فليحاور كيري الأسد أولاً
غسان المفلح
قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري «العالم يريد وقف القتال، ونريد أن نرى الأسد والمعارضة السورية تأتي إلى طاولة الحوار لخلق حكومة انتقالية بناء على إطار العمل الذي وضع في جنيف»، في إشارة إلى اتفاق جنيف الصيف الماضي. وأضاف كيري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره النرويجي إسبن بارث إيد بعد لقائهما في واشنطن عصر أول من أمس «هذا ما ندفع من أجله، وحتى يحدث ذلك لا بد أن يغير الأسد حساباته، فلا يظن أنه قادر على إطلاق النار إلى ما لا نهاية، ولا بد أيضا من معارضة سورية متعاونة تأتي إلى الطاولة، ونحن نعمل من أجل ذلك وسنستمر في ذلك».
تعود العلاقة الشخصية التي تربط وزير الخارجية الامريكي بعائلة الأسد لأكثر من عقدين من الزمن، وقد توطدت اكثر بعد خروج الجيش الاسدي من لبنان عام 2005 وكان السيناتور جون كيري احد اهم العرابين في التفاوض من أجل انقاذ العصابة الأسدية من براثن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري، ورفع الحصار عن العصابة بعد ذلك، وكتبت منذ تلك الايام عن هذه العلاقة، وعندما طرح اسم جون كيري لتسلم حقيبة الخارجية كتبت” أن اهم سبب في تولي كيري لهذه الحقيبة هو معرفته بالملف السوري وعلاقته الشخصية بالعصابة الأسدية، محذرا من اعادة تأهيل العصابة الأسدية دوليا خاصة وان الغطاء القانوني الدولي لم يرفع عنها، وطرحت في هذا السياق المثال السوداني، حيث اعيد تأهيل الجنرال عمر البشير بعد ان صدر قرار من المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله لمشاركته في جرائم ضد الانسانية، و ثمن ذلك حصول جمهورية جنوب السودان على استقلالها، وتقاسم النفط السوداني مع الصين…لم ينتظر جون كيري طويلا ليعلن عن رغبته في معالجة الملف السوري وكأنه وسيطا للعصابة الأسدية بالدرجة الأولى، خاصة وأنه كما ذكرت الوضع القانوني الدولي للعصابة الأسدية إسرائيليا اسهل بكثير من وضع الجنرال عمر البشير، من جهة أخرى علينا ان نعرف ان جون كيري أيضا مع تأهيل النظام الايراني عبر احتواءه حواريا، مع المحافظة على نظام الملالي، وسترى المعارضة الايرانية ضغوطا امريكية جديدة عليها أيضا. هذه الاستراتيجية ليست بعيدة عن استراتيجية الطاقم المقرب جدا من باراك اوباما داخل البيت الابيض، وهذا كان بخلاف موقف هيلاري كلنتون في الخارجية وموقف بعض صقور الكونغرس والبنتاغون، وبتعيين كيري يكون اوباما قد ضمن تواطؤه مع العصابة الأسدية في الخارجية أيضا..على هذا الاساس تم اللقاء بين جون كيري والشيخ معاذ الخطيب في روما والذي وعد فيه بتقديم الدعم الانساني للمعارضة السورية ومع ذلك لم تر هذه المعارضة شيئا..لكن كل هذا لا يجعلنا نغلق دائرة الاستراتيجية الامريكية على هذا الخيار لأنها لاتزال استراتيجية مفتوحة على كل الخيارات، رغم ما يريده كيري واوباما..وتنحية هذا الخيار هو مسؤولية المعارضة السورية وقوى الثورة، وكي لانكون سلبيين في رفضنا لمبادرة كيري هذه، نقول للسيد وزير الخارجية الامريكي ليذهب إلى دمشق ويحاور العصابة الأسدية، قبل أن يورط المعارضة السورية في لعبة تاهيل العصابة الأسدية، وليصدر بناء على جنيف قرارا من مجلس الامن يوقف القتل اليومي الذي تقوم به العصابة الأسدية، وبعدها يمكن للمعارضة السورية أن تتقدم بخطواتها..عندما يطرح الحوار بهذه الطريقة يتخيل لبعضنا ان هنالك اتفاق امريكي روسي..حسنا مادام هنالك اتفاق امريكي روسي ما المانع من صدور قرار من مجلس الامن يحث على الحوار والانتقال السياسي السلمي بعد وقف القتل ووفقا لجنيف هذا؟ لم يقل لنا جون كيري بناء على أية معطيات يريد هذا الحوار من المعارضة؟ ليحاور هو اولا وبعدها نرى.. لأنه في حال فشل الحوار يتحمل لوحده مسؤولية هذه الخطوة ولا تتحمل نتائجه الثورة السورية.
ايلاف