في تقرير للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان: كارثة اقتصادية تهدد آلاف العوائل في سورية
انطلقت الاحتجاجات السلمية في سوريا في 16 آذار عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص على المتظاهرين السلميين في درعا مستخدمةً الذخيرة الحية مسببة قتل المئات. و كان المتظاهرون قد دعوا للإفراج عن أطفال في المدينة اعتقلوا وعذبوا وانتزعت أظافرهم لكتابتهم شعارات مناهضة للحكومة على أحد الجدران في المدينة. ومنذ ذلك الوقت انتشرت الاحتجاجات وقامت في العديد من البلدات والمدن، لتصل إلى 84 قرية ومدينة وبلدة سورية ، و تمت مقابلتها بالمزيد من القمع والقتل والاعتقالات والتعذيب والتهجير والخطف. بالرغم من ذلك ومن خطر الرصاص، فقد استمر المتظاهرون السوريون بالمطالبة بحقوقهم.
ومنذ ذلك الحين وصلت الأزمة الإنسانية والحقوقية في سوريا حدّاً لم يعد ممكنا لأي ضمير إنساني السكوت عنها فقد تصاعدت الانتهاكات في الفترة الأخيرة وبلغت ذروتها باكتشاف مقابر جماعية في درعا قامت بها قوات الأمن السورية . وقبل ذلك واجه النظام السوري المحتجين السلميين المطالبين بالحرية والكرامة بالقتل والاعتقال الجماعي والتنكيل بهم وترويع ذويهم ، أسفرت للآن عن سقوط حوالي ألف وثمانين شهيدا وفقا لتوثيق المنظمة إضافة إلى عشرة آلاف معتقل وعشرات الجرحى والمفقودين وحوالي سبعة آلاف لاجئ منتشرين في الدول الحدودية ( لبنان –تركيا – الأردن).
الشهداء:
كما هو معروف في سورية أن عائلات الشهداء لهم حقوق تبدأ من تدريس أطفالهم وتنتهي بإعطائهم تعويضات مالية تمنع عنهم العوز والحاجة ، إلا أن الحكومة السورية حتى الآن لم تصدر المراسيم اللازمة لاعتبار أكثر من ألف وثلاثمائة شهيدا سقطوا أثناء الاحتجاجات في الشهرين السابقين ناهيك عن عشرات المفقودين والذي يرجح وفاة بعضهم ، كما لجأت الحكومة السورية بإعطاء بعض التعويضات إلى شرطها بتنازل الأهل عن الحق في المطالبة بالتحقيق أو اعترافهم بأن من قتلهم هو جماعات مسلحة إرهابية حتى أن بعض الحالات تم فيها اعتقال الجثامين وعدم تسليمها للأهالي.
إن فقدان تلك العوائل لمعيليها دفع بأطفالهم إلى الشوارع وجعل الأهالي دون معيل يصرف عليهم ويرعى حاجاتهم ، وأصبح شبح الفقر يتهددهم مع مرور الزمن ، خاصة ضمن عدم وجود مشاريع جدية من قبل الحكومة لتمكين المرأة اقتصاديا وسياسياً.
المعتقلون:
إن الأرقام التي بحوزتنا تتحدث عن وجود أكثر من عشرة آلاف معتقل تم اعتقالهم في فترة الشهرين الأخيرين ، كما تتحدث الأرقام عن أن العدد الكلي للمعتقلين كان يناهز السبعة عشر ألفا ،أطلق سراح بعضهم دون شرط او اخلي سبيل البعض الآخر ليستقر الرقم المتبقي في السجون إلى عشرة آلاف .
إن هؤلاء المعتقلين جميعا تم اعتقالهم خارج الأطر القانونية ودون الاستناد إلى أية مشروعية دستورية وبدون مذكرات قضائية خاصة وان حالة الطوارئ والأحكام العرفية تم رفعها بقرار رئاسي من أكثر من شهر مما يجعل هذه الاعتقالات تعسفية بامتياز.
إن هذا العدد الكبير ينتظر قرارا بالإفراج او الإحالة إلى المحاكم سواء كانت المحاكمة وهم طلقاء أو قيد التوقيف ، وإذا ما عرفنا أن أغلب هؤلاء هم من الفئة المنتجة في المجتمع من عمال وأطباء مهندسين أو مهنيين أو من فئة الطلاب نعرف مدى الكارثة التي تتهدد أهاليهم وذويهم بفقدانهم المعيل الأساسي للأسرة، إضافة إلى تحمل عبء إضافي نتيجة توكيل محامون للدفاع عنهم .(الوثائق 1-2-3)
إن تقسيم هؤلاء المعتقلين تبعا لعملهم بين العمل في القطاع الخاص او القطاع العام يوضح حجم المشكلة التي تعاني منها آلاف العائلات.
القطاع الخاص : في سورية غالبا لا يخضع لمعايير قانونية لأن أغلب العمالة فيه لا تخضع للقوانين المرعية مما يجعل رب العمل حراً في طرد العامل والاستغناء عنه في أية لحظة، خاصة وأن الحالة هنا تتحدث عن اعتقال سياسي قامت به ” الدولة ” مما يجعل رب العمل الخاص متحررا من مسؤولياته تجاه موظفيه الذين اعتقلوا حيث ستكون الدولة في صف صاحب العمل ، ومن الطبيعي والحال هذه أن يلجأ رب العمل إلى استبدال من اعتقل بموظفين وعمال آخرين من اجل استمرار العمل أو المنشأة.
القطاع العام : او العمال الموظفون لدى الدولة : وهؤلاء يخضعون لقانون العمل الذي يقضي باعتبار العامل مستقيلا بعد تغيبه عن العمل ل 15 عشر يوما متواصلا او في حالات أخرى لا تعيده إلى العمل إلا بعد دعاوى في المحاكم العمالية تستغرق ردحا من الزمن.
(( تنص المادة 136 من النظام الأساسي الموحد للعاملين في الدولة -القانون رقم 1/1985 ))
أ ـ يعتبر بحكم المستقيل عند عدم وجود أسباب مبررة تقبرها الجهة العامة.
2 ـ العامل الذي ينهى ندبه ولا يلتحق بوظيفته خلال (15) يوماً من تاريخ تبليغه صك انتهاء الندب.
3 ـ العامل الذي يترك وظيفته بدون إجازة قانونية ولا يستأنف عمله خلال (15) يوماً من تاريخ تركه الوظيفة أو الذي يتغيب من /30/ يوماً بصورة متقطعة خلال السنة الواحدة.
4 ـ العامل المجاز الذي لا يستأنف عمله خلال (15) يوماً من انتهاء إجازته.
….
(( ينص قانون العمل رقم 91 لعام 1959 في المادة 76 منه ))
المادة 76
لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون سبق إعلان العامل ودون مكافأة أو تعويض إلا في الحالات الآتية:
5- إذا تغيب العامل بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوما خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متوالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية.
6- إذا لم يقم العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل.
8- إذا حكم على العامل نهائيا في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة.
…
وفي المادة الثامنة هنا نجد تلميحا واضحا على إمكانية الاستغناء عن أي عامل إن قام القضاء بالحكم عليه بجناية التظاهر غير المشروع والنيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي ..الخ تلك التهم التي أحيل بموجبها الآلاف من المعتقلين إلى القضاء حالياً.
أصحاب المنشآت الاقتصادية الصغيرة : من محال او ورش ..الخ. إن تضرر هؤلاء مرهون بالمدة الزمنية التي سيقضونها رهن الاعتقال، إضافة إلى تأثر النشاط الاقتصادي لتلك المنشأة بالمستقبل نتيجة الإغلاق.ناهيك عن تعرض بعض البضائع إلى الإتلاف .
الطلاب : يعتبر شهر أيار هو شهر الفحوصات الجامعية والمدرسية ، واعتقال طلاب المدارس والجامعات بين صفوف المعتقلين يمنعهم من أداء تلك الامتحانات ويضيع سنة دراسية من عمرهم ، إضافة لمشاكل أخرى تبدأ من عدم توفير بيئة دراسية جيدة لدى المعتقلين او حتى الطلاب العاديين في بيوتهم وتنتهي مع ظروف خاصة بكل طالب من قبيل استنفاذ البعض لفرص التقدم للامتحانات ، مع الأخذ بعين الاعتبار امتحان الشهادتين الإعدادية والثانوية المواتي بذات التواريخ تقريبا. ( الوثائق 4-5-6-7)
الفصل من العمل او الجامعة : من ضمن العقوبات التي تلجأ اليها الحكومة السورية هي عقوبة الفصل من العمل او من الجامعة دون إبداء الأسباب كنوع من الضغط على الناس بغية ثنيهم عن القيام بأية احتجاجات مطلبيه ، ولدى المنظمة قوائم عديدة بأسماء من تم فصلهم من العمل او من الجامعة مما يعني تحويل عدد من الناس من معيلين إلى متسولين ناهيك عن زج مئات الطلاب إلى الشوارع بحثا عن عمل بعد فصلهم من الجامعات.( 8-9-10-11-12 ).
المواطنين العاديين :
لاشك أن تأثير الأجواء الأمنية السائد في البلاد سيرخي بظلاله السوداء أيضا على باقي شرائح المجتمع وسيطال العمال والموظفين العاديين حتى الذين لم يشاركوا في التظاهرات ولم يتعرضوا للاعتقال .
فمحاصرة المدن بالدبابات ( درعا وريفها – ريف دمشق – بانياس – حمص وريفها ..) وفرض منع التجول لساعات طوال ، يمنع انتقال الناس إلى أعمالها او الطلاب إلى مدارسها وجامعاتها.مما يهدد استمرار الدخل المالي لأصحاب العمل الحر، كما أن قطع الكهرباء والماء والاتصالات اضر ويضر بأصحاب قطاعات واسعة من سوق العمل في سورية ، ناهيكم عن التأثير المباشر في حركة البيع والشراء وتعرض المخزون إلى الضرر .كما تسبب ذلك في تجويع الأهالي وعزلهم وعدم توفير المواد الأساسية من الغذاء والدواء وحليب الأطفال الأمر الذي دعا المجتمع المدني السوري للقيام بحملات عدة بغية إيصال تلك المواد كما حدا بالصليب الأحمر لإرسال مساعدات عاجلة إلى درعا خاصة إضافة الى قوافل غذائية جاءت من مدينة رمثا الأردنية وتم منعها من دخول الأراضي السورية.
(( ينص الإعلان العالمي الخاص باستئصال الجوع وسوء التغذية الذي أقرته الجمعية العامة في قرارها 3348 (د-29) المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1974 على : من المسؤوليات الأساسية للحكومات أن تعمل معا لزيادة إنتاج الأغذية وتوزيعها علي نحو أكثر إنصافا وفعالية علي البلدان وفي داخلها. ويتعين علي الحكومات أن تشرع علي الفور في شن هجوم موحد أكبر علي الأمراض المزمنة الناتجة عن سوء التغذية ونقص التغذية لدي الفئات المستضعفة المنخفضة الدخل. ويتعين علي الحكومات، لكي تكفل التغذية الكافية للجميع، أن ترسم سياسات غذائية وتغذوية مناسبة في إطار الخطط العامة للإنماء الاجتماعي والاقتصادي والزراعي، علي أساس المعرفة السليمة بما هو متوفر من الموارد الغذائية وما هو محتمل منها. وفي هذا الصدد، يجب التشديد علي أهمية الحليب البشري من الزاوية التغذوية…)).
استخدام العمال والموظفين
لجأت الحكومة السورية إلى استخدام بعض العمال والموظفين العاملين لديها، إضافة الى استخدام بعض رجال الأعمال المقربين من السلطة لموظفيهم كرأس حربة في قمع الاحتجاجات الشعبية والضغط عليهم تحت التهديد بلقمة العيش كي يواجهوا المتظاهرين ويقمعوهم والا كان الفصل والعقوبات بانتظارهم .
((تنص اتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية- تاريخ بدء النفاذ: 18 تموز 1951، وفقا على : المادة 1
1. توفر للعمال حماية كافية من أية أعمال تمييزية علي صعيد استخدامهم تستهدف المساس بحريتهم النقابية.
2. ويجب أن تنطبق هذه الحماية بوجه أخص إزاء الأعمال التي يقصد منها:
(ب) التوصل إلي فصل العامل أو الإجحاف به بأية وسيلة أخري بسبب عضويته النقابية أو اشتراكه في أنشطة نقابية خارج ساعات العمل، أو خلال هذه الساعات بموافقة صاحب العمل.
المادة 2
توفر لمنظمات العمال وأصحاب العمل حماية كافية من أية تصرفات تمثل تدخلا من بعضها في شؤون بعضها الآخر سواء بصورة مباشرة أو من خلال وكلائها أو أعضائها، سواء استهدف هذا التدخل تكوينها أو أسلوب عملها أو إدارتها)).
(( تنص الاتفاقية الخاصة بممثلي العمال -الاتفاقية (رقم 135) الخاصة بتوفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسة -تاريخ بدء النفاذ: 30 حزيران/يونيه 1973. على:
المادة 1
توفر لممثلي العمال في المؤسسة حماية فعالة من أية تدابير يمكن أن تنزل بهم الضرر، بما في ذلك الفصل، ويكون سببها صفتهم أو أنشطتهم كممثلين للعمال، أو عضويتهم النقابية، أو مشاركتهم في أنشطة نقابية، طالما ظلوا في تصرفاتهم يلتزمون القوانين أو الاتفاقات الجماعية القائمة أو غيرها من الترتيبات المشتركة المتفق عليها.))
اللجوء إلى السخرة القسرية :
يعتبر يوم الجمعة يوم العطلة الرسمية في سورية، وكما في باقي الدول العربية التي شهدت ثورات سابقاً، شهدت سورية تظاهراتها الحاشدة يوم الجمعة ، حتى أن بداية تلك الاحتجاجات كانت تقتصر على أيام الجمعة فقط ، وبناء على ذلك قامت الحكومة السورية في بداية الاحتجاجات وكخطوة منها لمنع نزول المواطنين إلى الشوارع اعتبرت يوم الجمعة يوم عمل رسمي وطلبت من جميع الموظفين والعمال الرسميين الدوام يوم الجمعة تحت طائلة العقوبة لمن يتغيب .
(( تنص اتفاقية السخرة -تاريخ بدء النفاذ: أول أيار/مايو 1932 على :
تعني عبارة “عمل السخرة أو العمل القسري” جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض عنوة علي أي شخص تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بمحض اختياره.
المادة 1
يتعهد كل عضو في منظمة العمل الدولية يصدق هذه الاتفاقية بتحريم استخدم عمل السخرة أو العمل القسري بكافة صوره في أقصر فترة ممكنة.
2. على هدف هذا التجريم الكلي، لا يجوز اللجوء إلى عمل السخرة أو العمل القسري…
المادة 13
1. تكون ساعات العمل العادية لأي شخص يفرض عليه عمل سخرة أو عمل قسري مساوية لساعات العمل العادية المعمول بها في حالة العمل الحر، ويجب أن يكافأ علي أية ساعات إضافية يعمل خلالها بنفس المعدلات المعمول بها تعويضا عن الساعات الإضافية في حالة العمل الحر.
2. يمنح يوم راحة أسبوعية لجميع الأشخاص الذين يفرض عليهم عمل سخرة أو عمل قسري من أي نوع، ويجب، بقدر الإمكان، أن يتوافق هذا اليوم مع اليوم المحدد للراحة عرفا أو تقليدا في الأقاليم أو المناطق المعنية.
النقابات العمالية في سورية
لا توجد في سورية نقابات عمالية ويستعاض عنها بالاتحاد العم للعمال وهو يعرف رسميا بأنه منظمة شعبية رديفة لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية ، كما يعتبر رئيس الاتحاد العام للعمال عضوا في مؤتمر الحزب الحاكم كما أن اجتماعات الاتحاد العامة أم الفرعية في المحافظات لا تعتبر صحيحة ما لم يحضرها ممثل عن الحزب الحاكم ، وبإيجاز نستطيع القول أن الاتحاد العمالي يعاني من وصايات ثلاث ( حزبية – أمنية – تنفيذية )
وبدلا من ان يدافع الاتحاد عن مصالح أعضائه نجد انه يدافع عن السلطة والقرارات الحكومية في وجه الأعضاء، حتى ان رئيس الاتحاد الحالي قام بالاتصال بأحد رؤساء الاجهزة الامنية طالبا منه اعتقال صحفيين لمجرد ان سال ذلك الصحفي عن اشياء اعتبرها رئيس الاتحاد تطاولا من الصحفي حيث بقي الصحفيين قيد الاعتقال (42) يوماً ليفرج عنهم القضاء العسكري فيما بعد لعدم وجود قضية ..
ومما يؤكد تبعية الاتحاد وقطاع العمال إلى حزب البعث الحاكم هو إجازة او إعارة او نقل أي عامل إلى العمل في مؤسسات الحزب مع بقاء راتبه الذي تدفعه الحكومة مستمراً!!
((ينص النظام الأساسي الموحد للعاملين في الدولة- القانون رقم 1/1985 في المادة 40 منه:
أ ـ يقطع عن العامل المعار أجرة من الجهة العامة المعيرة ويتقاضى الراتب أو الأجر الذي تخصصه له الجهة المستعيرة.
ب ـ استثناء من حكم الفقرة (أ) السابقة يجوز النص في صك إعارة العامل إلى منظمات حزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية على مثابرته على تقاضي أجره وتعويضه العائلي من الجهة المعيرة وسائر التعويضات التي يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديدها من الجهة المعيرة وتحدد القواعد والأسس لتطبيق أحكام هذه الفقرة بتعليمات تصدر عن رئيس مجلس الوزراء. ))
إن احد قرابين الاحتجاجات الأخيرة كان النقابي الأول في سورية السيد عمر قشاش الذي اعتقل لأسبوعين بعد اتهامه بالتحريض والمشاركة في الاحتجاجات.
((عمر قشاش من مواليد 1926 – حلب – حي البلاط الفوقاني ،انتسب للحزب الشيوعي عام 1949 وبدأ نشاطه العام النقابي العمالي من اجل الدفاع عن حقوق العمال ومطالبهم ،انتخب لمكتب نقابة عمال الطباعة عام 1952 وما لبث أن فصل من النقابة بسبب قرار أصدره الرئيس أديب الشيشكلي آنذاك يحظر على النقابيين الانتماء لأحزاب سياسية أو ممارسة النشاط السياسي
بعد سقوط الشيشكلي عام 1954 قاد إضراب الطبقة العاملة التي طالبت بإلغاء وتعديل ذلك القانون ، وفعلا” عدل القانون وانتخب قشاش رئيسا” للنقابة ، انتخب عام 1956 عضوا” في مكتب اتحاد عمال حلب ،وفي عام 1957 وبمبادرة منه قام بتأسيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الطباعة في سورية، وانتخب سكرتير الاتحاد المهني لعمال الطباعة في سورية كما انتخب عضوا” في مكتب الاتحاد العام لعمال سورية.
عام 1958 اعتقل قشاش أيام الوحدة السورية المصرية وخرج من السجن أيام الانفصال.
عام 1978 اعتقل في شهر حزيران وخرج بعد عشرين شهرا” في شباط عام 1980 .
اعتقل مرة ثانية عام 1980 في الخامس من شهر تشرين الأول وحكم عليه بالسجن خمسة عشر سنة – بتهمة معاداة الاشتراكية ( رغم انه شيوعي – نقابي ) على خلفية حملة سياسية شنتها السلطات السورية آنذاك على الحزب الشيوعي – المكتب السياسي – والتجمع الوطني الديمقراطي نتيجة مطالبتهم بإطلاق الحريات والديمقراطية، وذلك بعد إصدارهم بيان عام 1980 الشهير الذي طالبوا فيه بضرورة إجراء إصلاحات ديمقراطية في بنية النظام الاستبدادي بما فيها تعديل الدستور ليجسد في مواده الأسس والمبادئ الديمقراطية واحترام حق الشعب بالتعبير بحرية عن رأيه.))
إن الوصاية الأمنية أكثر ما تتجلى في منع العمال والموظفين من نشر أي شيء يتعلق بالعمل الوظيفي.
((ينص النظام الأساسي الموحد للعاملين في الدولة- القانون رقم 1/1985 في المادة 66 منه
أ ـ مع مراعاة قانون التنظيم النقابي، لا يجوز للعامل أن يعمل في التأليف أو الكتابة أو النشر حول أمور تتعلق بوظيفته إلا بموافقة الوزير المختص. ))
إن الحكومة السورية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى لفتح الباب أمام التنظيمات النقابية المتعددة والمستقلة تنفيذا للمواثيق والمعاهدات الدولية .
((تنص اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي على:
المادة 2
للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.
المادة 5
لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق تكوين اتحادات واتحادات حلافية والانضمام إليها، كما أن لكل منظمة أو اتحاد أو اتحاد حلافي من هذا النوع حق الانتساب إلي منظمات دولية للعمال وأصحاب العمل.
المادة 11
يتعهد كل عضو من أعضاء منظمة العمل الدولية تكون هذه الاتفاقية نافذة إزاءه باتخاذ جميع التدابير اللازمة والمناسبة لضمان تمكين العمال وأصحاب العمل من ممارسة حق التنظيم النقابي في حرية)).
((أيضا ينص إعلان منظمه العمل الدولية بشأن ” المبادئ والحقوق الأساسية في العمل ” على:
أ-الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة الجماعية
ب-القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي
ج- القضاء الفعلي على عمل الأطفال ))
إن قصور اتحاد العمال وهو النقابة السورية الوحيدة والحصرية للعمال عن أداء واجباته يحًمل المنظمات الدولية عبئا كبيراً في مساعدة العمال والموظفين السوريين ومن خلفهم ألاف العوائل.
توصيات:
إن المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية تتوجه إلى منظمة العمل الدولية واتحاد النقابات الحر من أجل تحقيق المطالب التالية :
– إنشاء قاعدة بيانات عن الانتهاكات الخاصة بالمجال الاقتصادي وحصر أنواع الانتهاكات ومعرفة أسماء من تضرر منها.
– الضغط على الحكومة السورية لاعتبار من قتل في الاحتجاجات مؤخراً كشهداء وإصدار كل المراسيم اللازمة لذلك وإعطائهم حقوقهم .
– الضغط على الحكومة لتدريس أولاد الشهداء في مدارس أبناء الشهداء وتخصيص رواتب شهرية لأسرهم.
– المساعدة في توفير قروض ميسرة لذوي الشهداء للمساعدة في تلبية احتياجاتهم العاجلة وإقامة بعض المشاريع الصغيرة.
– توفير آلية فعالة للمساعدة القانونية للمعتقلين من توفير محامون للدفاع عمن يحال منهم الى المحاكم وتأمين مكاتب للاستشارات القانونية لهم ولمن طرد من عمله .
– الضغط لتأسيس نقابات عمالية ومهنية مستقلة.
د.عمار قربي
رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان 8\6\2011
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية – دمشق- فاكس 00963115330005 – هاتف 096393348666
National.Organization @ gmail.com www.nohr-s.org