صفحات الناس

عودة هادئة لـ”الجيش السوري الحر”؟/ ألكس راول

 

 

على الرغم من الهزائم والإخفاقات المتكررة، لم يتم القضاء تماماً على ثوّار سوريا المعتدلين، واستعادوا هيبتهم أخيراً

الفصائل السورية

لم يكن إئتلاف الثوار السوريين غير الجهاديين غير المتماسك، والذي يُعرف بالجيش السوري الحر، في وضع يُحسد عليه في العامين الماضيين.

بين التخلّص من الهزائم على أيدي الأخصام المتّصلين بالقاعدة في محافظات رئيسة عام 2014 ومخاوف من توسّع النفوذ والعقيدة الإسلامية حتى ضمن الكتائب المعتدلة نسبياً، يعتقد العديد من المراقبين- لاسيما في الغرب – أنّ الجيش السوري الحر ليس بديلاً حيوياً ولا مرغوباً لنظام بشار الأسد.

في مقابلة تعود الى آب 2014، اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما المقاتلين “أطباء، ومزارعين، وصيادلة سابقين”، لطالما كانت حظوظهم في النصر “ضرب من الخيال”. وفي تشرين الأول 2014، توصّل استفتاء إلى أنّ 35% من الأميركيين فضّلوا تسليح الثوار السوريين على قتال داعش، مع مخاوف قوية من احتمال استخدام الأسلحة لاحقاً ضد الولايات المتحدة.

غير أنّ مقتل عضو من جبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة، على يد كتيبة غير جهادية في درعا أكّد أنّ مقولة إنّ فصائل الجيش السوري الحر المتبقية اليوم جميعها عبارة عن رفاق مذعنين لأتباع بن لادن، مبسّطة بشكل واضح. وبالفعل، فإنّ إئتلاف الجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر، الذي يسيطر على أراض كبيرة الى جانب الحدود الجنوبية لسوريا، بما فيها المعابر مع الأردن (لذلك فهي تتلقى مساعدات مالية وعسكرية من الخليج ومن الدول الغربية)، تنصّل رسمياً من النصرة في نيسان 2015، قائلاً إنّ “لا النصرة و لا أي شيء آخر من هذه العقيدة  يمثلّنا […] لا يمكننا الانتقال من حكم الأسد الى حكم أيمن الظواهري، زعيم القاعدة، والنصرة”.

وعلى نحو مماثل، تدلّ مجموعة من الإنجازات الأخيرة للجيش السوري الحر في ساحة المعركة- لا سيما ما نُشر عن تدمير عشرات دبابات النظام على يد ثوار يجيدون استخدام صواريخ مضادة للدبابات توفرها لهم الـ CIA، ما يؤدي الى مكاسب أرضية في حماه وحلب- على أنّ الأطباء، والمزارعين، والصيادلة ليسوا عاجزين عسكرياً كما يريد باراك أوباما لقرّاء النيويورك تايمز أن يعتقدوا.

باختصار، فإن التقارير حول انتهاء الجيش السوري الحر مبالغ فيها الى حد كبير. أو كما عبّر عنها تشارلز ليستر، من مركز بروكينكز في الدوحة، الذي أنهى مؤخراً كتاباً حول التمرّد السوري، في مقالة له الأسبوع الماضي “على الرغم من تجاهل الأمر، لدى سوريا معارضة معتدلة  قوية ومحصّنة اجتماعياً على الأرض”.

في الخارطة الواردة آنفاً والجدول الوارد في الأسفل، يضع NOW المكونات الأساسية لهذه “المعارضة المعتدلة” في سياق التمرّد بالاجمال، مستخدما بيانات قدمها معهد دراسات الحرب في تقرير مفصل عُرض في وقت سابق من هذا الشهر.

وفي حين أنّ التقرير يضع قائمة بإسم أكثر من 200 كتيبة ثوار، فقد سلّط NOW الضوء على أكثر من 12 مجموعة اعتبرها كتّاب التقرير “سماسرة السلطة”، أي أنها “تحدّد على نحو غير متكافئ نجاح العمليات العسكرية ضد النظام السوري أو ضد داعش، وهي متمركزة استراتيجياً، و/أو تلعب دوراً رئيساً في الحكم”.

سماسرة السلطة هؤلاء يُصنّفون إذاً وفقاً لعلاقتهم بجبهة النصرة. الفصائل “الحليفة” يعرّفها الكتاب على أنّها تلك التي “تشارك النصرة أهدافها المؤقتة”، ويُعتبرون “حلفاء قريبون إيديولجياً” منهم، بعكس النفوذ الغربي والحكم العلماني. المجموعات “القابلة للانفصال” هي تلك “التي تنسّق رسمياً العمليات العسكرية مع جبهة النصرة من بين العديد من المجموعات الأخرى من خلال قادة عسكريين مشتركين، للضرورة العسكرية”، في حين أنّ المجموعات “المستقلة” هي التي لا تتشارك وجهة نظر النصرة ولا تنسّق معها عسكرياً.

بالتالي، يوجد فقط ثلاثة وسطاء سلطة، هم جند الشام، وجند الأقصى، وأحرار الشام يعتبرهم كتّاب معهد دراسات الحرب مجموعات “حليفة” (النصرة نفسها وسيطة سلطة في كافة المحافظات ما عدا اللاذقية).

وفي الوقت نفسه، اعتُبر وسيط سلطة واحد – هو نور الدين الزنكي- “مستقلاً” (رغم أنّ خمس مجموعات “مستقلة”- هي جيش الثوار، وصقور الغاب، والقسم الثالث عشر، وصقور الجبل، وسيف الشام- صنفوها “وسطاء سلطة محتملين”، أي أنها مجموعات يمكن أن تصبح وسيطة سلطة لو أنها تلقّت “دعماً خارجياً متزايداً”). هكذا فإنّ غالبية وسطاء السلطة، يصنفون في مكان ما بين فئتين: الاختلاف مع امتيازات القاعدة نظرياً والتعاون معها عمليا من وقت الى آخر.

وكما يدلّ عليها اسمها، فإنّ المجموعات القابلة للانفصال، حسبما يلمّح إليها تقرير معهد دراسات الحرب تُعتبر مجموعات محددة عملت في أوقات معينة مع النصرة، ويمكن في ظل ظروف مختلفة أن تُعتبر “معتدلة” أو حتى أنّ تكون مرشحة لنل المزيد من الدعم الأميركي.

“من المقاييس الفعّالة الأخرى لقياس مدى انسجام مجموعات الثوار مع مصالح الولايات المتحدة هو مدى تمسك مجموعة ما برؤية ما للقومية السورية، وبالتالي رفضها المشاريع العابرة للبلدان التي تعرضها داعش وجبهة النصرة”، قالت لـ NOW جينيفر كافاريلا، من إيفانز هانسون في معهد دراسات الحرب والكاتبة الرئيسة للتقرير.

مع أو بدون الدعم الأميركي، من العوامل الأساسية التي ساعدت على استعادة الجيش السوري الحر حظوظه خلال الأشهر الأخيرة، هي المساعدات المتزايدة له من دول الخليج، لا سيما من المملكة العربية السعودية وقطر، قال ليستر في محادثة مع NOW. “لا سيما منذ التدخّل الروسي”، عندما ازدادت الأسلحة المقدمة من الخليج له بما فيها الصواريخ المضادة للدبابات. لقد ارتفعت “مستويات الاحترام” للجيش السوري الحر ليس فقط بين المدنيين السوريين المعارضين لنظام الأسد بل بين مجموعات الثوار الأخرى، بما فيها جماعة أحرار الشام المتشددة، كما قال ليستر لـNOW.

وفي حين اعتبر كل من ليستر وكافاريلا بأنّ الحملة الجوية الروسية يمكن كذلك أن تكون لصالح النصرة، حيث ستدفع الكتائب الأضعف الى الاحتماء بها، قال ليستر لـNOW إن الجيش السوري الحر يمكن مع ذلك أن يبني على نجاحاته إن هو استمر “في تلقي هذه الأنواع من الأسلحة من الخارج، التي تضعه في موقع متقدم”.

أحد أنواع الأسلحة التي يمكن أن تكون فعالة أكثر من غيرها في هذا السياق- والتي كانت محط الأنظار والتكهن في الأيام الأخيرة- هي صاروخ MANPADS المضاد للطائرات، الذي يمكن بالطبع استخدامه لاسقاط الطائرات الروسية والسورية.

وفي حين قال ليستر لـ NOW إن المملكة العربية السعودية قادرة وراغبة بتزويد الثوار بهذه الأسلحة، فإنّها لا تزال عرضة لحظر أميركي فعلي. وحتى مع ذلك، قيل إن النقاشات في المنطقة حول هذا الموضوع أحييت من جديد، وكتيبة واحدة على الأقل زعمت أنها تتوقع تلقي دفعة من الأسلحة في أول تشرين الثاني.

“العديد من مقاتلي الجيش السوري الحر المقربين جدا من المملكة العربية السعودية والولايات قالوا لي صراحة إنّ داعمينا في المنطقة كانوا يتحدثون عن MANPADS أكثر كثيراً مما اعتادوا”، قال ليستر، وتابع: “نعم، لقد قالوا إنّه لايزال من غير الممكن ارسالها، ولكنهم يناقشون الأمر، لو كان ذلك ممكناً، فأين سوف تكون مفيدة؟ إذا كنا سنرسل لكم عدداً قليلاً، على أي نوع من الجبهات سوف تحتاجون اليها أكثر؟ وأعتقد بأنّ هذا النوع من الأسئلة يدلّ على أنّ هناك نوعاً جديداً من مستوى التفكير في هذا الموضوع. ولكن كل ذلك متعلق فعليا باعطاء الولايات الضوء الأخضر”.

هذا المقال ترجمة للنص بالإنكليزية

(ترجمة زينة أبو فاعور)

موقع لبنان ناو

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى