في حوار مع الجزيرة نت: قائد ثوار حلب: معركتنا ليست مع العلويين
عبد القادر صالح خلال مشتاركته باجتماع في مستفشى في كبليس
حاوره أحمد نور-الحدود التركية السورية
عبد القادر صالح، شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، كان يمارس التجارة في بلدته مارع بريف حلب قبل أن يجد نفسه قائدا لكتيبة مارع التي تمكنت من انتزاع البلدة من سلطة النظام السوري، ليصبح فيما بعد قائد لواء التوحيد الذي وحد معظم كتائب وألوية حلب وريفها تحت مظلة الجيش السوري الحر.
وفي مؤتمر صحفي عقده مؤخرا بإسطنبول، قال صالح إن قواته سيطرت على نحو 70% من مدينة حلب, وهي تخوض اليوم أشد المعارك ضد قوات النظام, وطالب المجتمع الدولي بالمساعدة في “إنقاذ الشعب من المجازر”.
وللوقوف على جملة من المسائل على غرار طبيعة الصراع في سوريا والاتهامات الموجهة للواء التوحيد بارتكاب عمليات إعدام للشبيحة ومستقبل الحرب ضد النظام السوري كان هذا الحوار الذي أجرته الجزيرة نت معه خلال زيارته لمشفى كبليس على هامش حضورة لتركيا للمشاركة بمؤتمر في اسطنبول :
من هو عبد القادر صالح؟ كيف كان قبل الثورة وكيف أصبح الآن؟
أنا رجل بسيط، وهذا واقع لا تواضع, كنت قبل الثورة أعمل في التجارة ولدي دخل جيد، لكني كنت أرى أن راحة الناس في سوريا لا تتوفر سوى لمن يملك المال، وأن القهر والظلم يشمل الجميع، فلم نتمتع يوما بحرية التعبير والرأي أو حتى ممارسة شعائر الدين بارتياح.
وعندما قامت الثورة على يد أطفال في درعا تجرؤوا على كتابة شعارات ثورية على الجدران، لم تكن الرؤية واضحة لدى كثير من الناس، فعلماء الدين أنفسهم لم يكونوا متفقين بشأن الثورة. وفي شهر رمضان من العام الماضي بدأت أدعو الله ليرشدني إن كان الاستمرار في الثورة لصالح البلاد بالرغم من نزيف الدماء.
ومع استمرار القمع، شاركت مع زملائي في تنظيم المظاهرات والفعاليات السلمية، إذ كنا نتوقع أن الأمر لا يتطلب أكثر من تشجيع الناس على التظاهر بأعداد كبيرة، وأن العالم سيقف معنا ويدعمنا لتحقيق الديمقراطية، لكننا فوجئنا بوحشية النظام الذي لم يجد وسيلة للقمع سوى الرصاص الحي، حتى رفعنا في بعض المظاهرات لافتات تطالب برمينا بالرصاص المطاطي أسوة بالجيش الإسرائيلي في قمعه للفلسطينيين، وتطور بنا الحال إلى رفع السلاح للدفاع عن أنفسنا.
يقال إن المجتمع السوري لم يكن يتمتع بثقافة سياسية عميقة ولم يكن يضم مؤسسات للمجتمع المدني أو نشاطا للمعارضة، فكيف تفسر نضج الثورة السورية خلال أشهر؟
هذا صحيح، فالنظام اعتاد على منع أي رأي مخالف لرؤيته من الظهور، لكن السوريين حافظوا طويلا على ثقافة التعايش بين الطوائف التي حاول النظام انتزاعها بالتحريض، كما أن الشعب يتمتع بوعي كاف قبل أن يحكمه النظام، وهذا هو الأساس في كل ثورة.
هل تسمي ما يعيشه السوريون الآن حربا أهلية؟
لا بالطبع، الثورة بدأت سلمية وستبقى سلمية، فنحن نقاتل النظام فقط ومعركتنا ليست ضد طوائف العلويين أو الشيعة. وقرارنا بحمل السلاح كان رد فعل لحماية أنفسنا من القتل مع إصرار النظام على تصعيد العنف.
بعد دخول الثورة مرحلة العنف المسلح هل توافقون على ما يقال عن تشتت قيادات المعارضة المسلحة مع تعدد الكتائب التي تعمل تحت مظلة الجيش الحر أو خارجها؟
النظام يملك جيشا مسلحا بقوة منذ البداية، أما نحن فبدأنا بمحاولة إسقاطه بوسائل سلمية، وعندما اضطررنا لمقاتلته كان علينا أن نبدأ من الصفر، ومن الطبيعي أن نرتكب الأخطاء. يجب الاعتراف بأن النظام يفتك بنا بعنف، وفي المقابل فإن أحد الثوار عندما يرتكب خطأ فإننا نشتكي إلى قائده فيقول لنا عاقبوه ولا تترددوا.
هل تعني أن هناك تنسيقا عالي المستوى بين قادة الكتائب؟
نعم بالطبع، فهناك تنسيق واحترام بين الجميع، وعلى سبيل المثال لدينا غرفتا عمليات في حلب، تجتمع فيهما قيادات الكتائب التي تعمل تحت مسمى لواء التوحيد الشامل لمعظم ألوية وكتائب المنطقة لتوحيد الرؤية والقرار.
يتهم البعض الجيش الحر بالمسؤولية عن العنف الذي يتعرض له المدنيون، فكلما أعلن عن تحرير منطقة سارع النظام إلى قصفها وتدميرها.
الجيش يقصف كل المناطق التي تتمرد حتى لو لم نعلن تحريرها، وبما أننا في معركة تحرير لتأسيس دولة عدل فلا بد من دفع الضريبة.
وهل لديكم نية حاليا لتغيير هذه السياسة؟
هذه خطط عسكرية لا يمكننا البوح بها.
في معركة “الفرقان لتحرير حلب” التي أعلنها لواء التوحيد، لماذا حلب تحديدا ولماذا الآن؟
نحن ثوار الريف الحلبي عملنا على تحرير مناطقنا بالكامل في معارك عنيفة وطويلة، وبعد نجاحنا في المهمة بدأنا بتوحيد كتائبنا تحت راية لواء التوحيد، ورأينا أن تحرير حلب سيكون مهما للغاية في إسقاط النظام، لأنها العاصمة الاقتصادية التي يعول عليها النظام كثيرا، كما أنها الأقرب إلى طرق الإمداد من قرانا ومدننا المحررة، وقد شارك في المعركة أيضا الكثير من الثوار القادمين من إدلب القريبة ومناطق أخرى استكملت تحريرها, وخطتنا الآن تقتضي تحرير المدن والمناطق بالتسلسل وصولا إلى دمشق لإسقاط النظام كله.
هل يعني هذا أنكم تسعون للسيطرة على البلاد بالتدريج وليس إسقاط رأس النظام؟
نحن نعمل على عدة جهات، فإذا استطعنا إسقاط رأس النظام مباشرة فكان بها, وإلا فسنتابع معاركنا لتحرير المناطق واحدة تلو الأخرى، إلى أن نحاصره في منطقة ضيقة للقضاء عليه.
هناك الكثير من الانتقادات للجيش الحر بشأن صور وشهادات عن إعدامات ميدانية بحق الأسرى من “الشبيحة”، خصوصا إعدام مجموعة من آل بري في حلب، فما تعليقكم؟
نحن لدينا محاكم شرعية وقانونية للنظر في أمر الأسرى، وكان حكم إعدام هؤلاء الشبيحة الذين ثبت تورطهم في القتل صحيحا وعادلا، لكن الخطأ جاء في طريقة التنفيذ، والمشكلة هي أن العالم يسلط الضوء على خطأ واحد صدر منا بينما يتساهل مع ما فعله جيش النظام في حمص وداريا والحولة وغيرها من مجازر تتكرر كل يوم، فلماذا لم نسمع كل هذا النقد بحق مجزرة ذهب ضحيتها 36 شهيدا و40 جريحا عندما رمت طائرة برميلا متفجرا على الأهالي المتجمعين أمام مخبز في قاضي عسكر بحلب؟
يقال إن النظام يستعد لمقاضاتكم أمام المحاكم الدولية بشأن هذه الأفعال التي تعترفون بأنها أخطاء وقعت بالفعل، فهل أنتم مستعدون للدفاع عن أنفسكم؟
نحن مستعدون لأي محكمة، فلدينا توثيق لمحاكمنا ولإجراءات التحقيق لدينا، وقد سبق أن أعلنا الاستعداد لفتح أبواب سجوننا لمن يريد زيارتها.
وهل اتخذتم إجراءات لمنع تكرار هذه الأفعال؟
نحن نحاول منع تكرار الأخطاء قدر المستطاع، لكننا لا نملك سلطة كل من يقاتل باسم الجيش الحر، فالأخطاء الفردية لا يتحمل مسؤوليتها إلا صاحبها، والأخطاء أمر طبيعي الحدوث بداهة.
يرى البعض أن الثورة السورية تأخذ منحى إسلاميا، بغض النظر عن تنوع أطياف التيار الإسلامي بين التشدد والاعتدال، فما رأيكم؟
لا تنس أن أكثر من 80% من الشعب السوري مسلم، وأن مظاهراتنا خرجت في البداية من المساجد، فمن الطبيعي أن يكون طابع الثورة إسلاميا وهذا لا يعني أي إقصاء للآخرين، فنحن نفتح أبوابنا لكل من يريد أن يشارك معنا من المواطنين مهما كان انتماؤه ودينه، ولا يعقل أن نطرد أحدا يريد مساعدتنا وهو يسعى معنا لإسقاط النظام الذي يضطهد كل فئات الشعب.
عقدتم قبل أيام مؤتمرا صحفيا في إسطنبول، وقد استقبله الإعلام التركي والعربي باهتمام ملحوظ، كيف تقيمون المؤتمر؟ وما مطالبكم؟
انطباعي في العموم جيد، فقد حاولنا إيصال صوتنا للعالم الذي ما زال يطالبنا بتوضيح الصورة رغم كل هذا القتل اليومي الذي يتعرض له الشعب السوري. نحن نرى أن هناك مؤامرة عالمية على الشعب السوري، فكل يوم نسمع تصريحات تطالب الأسد بالتنحي دون أي تحرك فعلي، ونحن نتساءل ما الذي يمنعهم من دعمنا وتسليحنا أو حمايتنا؟
العالم ينظر إلينا أيضا على أننا جيش حر يقاتل جيش النظام، لكننا لسنا جيشا بل كتائب من الثوار الذين يغنمون السلاح من النظام ليقاتلوه به، ويبدو أن العالم يريد أن يطول أمد الحرب حتى تنهار البنية التحتية للبلاد، وسيسجل التاريخ هذه المؤامرة بحق شعبنا.
وهل تجدون دعما كافيا من الدول العربية، سواء الحكومات أو الشعوب؟
الدعم ليس كافيا، فرغم أننا نشعر بتعاطف الشعوب معنا، لكن الدعم الرسمي ما زال ضعيفا.