عوارض الموقف الإسرائيلي إزاء سوريـا
انطـوان شلحـت
آخر التحليلات الصحافية الإسرائيلية المتعلقة بموقف حكومة بنيامين نتنياهو إزاء ما يجري في سوريا، يبرز وجود خلافات في الرأي بين تيارين أساسيين داخل المؤسستين السياسية والأمنية، في ما يتعلق بالمقاربة التي يجب تبنيها حيال مستقبل نظام بشار الأسد.
التيار الأول يرى أن سقوط هذا النظام يخدم الهدف الأسمى الذي تسعى إسرائيل نحوه حاليًا، وهو كبح البرنامج النووي الإيراني، وتفكيك “محور الشرّ” المؤلف من إيران وسوريا و”حزب الله” (لوحظ أن التشخيصات الإسرائيلية المستجدة لأطراف هذا المحور لم تعد تُدرج حركة “حماس” في إطاره).
والتيار الثاني يعتقد أن سقوط ذلك النظام سيؤدي إلى تعزيز قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة في صفوف المتمردين السوريين، وإلى تفاقم التهديدات “الإرهابية” المتربصة بإسرائيل.
وثمة من يتهم المسؤولين في إسرائيل بانتهاج استراتيجيا مرتبكة إزاء هذا الموضوع، تعكس نفسها في سيل من التصريحات المتناقضة الصادرة عنهم، والتي يعرب بعضها عن الرغبة في سقوط النظام السوري، بينما يتمنى بعضها الآخر بقاءه.
وبرأيي، فإن المعبرين عن الرغبة في سقوطه، إنما يساهمون في تحقيق أمنية بقائه، من خلال حملات التجيير الحاصلة لتلك الرغبة في سياق شيطنة الثورة المندلعة في هذا البلد، وخلع “نظرية المؤامرة” عليها.
ومع ذلك، لا بُد من الإشارة إلى أن العوارض المهمة للموقف الإسرائيلي إزاء سوريا تبقى كامنة في “الجهود” الديبلوماسية والعملانية الرامية إلى الحؤول دون انتقال أسلحة متطورة من ترسانة الأسلحة التي في حيازة نظام الأسد إلى أيد أخرى، تعتقد إسرائيل أنها لن تكون “أمينة” عليها مثلما كانت سوريا منذ اتفاق فصل القوات بين الدولتين عام 1974، ولا سيما في كل ما يتعلق بزجّها في عمليات حربية ضد الأراضي الإسرائيلية.
والتوصيف الإسرائيلي الرائج لهذه الأسلحة هو أنها “كاسرة للتوازن”، وقد يترتب على انتقالها خطران:
أولاً، تآكل التفوّق النوعي الإسرائيلي في مجال منظومات السلاح التقليدي؛
ثانيًا، نظرًا إلى أن استقرار عدد من الأنظمة في الشرق الأوسط لم يعد أمرًا أكيدًا جراء ثورات “الربيع العربي”، فإن منظومات السلاح المتطور التي هي الآن تحت المراقبة والسيطرة قد تقع في أيدي جهات ذات نيات أخرى، ويمكن أن تشكل تهديدًا للإسرائيليين والأميركيين.
والسبب المؤسس، وإن لم يكن الوحيد، لهذا الموقف، هو أن تفوّق إسرائيل يشكل الضمان الوحيد لاستمرار بقائها، سواء في أوضاع الحرب، أو أوضاع السلم، أو حتى أوضاع اللاحرب واللاسلم القائمة حاليًا.
النهار