صفحات الثقافة

في انتظار البرابرة/ قسطنطين كافافيس

ترجمة: إسماعيل أزيات

ماذا نرتقبُ، نحن المُحتشدين في الأغورا (1)

يُقال إنّ البرابرة سيكونون ها هُنا اليوم.

لماذا هذا الخمولُ في مجلس الشّيوخ

لماذا يمكثُ الشّيوخ دون أن يشرّعوا ؟

لأنّ البرابرة سيكونون ها هُنا اليوم.

ماذا يُجدي سنّ القوانين حاضرا

و البرابرةُ هم من سيفعلون ذلك عمّا قريب.

لماذا استيقظ امبراطورنا باكرا ؟

لماذا يلبثُ أمام أكبر بوّابات المدينة،

مُحتفيا، جالسا على عرشه، يُغطّي رأسه بالتّاج ؟

لأنّ البرابرة سيكونون ها هُنا اليوم

و لأنّ امبراطورنا ينتظرُ استقبال

كبيرهم. حتى أنّه أعدّ رقّا

ليُسلّمهُ إليه، فيه إنعام بعديد

أملاك و بعديد ألقاب.

لماذا قنصلانا (2) و حكّامنا الشّرعيون (3)

خرجوا اليوم مرتدين ثيابهم الفضفاضة الحمراء و الموشّاة ؟

لماذا أساورهم مرصّعة بأحجار كريمة أرجوانية ؟

خواتمهم يتطاير منها زمرّد صقيل ؟

لماذا اليوم هذه العكاكيزُ النّفيسةُ

المنحوتةُ و بمهارة بالذّهب و الفضّة ؟

لأنّ البرابرة سيكونون ها هُنا اليوم

و لأنّ مثل هذه الأشياء تبهرُ البرابرة.

لماذا لا يأتي خطباؤنا الحاذقون كالعادة

ليلفظوا خطبهم و يتقوّلوا كلامهم ؟

لأنّ البرابرة سيكونون ها هُنا اليوم

و لأنّ الفصاحة و الخطب المُملّة تُضجرهم.

لماذا هذه البلبلةُ، هذا الانزعاجُ

المفاجئُ ؟ ـ كم هي الوجوه عايسة’!

لماذا السّاحات و الطّرقات أقفرت على عجل ؟

لماذا كلّ واحد يأوي إلى بيته مهموم الوجه ؟

لأنّ اللّيل حلّ و لم يأت البرابرةُ

و بعض من يصلون من الحدود

يقولون لا أثر للبرابرة البتّة

و إذن كيف سنمسي دون البرابرة ؟

هؤلاء النّاس كانوا في حاصل الأمر انفراج مخرج.

1904

الترجمة من اليونانية إلى الفرنسية من إنجاز الروائية مارغريت يورسنار و قسطنطين ريماراس.

هوامش ( من وضع المترجم ) :

1 ـ Agorat : الأغورا ساحة عامة كانت المجالس السياسية في المدن الإغريقية تنعقد فيها …

2 ـ Consul : شهدت روما تغييرا كبيرا في توزيع السّلطات إذ حلّ محلّ الملك قنصلان متعادلان في السّلطان، كلّ واحد منهما رقيب على الآخر …

3 ـ Pr’teur : حاكم شرعي يقوم بتنظيم التقاضي في الأمور المدنية، يُعيّن لسنة واحدة و يصدر عند تولّيه منشورا يبيّن فيه القواعد التي سيسير عليها في قبول الدّعاوي …

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى