في معنى قبول الإبراهيمي بالتمديد
خورشيد دلي
كثيرون توقعوا بأن يستقيل المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي فور انتهاء مدة مهمته، نظرا لضآلة النتائج التي حققها طيلة الأشهر الستة الماضية، والتي ربما لا يتذكر المرء منها شيئا سوى الهدنة الهشة التي تمت خلال فترة عيد الأضحى بين النظام والمعارضة علما أنه لم يتم تطبيقها على أرض الواقع. لكن الذي جرى أن الإبراهيمي فاجأ الجميع و وافق على تمديد مهمته لستة أشهر أخرى، فما الذي دفع به إلى هذا القبول؟ وهل بين يديه معطيات توحي بأن ثمة حل سياسي في الأفق؟
من الواضح، انه بين بدء الإبراهيمي لمهتمه وتأكيده مرارا صعوبة الأزمة السورية واستبعاده الدائم للحل العسكري وتحذيره الدائم أيضا من مخاطرها…. بين ذلك الوقت واليوم يبدو أن ثمة قناعة عميقة تكونت لدى الإبراهيمي بأن الحل السلمي بات ممكنا،خاصة في ضوء عدم قدرة النظام على هزيمة المعارضة عسكريا مقابل عدم قدرة الأخيرة على اسقاط النظام من دون تدخل خارجي، ولعل ثمة إحساس قوي لدى الإبراهيمي بأن الطرفين باتا مرهقين جدا خاصة وأن منظر الدم والقتل يفضح الجميع ويدفع بالأمور نحو المجهول. لعل من أهم المؤشرات الإيجابية التي دفعت بالإبراهيمي إلى القبول بتمديد مهمته:
1- المبادرة التي طرحها رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب، وما حركت هذه المبادرة من مياه راكدة لدى المعارضة والنظام معا في الحديث عن الحوار والمرحلة الانتقالية والحل السياسي خاصة بعد أن قطعت المعارضة أي أمل لها بتدخل خارجي يؤدي إلى إسقاط النظام ، فاتجهت استراتيجيا إلى البحث عن مرحلة انتقالية بغض النظر عن تلك التفاصيل المتعلقة بوضع الرئيس بشار الأسد وتأكيد المعارضة على ان تكون هذه المرحلة من دونه.
2- الحديث عن توافق أمريكي – روسي على قيام الأخيرة بدور الحل السياسي، ولعل روسيا تمتلك معظم أوراق هذا الحل، إذ أنها نجحت أخيرا في الانفتاح على الائتلاف الوطني السوري والبحث معه عن صيغة للحل عقب لقاء سيرغي لافروف ومعاذ الخطيب في ميونيخ، كما أن لها علاقة جيدة مع إيران حليفة النظام السوري، وفي الأساس هي الطرف الأقوى تأثيرا على النظام السوري في إمكانية إقناعه بحل يشكل مخرجا للأزمة، وفي هذا السياق فان زيارة كل من وزير الخارجية السوري وليد المعلم وكذلك زيارة رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب إلى موسكو أواخر الشهر الجاري ستكون مفصيلة لجهة الإنخراط في الحل السياسي.
3- استباقا لهذه الجهود كان لافتا دعوة الإبراهيمي قبل أيام إلى حوار بين المعارضة وشخصيات مقبولة من النظام السوري في مقر الأمم المتحدة بنيوريوك، فثمة إحساس عميق لدى الإبراهيمي بأن المناخ بات مهيأ لانطلاق الحوار بين الجانبين من أجل الحل السياسي ولو ان الكثير من القضايا تبدو صعبة ان لم تكن مستحيلة، ولعل ما عزز من قتاعة الإبراهيمي هذه المبادرة التي طرحها الخطيب والدعم الأمريكي والروسي لها.
4- يدرك الإبراهيمي أن سياسة باراك أوباما تجاه الملف السوري ولاسيما بعد تعينه جون كيري وزيرا للخارجية تختلف عن تلك التي اتبعها تجاه مصر وليبيا، لأسباب تتعلق بموقع سوريا الجيوستراتجيي وشبكة التحالف والعلاقات الدولية، والتداعيات المنتظرة من خيارات غير معروفة الحسابات والنتائج مسبقا حيث أمن إسرائيل في قلب هذه التداعيات، الإبراهيمي يدرك كل هذا وفي الوقت نفسه يعرف أن مثل هذا المعطى يصب في خدمة البحث عن الحل السياسي وهو ما يعمل من أجله.
في الواقع، إذا كانت هذه العوامل والمعطيات هي التي دفعت بالإبراهيمي إلى القبول بتمديد مهمته نظرا لقناعته بأن من شأن ذلك إمكانية تحقيق الحل السياسي،الا أن الإبراهيمي يدرك جيدا أن المسألة لا تتعلق بالنجاح في جلب النظام والمعارضة إلى طاولة الحوار وانما بكيفية الحل، فالنظام يريد مرحلة انتقالية برعايته فيما المعارضة تريد حكما انتقاليا من دون الأسد، معضلة قد تشغل الولاية الثانية للأبراهيمي في مهمته السورية الصعبة.
ايلاف