بحيث تستطيع مجاراة الاندفاعة الصينية التي جاءت على حساب مصالحها في آسيا الوسطى وأفريقيا وامريكا اللاتينية، وصولا الى رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب بعد تدخله في اوكرانيا. من هنا جاء تمسكه بالنظام ورأسه (وقف خلف اقتراح تعيين رأس النظام لثلاثة نواب بمهام محددة وحقيقية مقابل القبول ببقاء الاخير في سدة السلطة، مرّره عن طريق قدري جميل الذي طرحه على دي ميستورا) لتكريس حضوره بالاستناد الى معاهدة الانتشار العسكري في سوريا والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية السورية ناهيك عن ضمان حصة وازنة من كعكة اعادة الاعمار.
الاتحاد الاوروبي المثقل بالاعباء السياسية والاقتصادية أولويته وقف تدفق اللاجئين ومنع تمدد الارهاب الى حِماه حتى لو جاء على حساب مصالح ودور بعض دوله في مستعمراتها السابقة(يبدو ان تصريحات الرئيس الاميركي في هانوفر ضد ارسال قوات غربية لاسقاط النظام في سوريا مرتبطة بتعليقات بريطانية وفرنسية على خلفية تجاهل دورهم وعلاقاتهم التاريخية بالاقليم) لاحتواء الارباك الذي شكله تدفق اللاجئين وما اثاره من توتر بين دوله والحد من موجة الاسلاموفوبيا التي لا تخدم سوى المنظمات الارهابية.
الصين لم تقف بعيدا فقد عينت مبعوثا خاصا الى الاقليم بعد ان ادركت اهمية الربط بين الملفات وأهمية الضغط على واشنطن في ملفات دولية ما يدفعها الى المساومة على ملفات ثنائية وأخرى خاصة بالمحيط الهادي.
ايران تتمسك ببقاء النظام ورأسه، مع بعض المكياج باشراك عدد من المعارضين المقبولين، باعتباره المؤشر الاوضح على انتصارها على خصومها الإقليميين(السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي)، وتسجيل نقاط لصالحها على حساب تركيا، والاحتفاظ بالنفوذ الذي حققته في الاعوام الاخيرة ما يسمح لها بالتواصل مع حزب الله جغرافيا، والضغط على إسرائيل بالتواجد على خطوط التماس في الجولان السوري.
اسرائيل التي صب ما حصل في سوريا في مطحنتها تريد استمرار الصراع وتفكك سوريا بحيث تستطيع الاحتفاظ بالجولان من جهة ورحيل النظام لابعاد ايران وحزب الله عن حدودها مع سوريا من جهة ثانية.
اما السعودية فلها هواجس خاصة واولوية ثابتة: خروج ايران من سوريا والمشرق العربي لكي تستطيع حماية امنها الوطني وتحتفظ بما تعتبره “قيادتها” للعالم الاسلامي.
تركيا أكثر طموحا فهي تريد الى جانب اشراك حلفائها في حكم سوريا والاحتفاظ بمصالحها ونفوذها في محافظة حلب تريد اجهاض أي تحرك كردي على حدودها مع سوريا على خلفية الترابط الكردي على جانبي الحدود وحصول الكرد على غطاء دولي لتحركهم في سوريا، فنجاح الكرد في سوريا سيطرح سابقة ويفتح بابا لحل الملف الكردي فيها بذات الاتجاه.
قطر ليست بعيدة عن الموقف التركي، شلها وحلفاءها، السعودية وتركيا، الضغط الاميركي والتدخل الروسي المباشرة، فرضيت بالجلوس في المقاعد الخلفية مع استمرار علاقاتها القوية ببعض فصائل المعارضة المسلحة، ناهيك عن التحدي الذي تواجهه وحلفاؤها من داخل تحالفهم الاقليمي بخروج مصر والامارات والاردن على تفاهمهم بشأن الحل في سوريا.
هذا دون ان ننسى “داعش” و “النصرة” والمشاريع الخاصة التي تطرحها قوى الامر الواقع الأخرى والتي يتلقى بعضها مباركة ودعما اقليميا ودوليا.
بعد كل هذه الخيارات والاهداف المتضاربة والمتعارضة ليس من العسير استنتاج مآل المفاوضات السورية واحتمالاتها وتعرجاتها ودخولها في منعطفات حادة وعبورها الحتمي في مواجهات دامية، بهدف تليين المواقف، ضحيتها الشعب السوري ومصالحه وطموحاته، ما يستدعي من المعارضة دراسة كل الاحتمالات ووضع اجابات منطقية وعملية في آن، تعتمد القوى الجادة القيام بتمثيل عملية التفاوض، المعروفة باسم لعبة المبارايات، بقيام اشخاص بتمثيل مواقف المفاوضين الحقيقيين وتسجيل النتائج والاحتمالات التي تظهر خلال المباراة، كي لا تؤخذ على حين غرة كما حصل معها عندما طرح عليها اقتراح تسمية رأس النظام لثلاثة نواب.
المدن
المفاوضات واستدراكات المعارضة السورية/ غازي دحمان ()
قبل تعليقها للمفاوضات في بداية الجولة الثالثة، اتبعت المعارضة السورية مرونة واضحة في مقاربة عناصر الأزمة تفاوضياً، وهو ما ظهر أنه تكتيك مقصود، في الوقت الذي كان بدا فيه وفد النظام مرتبكاً وقليل الحيلة أمام هذا التطور المفاجئ، بعد أن رتّب أوراقه لنمط مختلف من الوقائع والمفاوضات.
في حينه، طرح المراقبون تساؤلات عما إذا كانت هذه المرونة التي أبداها وفد المعارضة سببها تغييرات موازين القوة التي حصلت في الميدان بعد التدخل الروسي واكتشاف محدودية قدرة حلفاء المعارضة الإقليميين والدوليين، أم أنها محاولة لإحراج النظام وداعميه وبالتالي إحداث انشقاقات في جسم النظام وشقاقات بين داعمَيه الروسي والإيراني؟
لا شك ان ما طرحته المعارضة من مرونة حول بعض القضايا الخلافية مثل قبول المناصفة في هيئة الحكم الانتقالي مع النظام، وكذلك دمج الفصائل المسلحة بالجيش للمشاركة في محاربة القوى المتطرفة، كل تلك شباك رمتها المعارضة لإغراء القوى التي أصابها التعب داخل اطار النظام بالإضافة الى بيئته التي تحتضنه وتزوده بالمقاتلين ودفعها الى الضغط على النظام من أجل التعامل مع هذا الطرح بوصفه فرصة، ذلك ان هذه البيئة من المفترض أن تسأل نفسها عن جدوى استمرار الحرب وتحمل المعاناة واستمرار النزف طالما هناك إمكانية للخروج من هذه الأزمة بالحد الأدنى من الخسائر والأضرار، فالمعلوم أنه بعد أكثر من خمس سنوات من الصراع اقتنع الجميع بان النصر الكامل مستحيل ولا شك أن بيئة الأسد وأركان نظامه هم أكثر من عاين هذه الحقيقة ويعلمون أن روسيا التي حسّنت موقفهم التفاوضي ليست مستعدة للذهاب أكثر من ذلك.
وهنا كان على المراقب النبيه أن يلتفت لفرضية محتملة، وهي أن تلك الصياغة الجديدة للشروط التفاوضية من قبل المعارضة انما مصدرها الدول الداعمة للمعارضة والتي على تواصل وتفاوض دائمين مع روسيا وهي تطرح ما تتوقّع أنه سيشكل قبولاً عند الجانب الروسي ، بل يمكن المجازفة أن هذه الأطراف تطرح طرحاً روسياً بالأصل، بمعنى انها استطلعت خلال مفاوضاتها الحثيثة مع روسيا» وبخاصة واشنطن وباريس» ما تطمح روسيا في رؤيته في سورية وشكل الاتفاق الممكن والحل الذي توافق عليه وماهية الحل الوسط الذي ترغب به، وقامت تلك الاطراف «واشنطن وباريس» بالاتفاق مع الداعمين الإقليميين للمعارضة السورية وصاغته على شكل مقترحات أو مقاربة جديدة للحل على لسان المعارضة.
من الناحية التقنية شكّل هذا التحول تطوراً في مواقف المعارضة وخطابها السياسي وتفكيراً رؤيوياً بعيد المدى ذلك أنه قام على قاعدة إحراج النظام وإرباكه وخاصة وانه لا يجيد تفاوضياً التعامل مع طروحات من هذا النمط، كما ينزع منه ذريعة عدم توفر البديل السياسي، وكذلك احتكاره تمثيل الدولة السورية وحمايته للمؤسسات ووحدة سورية، كما أنه يدفع روسيا إلى التخفيف من حدة مواقفها ضد المعارضة وانحيازها المطلق لنظام الأسد، ويضع إيران أمام الجدار ويكشف نواياها بالحفاظ على الأسد باعتباره يؤمّن نفوذها وحسب ويهدد وحدة سورية وأمن الإقليم.
لكن تبين أن التقديرات الأميركية والفرنسية لم تكن سليمة، وأن روسيا كانت تحاول نصب فخاخ للجميع من اجل دفع المعارضة لتقديم تنازلات خطيرة ثم عدم الالتزام بالضغط على نظام الأسد لمقابلة هذه الالتزامات بما يماثلها، وقد عبر الرئيس باراك أوباما عن خيبته وشكوكه في نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا المجال، وهو ما دفع المعارضة إلى استدراك الأمر وتغيير تكتيكاتها التفاوضية، بعد ان إكتشفت أن التكتيك السابق ينطوي على مخاطر عديدة، أولاً لانه يحمل شبهة الحماسة والاندفاع وبأن المعارضة أغراها الإطراء الذي حصلت عليه في الجولة الأولى لأنها كانت مرنة ومبادرة وأحرجت وفد النظام الذي بدا متشدداً وغير منطقي وبالتالي فإنها قد تندفع إلى مساحات جديدة من دون استكشاف للأرض التي تطأها قدماه، وثانياً لأنه أتى في وقت اعتقد فيه النظام وداعموه، خصوصاً ايران وحزب الله، أنهم باتوا يمتلكون زمام الأمور في سورية وينظرون لهذا التكتيك على انه تراجع طبيعي يوازي التراجع الميداني بما يدفعهم إلى التشدد أكثر والاستثمار في القوة بدرجة أكبر لتحصيل مكاسب سياسية جديدة على شكل تنازلات تنتهي بانتهاء المطالب بتنحي الأسد وتغيير النظام، كما ان المراهنة على ضعضعة بيئة النظام ثبت أنها ضرب من الخيال لأن تلك البيئة لا ترى ولا تسمع الا ما يريد نظام الأسد لها ان تسمع وترى، إضافة إلى كونها لا تنطوي على تمايزات مهمة في الرؤية السياسية.
في ذات السياق أيضاً، استدركت المعارضة أنه يجب عدم الثقة بروسيا التي أثبتت أنها طرف ضد الثورة ولم تخف هذا الأمر ويهمها إنهاء الثورة والمعارضة سواء بالعمليات العسكرية أو من خلال العملية السلمية والمفاوضات، وليس من المستغرب انها تكون قد قامت بتصميم المناورة وأوحت لواشنطن وباريس بهذه الصياغة لتضع المعارضة السورية أمام حالة متدحرجة تدفعها للتنازل دائماً، وذلك عبر سياسة المرونة في العموم والتشدد في التفاصيل والإجراءات وأيضاً اتباع قاعدة ان ما تم التوافق عليه بغض النظر عن قبول النظام به يصبح مبدأ تفاوضياً، مثال أن قبول المعارضة للأسد مرحلياً يصبح قبولاً نهائياً والمشاركة مع الجيش في محاربة الإرهاب يتحول إلى تسليم الثوار أنفسهم للخدمة تحت علم الجيش، وكذلك المناصفة في هيئة الحكم الانتقالي تتحول إلى قبول بالمشاركة في الحكم بصلاحيات منخفضة.
رد فعل المعارضة التي عبّر عنها رئيس الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب تثبت أن المعارضة استدركت أيضاً أن التكتيكات التفاوضية يجب أن تكون مدروسة ومحسوبة بدقة وبميزان من ذهب، ذلك ان الخطأ في تقدير صلاحيتها والخطأ في إدارتها من شأنه ان يفضي الى تغيير بنية اللعبة الدبلوماسية وإعطاء الخصم أوراقاً جديدة بما يخلق بيئة تفاوضية أكثر تعقيداً وغير أمنة.
() كاتب من سوريا
المستقبل
جنيف 3 وتعقيداته: كل الخيارات تزيد من صعوبة المخرج السوري/ باسل العودات
لم يؤثر غياب المعارضة السورية على مسار المفاوضات في جنيف، فروسيا استمرت بدعم النظام في موقفه وبدأت تستميل معارضات أخرى، وتقدمت باقتراحات لاستبدال وفد المعارضة المفاوض الرئيسي بوفد يضم معارضين آخرين أقل تشددا وأكثر قربا من رؤية النظام، كما زاد النظام السوري من خرقه للهدنة واستمر بقصف المدن الحاضنة للمعارضة، بينما وقفت الولايات المتحدة تراقب ما يجري دون أن يكون لها أيّ رد فعل داعم لموقف المعارضة، وحتى المبعوث الأممي المشرف على المفاوضات ستيفان دي ميستورا استخفّ بموقف المعارضة ووصفه بأنه “استعراض دبلوماسي” وأكد على أن المفاوضات تمت بمن حضر.
الحل مؤجل إلى اشعار آخر
بدأت الجولة الثالثة من المفاوضات حول سوريا في 13 أبريل في جنيف وانتهت الأربعاء دون تحقيق أي تقدم. وكان أبرز أحداثها تعليق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية مشاركتها فيها، الأمر الذي فتح الباب أمام العديد من الاحتمالات، بعضها أكثر قسوة من المفاوضات نفسها.
واستغلت روسيا قرار الهيئة العامة للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية تعليق مشاركتها بمفاوضات جنيف لتقوم بتفكيك المعارضة السورية وتغيير تركيباتها وتحالفاتها، في محاولة لإقحام أطراف في مفاوضات جنيف تصفهم المعارضة السورية بـ “المعارضة المصطنعة”. ويخشى السوريون أن تنجح موسكو بهذه الخطة في إضفاء شرعية على مفاوضات لا يبدو أن نهاياتها ستكون لصالح أصحاب الثورة.
في هذا السياق، أعلن تيار بناء الدولة انسحابه النهائي من الهيئة العليا للمفاوضات، متّهما الهيئة بإعاقة العملية السياسية، وقالت مصادر في المعارضة إنه بدأ على الفور ينسج تحالفا جديدا مع الجماعات التي ترعاها موسكو، وهو أول خرق (انشقاق) تحققه روسيا في تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات.
وأكّد مصدر من هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي المعارضة لـ”العرب” أن الهيئة مهددة بالانقسام نتيجة وجود تيارين متضاربين فيها، واحد يؤيد الموقف المتشدد للهيئة العليا للمفاوضات وآخر رافض ويطالب باستئناف المفاوضات بعيدا عنها.
وقالت المصادر إن هناك مساعي روسية لإقناع التيار الأخير بإعلان انفصاله عن الهيئة والالتحاق بجماعة مؤتمر موسكو ومؤتمر الأستانة، وترفض المعارضة السورية اعتبارهما جزءا منها لمواقفهما المنسجمة مع موقف النظام السوري.
تيار بناء الدولة الذي تنقّل كثيرا في تحالفاته السورية، اتهم الهيئة العليا بالعمل وفق مصالح دول إقليمية وليس وفق مصالح السوريين، لكن الهيئة قالت إنه تيار مُتقلّب أعلن مغادرته الهيئة أكثر من مرة وهي لا ترضى عن طروحاته التي تدعو إلى قبول بقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة لحين إنجاز التغيير الديمقراطي.
على الهيئة أن تجري عملية تنظيف داخل صفوفها بشكل حقيقي لتستطيع القول إنها تمثل مطالب قوى الثورة
موسكو التي لم تستطع إرغام وفد الهيئة العليا للمفاوضات على العودة إلى طاولة الحوار وفق شروطها وشروط النظام السوري، بدأت لعبة فَرِّق تَسُد، فقد وجدت أن متابعة المفاوضات من دون الهيئة العليا أمر متعذر، ومن الأسهل عليها تفتيت هذه الهيئة.
تيار مهادن
لم تعر المعارضة السورية أهمية كبرى لانسحاب هذا التيار، ووفق مصادر في الهيئة فإنها لن تعير أهمية أيضا لو انسحبت هيئة التنسيق كلها والتحقت بهذه التيارات وبجماعات موسكو الأخرى، فهذا التيار تقلب سابقا بتحالفاته بين هيئة التنسيق وائتلاف المعارضة والهيئة العليا وغيرها، وتعتبره المعارضة تيارا مهادنا مقربا من النظام، كذلك الأمر بالنسبة إلى هيئة التنسيق التي شهدت عدة انشقاقات منذ تأسيسها نهاية عام 2011، وهجرها رعيلها الأول ثم تركتها بعض الأحزاب الأساسية المكونة لها، كما تخلى عنها حليفها الأهم والأكبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يتزعمه صالح مسلّم والذي أعلن فيدرالية من جانب واحد في جزء من شمال سوريا، فباتت اسما دون مضمون ولا شعبية أو جماهير.
الباحث والسياسي السوري المعارض فوزا تللو أكّد أن أي مفاوضات ستجرى دون الهيئة العليا للمفاوضات هي “مضيعة للوقت”، وقال إن روسيا وبموافقة أميركية تبحث عن شرعية زائفة للتوصل إلى اتفاق في جنيف من خلال معارضين وصفهم بـ “المصطنعين”، وشدد على ضرورة أن تشهد المعارضة السورية عملية فرز سريعة وعميقة.
وقال تللو لـ”العرب” “إن إقحام أطراف المعارضة المصطنعة بمعظمها ذات سقف المطالب المنخفض أو غير الموجود أحيانا، هدفه قتل الثورة السورية والمحافظة على النظام (الوظيفي الخدماتي) ببنيته الطائفية المرغوبة والمتعوب عليها دوليا منذ نصف قرن، ويبدو أن هناك انسجاما كاملا بين الروس والأميركيين (والإيرانيين) حول ذلك”.
عودة المعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات سيفتح الباب أمام عدة احتمالات
وتابع “إن إقحام هذه المعارضات يهدف إلى التشويش على هيئة التفاوض المنبثقة عن مؤتمر الرياض، التي لا يمكن تهميشها، لكن على الهيئة رفض أي تواجد لهؤلاء في جنيف أو لقاء مع دي ميستورا، وفي كل الأحوال يمكن الجزم بأن أي اجتماعات في جنيف دون هيئة التفاوض هي مضيعة للوقت، لكن الخطورة تكمن في البحث عن شرعية زائفة للتوصل إلى اتفاق زائف يجري بموجبه استصدار قرار دولي ملزم يشرعن هذا المسار المنحرف الذي يعيد تأهيل النظام الطائفي ومؤسساته العسكرية والأمنية، ويجرم قوى الثورة العسكرية الرافضة له تمهيدا لضربها تحت مسمى الإرهاب وربما لتقسيم سوريا تحت مسمى الفيدرالية التي أشار إليها بيان فيينا بشكل غامض متعمد باسم (الدولة اللامركزية)”.
ودعا تللو الهيئة العليا للمفاوضات إلى التمسك بموقفها الحازم الرافض للمفاوضات دون تحقيق شروطه الأساسية المتعلقة باحترام الهدنة ووقف قصف المدن وإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة والإفراج عن المعتقلين، كما شدد على ضرورة أن تُجري هذه الهيئة “عملية تنظيف داخل صفوفها بشكل حقيقي لتستطيع القول إنها تمثل مطالب قوى الثورة العسكرية والسياسية الغائبة تقريبا عن التواجد المباشر في الهيئة، وهي مفارقة تتسم بها كل هيئات المعارضة السورية من ائتلاف وحكومة وتوابعهما، مما يعني إعادة النظر في تركيبة وفد التفاوض والتوقف عن منح جوائز الترضية عبر جيش المستشارين المرافقين في جنيف”.
مآلات الأزمة
في ظل هذه الرهانات يبدو أن عدم عودة المعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات سيفتح الباب أمام أربعة احتمالات، من المفترض أن تكون قد درستها واستعدت بآليات واستراتيجيات واضحة لمواجهتها:
* أولى هذه الاحتمالات أن يقوم الروس بخرق وفد الهيئة العليا للمفاوضات التي تُعتبر حاليا الطرف الوحيد المفاوض مع النظام، وتضغط للمزاوجة بينه وبين تجمعات سورية أخرى بعضها مُهادن وبعضها مُقرّب من النظام وبعضها الآخر مرضي عنه من روسيا، من أبرزها جماعة مؤتمرات موسكو والأستانة والقاهرة، فضلا عن جماعة قاعدة حميميم العسكرية الروسية المؤيدة للنظام والتي تبذل جهدا لوضع نفسها في خانة المعارضة دون جدوى، وفيما لو نجح الروس في إقناع المجموعة الدولية لدعم سوريا بهذا الأمر، فإن الهيئة العليا للمفاوضات ستوضع في موقف حرج ما لم تكن لديها سياسة واضحة للردّ على هذا الاحتمال.
حتى تتفادى الدول الكبرى تحوّل سوريا إلى “ثقب أسود” يجذب كل إرهاب العالم ومرتزقته ومسلّحيه، وحتى لا تصبح سوريا مُصدّرة للمشاكل والأزمات والإرهاب
* الاحتمال الثاني هو أن تفشل المفاوضات وسط غياب أحد طرفيها، ما يعني بالتالي انهيار فكرة الحل السياسي، أو تأجيلها إلى حين إيجاد ظروف أخرى مختلفة، وخاصة الظروف الميدانية العسكرية، أو إلى حين إقناع طرفي المفاوضات بخفض سقوفهما، ما يعني أن الحرب التي راح ضحيتها وفق تقديرات دي ميستورا نفسه نحو 400 ألف شخص ستستمر، وسيزداد تدمير سوريا، وقد تتحول الحرب الحالية إلى حرب أهلية.
* في الاحتمال الثالث يبدأ سيناريو الحل الفيدرالي أو تقسيم سوريا، خاصة وأن الواقع الميداني يشير إلى أن سوريا باتت مؤهلة لتُقسم إلى ثلاث فيدراليات أو دويلات أو كانتونات، واحدة يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا وأخرى يسيطر عليها العلويون في غربها وثالثة يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في شرقها، وستبقى في هذه الحالة المعارضة العسكرية التي تستند إليها المعارضة السياسية موزّعة في جيوب متفرقة بين هذه المناطق، وهناك دلالات على الأرض توحي بأن عملية ترسيم للحدود الفيدرالية بالنار الروسية والإيرانية والصمت الأميركي تتقدم بشكل مستمر.
* الاحتمال الأخير، هو الأكثر ترجيحا؛ وفيه يفترض أن تتحرك الدول الكبرى بجدّية ومسؤولية لمنع فشل المفاوضات، وتضغط على النظام السوري وحلفائه الإيرانيين لاحترام الهدنة وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة وإطلاق سراح المعتقلين، ووضع حدّ لميليشيات الموت اللبنانية والعراقية والأفغانية حتى لو بشكل مؤقت ريثما يتبيّن ما يمكن أن تنتج عنه المفاوضات، وهو ما يأمل أصحاب الثورة أن يتمّ.
حتى تتفادى الدول الكبرى تحوّل سوريا إلى”ثقب أسود” يجذب كل إرهاب العالم ومرتزقته ومسلّحيه، وحتى لا تصبح سوريا مُصدّرة للمشاكل والأزمات والإرهاب، يبدو أن عليها التحرّك فورا دون تأجيل لإنجاح الخيار الأخير، وتستخدم كل نفوذها لتنفيذ بيان جنيف بدقة وبسرعة، وهو مفتاح الحل المتفق عليه من جميع القوى الإقليمية والدولية، وتعمل على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تُشارك فيها المعارضة والنظام، شرط ألا تضمّ أيّا من رموز النظام الذين تلوّثت أيديهم بالدماء، وأن تُلزم وبالقوة كل الأطراف على القبول بهذه الهيئة، ودون ذلك فإن الساحة السورية ستشهد تطورات متسارعة غير مرضية للسوريين، تكون الغالبية فيها معتمدة على القوة والسلاح والعنف.
كاتب من سوريا
العرب
عن ترابط بؤر التوتر وترابط الحلول أيضاً/ أكرم البني
مثلما لم يخطء من اعتبر التنمية الديموقراطية عملية مترابطة في البلدان العربية وبخاصة مشرقها، ومثلما بدت ثورات الربيع العربي مترابطة بتواترها وتشابه أسباب نشأتها ومعاناة شعوبها، كذلك لا يجانب الصواب من يعتقد اليوم أن مشاريع التهدئة والتسويات السياسية لما يشهده غير بلد عربي من احتقانات وصراعات أهلية، هي مشاريع مترابطة أيضاً.
والحال، ليس مصادفة تزامن مفاوضات وقف نزيف الدم، سورياً في جنيف، ويمنياً في الكويت، وليبياً في طرابلس، مثلما ليست معزولة مثلاً، حالة الاضطراب وعدم الاستقرار المزمن في العراق والانتكاسات المتوالية لترتيب البيت الداخلي، عن فشل الحوار اللبناني وما يولده تنامي الخلافات من توتر وعجز، أوضحه التأجيل المستمر لانتخاب رئيس للجمهورية، وكلاهما عن استعصاء الصراع السوري والنتائج الهزيلة والمقلقة في آن، التي أسفرت عنها مفاوضات جنيف.
صحيح أن تعليق المفاوضات يعود إلى أسباب عدة، منها تشدد النظام السوري وعدم استعداده لتقديم تنازلات حقيقية تدعم هدنة وقف النار وتساهم جدياً في الإقلاع بعملية الانتقال السياسي كما حددتها بيانات جنيف وفيينا، ومنها ما بدا انه خفوت عزم إرادة التفاهم بين موسكو وواشنطن للضغط على الأطراف المتفاوضة وإجبارها على التقدم في مسار الحل السياسي، ربما لانشغال البيت الأبيض بانتخاباته ولتبلور تفاهم أقوى حول خطورة تنظيم داعش وأولوية مواجهته، ومنها تقدم أدوار اقليمية، خفية أو ظاهرة، لها مصلحة في قطع الطريق على أي تحول سياسي في البلاد يضعف نفوذها، ومنها، أخيراً، ما فرزه طول أمد الصراع من جماعات مسلحة تختلف ولاءاتها، لكنها تتحد في الحفاظ على الوضع القائم وخلق شروط ميدانية لإفشال المفاوضات وتسعير العنف.
ويبقى ثمة سبب، غالباً ما يهمل، يتعلق بالانعكاسات المباشرة لبؤر التوتر على بعضها، وإثر ذلك على مسار أي مشروع تسووي، زاد الأمر وضوحاً في الحالة السورية ما خلفته السياسية التدخلية النشطة للنظام في مجتمعات الجوار وبخاصة لبنان والعراق.
هي حقيقة أن الاحتقانات والصراعات الأهلية تستعر بالعدوى ويشكل تفاقمها عاملاً مساعداً في إجهاض الاستقرار والجهود الباحثة عن حلول سياسية، والعكس صحيح، ولعل مسارات التفاوض ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه لو كان اللبنانيون نجحوا في تجاوز الفراغ الرئاسي ومكنوا دولتهم ومؤسساتها من لعب دور إيجابي في التهدئة وتشجيع الحوار، أو سارت الأوضاع العراقية بعد خروج الاحتلال الأميركي نحو تنمية متوازنة غايتها تعزيز التشارك وإرساء دولة العدالة والمواطنة، ومن بعد، لو نجح اليمنيون في وقف العنف والإقلاع بالحل السياسي، وتمكنت القوى السياسية والعسكرية الليبية من وأد خلافاتها والركون للمؤسسات للشروع بضمان الأمن وإعادة البناء.
ترابط المشكلات والحلول السياسية في بؤر التوتر العربية لا يتعلق بوحدة الانتماء أو التقارب الجغرافي أو بتداخل المكونات الاجتماعية العرقية والدينية فحسب، وإنما أساساً بطابع وحجم القوى الدولية والإقليمية التي تتباين في مصالحها وأهدافها وتمتلك ركائز وأدوات محلية تمكنها من التحكم بمصير هذه المجتمعات وتالياً بمدى حاجتها لمساندة ودعم مسار مختلف عن تأجيج الصراعات كي تضمن استمرار نفوذها وامتيازاتها، زاد الطين بلة دخول تنظيم داعش على الخط وانتشاره في هذه البؤر، وامتلاكه قدرات وفرص متنوعة في مواجهة أية مبادرات أو حلول سياسية.
ومع الحرص على عدم المبالغة في انعكاس التوترات الإقليمية على الخطة الأممية لمعالجة الصراع السوري، ومع الاعتراف بخطورة تداعيات هذا الصراع وتنامي الحاجة موضوعياً للسير نحو التهدئة والاحتواء وتقديم تنازلات متبادلة، يجب الاعتراف بأن ثمة قوى داخلية تستقوي بحروب الجوار لتحسين موقعها ونفوذها، وثمة قوى إقليمية لن تسمح بطي صفحة من صفحات الصراع، أنى كانت، إذا أفقدها ذلك أحد أوراق قوتها! ويجب الاعتراف تالياً بأن ثمة مصلحة لأطراف سورية في استمرار لبنان على ما هو عليه من عدم استقرار، ومصلحة لأطراف لبنانية في محاربة أية تسوية في سورية والعراق تنعكس على الداخل اللبناني بخاصة إن ساهمت في إضعاف نفوذ «حزب الله»! فكيف الحال إذ أضفنا تداعيات الموقع الذي قد يحتله الأكراد في أي مشروع تسووي ما يعني تبلور تحالفات وأدوار لن توفر جهداً لإجهاض أي مسار تفاوضي لا يراعي مصالحها؟ وكيف الحال حين تتخذ هذه الصراعات وجهاً مذهبياً بغيضاً، ربطاً بحقيقة أن مختلف بؤر التوتر وبخاصة المشرقية تقع ضمن محور توسل النزعات الطائفية والتوظيف الاستباقي لكل مرتكزاته وإمكاناته لمد نفوذه إقليمياً وتعزيز سيطرته؟!.
هو تفاغر الشقاء العربي وتفاقمه في محيط دولي وإقليمي يتربص به، والقصد أن الحلول والتسويات للصراعات المحتدمة باتت أكثر تعقيداً وغموضاً بارتباطاتها وتشعباتها، وأصبح من الصعب توقع نتائج للمسارات السياسية المحتملة وفرص النجاح، والقصد أيضاً أن كل بؤرة توتر تنتج مجموعة من التفاعلات المؤثرة على البؤر الأخرى والمحيط الإقليمي، لينجلي المشهد عن اندفاعات ورهانات لإفشال أية معالجة سياسية لا تحظى برضا وقبول الجميع، حتى لو أفضى ذلك إلى تسعير العنف وإغراق المجتمعات بالضحايا والخراب.
أولم يسبب تقدم التسوية في إحدى الساحات شقاءً وتسعيراً للعنف في ساحة أخرى؟ وألم يهمل ميدان صراع ويترك لمصيره الأسود حين توافقت المصالح الدولية والإقليمية على الاهتمام بميدان آخر؟! ومن يجزم إذا كان التفاهم بين موسكو وواشنطن لا يزال راسخاً لإخماد مختلف بؤر التوتر، أم أن البيت الأبيض سيعيد حساباته بعد التفرغ من الانتخابات ويتجه نحو إستراتيجية مختلفة؟ وتالياً من يجزم إذا كان صراع النفوذ سيتخذ أشكالاً أشد عنفاً، فاسحاً المجال أمام مزيد من تصعيد الاقتتال الأهلي، أم سيهدأ يحدوه ترقب لتفاهم عربي وإقليمي يوقف دوامة العنف ومعارك النفوذ ويحاصر التأثيرات السلبية المتبادلة بين بؤر التوتر واضعاً شعوب المنطقة أمام حلول وآفاق واعدة؟!
* كاتب سوري
الحياة
جنيف ووحدة المعارضة السورية/ نجاتي طيّارة
لم يكن مفاجئاً وصول محادثات جنيف إلى مأزقها أو فشلها الراهن، إذ على الرغم من الآمال التي روجها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، والوعود التي أطلقها رعاة اتفاق الهدنة المزعومة تحت اسم اتفاق وقف العمليات العدائية، فقد كان ذلك الفشل حدثاً متوقعاً وغير مستغرب. ليس لمن خبر عصبوية النظام وطبيعة علاقته مع حليفية الروسي والإيراني فحسب، بل لكل مراقبٍ لاحظ مماطلة النظام وتعطيله كل تنفيذ مفترض لبنود القرارات الدولية الصادرة حول إطلاق سراح المعتقلين، وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، فضلاً عن قيامه مع كفيله الروسي بالخرق المكثف والمتواصل ما سميت الهدنة، تحت ستار الذريعة الرائجة والمفضلة دوليا باسم محاربة الإرهاب.
ومع استفحال المراوحة، بين مطلب وفد المعارضة في تنفيذ القرار الدولي المتعلق بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي وهروب المبعوث الأممي، ومن خلفه وفد النظام وحليفه الروسي، إلى عروض حكومة الوحدة الوطنية ونواب الرئيس، تحت سقف عدم مناقشة التغيير، وتوحيد القوى ضد الإرهاب. بينما تابعت قوات النظام وحليفاه، وخصوصاً الطيران الروسي، ارتكاب مزيد من المجازر الداعمة لـ “سورية المفيدة”، لم يعد في وسع وفد المعارضة أن يستمر في تمرير تلك الخديعة، وتلك التغطية على انتهاكات النظام وحلفائه، على الرغم من أن موقفه جاء تحت اسم تأجيل المباحثات، وطلب تعليقها، وليس رفضاً لفكرة التفاوض نفسها، ولا قطعاً مع سعي المجتمع الدولي لرعايتها، بدليل بقاء وفد مصغر عنه في جنيف، للتواصل مع مهمة المبعوث الأممي.
وحالما اتخذ وفد المعارضة ذلك الموقف، وأعلنه رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، بدأ سيل متنوع الأشكال من الضغوط الدولية، بهدف إعادة الوفد إلى المباحثات. وإلى ذلك، لمح مسؤولون أميركيون إلى أنّه، في حال لم تتم العودة عن قرار تعليق المشاركة في المفاوضات، فإنّ المعارضة “تكون قد ضيعت فرصة كبيرة لتحقيق الانتقال السياسي”، بينما على هيئتها المفاوضة أن “تكون خلاقة، وألا تكون متشدّدة ومتعنتة”، مطالبين منها أن تتجاوز كل ما يحدث، وتنصرف إلى قضايا تأسيسية، كقضية الدستور الذي طرح المبعوث الأممي دي ميستورا مسودته، وأن تكون تلك المناقشة إيذاناً ببدء مرحلة المفاوضات التي طالما تأخرت. ووصل الأمر إلى درجة تأكيد دي ميستورا أن مباحثات جنيف ستستمر وتعاود جلساتها بعد أيام، مع الإيحاء والتهديد المبطن بأنها ستتابع بمن حضر من المعارضة، أو بضم وفود بديلة، جرت تسريبات إعلامية عن ترشيح شخصياتٍ معينة لها.
وفي الحقيقة، وعلى الرغم من أن الموقف الذي اتخذه وفد المعارضة لا بد أن يكون قائماً على حسابات سياسية، تراعي الاحتمالات المطروحة، وتعتمد على الإمكانات وحدود دعم الدول الصديقة للثورة ووعودها. لكنه، أي هذا الموقف، وضع المعارضة أمام امتحانٍ حاسم، يبدو أنه حان وقته، وهي التي تمكنت، لأول مرة، من توحيد وفدها في مؤتمر الرياض، بصورة نادرة ومخالفة لما عهد عن السوريين من فرقة ونزوعات فردية تاريخياً، ولما عرف عن تشتت المعارضين والتعدد العنكبوتي لتنظيماتهم حديثا.
ولن يكون هذا الامتحان للمعارضة وفصائلها العسكرية والسياسية، بل سيكون لحاضنتها
“امتحان للمعارضة وفصائلها العسكرية والسياسية، لحاضنتها الاجتماعية أيضاً” الاجتماعية السورية أيضا، بما فيها من منظمات مدنية وإغاثية وخدمية وقوى ورموز وشخصيات، في الداخل وفي الخارج. وهي الحاضنة التي خرجت، مع أول مظاهرات الثورة، من إطار الصمت والستار الحديدي الذي كان مطبقاً على جماع السوريين، فتفجرت تعبيراتها، وتعالت أصواتها الفردية خطاباً وغناء وكتابة، بما أتاحته لها ثورة الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي. لكن، في مناخ فقدان التواثق وانعدام تقاليد العمل الجماعي الموروثة عن عهود الديكتاتورية. فوصل ذلك إلى كل ما شهدته ساحة المعارضة وحاضنتها من تشتت وتبعثر تنظيمي، وانفلات الفرديات إلى حدودٍ لا تسمح بالحوار والصبر على فرص التداول الديمقراطي وقواعده، وهي أمور لا شك في أن النظام لعب عليها أيضا، واستفاد من ثغراتها في حربه ضد الثورة والمجتمع السوري.
هكذا، لن يكون وفد المعارضة قوياً وقادراً على تمثيلها، وتعزيز موقفه، والتفاوض حوله، ما لم تكن المعارضة بمجملها، ومعها حاضنتها وأصدقاء الثورة السورية الفعّالون حقا، من دول ومنظمات، خلفه موحدة وداعمة، بغض النظر عن أصوات ناشزة، قد تخرج وستخرج، بالتأكيد هنا وهناك.
ويتطلب هذا الأمر، كما كتب برهان غليون قبل أيام، من الهئية العامة للمفاوضات عدم الاستكانة لصحة موقفها فقط، بل عليها بذل جهود إعلامية واسعة، والقيام بكل ما يلزم من اتصالات وجولات وشروحات لا تهدأ، فضلا عن كون ذلك واجب المعارضين ومؤسسات المعارضة وحاضنتها بالضرورة. فهل سنرى علامات على تعزيز هذا التوجه الذي لا شك أن الثورة السورية بحاجته في لحظةٍ تاريخية حقا، وهو الذي قد ينير بعض الضوء في نهاية نفقها الطويل؟
العربي الجديد
المراهنة على جلب المعارضة!/ فايز سارة
لم يكن تعليق مشاركة وفد المعارضة في «جنيف3»، موقفًا مزاجيًا، كما أشار إليه البعض، ولا هو ينتمي إلى فكرة المغامرة السياسية، أو الاستعراض السياسي، كما قال البعض. بل إنه جاء في سياق موقف جاد ومسؤول من العملية السياسية، التي بدأت في جنيف طبقًا للقرار الدولي 2254 والمرجعية الدولية المنصوص عليها فيه، ووفقًا للنتائج التي تكرست في الجولتين الأوليين من «جنيف3»، وخصوًصا تأكيدات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أن الجولة الثالثة مخصصة للبحث في الانتقال السياسي في سوريا، باعتباره بوابة الحل للقضية السورية.
انسجاًما مع تلك الروحية المحيطة بالجولة الثالثة، كانت مواقف وفد المعارضة السورية الذي تقوده الهيئة العليا للمفاوضات، التي شكلها مؤتمر الرياض.
ولئن بدت بعض التصريحات لأعضاء في الوفد أو في الهيئة متشددة بعض الشيء وقوية، فهذا أمر طبيعي، ويحصل في أجواء أي مفاوضات، خصوًصا إْن كان الوفد المقابل، مثل وفد نظام الأسد ورئيسه بشار الجعفري المعروف بتصريحاته وتعقيباته ومواقفه التي تتسم بعدم الجدية واللامسؤولية والمراوغة في أغلب الأحيان، وكذلك المواقف والتصريحات، التي يطلقها الروس بالتزامن مع جولات «جنيف»، ولا سيما في الجولة الثالثة، ومنها التصريحات الخاصة بوفد المعارضة والمشككة في تمثيله للسوريين.
بطبيعة الحال، فإن تلك الأجواء على رداءتها وسلبياتها، لا تعطي أي مبررات لوفد المعارضة بأن يعلق مشاركته في المفاوضات، ولم يكن من الجائز اتخاذ موقف كهذا، لكن ذلك كان سببًا في توتير أجواء المفاوضات، التي ترافقت في الجولة الثالثة مع ثلاث نقاط.
أولى النقاط، كانت استدعاء وفود موازية لوفد المعارضة وإعطاءها صفة الوفود المعارضة. وباستثناء وفد مؤتمر القاهرة، فإن وفود موسكو وأستانة وحميميم، ليست من المعارضة في شيء، وقد تم تصنيعها، كما هو معروف، بالمشاركة ما بين روسيا ونظام الأسد، بل إن كثيًرا من أعضاء هذه الوفود أعضاء في مؤسسات النظام ومرتبطون بأجهزته الاستخباراتية، والبعض أعضاء في أحزاب مرخصة من قبل النظام، ويعملون تحت جناحه، ولم يكونوا في المعارضة قط، ومن هؤلاء يرغب الروس وبعض من الآخرين، أن يضيفوا إلى وفد المعارضة للحوار مع النظام، أو للتفاوض معه وفقًا لطلب المعارضة
حول الحل السياسي ومستقبل سوريا، ليصبح الوضع أقرب إلى أن النظام يحاور أو يفاوض ذاته.
والنقطة الثانية، أساسها موضوع التفاوض، إذا تجاوزنا فكرة الحوار. ففي الوقت الذي يجري فيه التأكيد على أن الهدف هو الانتقال السياسي، والمؤكد في موقف المعارضة استناًدا إلى المرجعية الدولية عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي مناصفة بين النظام والمعارضة، تأخذ سوريا نحو نظام مختلف لنظام الاستبداد والقتل، يطرح الموقف الروسي رؤية النظام في تكريس الأخير، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة المعارضة، بما يعنيه من تعديلات جزئية، تكرس الواقع، وتعيد تجميل وتأهيل نظام ارتكب من الجرائم ما لم يرتكبه نظام ضد شعب قتلاً وتهجيًرا وتدميًرا لقدرات وإمكانيات الدولة والمجتمع، وألقى بنتائج جرائمه على المحيط الإقليمي والدولي حاضًرا ومستقبلاً، مما يجعل العالم كله، وكأنه شريك في الجرائم ضد السوريين، وليس الذين ارتكبوها، وسيفلتون من العقاب فحسب.
النقطة الثالثة، أنه وبالتزامن مع ما يحصل في «جنيف» من مجريات وطروحات، يتم اختراق هدنة وقف الأعمال العدائية المعلنة دوليًا في سوريا من قبل النظام وحلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات، وتتصاعد العمليات ضد التجمعات السكانية، لتأخذ شكل المجازر الجماعية في الأماكن السكنية والأسواق الشعبية، مؤدية إلى مقتل وجرح المئات يوميًا، واستنزاف ما تبقى من إمكانيات حياتهم التي صارت قليلة للغاية. بل الأبشع من ذلك، إعلان شركاء النظام الإيرانيين والروس عن إرسال وحدات مقاتلة جديدة إلى سوريا، مما يزيد من اختلالات الواقع الميداني، ويجعل فرص الحل السياسي أبعد مما سبق.
وسط تلك الوقائع، بدت الحاجة ملحة لإحداث هزة في واقع «جنيف3». وحتى لا تكون الهزة مجرد ردة فعل وانفعال على نحو ما درجت العادة غالبًا لدى المعارضة، فقد قامت الأخيرة بإعادة طرح الفكرة، التي يقوم عليها «جنيف» أساًسا، وهي الانتقال السياسي عبر التشاركية، ثم أضافت إليها ضرورة الالتزام بالإطار الذي انطلق منه «جنيف3»، وهو القرار 2254 في تأكيد معالجة الأوضاع الإنسانية، التي ما كانت قط، وحسب الواقع وتأكيدات الأمم المتحدة،
موضع نقاش أو مساومة، وفيها موضوع رفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وتمرير المساعدات الإنسانية الغذائية والصحية وإطلاق المعتقلين.
لهذه الأسباب المنطقية، أعلنت المعارضة تعليق مشاركتها في «جنيف3»، ولئن بدا في ذلك بعض التشدد، كما يرى بعض المعنيين بـ«جنيف» من مشاركين ورعاة، فإن معالجة موقف المعارضة، لا تكون بمزيد من الضغط والإكراه من أطراف لا تقتصر على النظام وحلفائه من الروس والإيرانيين والمبعوث الدولي في التلويح ببدائل المعارضة، وعقد المفاوضات بمن حضر، ولا بضغوط بعض «أصدقاء الشعب السوري» بضرورة استمرار حضور المعارضة بكل الظروف والشروط، ثم تجاوز ذلك إلى استخدام القوة لإعادة المعارضة إلى المفاوضات عبر تصعيد الهجمات الميدانية ضد فصائل المعارضة المسلحة وحواضنها الاجتماعية، كما يحدث في حلب وريفها وإدلب من جانب النظام وحلفائه بالتزامن مع إضعاف القدرات الميدانية لقوى المعارضة المسلحة.
المعارضة بشقيها، السياسي والمسلح، طرف أصيل في المفاوضات من أجل حل سياسي في سوريا، ومن دونها لا يمكن تحقيق ذلك، ليس لأنها تملك قدرات ستساعد في تثبيت الحل سياسيًا وعسكريًا فقط، بل لأنها الجهة الأقرب لمطالب السوريين الأساسية في التغيير وإقامة نظام يوفر الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين، ودون مشاركتها لا يمكن الوصول إلى حل للقضية السورية.
كاتب وصحافّي سورّي، وعضو الهيئة السيّاسيّة في الإئتلاف الوطنّي لقوى الثورة والمعارضة حاليا ومستشار سياسي واعلامّي لرئيس الإئتلاف
الشرق الأوسط
طريق المفاوضات الشائك/ د. رياض نعسان أغا
قال لي صحفي روسي بعد توقف المفاوضات السورية في جولتها الثالثة «إن لم تقبلوا بما هو مطروح عليكم فليس أمامكم حل سوى التقسيم»، وعملياً أفاد بعض الكرد من حالة الفوضى والضعف التي تمر بها سوريا، واقتطفوا حصة لهم في شمال سوريا، وتوالت التهديدات بأن يقتطف النظام بدعم من إيران و«حزب الله» وروسيا حصة كبرى تكون سوريا «المفيدة»، بحيث تبقى «غير المفيدة» مناطق صراع طويل وحرب دولية ضد الإرهاب، وتتم فيها معاقبة يومية لأولئك الذين تمردوا على الذل ليذوقوا هول العذاب في مدن وقرى مهدمة لم يبق فيها شيء من شروط الحياة الكريمة! وهذا المخطط المهدد تنفيه الرؤية الدولية التي لا تزال تستند إلى بيان جنيف وما صدر من قرارات دولية عن مجلس الأمن، وكلها تعلن الحفاظ على سوريا وأراضيها موحدة. لكن هذه القرارات التي قبلت بها المعارضة بوصفها حلاً سياسياً يوقف شلال الدم، تبدو ضعيفة وغير ملزمة لحكومة النظام، وهذا ما جعله يستهين بها فيرفض تشكيل هيئة حكم انتقالية على الرغم من أنها تضمن للنظام بقاءه واستمراره مشاركاً في الحكم (عدا من سفكوا الدماء السورية من أركانه ورموزه). ولكن هؤلاء هم الذين يسيطرون على القرار الرسمي في سوريا ويمنعون الوصول إلى حل سياسي، وهم الذين يصعّدون الهجوم على المدن السورية، وهم اليوم يرتكبون مجازر وحشية في حلب بدعم روسي، متذرعين بأنهم يحاربون الإرهاب بقصف عشوائي يدمر الأحياء السكنية بشكل جماعي، ويستهدف المستشفيات، وقد كان من الضحايا الأطباء والمرضى والأطفال! وقد انتشرت صور هذه المجازر المريعة التي ارتكبها النظام يوم أمس، ويبدو أن الروس شعروا بفظاعة هذه المجازر فطالبوا السكان والمعارضة المعتدلة بالابتعاد عن الإرهابيين. ويبدو هذا الطلب نوعاً من التعجيز لعدم وجود مناطق آمنة يمكن أن يلجأ إليها السكان، فالقصف الجوي يدمر كل المناطق، والنظام والروس والإيرانيون يرون السكان جميعاً حاضنة للإرهاب، وهذا ما يجعلهم يقتلون الجميع في حرب إبادة شاملة.
إن استمرار هذه الهجمة سيقضي على الأمل بالوصول إلى حل سياسي، وسيجعل المفاوضات في هذه الأجواء الدموية نوعاً من التعمية على رؤية شلالات الدم الذي ينزف، والجوع الذي يقتل المحاصرين والتعذيب الذي يتشهّى معه المعتقلون أن يريحهم الموت مما هم فيه من بلاء همجي.
والمفجع أن روسيا التي صار بيدها ملف القضية السورية تلعب دورين متناقضين، فهي الدولة الراعية للحل السياسي المنصف والعادل كما يفترض، وهي في الوقت ذاته الدولة الداعمة للنظام بكل ما تملك من أسلحة وقوة، ولولا طائراتها التي تقصف المدنيين منذ خمس سنين لوفر السوريون نصف مليون ضحية على الأقل، ولما نزح سكان سوريا وهاجروا وعرضوا أنفسهم للموت غرقاً في البحار. وستبقى هذه المسؤولية الأخلاقية أمام الشعب الروسي الذي لن يتحمل وزر أن يقتل السوريون وأن يشردوا باسمه، ولابد أنه سيحمّل حكومته هذه المسؤولية. وإن كنا نفهم دوافع إيران و«حزب الله» للتدخل العسكري السريع للدفاع عن النظام ضد شعبه، وهي دوافع توسع طائفي مذهبي وعرقي وتاريخي وإمبراطوري، فإننا لا نقتنع بالدوافع الروسية. ولئن كانت روسيا تبحث عن مصالح لها فإن المصالح الدولية تحفظها الشعوب وليس الحكومات المستبدة، وتحرص الشعوب في علاقاتها الدولية على تبادل المصالح، وليس لدى شعبنا ما يدعوه إلى رفض مصالح مشتركة.
ويعرف الروس أن العقدة الكبرى التي تواجه الحل السياسي هي إصرارهم على بقاء الأسد وأركان حكمه الذين دمروا سوريا وقتلوا شعبها، وأحياناً يقول الروس إنهم غير متمسكين بالأسد لكنهم لا يجدون بديلاً. ويبدو هذا التبرير غير لائق أمام هول المأساة، وسيكون من المحال أن تصل المفاوضات إلى حل سياسي يقوده الأسد وأركان حكمه، ولن تتمكن المعارضات التي صنعها الروس مع النظام من الوصول إلى حل يعيد إنتاج النظام ويمنحه شرعية جديدة، وسيبقى السوريون أولياء الدم أوفياء لمطالبهم، مصرين على أن يتحقق انتقال حقيقي من دولة أمنية مستبدة، إلى دولة مدنية ديمقراطية.
الاتحاد
سوريا إلى مرحلة جديدة من الصراع/ عبد الوهاب بدرخان
انهيار اللا-مفاوضات السورية في جنيف كان انعكاساً طبيعياً لانهيار هدنة “وقف العمليات العدائية”. كانت روسيا وافقت على الهدنة بعد فشل الجولة الأولى في جنيف (مطلع شباط)، تحديداً بسبب مؤازرتها الجوية الكثيفة لقوات النظام السوري وميليشيات ايران في هجومٍ وشيك على حلب، ومع الهدنة قيل إن موسكو اعتزمت الضغط على بشار الاسد كي ينخرط في تفاوضٍ جدّي. انعقدت الجولة الثانية منتصف آذار وسط انتهاكات متفاوتة الخطورة لوقف النار، لكنها مهّدت لجولة ثالثة وصفت بأنها ستدخل صلب الموضوع: الانتقال السياسي. وبين الجولتين الاخيرتين نشطت اتصالات اميركية – روسية، سياسية واستخبارية، تحت عنوان “مصير بشار الاسد”، وفيها تذرّع الرئيس الروسي بالرفض الايراني لأي سيناريو يزيح الاسد، وبذلك كان يشير الى الاميركيين بأنهم لم يعرضوا عليه “صفقة” ويريدون رأس الاسد مجاناً.
لم يكن تدخّل بوتين في سوريا “من أجل حل سياسي” للصراع، بل للضغط على اميركا واوروبا كي ترضخا للأمر الواقع في اوكرانيا وتحرّكا ملفات الخلاف الأخرى مع روسيا. وفي سياق هذا الضغط دعم بوتين تغيير المعادلة الميدانية لمصلحة نظام الاسد، وكان سانده طوال الأزمة، واستجاب بعض رغبات الايرانيين، لكنه لا يزال يتجنّب أي تورّط يُغرق روسيا في صراع طويل قد يتحوّل حرباً استنزافيةً ويوقع خسائر في صفوف عسكرييه. في المقابل، لم يرَ أي استفزاز من الجانب الاميركي بل مزيداً من المراعاة لتشجيعه على ترجيح حل سياسي خلال الشهور المتبقية من ولاية باراك اوباما، وفي آب كحدّ زمني أقصى. لكن الخلاف استمر على امكان نجاح أي حل بوجود الاسد أو بدونه، لذا ارتؤي البحث في “اعلان دستوري” يقلّص صلاحياته. في الأثناء سرّبت موسكو عبر ستافان دو ميستورا اقتراح “ثلاثة نواب للرئيس تختارهم المعارضة” فيما كانت الهدنة تترنّح، وبالتزامن مع حركة نقل آليات وأسلحة ثقيلة روسية الى جنوب حلب ونشاط ايراني لحشد جنود من “الحرس الثوري” والميليشيات. لم يتخلّ الروس والايرانيون ونظام الاسد عن خيار “الحسم العسكري”.
تحاول روسيا حالياً إبقاء المفاوضات قائمة، وتوحي بأن ثمة حلاً ممكناً بين النظام و”معارضات موسكو + القاهرة + استانة + حميميم + الأكراد” التي لم تغادر جنيف (وفد “حميميم” وصل بطائرة وفد النظام). وكلها “معارضات” مفبركة، باستثناء “معارضة القاهرة” التي تضمّ مجموعة من الشخصيات الاعتبارية التي اتخذت موقفاً وسطيّاً لكن يصعب انضواؤها في حلٍّ بوجود الاسد وزمرة القتلة المحيطين به، وبمعزلٍ عن المعارضة التي برهنت باحترامها الهدنة أنها هي الطرف الآخر الحقيقي في المعادلة. في المقابل ترى الدول الداعمة للمعارضة أن اميركا – اوباما خسرت أمام روسيا- بوتين في ادارة الأزمة، وبالتالي فإن الصراع دخل مرحلة جديدة بدأت معالمها ترتسم، خصوصاً في دمشق وغوطتها.
النهار
مفاوضات سورية سورية/ ماجد كيالي
توقّفت المفاوضات السورية – السورية في جنيف من دون أن تصل إلى أي أفق يسمح باستمرارها، وذلك بسبب إصرار وفد النظام على اعتبار بقاء الرئيس بشار الأسد خطا أحمر لا يمكن مناقشته، ومع إصراره على رفض أي حديث عن انتقال سياسي في سوريا، والتصريح بأنه مخول فقط بالحديث عن حكومة وحدة وطنية، بما يخالف منطوق توافقات جنيف 1، ومنطوق القرار الأممي رقم 2254، الأمر الذي حمل المعارضة على تعليق المفاوضات.
على أي حال فإن هذا لا يعني انتهاء المفاوضات، إذ أن المعارضة أظهرت موقفها باعتباره مجرد تعليق للمفاوضات، وليس انسحابا منها، بهدف إعطاء مهلة للأطراف الدولية المعنية للضغط على النظام، أو بالأحرى على حلفائه، لإعادة المفاوضات إلى السكة اللازمة لانتهاء الصراع السوري، وتحقيق الانتقال السياسي.
ومن الواضح أن هذا الموقف يأتي بسبب غلبة دور الخارج على دور الداخل في الصراع الدائر، إذ أن أيا من الطرفين، أي النظام والمعارضة، غير قادر على حسم الأمور لصالحه، فالنظام يستمد قوته من روسيا وإيران، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية تشتغل في إدارة الصراع، بإبقائه مفتوحا ضمن توازن معين، ما يطيل معاناة السوريين، ويترك الأمر لروسيا للتحكم في الأوضاع على الأرض؛ أي أن الولايات المتحدة بموقفها هذا هي التي تتحمل مسؤولية الحسم وضمنه مسؤولية استمرار الوضع على ما هو عليه.
في الواقع فإن تعليق المشاركة في المفاوضات، من قبل المعارضة، يبدو طبيعيا بعد أن بدا أن النظام ينتهج استراتيجية تفاوضية، مـن ثلاث ركائز، تتـأسس أولا، على تقطيع الوقت من دون الوصول إلى أي نقطة ملموسة. ثانيا، استفزاز وفد المعارضة من خلال الحديث عن وفود معارضة أخرى، أو من خلال التقليل من شأنه، أو بث أطروحات غير مقبولة. وثالثا حرف أجندة المفاوضات، بحيث تتركز على تشكيل حكومة وحدة أو على نواب للرئيس وعلى ملفات إنسانية وغيرها، وكل ذلك لتضييع المسألة الأساسية التي تتعلق بمناقشة قضايا التوافق على تحقيق الانتقال السياسي في سوريا.
طبعا لا يمكن لوم المعارضة على موقفها هذا، إذ في هكذا ظروف ومعطيات تفاوضية كان من الأنسب للمعارضة، حتى لا تخسر نفسها وتخسر قضيتها وتخسر جمهورها وتخسر مصداقيتها إزاء العالم، أن تأخذ موقفا كهذا، علما وأن التعليق يعني لا انسحاب ولا مشاركة، أو لا مقاطعة ولا خضوع لإملاءات، لأن المقاطعة كان يمكن أن تعزل المعارضة وتفيد النظام، ولأن العكس، أي الاستمرار في هذه اللعبة، كان سيضر بالمعارضة ويسمح بالتلاعب بأجندة المفاوضات.
منذ بداية هذه الجولة من المفاوضات (جنيف 3) أعلن وفد المعارضة، الذي تشكل في الرياض (أواخر العام الماضي) وضمن معظـم تشكيلات الثورة والمعارضة السوريين، السياسية والعسكرية والمدنية، أن مشاركته في المفاوضات ستتوقف على عدة مبادئ:
أولها، اعتبار بيان جنيف 1 (2012)، والقرار الأممي 2254 (2015) المرجعية للعملية التفاوضية.
ثانيها، وقف القصف الجوي والصاروخي، وصولا إلى وقف شامل لإطلاق النار.
وثالثها، إطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال مواد تموينية إليها. ورابعها، البحث في تشكيل هيئة حكم انتقالية، تنقل إليها الصلاحيات التنفيذية كاملة.
على ذلك فقد كان من المهم للوفد أن يعيد التأكيد على هذه المبادئ، لضمان عدم التلاعب بالمفاوضات، وتضييع تضحيات السوريين، وهذا ما أشار إليه رياض حجاب رئيس الهيئة العليا للتفاوض في خطاب شـامل، أوضح فيـه أسباب تعليق المفـاوضـات، ولاقى إجمـاعـا كبيـرا في أوساط الثورة والمعارضة والمجتمـع السوري.
قصارى القول، منطقيا وسياسيا وأخلاقيا، لا يمكن فهم أي طرف يحاول إطالة عمر نظام بشار الأسد، أو تجنيبه العقاب عمّا حصل من جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، طوال السنوات الماضية، إذ لا يمكن لدماء مئات الألوف أن تذهب هدرا، وكأنها لم تكن، كما لا يمكن الصفح عن موت الألوف تحت التعذيب، ولا عن تشريد الملايين من البشر، ولا عن دمار عمران مدن سورية كاملة.
كاتب سياسي فلسطيني
العرب
من ينسف مفاوضات جنيف؟/ راجح الخوري
كان من المستغرب ان يعلن سيرغي لافروف ان المفاوضات السورية التي توقفت في جنيف، ستُستأنف في العاشر من أيار، لأن الاعلان عن هذا الأمر هو من صلاحية الأمم المتحدة، وتحديداً على خلفية قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤!
اعلان لافروف دفع المراقبين الى التساؤل ما اذا كانت موسكو التي تتصرف كأنها تنوب عن الشعب السوري، الذي طالما قالت انه هو الذي يقرر مصيره ويختار مستقبله، باتت تنوب الآن عن الأمم المتحدة في تحديد مواعيد المفاوضات التي سبق لها ان أفرغتها من مضمونها، عندما لم تقنع النظام السوري بالالتزام الفعلي للهدنة المعلنة لا بل انضمّت اليه ودعمته في تصعيد العمليات العسكرية في حلب بذريعة لم تعد تقنع أحداً وهي انها تقاتل الارهابيين!
واذا كانت الأمم المتحدة لم تعلن أمس عن موعد استئناف مفاوضات تضييع الوقت، بعدما استمعت الى تقرير دو ميستورا، فكيف يحق لموسكو ان تحدد موعداً جديداً، وهو ما دفع جورج صبرا الى ان يعلن بأسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تشكلت في الرياض انفاذاً لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ، ان الأمم المتحدة هي التي تحدد المواعيد والمعارضة لن تعود الى المفاوضات قبل تنفيذ مطالبها، التي اتّفق عليها سابقاً، وهي التزام النظام بالهدنة المعلنة ووقف النار واتّخاذ اجراءات حقيقية على الارض تكفل ايصال المساعدات الانسانية الى المحاصرين المعرضين لسياسة التجويع!
السؤال الأهم، ما قيمة مفاوضات المهزلة وتضييع الوقت التي يديرها دو ميستورا في جنيف بعدما تم خلط الأوراق بطريقة هدفها الغاء دور الهيئة العليا للمفاوضات، وذلك من خلال وجود ثلاثة أنواع من المعارضين، فهناك معارضة السوريين الذين اجتمعوا في موسكو، ومعارضة السوريين الذين اجتمعوا في القاهرة، ومعارضة الداخل التي دسها النظام على طريقة حصان طروادة!
لهذا لم يكن مستغرباً ان يعلن لافروف بعد انسحاب وفد الهيئة العليا للمفاوضات أن انسحابها من المفاوضات احتجاحاً على عدم وقف النار واستمرار المجازر التي يقترفها النظام في حلب ومحيطها، يشكّل خسارة للهيئة نفسها، ثم جاء تعليق دو ميستورا ليزيد الأمر سوءاً عندما قال، ان الانسحاب هو مجرد استعراض ديبلوماسي !
من الواضح جداً انها عملية شراء جديد للوقت للتعمية على قرار المضي في الحل العسكري الذي يتمسك به النظام وحلفاؤه الروس والايرانيون منذ البداية، ففي ٢٤ آذار سلّم دو ميستورا الوثيقة التي كان من المفترض على أساسها ان تُستأنف المفاوضات، وفي بندي
النهار
الحقيقي والشكلي في حديث التسويات/ خالد غزال
لا يصدر الحديث عن تسويات في المنطقة، بل السعي الى تحقيقها، عن فراغ. فالحروب المندلعة منذ أكثر من خمس سنوات استنزفت وأرهقت بلداناً عربية، وبدأت شظاياها تتناثر خارجياً، وتهدد بالخطر الأمني دولاً غربية متعددة. لكن مسافة شاسعة تفصل بين النوايا والاستعدادات وبين تحقيق وقائع ملموسة على الأرض خصوصاً في ثلاثة بلدان هي سورية واليمن والعراق. لتوفر التسوية، تحتاج القوى الدولية الراعية الى قرار حازم يلاقيه استعداد داخلي ناجم عن اقتناع القوى المتصارعة استحالة الحسم العسكري والاقتناع بقبول الحد الممكن من المطالب.
في سورية، بدأت المفاوضات مجدداً في جنيف تحت رعاية اميركية – روسية وحضور وفود من المعارضتين السياسية والعسكرية، لكنها تعثرت بعد فترة وجيزة من انطلاقتها. لا يبدو مستعصياً تفسير هذا التعثر، فالراعيان الدوليان غير متفقين عملياً على مفاصل الحل السياسي، فالروس ما زالوا يتخذون بالكامل موقفاً يصب في مطالب النظام، تدعمهم ايران في هذا الموقف، فيما ما زال الموقف الأميركي يتصف بالتذبذب والتردد. ما زالت عملية الانتقال السياسي ومصير الرئيس السوري نقطة الخلاف المركزية والتي تخفي وراءها صراع المصالح الداخلية والخارجية. لعل المعضلة المركزية في سورية تتمثل في ان التسوية مستحيلة مع بقاء رأس النظام والكتلة المحيطة به، وان الإطاحة بالرئيس تعني لأهل النظام السوري وللراعيين الايراني والروسي انهيار النظام بمجمله. هذا التعثر في الوصول الى تفاهم جعل التسوية في مرحلة انهيار شبه تام، وهو أمر يريده النظام الرافض تقديم تنازلات والحالم دوماً بالحسم العسكري. قد لا يعني ذلك انسداداً كاملاً لعودة المفاوضات، لكن لا يحلمن أحد بنتائج سريعة. للتذكير، ان مفاوضات الحرب الأهلية اللبنانية بدأت منتصف الثمانينات من القرن الماضي ولم تصل الى تسوية الطائف إلا مطلع التسعينات منه.
في العراق، يبدو المشهد متفجراً على صعيد البنية السياسية. فالحرب ضد «داعش» تمر في مد وجزر، تحكمها حدود الرغبة الحقيقية، والمشكوك فيها، في إنهاء هذا الملف خصوصاً من دول التحالف الغربي، والكف عن استثمار هذا الملف لتحقيق مصالح هذه الدول. لكن الأخطر في العراق هو انفجار مكوناته البنيوية في شكل غير مسبوق معبراً عن نفسه بالصراع الطائفي والمذهبي على السلطة، وهو صراع مندلع بين المكونات بعضها ضد بعض، وفي داخل المكونات المذهبية نفسها. صحيح ان هذا الصراع ليس ابن اليوم، بل هو يمتد الى مطلع القرن مع احتلال العراق وإنهاء حكم الديكتاتورية. تبدو التسوية المقترحة والجاري نقاشها ضمن وجهة تكوين نظام محاصصة طائفية ومذهبية، سيمر الوصول اليها عبر مسالك وعرة، تبدأ بتلاعب الخارج بالمكونات البنيوية نفسها، وينتهي بصراع طاحن بين الطوائف والمذاهب، تؤسس لصراعات مستقبلية ساخنة. وهنا ايضاً، يظهر ان العراقيين «يستلهمون» النموذج اللبناني في إنتاج نظام محاصصة طائفية، هو مصدر الخراب الأساسي للبنان، وكذلك سيكون مدمراً للعراق.
البلد الثالث الذي يسعى الى تسويات هو اليمن. بعد حرب استمرت أكثر من عام، وانهكت القوى المتحاربة، داخلياً وخارجياً، ها هي المفاوضات الدائرة تعاني تعثراً ناجماً أيضاً عن مدى استعداد قوى الداخل القبول بتسوية تنهي هذه الحرب. لا أحد ينكر أن الحوثيين ومن معهم يشكلون واحداً من مكونات النسيج الاجتماعي في اليمن، وأن أي تسوية محكومة بأن تفسح مكاناً لهم في العملية السياسية. لكن المعضلة هنا تكمن في الدور الخارجي المعيق لإنجاز تسوية والمتمثل بالتدخل الإيراني والتأثير على قرارات الحوثيين. تستهول ايران فقدان موقعها المؤثر في اليمن، الذي كانت تعتبره مدخلاً مهماً للهيمنة على مناطق في الخليج العربي، لذا تسعى الى إفشال المفاوضات والاستمرار في القتال. وهو أمر يكلف اليمنيين ضحايا على غرار ما هو حاصل في سورية. لذا من المتوقع أن تشهد المفاوضات اليمنية مراحل من مد وجزر قبل ان تقتنع الحركة الحوثية بتسوية تضمن لها موقعاً في السلطة السياسية في البلد.
لعل المعضلة الكبرى في الأزمات المفتوحة تتصل بضمور فعالية قوى الداخل وعجزها عن صياغة حلول تتوافق مع مصالح بلدانها، وتأمين القوى المحلية لتنفيذها. هذا الضعف والإنهيار البنيوي جعل من الخارج قوة محددة لمسار الحلول والتسويات، فقد بات هذا الخارج داخلاً بكل معنى الكلمة. في مثل هذه الحالات، تغلب مصالح قوى الخارج على المصالح الداخلية، وترتهن قوى الداخل الى ما تراه القوى المسيطرة من الخارج.
* كاتب لبناني
الحياة
تفاوض أمرّ من الحرب/ امين قمورية
هتافات الشعب يريد… لم تسقط معمر القذافي. الطريق لاطاحة الديكتاتور كان طويلاً ومفروشاً بالاشلاء والانين والاوجاع والدمار. اسقط المعارضون حكم العقيد ولكن كان على الليبيين ان يخسروا كل شيء لشراء اللاشيء. لم يتفق المتمردون على بديل يحل محل المخلوع، تصارعوا على السلطة وتقاتلوا من جديد حتى لم يبق شيء يتقاتلون عليه ومن اجله. فجأة من دون مقدمات انقلبت خشبة المسرح. نزعت المتاريس والحواجز ورفعت اغصان الزيتون وموائد التفاوض، وتحول التراشق بالرصاص والمتفجرات الى تناتش للحصص وتقاسم للنفوذ بلا أمل في استقرار وبناء دولة على اساس المواطنة. هكذا حدث في العراق بعد اقصاء صدام وحزبه وجيشه، فالصراع بين الطامحين الى وراثته لا يزال في ذروته جارفاً معه ثروات البلاد ونفطها ومياهها والموارد كما البشر والطاقات ليجعل أغنى دول الارض قفراً منسياً.
طبخة التسوية الصعبة في سوريا تتسابق مع الصواريخ المنهمرة على رؤوس الآمنين، ولو اتيح للمعارضين ومن يؤازرهم ارغام بشار الاسد على الرحيل طوعاً أو قسراً، فهل يمكن تجنيب من تبقى من السوريين في ارضهم صراعاً أشد هولاً بين الطامحين الى خلافته على الاطلال الباقية من الديار الشامية ؟ هل يكون حظ سوريا افضل من حظ ليبيا والعراق في هذا المجال ؟ وهل يكف هؤلاء عن التآمر على اتباعهم السذج او المغلوبين على أمرهم أو التوسل الى من يتآمر عليهم من الخارج واستدعائهم مجدداً لـ”الاستئناس” بتدخلهم في شؤونهم واتخاذ القرارات عنهم في مواجهة الشريك الاخر في القتال ضد السلطة المنهارة… ذلك انه ما دامت هناك حصص ومحاصصة وما دامت هناك شهوة السلطة ، ستظل النتيجة قبض الريح. وعندما تبتعد السلطة عن طالبيها في ميادين القتال يرضخون للتفاوض من أجل أن تقترب منهم.
الحروب الاهلية ليست حكراً على العرب، دول عدة شهدت حروباً مماثلة لكنها نجحت في استخلاص عبرها وتحويلها الى قوة دفع لشعوبها وحافزا على التمسك بالوحدة. الحرب الاهلية في سويسرا نقلت هذا البلد من التفكك والكانتونات اللغوية والاتنية الى دولة السلام والحياد الاولى في العالم. الحرب الاهلية اعادت الى اسبانيا مكانتها في أوروبا بعد مصالحة الملكيين مع الحمهوريين. الحرب الاهلية ايضا توجت الولايات المتحدة اكبر قوة عالمية بعد جمع شمالها وجنوبها في بوتقة واحدة… أين اذن المشكلة هنا؟ هل نحن شعب لا يتعلم؟ أم المشكلة في جوهر نظرتنا الى الدولة والوطن؟
فقط في هذا العالم العربي نسمع هذا التعبير المخزي المسمى “المحاصصة”، ذلك ان لا وجود ولا مكان ولا معنى لكلمة وطن، لا في أذهان أصحاب السلطة ولا لدى الذين يقاتلون أو يتفاوضون من أجلها.
النهار