فى الذّكرى الرّابعة لرحيله… العثور على حَدِيثٍ لم يُنشَر من قبل: أنيس منصور… عن البَرَاعِم الأدبيَّة الشَابّة التي تَكتُبُ أكثرَ مِمَّا تَقرأ/ محمّد محمّد خطّابي
عندما أجريتُ هذا الحديث مع الكاتب الرّاحل أنيس منصور(18 آب/أغسطس 1924- 21 تشرين الأوّل/اكتوبر 2011) في مكتبه في جريدة « أخبار اليوم» كنت حينها في القاهرة أعدّ برنامجاً ثقافياً أسبوعيّاً للتلفزيون المغربي، تحت عنوان «آفاق فكرية».
وشاءت الأقدار، وجاء أنيس منصور في ما بعد في زيارة للمغرب للمشاركة في تظاهرة ثقافية حول عميد الأدب العربي طه حسين في الرباط، ضرب لي موعداً في الحديقة الغنّاء ذات الطابع الأندلسي الأصيل لفندق «حسّان» الذي كان يقيم فيه، وتذكّرني سريعاً، وبادر إلى القول مازحاً – كما كان يقول لي عندما كنت أتابع دراستي العليا في آداب جامعة عين شمس في القاهرة كلما التقيت به (ألسّي محمّد لا باس..لا باس..)، وكأنّه يحدّثني باللهجة المغربية، وبالإضافة لهذا الحديث الذي أجريته معه حول البراعم الشابة والصّعوبات التي تواجهها في الكتابة والنشر والتأليف، هيّأتُ له لقاءً تلفزيونياً مطوّلاً استغرق حوالي ساعة من الزّمن، ومن أغرب المفاجآت التي باغتني بها خلال هذا اللقاء أن سالني عن الاستجواب إيّاه الذي أجريته معه في دار « أخبار اليوم» في القاهرة، وكيف أنه لم يره منشوراً بعد، فشعرتُ بنوع من الحرج، إلاّ انني تمالكتُ نفسي وتحججتُ بكثرة انشغالي وعملي في المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم، والتدريس والتلفزيون إبّانئذ، فلم أتمكّن من نشره بعد، فقال لي، لا عليك، إبعثه لي على مجلّة «أكتوبر» التي كان يشرف عليها في ذلك الأوان، فينشره لي بكلّ سرور، فاتفقنا على هذا الأساس، وعاد إلى القاهرة، بعد أن عاتبته أن كيف جال وزار العالمَ كلّه في 200 يوم، ولم يزر المغرب ضمن جولاته المتعددة في بلدان الله الواسعة، إلاّ بعد أن نشر كتابه المشهور في هذا القبيل الذي أعيد طبعه في العديد من المرّات. ولم أتمكّن من أن أبعث له بنسخة من الحديث إيّاه لأنني لم أعثر له على أثر، إذ خلته ضاع منّي، وبالفعل بحثت عنه في كلّ مكان، في الرّزم وأكوام الكتب، والأسفار والمجلدات والأوراق ومسودات بواكير كتاباتي الأولى، ولكنني لم أتمكن من العثور عليه، فشعرتُ بأسىً بالغٍ وبحزنٍ شديد، وخامرني الخجل، من هذا الاستهتار غير المقصود، فالذي كان يشعر بالحسرة والألم هو أنا في المقام الأوّل، أما بالنسبة له فلابدّ أنه لم يكن يعني ذلك بالنسبة له شيئاً، فهو كان يجري عشرات الاستجوابات واللقاءت الأدبية من هذا القبيل، فكان حتماً عليّ أن أعتذر للرّجل، وأعبّر له عن أسفي العميق لأنني لم أستطع العثور على ضالتي التي كنتُ وما زلتُ أعتبرها سبقاً صحافياً حصريّاً ثميناً، بعد أن تهيّأت لي فرصة إجراء حديث أدبي شيّق وجهاً لوجه مع هذا الكاتب المعروف، الذي كان يسيطر على مجامعنا بكتاباته المتنوّعة، ويسحرنا بأسلوبه الفريد ، والذي كنّا نلتهم كتبه كالإسفنجات المغمّسة في شهدٍ شهيٍّ مُصفّى .
وشاءت الأقدار ألاّ أعثر على هذا الحديث إلاّ بعد إنتقاله إلى الرفيق الأعلى، بعد سفريات وإقامات خارج أرض الوطن في العديد من بلاد الله الواسعة في المشرق العربي، وفي أوروبا، وبعد ذلك في حوالي عشر بلدان في أمريكا اللاّتينية على امتداد مدّة زمنية طويلة خلال عملي في السلك الدبلوماسي المغربي. وجاء حديثي مع هذا الأديب الكبير الذي عاصر جهابذة فنّ القول، وفرسان القلم في مصر بالحرف الواحد كما يلي:
عن البراعم الشابّة والأبواب الحديديّة
في دردشة سريعة مع أنيس منصور، قبل أن أسطّر كلمة، أو نصف كلمة، تريّث قليلاً، ظللت أحدّق في اليراع الذي يريد أن يجري عبر السطور مستعجلاً في نقل الكلام الذي يمتلئ به صدري عن هذا اللقاء، مع رجل له مكانته الكبرى، في الوسط الثقافي المصري والعربي، وله اهتماماته الواسعة، ومشاغله كمسؤول عن صحيفة يومية كبرى، واحتراما ومراعاة لوقته الثمين كان على أن أعجّل وأبادر بالسوال الأوّل:
*أحبّ أن أطرح عليكم سؤالاً أراه من الأهمية بمكان في الوقت الراهن، وهو يتعلق بمشكلة أدبائنا الناشئين الذين هم في الواقع حلقة مستمرة تربط بعضها بمن سبقها، وبمن يليها، لذا كان لزاماً أن يولي المسؤولون اهتمامهم، وكلّ من، يخشى على مستقبل الأدب في هذا البلد، بمشكلة تلك البراعم الشابة الظمأى إلى الكثير من التشجيع والعون.. ماذا ترون في هذا الأمر إذا كانت محنتهم – كما أشرتم ذات مرّة – أنهم يكتبون أكثر ممّا يقرأون..؟
أطرق قليلاً، ثم طفق يجيب، فقال:
– من الضروري أن نهتمّ بالناشئين من الأدباء أو الفنانين أو العلماء، أو الرياضيين، لأنّ مهمّة الجيل الأكبر أن يتيح الفرصة للجيل الأصغر، وبذلك يصبح قادراً على تحمّل أعباء القيادة والتوجيه في هذا البلد. وفي كل يوم ألتقي بعدد كبير من الناشئين ويكون بيننا دائماً هذا السؤال: أين ننشر ما نكتبه؟ هذا السؤال يشير إلى إجابة مألوفة وهي، أن هؤلاء الشبان يحلمون أن تنشر الصحف اليومية والمجلات الكبرى إنتاجهم الادبي، وهو لا شك حلم كلّ كاتب جديد وكل كاتب كبير أيضاً، إلاّ أن الصحف الكبرى لا تنشر عادة في مصر أو غيرها من البلاد الأخرى إنتاج الشبّان، لأنّ هذه الصحف الكبرى تنشر فقط لكبار الكتّاب المعترف بهم، ومع ذلك فإنّ مجال نشر هذه التجارب الأدبية ليس الصحف أو المجلات المعروفة، ولذلك نجد صحفاً ومجلات متخصّصة لنشر أحسن الأعمال الأدبية والفنية من إنتاج الشبّان، لأنه لابد أن يشعر هؤلاء الشبان بشيء من الصعوبة في النشر وفي التأليف أيضاً، وأن يصلوا إلى أحلامهم بالمعاناة، وهذا يضطرهم إلى أن يكتبوا كثيراً، ويجوّدوا إنتاجَهم أو يحسّنوا ما يكتبونه وأن ينشروا أفضلَ ما لديهم.
أمّا الكتب التي يؤلفها الناشئون فقد أعدّت الدّولة أجهزة مختلفة للحفاوة بها، وفي مجلس الفنون مشروع الكتاب الأوّل والقصّة الناجحة، وهناك أيضاً مشروعات للرّسائل الجامعية كالماجستير والدكتوراه ومسابقات لأحسن مقال وأحسن قصة قصيرة، وأحسن القصائد، وفي الوزارات المختلفة مسابقات بهذا المعنى، وممّا لا شكّ فيه أن كلّ شاب يتعجّل النشر، وهذا طبيعي، ولكن يجب ألا نشجّعه على التعجّل في النشر، وإنما نشجّعه على النشر المتأنّي، وإذا كان التعجل والاندفاع والسرعة والخصوبة من صفات الشباب، فإنّ مهمّة الجيل الأكبر أن يلهم هذا الشباب الشيء الكثير من التأنّي والإتقان والتجديد.. وأن يقرأ أكثر ممّا ينشر، وكثيراً ما أسيئ فهم هذا التحفظ من جانب الجيل الأكبر، فاتّهم هذا الجيل بالجمود والرجعية أو الخوف من المنافسة، إلى آخر هذه التّهم التي لا تخيف، لأنها ستظلّ دائماً بين كل الأجيال المتعاقبة. وإذا كان هذا الجيل الشاب متسرّعاً فسوف تكون هناك دائماً أجيال شابة من ملامحها السّرعة والتسرّع، وإنه من الواجب أن نقول إن هناك فارقاً بين السرعة والتسرّع، والعلم في العصر الحديث حقق سرعات هائلة في حركة الأجسام الموجّهة في الفضاء، بلغت 27 ألف ميل في الساعة، ولكن هذه السرعة الكونية لم تتحقّق إلاّ ببطء شديد، فالإنسانية استغرقت مئات السنين من العمل المتواصل المتكامل لتصل بهذه الأجسام لسرعتها، وتكون في الوقت نفسه، موجّهة فكأنّنا عندما حققنا السرعة حققناها ببطء.. وإنه من الممكن مستقبلاً لأيّ أديب ناشئ تحقيق ظهور سريع أو نجاح سريع، ولكنّ هذا النجاح لن يتحقّق له إلاّ نتيجة لجهود متواصلة ومتأنّية.. وهذه نصيحة.
الزّمن أعظم المؤلّفين
* إذا اردنا أن نوسّع دائرة نقاشنا حول المشكلة السابقة فإن الجامعة، أي جامعة تنظم العديد من المسابقات الأدبية، وكلنا يعلم أن هناك من ينال إعجاب أساتذة متخصّصين ومن ثمّ يحظون بالفوز، ولكن ماذا بعد فوزهم هذا؟ هل يرى إنتاجهم النور أو يُلقى به في غياهب الظلمات؟ أعتقد أن الأمر الثاني هو الذي يحدث..هل ترون في هذا الصّنيع إنصافاً أم إجحافاً نحو هؤلاء؟ حبذا لو علمنا رأيَ سيادتكم في هذا القبيل؟
– من الواضح أن جامعاتنا النظرية والعلمية لا تشجّع كثيراً على البحث العلمي المستقل، وكذلك الاجتهادات الفكرية، حتى المجلات التي تصدر من كليات الجامعة هي مجلات خفيفة، مجلات عائلية تحاول بقدر الإمكان أن تكون شبيهة بالمجلات المنتشرة الفكاهية التي يجدها الإنسان، ومعنى ذلك أن المجلات الجامعية فقدت المعنى المطلوب فبدلاً من أن تكون شيئاً جديداً اختارت أن تكون نسخة ركيكة للمجلات المنتشرة، وبدلاً من أن تكون علمية تحوّلت إلى مجلة كانت حائطية، ثم جُمعت صفحاتها في مجلد واحد، في حين أن المطلوب منها هو شيء آخر، وهو أن تكون وثيقة تاريخية لاجتهادات الطلبة والمدرّسين في مجالات العلم والفكر والأدب، لأنه من المطلوب أن تكون هذه المجلة أكثر تقبّلاً ورعايةً لإنتاج أبنائها من المجلات الأخرى غير المتخصّصة وغير المتحمّسة أيضاً لأفكار أو شطحات الناشئين.
وربما كانت هناك مجلات علمية أو أدبية في بعض الكليات الجامعية، ولكن من الملاحظ أنها لا تحفل إلاّ بما يكتبه الأساتذة فقط، فهي بذلك مجلات متخصّصة خفيفة يكتبها الأساتذة للأساتذة، ولكن الواجب والضروري هو أن المجلات الجامعية يجب أن تقدّم أبناء الجامعة لأبناء الجامعة، وأن يقدّم الأساتذة ثمرات وافكاراً ملائمة مع مناقشة أو شرح أو تقييم أو تعريف للتشجيع، فإذا فعلوا ذلك كانت خدمة جليلة تؤدّيها الجامعة لأبنائها ولأبناء هذا البلد، ولكنّ الذي يحدث مع الأسف شيء آخر، فكلّ ما هناك من منافسات أو مباريات لا تتجاوز المدرجات ويصبح بذلك جهود الطلبة النابهين صوتاً ثمّ صدىً مبدّداً، ولكنّ من المؤكّد أن الموهبة إذا لم تظهر في المباريات أو الكليات أو في المجلات الجامعية فسوف تظهر حتماً، فالزّمن أعظم المؤلّفين..
العربيّة واللغات الأخرى
* كثيراً ما تطالعنا «مواقفكم» بملاحظات دقيقة وذكيّة، أخصّ منها على سبيل المثال لا الحصر، ضعف روح الوعي عند طلاّبنا الجامعيين، بما في ذلك ضحالة مستوى إجادة اللغات الأجنبية الحيّة التي أضحت في عصرنا الحاضر سلاحاً ذا حدّين نواجه به أصدقاءنا وأعداءنا على حدّ سواء، ونحطّم به الغربة التي بيننا وبين الشعوب.. ألم يقل الشاعر: بقدرِ لغاتِ المرءِ يَكثرُ نفعهُ / وتلك لهُ عند الشدائدِ أعوَانُ … فبادرْ إلى علمِ اللّغاتِ مُسارعاً/ فكلُّ لسانٍ في الحقيقة إنسانُ . هل من ملاحظةٍ أو إشارةٍ لسدّ هذه الهوّة السحيقة؟
– هذا شعر جميل، ومضمون أجمل،إلاّ أن هذه مشكلة مهمة وهي لا تعالج في الجامعة عادة وإنما يبدأ علاجها في المراحل الأولى للتعليم، وإذا كنتَ قد ذكرتَ في سؤالك اللغات الأجنبية على سبيل المثال، فإنني أضيف إليها اللغة العربية أيضاً، فليست معلوماتنا نحن العرب المصريين للّغة العربية ما يشرّفها، فإنه من المُخجل حقّاً ألاّ يعرف اللغة العربية أكثر المتحدّثين في الإذاعة والتلفزيون وفي الأندية وأساتذة الجامعات، وهذا عار قومي لا نسكت عليه فقبل أن نطالب بتعليم اللغة الإنكليزية أو الفرنسية أو الإسبانية، أبادر فأطالب بتعليم اللغة العربية، والسؤال الآن على نحو آخر: لماذا ضعف مستوى اللغة العربية؟ لماذا لا نعرف كيف ننطق حروفَ الهجاء، حروف القاف والثاء والظاء.. وغير ذلك من الكلمات العربية التي تتكسّر وتلتوي وتخرج من أفواهنا مشوّهة؟ لابدّ أن يكون السبب راجعاً إلى أساليب التعليم في المدارس الابتدائية والثانوية وبعد ذلك الجامعة..
هناك خطأ مّا يجب أن نبحث عنه في تدريس وتلقين واختيار المناهج المناسبة البلاغية والشعرية، أو الكتب المقرّرة على المدارس، وهناك خطأ مّا في مدرّسي اللغة العربية، وأيضاً في توزيع الدرجات على علوم اللغة العربية، وهناك خطأ أكبر في النماذج المشهورة المعروفة أمام الناس، أعني بذلك حضرات السادة المذيعين وقراءة نشرات الأخبار في الإذاعة والتلفزيون، وأكثرهم لا يعرف اللغة العربية ولا يجيد نطقها، هذا فيما يتعلق باللغة العربية، ومع ذلك نحن ندّعي أننا أصحاب الريادة في هذه اللغة، وأخطاؤنا في اللغة العربية والنحوية وغيرها منتشرة من الخليج إلى المحيط بسرعة 86 ألف ميل في الساعة..
وتبقى ملحوظة صغيرة أخيرة لا أستطيع أن أتصوّر أن بلداً مثل مصر في حالة حرب طويلة مع إسرائيل (لا يمكن أن تنتهي هذه الحالة في سنة أو عشرين سنة) ومع ذلك لا نجد اللغة العبرية مقرّرة في كلية واحدة، مع أن العلماء اليهود شاركوا في إعداد القواميس العربية، ودائرة المعارف الإسلامية، وترجموا بعض مؤلفات توفيق الحكيم وطه حسين، و»أبا إيبان» مثلاً جاء إلى القاهرة سنة 1945وألقى محاضرة باللغة العربية في نادي الضبّاط يرثي أحدَ المستشرقين الإنكليز وهو نكلسون، وقد حضرتُ هذه المحاضرة، واستهلّ كلمته بالقرآن الكريم وبأحاديث نبوية، ولقد قال أكثر من مرّة: لقد استمعتُ إلى خطاب الرّئيس عبد الناصر باللغة العربية.. وهو الذي ترجم كتاب «يوميات نائب في الأرياف» للحكيم إلى اللغة الإنكليزية بعنوان «متاهات العدالة» وغيره كثيرون.. وإذا أنتَ تلفتَ حولك من بين المصريين الذين يعرفون اللغة العبرية، لوجدتَ أنّهم عدد قليل جدّاً لا يعرفهم أحد، وليست المشكلة هي مشكلة اللغة الأجنبية ولا العربية، وإنما هي مشكلة كلّ ما هو حيوي في حياتنا ومصالحنا ومصائرنا، والسلام.
الرّجل الذي لا يُنسىَ
الكاتبة سهير حلمي تقول عن هذا الرّجل الذي لا يُنسى والذي يقبع في الذاكرة في قرار مكين: «نصوص أنيس منصور لم تعلن وفاتها بموت المؤلف.. وكيف تموت كتابات من تنبأ بنبوغه العقاد، وطه حسين، ومحمود تيمور، وعبد الرّحمن بدوي، وإحسان عبد القدوس؟ قراء كاتبنا الكبير بالملايين.. وعلى الرّغم من شعبيته وفتنتهم بوضوح المقصد وسلاسة اللغة وعمق الفكرة.. إلاّ أن قراءه لم يتطرفوا في حبه، ولكن ربما أبغضه البعض وتحامل عليه بما ليس فيه.. ومن دلائل نضوجه الإنساني، أنه كان يتقبل ذلك من دون غضاضة، بل ينصح الآخرين بعدم إهدار الطاقة في ما لا طائل منه من مناوشات وتلاسنات كلامية، أو حوارات في برج بابل الذي يتحدث فيه الجميع مئات اللغات في وقت واحد، كما كان يحلو له أن يطلق من تشبيهات.. إمتلك دوما زمامَ نصّ لم يفلت منه قيد أنملة.. سواء أكان مقالاً أو مسرحية أو قصة أو دراسة نفسية أو ترجمات بتصرّف.. عبر أجيال تدربت والتحمت بطقس القراءة حين تسدل شراشف الليل ويخفت ضوء النجوم ويصمت صخب النهار.. توالت قراءات أديبنا الكبير بسيل من التراكم المعرفي في كافة المجالات من السيرة الذاتية إلى سطح القمر مرورا بالأحداث الجارية محلياً وعالمياً..».
القدس العربي