قصة “أبو علي” المقاتل اللبناني في “لواء التوحيد”/ عبـدالله الحجيـري
البقاع – “أبو علي”، واحدٌ من وجوه التورّط اللبناني في الأزمة السورية. فاللبنانيون يعيشون تفاصيل هذه الأزمة وتداعياتها يوماً بيوم منذ انطلاق الثورة في آذار 2011، وبات التدخّل اللبناني العلني في القتال الدائر خلف الحدود بمثابة “تحصيل حاصل”، إمّا لقتال “التكفيريين” أو لـ”الجهاد” ضد “النظام الكافر”.
و”أبو علي” – إسم حركي – هو أحد هؤلاء الذين توجّهوا إلى سوريا للمشاركة في صفوف المعارضة المسلّحة. يتحدث لـNOW عن تفاصيل في يومياته كمقاتل في الداخل السوري.
“قبل ذهابي الى سوريا كنت أشرب الخمر، وحتى بعد عودتي، فأنا لم أتأثر بالدعوات الدينية الى الجهاد”، قال أبو علي، وأضاف: “لكن صور ومشاهد الإجرام الأسدي (نسبةً للرئيس السوري بشار الأسد) التي كنا نراها على الشاشات تُدمي القلوب، فكان من واجب أي شخص لديه حسّ انساني أن يتوجه إلى سوريا للدفاع عن أطفالها وأهلها”.
وأكد أبو علي أن الذهاب إلى سوريا كان من بُنات أفكاره، وما عزّز هذه الفكرة وثبتها وجود صديق له لديه نفس التردّد في الذهاب إلى سوريا، “فكان كل واحد منّا يشجع الآخر، حتى قررنا الذهاب إلى سوريا أيام معركة القصير”.
وتابع أبو علي: “هناك تعرفنا إلى مجموعة من لواء التوحيد، الناشط في مدينة حلب، والذي أتى ليقدم المساعدة لثوار القصير. وبعد انتهاء معركة القصير ذهبنا معهم إلى حلب، حيث انضممنا إلى إحدى كتائب اللواء”.
لكنّ أبو علي يصرّ على أنه لم يساعد أياً من مقاتلي المعارضة السورية في اجتياز الحدود نحو لبنان، موضحاً أنّهم يقومون بدفع أموال لقاء تهريبهم على نفقتهم الخاصة، لعدد من المهرّبين المعروفين.
“أبو علي” الذي كان أحد عناصر كتيبة “شهداء مدينة الباب” التابعة للواء التوحيد، بقي إلى جانب ثوار حلب لمدة تزيد عن الشهرين، بعدها قرر العودة إلى لبنان من دون التفكير في الذهاب مجدداً.
“الثوار السوريون غير مهتمين بثورتهم، لم نجد الحماس والاندفاع اللازم عندهم، كما كنا نعتقد”، قال أبو علي بحسرة، “فلو كانت لديهم النية والعمل الجدي للنصر، بالتأكيد لن يحتاجوا إلى بضع مئات أو آلاف من المقاتلين الأجانب إلى جانبهم”.
يشير أبو علي إلى أن “لواء التوحيد معظم عناصره من السوريين”، وأنه لم يلتقِ بلبنانيين هناك غير صديقه الذي رافقه، لكنه سمع عن ثلاثة لبنانيين في إحدى كتائب “لواء التوحيد” دون أن يلتقي بهم.
أما المقاتلون الأجانب فكانوا بمعظمهم مع الجماعات الإسلامية، كجبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق والشام، وجماعة أحرار الشام الإسلامية التي كان غالبية عناصرها من الأجانب الذين قصدوا سوريا للجهاد.
يؤكد “أبوعلي” كذلك أنّه لم يتلقَ أية أموال لقاء قتاله في سوريا. “ذهبنا عن قناعة لا طمعاً في المال، لم نقبض أية أموال، لا أنا ولا العناصر الذين كانوا معي في الكتيبة”، قال بلغة حاسمة. “كانت تأتينا بعض الأموال البسيطة، هي عبارة عن “مصروف جيب” لشراء بعض الحاجيات كالسجائر وغيرها”.
أما السلاح المستعمل، فلم يكن بحسب أبو علي، سلاحاً فعّالاً أو متطوراً. “أنا مثلاً حملت بندقيتي معي من لبنان إلى سوريا وقاتلت بها، وعند مغادرتي تركتها هناك دعماً للثورة”.
ولدى سؤاله عن قضية “جهاد النكاح” ووجود نساء ومقاتلات الى جانب الثوار، نفى أبو علي هذا الأمر بشكل قاطع: “لقد قمت بأكثر من زيارة إلى مقر لواء التوحيد المؤلف من خمسة مبانٍ، ولم ألتقِ بأية امرأة حتى في الوظائف المدنية”.
يلفت “أبو علي” إلى أن الجيش النظامي في مدينة حلب وريفها “انتهى”، باستثناء بعض المواقع التي ما يزال يسيطر عليها، وهي تحت الحصار أيضاً، كمطار حلب الدولي، والسجن المركزي في حلب، ومستشفى الكندي، الذي كان من المشاركين في حصاره. هذا المستشفى الذي ما يزال محاصراً منذ نحو الستة أشهر، وتحصل حوله اشتباكات لدى إلقاء الطائرات براميل وأغذية وأسلحة للمحاصرين داخل المستشفى، فتدور المناوشات لسحب هذه البراميل.
هنا يلمح “أبو علي” إلى خيانة بعض العناصر أو الكتائب، لأنها تقوم بتهريب الطعام للمحاصَرين. ويتابع: “ما يمنع الثوار من النصر، هو حالة الفوضى التي يعيشونها، والاشتباكات التي تدور بين فصائل الثورة”.
وعن لواء التوحيد يقول إنه يضم نحو 60 ألف مقاتل، وهو الفصيل الأقوى في منطقة حلب وريفها، كما أنه مقبول لدى الاهالي ويحظى باحترامهم، بعكس الجماعات الاخرى، خصوصاً دولة العراق والشام الإسلامية “داعش”، التي غالباً ما تشتبك مع فصائل أخرى من الثوار، وتحتك مع الأهالي.
ويتذكر أبو علي كيف أن داعش قامت بجلد 60 مواطناً من مدينة منبج في شهر رمضان، لأنهم لم يكونوا صائمين.
موقع لبنان ناو