قبول الأسد للمبادرة العربية.. كيف يمكن أن نجعله لصالحنا؟
خولة دنيا
قبول الأسد مبادرة الجامعة العربية بدون تحفظات، هل يعتبر مؤشراً إيجابياً للقادم من الأيام؟ أم مزيداً من ممارسة الحرتقة السياسية، وألاعيب كسب الوقت؟.
كان البعض يراهن على عدم قبوله للمبادرة، وكأن عدم القبول سيكون مدخلاً لمزيد من الضغوط على نظامه. ولكن لنكن صرحاء: هل أربكنا قبوله هذا؟.
وكيف يمكن أن نتعامل مع قبوله هذا بما يماثله من حرتقة، ولكن حقيقية هذه المرة ، وليس من باب الاحتيال وكسب الوقت؟.
– على الرغم من أننا لم نعد بحاجة لمزيد من البراهين على ألاعيب كسب الوقت، هذه الألاعيب التي دفعت بوزير خارجية قطر للقول أنه لا حاجة لممارسة الاحتيال، يعني بالمشرمحي ‘الطبخة طلعت ريحتها لدرجة لم يعد هناك من يجامل ولو دبلوماسياً’.
– القبول بحد ذاته ميزة علينا استغلالها، ليس مع النظام، فأمره في نهاياته كما يبدو، ولكن على صعيد الاعتراف الدولي بالمعارضة كذلك، معارضتنا (التي لم تصل لحالة توحيد وبلورة بعد أشهر من النضال الدبلوماسي فيما بينها، وفيما بينها وبين السفارات) الآن لديها فرصة ذهبية عليها أن تستغلها، فهي طرف متساو مع النظام لأي حوار مفترض. فالقبول غير المشروط للمبادرة يعني أن المعارضة طرف على طاولة الحوار، ولا يمكن أن يفرض النظام نوع المعارضة التي يريد، فالمعارضة موجودة ومعترف بها إن بالداخل أو الخارج. وذلك على الرغم من عدم حاجتنا هذه، إلا أن كسب الوقت يفترض أن يكون ليس للنظام فحسب ولكن للمعارضة كذلك، فهل ستستغل معارضتنا الكريمة الفرصة والوقت لمزيد من العمل الدبلوماسي فيما بينها أولاً علّها توحد الصفوف التي لم تتوحد لحد الآن من جهة، ولمزيد من العمل الدبلوماسي على صعيد الخارج ، باعتبارها طرفاً مهماً اساسيا في الحوار المزمع (إن جرى حوار).
– يحاول البعض الربط بين الثورة وردود أفعالها في هذه الحالة (حالة المبادرة وقبولها من جهة الأسد) وبين المعارضة ممثلة بالمجلس في الخارج أساساً (فالأطراف الأخرى لم تصل لحالة التمثيل الشعبي كما توهمت، ولكنها تبقى طرفاً في المعارضة رغم كل شيء.
– يبدو من المفضل فك الارتباط بينهما الآن، فما يمكن العمل عليه سياسياً ودبلوماسياً، مختلف عما يمكن أن يطرحه الشارع، الثورة مستمرة، والناس تتخذ قراراتها التي ترى أنها تمثلها، وتعلن موقفها من المبادرة والنظام رغم كل شيء، وهي فرصة لأخذ استراحة محارب، قد يكون من نتائجها (إن صدق النظام) الافراج عن معتقلينا، وسحب الجيش والأمن والشبيحة، وهو ماقد يكون فرصة لتجميع القوى وترميم المناطق التي تعاني من أشهر طويلة (قمعاً وتنكيلاً واستبسالاً للاستمرار).
– فك الارتباط المباشر له فائدة بالنسبة للمعارضة لتمارس دورها الدبلوماسي وتثبت نفسها كطرف سياسي مهم، ولاعب سياسي مهم، فليس النظام وحده من يقدر على اللعب على الألفاظ، وكسب الوقت، كذلك المعارضة السياسية يمكن أن تلعب دوراً مقبولاً وغير متعنت (وهذا الفرق يجب أن نراه في التمييز بين الحراك الثوري – والحراك السياسي).
– علينا أن نجهز أنفسنا لمزيد من القمع المبطن في الأيام القادمة ، في حال استمر النظام في قبوله للمبادرة فليس من عاقل سيصدق أن النظام سيقوم بسحب القوات من المدن، قد يسحب الظاهر منها ولكن الباطن أعظم شأنها.
– علينا أن نجهز أنفسنا لمرحلة نضال من نوع مختلف، ستنزل الشبيحة إلى الشوارع على شكل عصابات غير معروفة الاسم، وستقوم بدورها التنكيلي تجاه الجميع لتأجيج الوضع، وتصعيب الحل، وإثبات مالم يثبته النظام لحد اليوم، (أي وجود عصابات مسلحة).
– هل ستكون الحرب الأهلية أحد نتائج قبول الأسد للمبادرة العربية؟ هو السؤال الأهم الآن، والأكثر إخافة للجميع على ما أظن، علينا أن نكون حذرين وواعين لأي محاولة قد تجر البلد لهذا الاحتمال السيء.
– هل ستمضي المعارضة في الداخل بطريق الحوار رغم موقف الناس الرافض للحوار لحد الآن؟ أيضاً سؤال ليس من السهل الإجابة عليه، فهو يضع المعارضة في موقف حرج، إما خيار الناس وخيار الثورة، أو الموت. ما يمكن العمل عليه آنياً على الأقل، توحيد موقف المعارضة (ولا أقول صف المعارضة) باتجاه موقف واحد من الحوار وإلى أي مدى يمكن الوصول فيه. وما هي الشروط التي يمكن قبولها أو رفضها من الوسيط العربي لقبول الجلوس على الطاولة مع الأسد.
– دعونا لا نتخذ موقفاً من أحد في هذه الآونة القصيرة حتى تتوضح الصورة والمواقف، و(أقصد موقفاً من أطراف معارضة بعينها، فوجهات النظر المختلفة يجب أن لا تورطنا بخسارة أنفسنا وبعضنا البعض) لندع خلافاتنا للقادم من الأيام، ولنكن اليوم على قدر مسؤولية الثورة والناس وأنفسنا في علاقتنا مع الثورة ومع المعارضة.
‘ كاتبة سورية