صفحات الثقافة

فوانيس العالم تحطّ في حمص/ خالد عواد الأحمد

 

حمص ــ

نسج المهندس السوري، فيصل السباعي، حكايةَ عشق مع الفوانيس، حكاية ً نـَمَتْ منذ الطفولة، وباتت ملجأه للهرب من ضغوط الحياة. جالَ قارات العالم بحثاً عنها، حتى صار في حوزته الكثير منها. يضعها على رفوف في مكتبه في مدينة حمص، الذي تحول إلى متحف صغير يعجّ بكنوزِ الماضي.

بدأ السباعي عشقه للفوانيس منذ كان طفلاً، وتحديداً في الكشّافة. يقول: “عند نصب الخيم، كان الفانوس جزءاً من تقليد الكشافة. نخرجه قبل المساء لتنظيفه وتعبئته بالجاز، ثم نشعله على مقربة من الخيمة لدى حلول الظلام”. في ذلك الوقت، كانت الفوانيس “مفلطحة يحميها زجاج خارجي من الهواء”. ويلفت إلى أن “هذا النوع لا يزال يستخدم في عدد من القرى السورية عند انقطاع الكهرباء، فيما تحتفظ به بعض عائلات المدن كجزء من التراث الشعبي”.

هكذا بدأ السباعي بجمع الفوانيس. يشرح أن “الأمر كان مجرد هواية، ثم ما لبث أن تحول إلى هوس شديد، وخصوصاً بعدما صرت أملك عدداً كبيراً منها”.

سوق البراغيث

تخرّج السباعي من الجامعة، وسافر إلى عدد من البلدان، منها فرنسا. هناك، بدأ رحلة البحث عن الفوانيس في أوقات فراغه. وخلال تواجده في ألمانيا، كان يتردد دائماً على سوق “البراغيث”، وتمكن من جمع العديد من الفوانيس النادرة وغريبة الشكل. وهذا ما فعله أيضاً خلال تنقله بين اليونان والبحرين وتايلاند والإمارات العربية المتحدة، إلى أن وصل إلى الولايات المتحدة، التي يصفها بـ “كنز الفوانيس”. يقول: “قطعت 22 ولاية في رحلة عمل، واقتنيت مجموعة مهمة من الفوانيس، بعضها نادر يعود تاريخه إلى عام 1900”.

يملك السباعي اليوم 600 فانوس. هناك “القطار الروسي” الذي كان يُنير سكة القطار ليلاً، والتشيكي الذي كان يستعمل في مناجم الذهب في تشيكوسلوفاكيا. هذا الفانوس على شكل باخرة اقتناه خلال وجوده في ولاية أركنسا. تضم مجموعته أيضاً فانوساً أميركياً نادراً من النحاس.

فانوس علاء الدين

ضمن مجموعته المتنوعة، يثمن السباعي فانوس علاء الدين. يقول: “عثرت عليه في أحد أسواق دمشق القديمة بعد رحلة بحث دامت عشرين عاماً. يتميز بعكفته”. ويضيف أنه “مطابق للفانوس الذي عرفه في طفولته من خلال فيلم علاء الدين والفانوس السحري، الذي شاهده صغيراً في إحدى صالات السينما في حمص”، لتتحول الأسطورة إلى حقيقة، على الأقلّ بالنسبة إليه.

بات جمع الفوانيس بالنسبة إلى السباعي متعة. يلجأ إلى متحفه حين يكون حزيناً. تُعيده إلى الطفولة والأيام الجميلة كما يصفها. يشعر بالاسترخاء كأنه يمارس رياضة اليوغا. وكما قال الشاعر الألماني غوته: “المجمعون أناس سعداء، لأنهم لا يضجرون. فثمة إثارة في البحث عن الكنز ومتعة في اكتشافه وبهجة في تأمله”.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى