صفحات الثقافة

غونتر غراس قال في قصيدته مايجب ان يقال وعم الغضب في المانيا


فخرية صالح

فخرية صالح من برلين: اثار حامل جائزة نوبل للاداب غونتر غراس زوبعة اعلامية وسياسية عندما هاجم بشدة سياسة اسرائيل بخصوص الملف الايراني في قصيدة له ومن خلال ذلك تعرض للانتقاد ايضا. اتهم غراس في قصيدته المنشورة في صحيفة زود دويتشة تسايتونغ اسرائيل بتعريض السلام العالمي للخطر. وردا على ذلك وجه المبعوث الاسرائيلي في المانيا ايمانويل نحشون وكذلك الجمعية الالمانية الاسرائيلية نقدا لاذعا لغونتر غراس.

وعنون غراس قصيدته ب (مايجب ان يقال) وفيها اتهم غراس اسرائيل بانها عبر ضربتها الاستباقية لايران ستمحو الشعب الايراني بكامله، لمجرد تخمينات تقول ببناء ايران للقنيلة النووية. في الوقت الذي تملك اسرائيل مخزونا نوويا, لايستطيع احد معرفة حجمه بسبب منع اسرائيل لتفتيشه.

لماذا أقول الآن ولاول مرة، بعد ان شخت ولم يتبق لي سوى قطرات اخيرة من الحبر: إن الطاقة النووية لاسرائيل تهدد السلام العالمي الهش بالفعل؟ كتب هذا غونتر غراس في قصيدته واكد انه صمت حتى الآن لانه كان مقتنعا بجرائم النازية الالمانية ضد اليهود، وكان هذا يمنع توجيه النقد لاسرائيل، والآن يمكن ذلك، ولكن “غدا سيكون متأخرا جدا” وألمانيا “ستكون المورد للجرائم”. غراس ينتقد بهذا توريد المانيا غواصة لاسرائيل. وبواسطة هذه الغواصة يمكن لاسرائيل” ان توجه الرؤوس النووية المدمرة لكل شيء” الى ايران.

ردود فعل إسرائيلية

القدس (ألمانيا)(ا ف ب): وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية “بالرديئة” قصيدة الالماني الحائز جائزة نوبل للاداب غونتر غراس التي دافع فيها عن ايران واعتبر ان اسرائيل واسلحتها النووي “تهدد السلام العالمي الهش في الاساس”.

وقال يغال بالمور المتحدث باسم الخارجية لوكالة فرانس برس ان “عمل غونتر غراس الذي يتراوح بين الخيال والخيال العلمي سيئة جدا وذوقها رديئة. قصيدته رديئة وتفتقد للباقة”.

من جهته رأى المؤرخ الاسرائيلي توم سيغيف في مقال في صحيفة هارتس بان الكاتب الالماني هو “مثير للشفقة اكثر مما هو معاد للسامية”.

واضاف ان “المقارنة بين اسرائيل وايران غير عادلة لانه على عكس ايران لم تهدد اسرائيل ابدا بازالة دولة ما عن الخارطة”.

وكتب المعلق شاي جولدن في صحيفة معاريف ان تصريحات غونتر غراس “لا تشير بالضرورة الى معاداة السامية ولكن الى رفضه تحمل مسؤولية جرائمه التاريخية”.

واضاف “اتفق تقريبا مع كل ما قاله لكنه ببساطة لا يمتلك الحق التاريخي او الاخلاقي لقوله”، في اشارة منه “لخيانة مبدا التكفير الذي يجب على كل الماني الالتزام به دائما عن الحديث عن اسرائيل واليهود”. وكتب المعلق شاي جولدن في صحيفة معاريف ان تصريحات غونتر غراس “لا تشير بالضرورة الى معاداة السامية ولكن الى رفضه تحمل مسؤولية جرائمه التاريخية”. واضاف “اتفق تقريبا مع كل ما قاله لكنه ببساطة لا يمتلك الحق التاريخي او الاخلاقي لقوله”، في اشارة منه “لخيانة مبدا التكفير الذي يجب على كل الماني الالتزام به دائما عن الحديث عن اسرائيل واليهود”.

ووضع المبعوث الاسرائيلي في برلين نحشون قصيدة غراس ضمن” الحملة المسعورة لمعاداة السامية منذ قرون ضد اليهود. وقال “مايجب ان يقال، هو ما ينتمي إلى الموروث الأوروبي، باتهام اليهود بالقتل اثناء شعائرعيد الفصح اليهودي، حيث كان يتم استخدام دم الأطفال المسيحيين لتصنيع فطائرالعيد اما اليوم فهو الزعم بان ماتريده الدولة العبرية هو محو الشعب الإيراني”. وأكد المبعوث أن إسرائيل تريد أن تعيش بسلام مع جيرانها.

ومن ناحية اخرى ذهلت أيضا اللجنة اليهودية الأمريكية لقصيدة غراس وقالت بانها ثضر بشكل كبير بالصداقة الاسرائيلية الالمانية عندما شبه غراس سياسة إسرائيل الأمنية الأساسية باعتبارها جريمة وهو يحمي المسبب الحقيقي للازمة ” هذا ماقالته ديدري بيرجر، مدير ة اللجنة الامريكية اليهودية في برلين

من ناحيته شن رئيس الجمعية الألمانية الاسرائبلية راينهولد روبة هجوما عنيفا على قصيدة غراس ووصفها بان لاقيمة لها وانها عبث لها وان جهل غراس بطبيعة الوضع المعقد في الشرق الاوسط مخيف ويبعث على عدم مصداقيته عبر قصيدته هذه بكونه مثقف وفنان.

في الوقت نفسه ورفض المتحدث باسم الحكومة ستيفن سيبرت ا لتعليق على القصيدة.وقال ” في ألمانيا حرية الفن مضمونة”، واضاف سيبرت ” و أيضا لحكومة المانيا الاتحادية الحرية في ان لاتعلق على كل شيء”

واتهم الصحافي هنريك م برودر من صحيفة “العالم” اتهم غونتر غراس بانه “النموذج الاساس للمتعلمين المعادين للسامية وغراس كانت لديه دائما مشكلة مع اليهود، ولكنه لم يعبر سابقا بهذا الوضوح كما هو الحال في هذه القصيدة.

وبدورها علقت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي الاشتراكي اندريا ناهلس في تعليق نشرته شبيغل اون لاين انه ازاء التطورات في الشرق الاوسط فانها تشعر بأن قصيدة مايجب ان يقال لغونتر غراس هي مغضبة وغير لائقة بينما في المقابل وقف اليسار الالماني مع الكاتب والروائي غراس وقال فولفغانغ غيركة ان غراس يملك الشجاعة للتعبير عما كان مسكوتا عنه لوقت طويل.

وستتداعى التصريحات والمواقف ضد ومع غراس حول قصيدته في الايام والاسابيع ان لم يكن الاشهر القادمة حيث ان العلاقات الالمانية الاسرائيلية عميقة ودور اللجنة الاسرائيلية الالمانية في الحياة السياسية والاجتماعية والاعلامية دور كبير ومؤثر في اتخاذ القرار في المانيا على الصعيد الرسمي والشعبي وما حماسة الحكومة الالمانية بخصوص فرض العقوبات على ايران الا في هذا السياق فهل سيصبح حامل جائزة نوبل كبش الفداء لهذه العلاقة… لننتظر.

ايلاف

إشارة غونتر غراس

ساطع نور الدين

لعله كان يصفي حسابا قديما يرجع الى اللحظة التي اعلن فيها فوزه بجائزة نوبل للآداب في العام ١٩٩٩، لكن الأديب الالماني المرموق غونتر غراس أتاح فرصة ممتعة لمتابعة نقاش ثقافي واخلاقي مفيد حول موضوع سياسي محرم، يحجم العرب عن مقاربته بجدية وعمق.

في ذلك العام، هبت اسرائيل ويهود العالم للاعتراض على اختيار لجنة نوبل للآداب منح جائزتها السنوية الى كاتب ألماني من جيل الحرب العالمية الثانية ومن ذاكرتها، من دون اي اعتبار لحقيقة ان روايته «ثلاثية داينتزغ» الشهيرة التي استحق عليها التكريم، هي واحدة من اهم النصوص النقدية للحقبة النازية، وابرز النتاجات الثقافية التي كتبت باللغة الالمانية وثمة من يعتبرها اول اعلان عن تطهر المجتمع الألماني والثقافة الألمانية من تلك التجربة المشينة.

مع ذلك قال الإسرائيليون واليهود الأميركيون خاصة ان لجنة نوبل للآداب انتهكت حظرا غربيا غير معلن على المانيا وكتابها ولغتها، عندما منحت جائزتها لكاتب كان عضوا في جهاز الشرطة السرية النازية.. مع العلم ان غراس وحسب السجلات الاميركية للحرب العالمية الثانية كان معاونا في سلاح الطيران الالماني، وقد اعتقل من قبل الأميركيين بعد دخولهم الى برلين وافرج عنه بعد اقل من عام، ولم يكن يومها قد تجاوز العشرين من العمر.

كان الإسرائيليون واليهود يومها يستكملون حملتهم العشوائية على الالمان لابتزازهم وانتزاع المزيد من التعويضات منهم. لكن غراس الذي لم يخفف يوما إدانته للنازية، وتقديره للدور الاميركي في تحرير شعبه منها، كان ولا يزال، كأي مثقف كبير، يعتمد معايير إنسانية وأخلاقية عالية، وضعته مع اليساريين الاشتراكيين الالمان ودفعته الى انتقاد اليمين الالماني الذي يعيد انتاج النازية، بالاعتماد على التحالف مع قوى اليمين الاميركية والأوروبية.. والى الافتراق عن السياسة الالمانية الرسمية التي أيدت وساهمت في غزو افغانستان والعراق وفي اضطهاد الفلسطينيين.

قبل ايام، ارتدى غراس حلة الشعر التي لا يضعها الا في المناسبات المهمة، وكتب قصيدة سياسية وصف فيها اسرائيل بانها تهديد للسلم العالمي بسلاحها النووي الذي يتسامح الغرب إزاءه ما يشجعها على المضي قدما في خطط الحرب على ايران.. فقامت قيامة الإسرائيليين، مسؤولين وكتابا وأدباء ومؤرخين، سارعوا الى شهر تهمة العداء للسامية ومطالبة غراس بالتكفير عن ذنبه الاصلي المتمثل بالدم الالماني الذي يجري في عروقه.

لم يكن غراس على الارجح يدافع عن ايران وبرنامجها النووي المدني المغلف بخطاب سياسي اخرق، لكنه كان يرسل إشارة مؤثرة الى انه يمكن مقاربة التهديد النووي الاسرائيلي من منظور ثقافي، ومن زاوية أخلاقية، طالما ان بقية الزوايا قد أقفلت في وجه درء هذا الخطر الجدي، الذي ينكره العالم ويتغاضى عنه.. ولم يعترف العرب بوجوده كقضية اصلا.

————-

مجد القصائد التافهة

اسكندر حبش

بعد ست سنوات، على آخر جدل أثاره، يعود الكاتب الألماني غونتر غراس، ليثير جدلاً آخر كبيراً، على مستوى العالم هذه المرة. في العام 2006، حين نشر مذكراته، تفاجأ الجميع باعترافه بأنه انتسب في مطلع مراهقته إلى الشبيبة النازية. يومها صدرت بعض التصريحات التي تقلل من ذلك، على اعتبار أنه لم يكن أي شخص في ألمانيا هتلر يستطيع النجاة من هذا الطوق الذي فرض على الجميع، مضيفة أنه تجب العودة إلى روايته «الطبل الصفيح» التي يعرّي فيها تلك الحقبة ويتخذ موقفاً واضحاً منها.

اليوم، لم يعد صاحب جائزة نوبل للآداب في حاجة إلى رواية بمئات الصفحات، بل إلى قصيدة صغيرة، يؤلب فيها الرأي العالم، الذي لم يتوقف منذ أيام عن التحدث عنها، ليختلط كلّ شيء بكلّ شيء، كيف لا، والقصيدة قصيدة سياسية بامتياز، تقع في قلب فكرة الصراع العربي الإسرائيلي، كما يندد فيها بترسانة إسرائيل النووية، التي تشكل خطراً على البشرية، فيما لو قصفت إيران، لا العكس، أي يطالب بعدم الخوف من تصريحات الرئيس الإيراني بل من أفعال إسرائيل.

بالتأكيد، لا أحد يستطيع أن ينكر ما تقوم به دولة العدو من سياسات ومن ارتكابات، حتى أن الكاتب البرتغالي الراحل جوزيه ساراماغو وصفها بأنها النازية الجديدة. وبالتأكيد أيضاً، أن يأتي الكلام من كاتب بوزن غونتر غراس، فلا بدّ للأمر من أن يثير ردة فعل لا مثيل لها، ولا يسعنا إلا أن نشكر الرجل على مواقفه معنا، لكن هل علينا أن نقبل القصة، بحذافيرها، ونمضي بدون أن نفكر ولو قليلا؟ هل علينا أن نقبل الدفاع عنّا من رجل كان ينتسب إلى الحزب النازي، لنعيد ونلصق التهمة بنا، بأننا نحن النازيون الذين نصفق لمثل هذه الأقاويل.

لغراس حيزه الخاص، الذي قد لا يتوافق مع طبيعة صراعنا الفعلي مع دولة العدو، ومن دون شك، لدى الكاتب الألماني ميوله التي دفعته إلى كتابة ما كتب، لكن على هذه التصريحات أن لا تأخذنا كثيراً نحو تمجيد «البلاهة»، على الأقل بلاهة النص الأدبي الذي كتبه، والذي لا يرقى إلى أي درجة أدبية تشير إلى ماضيه الحقيقي في الكتابة.

نريد عقلاء فعلاً، يتضامنون معنا ويقفون مع حقوقنا المشروعة، لا مجرد خطابات وهمية، واهية، لا تفعل شيئاً، سوى حشرنا أكثر في زوايا لسنا مسؤولين عنها. ألا يعرف غراس أن بلاده هي التي أوجدت هذه المشكلة اليهودية، وبالتالي، أدى الأمر إلى قيام دولة إسرائيل؟ فلماذا نريد الاستمرار بتحمل ما لم نقم نحن به أصلاً؟

في أي حال، وإن دلت قصيدة غراس النثرية على شيء، فهي تدل على ان الشعر لا يزال يملك القدرة على تحريك الرأي العام، لكن الأنكى، في حالته، أنها أيضا قصيدة تافهة. ربما هذا هو الوضع: المجد للقصائد التافهة.

—————–

ارهاب فكري اسرائيلي

رأي القدس

مثلما توقعنا، وتوقع هو نفسه، انهالت سهام الحقد المسمومة طوال يوم امس على الاديب الالماني غونتر غراس الفائز بجائزة نوبل للسلام عام 1999 لانه تجرأ على كسر حاجز الصمت، ونشر قصيدة في صحيفة المانية شجب فيها ضربات ‘وقائية’ تستعد اسرائيل لشنها ضد ايران قد تؤدي الى القضاء على شعبها حسب وصفه.

واتهم الغرب بالنفاق لانه يصمت على البرنامج النووي الاسرائيلي الذي ‘يجسد ترسانة نووية آخذة في الازدياد مع انها تبقى سرية دون اي اشراف او تدقيق دولي’ معاداة السامية كانت اقل التهم التي جرى توجيهها الى هذا الاديب الذي قال انه لن يصمت بعد اليوم، وطفحت الصحف الاسرائيلية بالمقالات البذيئة التي تتطاول عليه، وتنبش ماضيه، وتقول ان له موقفا عنصريا من اليهود.

الاديب غراس لم يتطرق مطلقا لليهود في قصيدته من قريب او بعيد، بل لم يذكر اسرائيل بالاسم، ولكنه الابتزاز الاسرائيلي التاريخي، وحملات الترهيب التي يتعرض لها كل من يتجرأ على نقد الجرائم الاسرائيلية ويقترب من حقيقة ممارساتهم العنصرية وجرائم حربهم ضد الآخرين.

من اغرب الردود التي استوقفتني تلك التي وردت في مقالة لـ’المؤرخ’ الاسرائيلي توم سيغيف كتبها في صحيفة ‘هاآرتس’ يوم امس حيث قال عنه، اي غراس، انه مثير للشفقة، اكثر مما هو معاد للسامية، واضاف ‘ان المقارنة بين اسرائيل وايران غير عادلة لان اسرائيل على عكس ايران لم تهدد بازالة دولة ما عن الخريطة’.

استغرب ان يصدر مثل هذا الكلام عن ‘مؤرخ’ من المفترض انه يعرف التاريخ جيدا، فقد وضع العلمية والموضوعية جانبا عندما نسي او تناسى متعمدا، ان اسرائيل لم تزل دولة، وانما شعبا بأسره من الخريطة، وارتكبت المجازر في حقه وما زالت، ومارست التطهير العرقي ضد اكثر من 800 الف من ابنائه، ودفعت بهم الى المنافي دون اي ذنب اقترفوه، بل على العكس من ذلك تماما فتحوا ابواب بلدهم تعاطفا مع اليهود ضحايا افران الغاز النازية.

نحن هنا لا ندافع عن الاديب غراس او غيره، ولا نشكك مطلقا بالمحرقة والجرائم النازية بل وندينها، ولكننا نريد تصحيح اكذوبة اسرائيلية، وكشف اساليب الارهاب الشرسة التي تستخدم بشكل تدميري ضد كل انسان ينتقد اسرائيل وليس اليهود، ويحاول تصحيح عملية تضليل تاريخية في حق شعبنا الفلسطيني.

نعم اسرائيل تشكل تهديدا كبيرا للسلام والاستقرار العالميين بحروبها المتواصلة في المنطقة، وامتلاكها اسلحة نووية، وعدم توقيعها على المعاهدات الدولية التي تحظر الانتشار النووي، واستمرارها في احتلال اراض عربية في فلسطين وسورية ولبنان، ونسف عملية السلام بجرائمها الاستيطانية. ما الخطأ في ان يذكر الاديب غراس او غيره هذه الحقائق الواضحة وضوح الشمس، ولماذا تنبري الاقلام والتصريحات الاسرائيلية واليهودية لشن حملات تشويه ضد اي انسان يريد التعبير عن وجهة نظره وقناعاته بطريقة ادبية حضارية؟

ليت ‘المؤرخ’ الاسرائيلي توم سيغيف يقرأ كتاب نظيره الاسرائيلي ايضا ايلان بابيه الذي يحمل عنوان ‘التطهير العرقي للفلسطينيين’ والحقائق الدامغة التي تضمنها حول اقتلاع الحركة الصهيونية لمئات الآلاف من الفلسطينيين من ارضهم وقراهم وازالتها عن الخريطة وفق مخطط جرى اعداده بعناية فائقة قبل سنوات من النكبة، لعله بعدها يتراجع عن اقواله التي تنفي عن اسرائيل بطريقة ملتوية هذه الجرائم الموثقة في ارشيف المؤسسة العسكرية الاسرائيلية.

—————

قصيدة أديب ألماني تثير عاصفة بإسرائيل

                                            ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن العاصفة التي أثارتها قصيدة نثرية كتبها الأديب الألماني غونتر غراس عن التهديد الإسرائيلي للسلام، لم تخمد رغم محاولة الكاتب لاحقا التخفيف من حدة الأزمة بالقول إنه كان ينتقد الحكومة الراهنة وليس إسرائيل ككل.

وكانت قصيدة غراس تحت عنوان “ما ينبغي قوله” التي نشرت الأربعاء على صدر صفحات القسم الثقافي بصحيفة تسودويتشي تسايتونغ الألمانية، وصفت إسرائيل بأنها تهدد السلام العالمي نتيجة تلويحها بشن ضربات استباقية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.

واعتبر الأديب الألماني -الذي نال جائزة نوبل في الأدب عام 1999- أن بلاده تجازف “بالتواطؤ” فيما وصفها بـ”الجريمة المنتظرة” لدى تقديمها الدعم العسكري -بما في ذلك الغواصات- لإسرائيل.

ومما كتبه غراس في قصيدته: لماذا أقول الآن، وقد بلغت من العمر عتيا وجف قلمي، بأن القوة النووية الإسرائيلية تعرض السلام الهش في العالم للخطر؟ لأن ما ينبغي قوله الآن ربما يكون قد فات أوانه غدا.

وقال الأديب الألماني في مقابلة مع تسودويتشي تسايتونغ نشرت الجمعة إنه لم يقصد الهجوم على إسرائيل، بل على سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مضيفا “كان ينبغي أن أشير إلى ذلك في القصيدة”.

وتشير نيويورك تايمز إلى أن القصيدة واجهت جملة من المقالات التي يصف بعضها الكاتب بعدائه للسامية، ويعتبر البعض الآخر القصيدة بأنها “هراء”.

كما جاءت الإدانة الإسرائيلية على نطاق واسع، حيث أصدر نتنياهو بيانا الخميس يعتبر فيه مقارنة غراس بين إيران وإسرائيل بأنه “مخجل” قائلا إن إيران، وليس إسرائيل، هي التي تهدد بمحو الدول الأخرى.

 وكانت صحيفة هآرتس التي تميل إلى اليسار في إسرائيل قد خصصت افتتاحيتها عن غراس تحت عنوان “العمى الأخلاقي لغونتر غراس”.

وتقول الافتتاحية: إن العقل والمنطق يصبحان بلا جدوى عندما لا يفهم رجل ذكي وحاصل على جائزة نوبل بأن عضويته في منظمة (وحدة عسكرية) خططت ونفذت مذبحة شاملة بحق ملايين اليهود تفقده الأهلية لانتقاد أحفاد أولئك اليهود بشأن تطوير سلاح الملاذ الأخير الذي يعد بوليصة التأمين ضد من ينهي عملا كانت منظمته (غراس) قد بدأته.

المصدر:نيويورك تايمز

غراس يهجو إسرائيل النووية بقصيدة… ويدين النازية

برلين – إسكندر الديك

أثارت قصيدة نثر جديدة للأديب الألماني الكبير غونتر غراس الحائز على نوبل الآداب، سجالاً كبيراً بينه وبين منتقديه على مدى أيام في ألمانيا وإسرائيل بصورة خاصة، بعد اتهامه الدولة الإسرائيلية بتهديد السلم العالمي على خلفية تحضيراتها الجارية لتوجيه ضربة عسكرية وقائية إلى إيران نتيجة برنامجها النووي.

وتحت عنوان «ما ينبغي أن يقال» نشرت ثلاث صحف أوروبية القصيدة في وقت واحد (الأربعاء الماضي) في موقع بارز في ملاحقها الأدبية. وضمّن غراس قصيدته انتقادات غير مسبوقة لسياسة إسرائيل حيال الفلسطينيين أيضاً موضحاً أسباب صمته وسكوته حتى الآن عن توجيه النقد الواضح والصريح إلى الدولة العبرية. وجاء في القصيدة التي نشرت في صحف «زوددويتشه تسايتونغ» الألمانية، و «لاريبوبليكا» الإيطالية، و «إل باييس» الإسبانية، أن إسرائيل المالكة السلاح النووي، تهدد السلام الدولي الهش أصلاً. وأكد في مقطع آخر تضامنه مع دولة إسرائيل بسبب مسؤولية ألمانيا النازية عن المحرقة ضد اليهود ملمحاً بذلك إلى بعض أسباب صمته الطويل. وكان من المنتظر أن تنشر صحيفة «نيويورك تايمز الأميركية» القصيدة أيضاً، لكنها أعلنت في اليوم التالي أنها لم تتلقها.

وانتقد غراس في قصيدته الجديدة سياسة بلاده القائمة على تسليح إسرائيل وتوريد غواصات إضافية إليها قادرة على إطلاق صواريخ تحمل رؤوساً نووية مشيراً إلى أن ذلك يجعل من ألمانيا «شريكاً في المسؤولية» عن أية حرب مدمّرة قد تندلع في المنطقة.

تهمة اللا سامية

وما كادت الصحف الثلاث تصدر حتى انهالت ردود الفعل الشاجبة والمؤيدة لموقف غونتر غراس. وانتقد سياسيون ألمان كثر، وكذلك غالبية وسائل الإعلام في البلاد بشدة الأديب الألماني حيث اتهمه البعض بـ «العداء للسامية»، والبعض الآخر بـ «السذاجة السياسية» أو العجز عن التحليل الصحيح، ورأى آخرون أنه «خلط بين الأسباب والنتائج». وفيما رفض بعض منتقديه اتهامه بالعداء للسامية دافع رئيس أكاديمية الفنون الجميلة في ألمانيا كلاوس ستيغ عن غراس و«حقه كأديب في قول ما يراه صحيحاً من دون أن يُتهم بالعداء لإسرائيل». ورأى ستيغ أن طبع غراس بختم اللاسامية بهذه السرعة «أمر غير مقبول، ومن حق الأديب التمتع بحرية الرأي والتعبير عن قلقه». أما رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا ديتر غراومن فوصف القصيدة بأنها «نص عدائي وغير مسؤول، وتحريف للحقائق».

وفيما فضّلت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، التي غادرت برلين مع بدء عطلة عيد الفصح المسيحي، عدم التعليق مباشرة على القصيدة قال الناطق باسمها إن «من حق الأديب أن يقول رأيه، كما من حق الحكومة أن لا تعلق على هذا الرأي». واكتفى وزير الخارجية الليبرالي غيدو فيسترفيلله بالقول إن على المرء «أن لا يقلل من شأن الخطر الذي تمثله إيران». وانتقد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاتحادي روبريشت بولنتس، وهو من حزب مركل الديموقراطي المسيحي، قصيدة غراس بشدة قائلاً إنه «كاتب كبير بالتأكيد، لكنه عندما يتحدث عن السياسة يواجه صعوبات كبيرة ويحيد عن طريق الصواب، وقد ارتكب هذه المرة خطأً كبيراً». وتابع: «إن تحميل إسرائيل المسؤولية في شكل أحادي أمر خاطئ، والبلد الذي يثير قلقنا هو إيران، لكن قصيدته تصرف النظر عن ذلك».

ومثل غراس حذّر رئيس نادي القلم الألماني يوهانو شتراسر «من تصدير الأسلحة إلى إسرائيل التي تلمح حكومتها باحتمال شنّ حرب ضد إيران». وفيما انتقد مسؤولو الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض الذي تربطه علاقات طويلة ومتينة مع الأديب الألماني، ما سمّوه «الشطط السياسي» لغراس في قصيدته، و«فقدان الربط بين الأسباب والنتائج»، حصل الأديب الألماني على تأييد مسؤولين في حزب الخضر وحزب اليسار الذي أقرّ المسؤول فيه غيركه، وهو قاض سابق، بأن غراس «يملك الشجاعة لقول ما تواصل السياسة الألمانية إخفاءه».

وكان الحائز على جائزة نوبل للآداب واجه انتقادات شديدة عام 2006 عندما اعترف في شكل مفاجئ في كتاب عرض فيه سيرته الذاتية بأنه انضم في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو في السابعة عشرة من العمر، إلى سلاح «إس إس» النازي الذي كانت حراسة المعتقلات وخوض أعمال قتالية من مهامه. وواجه غراس على الأثر اتهامات بافتقاد النزاهة الأخلاقية لإخفائه هذه الحقيقة زمناً طويلاً، بخاصة بعد تحوله في بلده وعلى مستوى أوسع في أوروبا أيضاً إلى «سلطة أخلاقية» أثارت الهلع لدى كثيرين لأنها سمحت له بتوجيه انتقادات علنية لماضيهم النازي. واستغل عدد من منتقدي غراس، وبينهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، ماضيه هذا للهجوم عليه.

رد وعدم تراجع

وعلى رغم قول غراس بأنه لن يساجل أحداً، إلا أن حدة الانتقادات التي وجهت إليه دفعته إلى الرد قائلاً لعدد من وسائل الإعلام إنه شعر بخيبة أمل من وجود حملة متماثلة عليه من جانب السياسيين والإعلام. وبعد أن ذكر أنه تلقى أعداداً كبيرة من الرسائل الإلكترونية الداعمة موقفَه قال إن الذين انتقدوه لم يفندوا شيئاً من الوقائع التي ذكرها في قصيدته. وإذ اعترف بأن خطأه الوحيد كان في تحميل دولة إسرائيل وليس الحكومة الحالية فيها المسؤولية رأى أن عدم تسمية الأمور بأسمائها لا يفيد إسرائيل في شيء. وتابع بحزم أنه غير مستعد لهذا السبب للتراجع عن موقفه معرباً من جديد عن أمله في أن يحطم الألمان محرّم عدم توجيه الانتقاد إلى إسرائيل. وعن سبب عدم توجيهه انتقادات إلى إيران أجاب بأن طهران تتعرض يومياً وبكثرة إلى مثلها، وأنه أراد التطرق إلى أمور لا يجري الحديث عنها إلا لماماً جداً مضيفاً أنه ينتقد إسرائيل للمرة الأولى بمثل هذا التفصيل والوضوح.

وعلى رغم الجدل الدائر حول قصيدة غراس، إلا أنه يمكن التوقف عند عدد من الملاحظات أهمها أن غالبية المنتقدين وجدوا في كلام الأديب الكبير «أحادية» لناحية تحميل إسرائيل مسؤولية وقوع حرب قد تقوم بها ضد إيران قريباً. وبكلمة أخرى يعني هذا أن لا أحد ينفي ضمنياً أن إسرائيل تتحمل مثلها مثل إيران مسؤولية اندلاع أي حرب بينهما. ويعرف الجميع أن لا الولايات المتحدة، ولا أوروبا ولا ألمانيا مقتنعة بحجج إسرائيل لشن حرب «وقائية» ضد إيران. كما أن الجميع على علم أيضاً بأن إيران قد تكون تسعى لامتلاك القنبلة النووية، إلا أن ذلك يتطلب سنوات طويلة من العمل النظري والتطبيقي لتحويل الفكرة إلى سلاح جاهز للاستخدام. من هنا إصرار الكل باستثناء إسرائيل على إنهاء الغموض الذي يحوم حول برنامج طهران النووي بالوسائل السياسية والديبلوماسية، كما من طريق العقوبات الاقتصادية أولاً.

وقد يكون غراس حمّل فعلاً إسرائيل كامل المسؤولية تقريباً عن حرب طاحنة ومدمرة قد تقع، لكنه يعلم أيضاً مثل الجميع تقريباً بأن إسرائيل هي التي تعطل على المسار الفلسطيني والعربي منذ اتفاقية أوسلو عام 1993 فعلاً وقولاً، تنفيذ حل عادل وسلمي لإقامة دولة فلسطينية إلى جانبها. وهو ليس ساذجاً أبداً ليعرف أن بقاء التوتر في المنطقة يسمح لإسرائيل بمواصلة سياسة التعنت والتوسع على حساب الفلسطينيين وأرضهم التي يقضمها المستوطنون يومياً. لذا، فإن ردود الفعل على ما كتبه غراس، باستثناء كلام السياسيين والرسميين الذي أصبح يعكس نوعاً من انفصام الشخصية، لا تبدو سيئة أو سلبية على الإطلاق على رغم خيبة أمله منها. وأصبح واضحاً مدى صعوبة الدفاع عن سياسات إسرائيل القائمة على اعتبار نفسها فوق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وكما كتب هو في قصيدته فإن تقدّمه في السنّ (84 سنة)، وقلمه الأخير في يده، يفرضان عليه القول قبل فوات الأوان بأن إسرائيل تهدد كدولة نووية السلم العالمي، وبأنه سئم السكوت على نفاق الغرب حول هذه المسألة ويأمل من آخرين كثر التحرر مثله من صمتهم. وهذه دعوة غير مسبوقة للمجتمع المدني من أحد أهم شخصياته المعنوية والأدبية لتحطيم أحد أكبر المحرمات الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية.

– قصيدة «ما ينبغي أن يُقال»

———–

قصيدة غراس: «ما ينبغي أن يُقال»

غونتر غراس

لماذا أنا صامتٌ، ولماذا صمتُ طويلاً طويلاً

عما هو واضح، عما يُمارس كألعاب

تحاكي الواقع، وفي نهايتها سنكونُ، نحن الناجين،

في أحسن الأحوال مجرد هوامش.

إنه الحق المزعوم في توجيه الضربة الأولى،

الضربة التي قد تمحو من الوجود الشعب الإيراني

المقموع من بطل صوتي جعجاع

والمُقتاد إلى التهليل المنظم،

لأنهم يشتبهون في حيازته

قنبلة نووية تحت الصنع.

ولكن لماذا أمنع نفسي

من ذكر ذلك البلد الآخر بالاسم

الذي يمتلك منذ سنوات

> ولكن في سرية – قدرات نووية تتزايد

غير أنها خارج نطاق المراقبة، لأنه لا يُسمح لأحد

بإجراء تفتيش.

الصمت العام عن هذا الفعل الإجرامي

الذي يندرج تحته صمتي

أشعر به مثل كذبةٍ تدينني

إنه إرغام إذا لم أرضخ له

لاحت العقوبة،

الحكم الشائع: «معاداة السامية».

ولكن الآن، لأن بلدي،

الذي تلاحقه المرة تلو الأخرى،

جرائم عتيدة، لا نظير لها، تُعرضه للمساءلة،

سيورّد غواصة أخرى إلى إسرائيل،

مجرد صفقة معهودة،

> وإنْ كانت الشفاه تسرع في وصفها بأنها تعويض –

ما يميز تلك الغواصة

أنها تستطيع أن توجه رؤوساً متفجرة

تدمر كل شيء،

هناك، حيث لم يثبت وجود قنبلة نووية واحدة

لكن المخاوف تزعم لنفسها قوة الدليل،

لهذا أقول ما ينبغي أن يُقال.

لماذا صمتُ حتى الآن؟

لأني رأيت أن أَصلي

الذي التصقت به عيوب

لا يمكن أن تُمحى أبداً

يمنعني من البوح بهذه الحقيقة

وأن أواجه بها إسرائيل، البلد

الذي أتضامن معه

وأريد أن أبقى كذلك.

لماذا لم أقل إلا الآن،

طاعناً في العمر، وبآخر قطرات الحبر:

إن القوة النووية إسرائيل تهدد

السلام العالمي الهش بطبيعته؟

لأنه ينبغي أن يُقال

ما قد يفوت أوانه في الغد،

ولأننا أيضاً، كألمان، مُدانين بما يكفي،

قد نصبح الموردين لجريمة

متوقعة، ولهذا فإننا شركاء في ذنب

لن يُمحى بالأعذار المعهودة.

ولكنني أعترف: لن أصمت بعد اليوم

لأنني سئمت نفاق الغرب،

ولأنني آمل أن يحرر كثيرون

أنفسهم من أغلال الصمت،

ليطالبوا المتسبب في الخطر الواضح

بنبذ العنف،

والإصرار في الوقت نفسه

على مراقبة دائمة لا يعوقها عائق

لقدرات إسرائيل النووية

ومنشآت إيران الذرية،

تقوم بها هيئة دولية

توافق عليها حكومتا كلا البلدين.

هكذا فقط يمكن مساعدة الجميع،

الإسرائيليين والفلسطينيين،

بل كل البشر

في هذه المنطقة التي يحتلها الجنون،

الذين يعيشون في عداوةٍ جنباً إلى جنب،

وبهذا نساعد في خاتمة المطاف أنفسنا أيضاً.

* ترجمة سمير جريس – عن الألمانية

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى