في كراهية النساء/ عبده وازن
كنت أبحث في إحدى المكتبات، في اليوم العالمي للمرأة، عن كتاب جديد في حقل الإبداع النسائي أو الثقافة النسوية عندما وقعت مصادفة على كتاب بالفرنسية جذبني عنوانه: «قاموس كراهية النساء» للكاتبة أنياس ميشو، وهو صادر في سلسلة «كتاب الجيب» الشهيرة ما يعني أنه من الكتب الرائجة جماهيرياً.
لا أخفي أن الكتاب الذي جمعت فيه صاحبته أقوالاً ومواقف تجمع على «كراهية النساء» أحدث فيّ حالاً من الاستغراب الشديد إذ لم أكن أتوقع هذا الحجم من الكراهية التي يكنها فلاسفة وروائيون وشعراء وفنانون كبار للمرأة والنساء، وبعضهم حيكت حولهم حكايات حب ومنهم مثلاً فردريك نيتشه الذي أحب لو أندرياس سالومة بجنون. لم أكن أتوقع أن كراهية النساء أو «الميزوجيني» بالفرنسية أو الإنكليزية، تحتل حيزاً كبيراً في صفحات التاريخ والفلسفة والأدب وأن تمثل هذه الكراهية مبدأ أو معادلة ثابتة. معروف أن الكراهية حالة إنسانية مثلها مثل الحب والحسد والجشع والبخل والسخاء وسواها، وكما الرجل عرضة للكراهية فالمرأة أيضاً عرضة لها بصفتها شخصاً اجتماعياً كالأب والأم والابن والأخ وسائر بني البشر. لكنّ المستهجن أن تنسري الكراهية على المرأة إنسانياً ونسوياً أو «جندريا» ووجودياً. إنها الكراهية التي لا تقف عند امرأة بعينها، امرأة موصوفة أو معينة، بل تشمل النساء في كونهن نساء. فالمرأة كائن وإنسان وذات قبل أن تكون امرأة مفردة أو شخصاً مفرداً.
قد يمكن رجلاً أن يكره امرأة، سواء كانت حبيبة أو زوجة أو صديقة أو حتى أمّاً وأختاً، ويمكن أيضاً امرأة أن تكره رجلاً أياً يكن، حبيباً، زوجاً، صديقاً… لكنّ كره النساء للرجل والرجال لم يتحول ظاهرة عامة ومعلنة وراسخة فلسفياً وثقافياً وتاريخياً مثل كره النساء.
لماذا يكره الرجال النساء مثل هذه الكراهية وفي مثل هذا الإلحاح والتعيين؟ قد لا يكون مجدياً البحث عن جواب عن سؤال كهذا، إشكالي وملتبس. فهذه الكراهية تضرب جذورها في التاريخ القديم، في الحضارات الغابرة ولا سيما الحضارة الإغريقية وفي التراث التوراتي وبعض قصص الخليقة. ولا يمكن هنا تجاهل ضلع الرجل ولا تفاحة المرأة ولا الخصال الحميدة التي أسبغت على الرجل قبل وجود المرأة التي مثلت الشر منذ أن فتحت عينيها وظلت تمثله. لماذا لجأ فلاسفة وكتاب إلى «تحقير» المرأة وتجريدها من حقها الوجودي وإسباغ الصفات المهينة عليها؟ هل سعى هؤلاء الكارهون للمرأة أن يبرروا كرههم لها وأن يفهموا خوفهم منها؟
من يقرأ ما قال الفلاسفة والكتاب والفنانون في كره المرأة يشعر بخجل كبير وأسى. في هذا الصدد يقول سقراط: المرأة غبية وهشة. ويقول بيتاغور: هناك مبدأ الخير الذي يخلق النظام والنور والرجل. وهناك مبدأ الشر الذي يخلق الخواء والظلمة والمرأة. يقول هيبوليت تين: أن تمنح امرأة أفكاراً وعقلاً فكما لو أنك تضع سكيناً في يد طفل. يقول فولتير: الأكثر كرهاً للنساء هن النساء أنفسهن. أما نيتشه الذي كتب كثيراً في كره النساء فيقول في ذروة غضبه: إذا كنت سترى نساء فلا تنس سوطك. ويقول شوبنهاور أستاذ نيتشه: إننا ننفجر ضحكاً بمجرد أن نفكر برؤية النساء يمارسن مهنة القاضي. ويقول فيكتور هيغو: النساء يؤخذن مثل الأرانب، بآذانهن. وغوته: يد المرأة التي تحمل مكنسة نهار السبت هي اليد التي تلاطف جيداً نهار الأحد. يقول فلوبير: النساء يجعلن من دبرهن قلباً. ويقول بلزاك: ثروة كل امرأة بين فخذيها. ويقول ساشا غيتري المعروف بمغامراته العاطفية: إن هؤلاء النسوة حيوانات بلا ذيل ولا رأس.
ألا يجب مؤازرة النساء في ثورتهن الدائمة على السلطة الذكورية؟ ألا يتمنى الرجل المتحرر أن يكون امرأة في مثل هذه الثورة؟
الحياة