قضية مختطفي دوما الأربعة… هل المجرم مجهول حقاً؟/ هنادي زحلوط
تمر بعد أيام الذكرى السنوية الثانية لاختطاف النشطاء الأربعة في دوما، حادثة هزمت ضمير السوريين لرمزية المكان والشخوص ودلالات الحدث.
فالجريمة وقعت في المنطقة المسماة “منطقة محررة” في دوما في الغوطة الشرقية حيث اختار نشطاء أن يعيشوا بين أبناء هذه المنطقة التي كانت من أولى المناطق الثائرة ضد النظام.
اختار هؤلاء النشطاء مع سواهم أن يشاركوا المنطقة المحاصرة كسرات الخبز وقطرات الماء المتبقية وبعض الأمل بحياة أفضل.
رزان زيتونة، الناشطة الحقوقية التي كان لجهودها في الدفاع عن حقوق المعتقلين السياسيين أثر بالغ في تخفيف آلام أسرهم وتقديم كل العون لهم ولعوائلهم، رزان التي دعمت مطالب السوريين المطالبين بالحرية والعدالة والتي أسست مع ناشطين بارزين لجان التنسيق المحلية في سوريا ووثقت لجرائم الأطراف كافة ولانتهاكاتها ضد المدنيين والعسكريين على حد سواء، رزان كانت إحدى ضحايا هذه الجريمة.
السيدة الأخرى التي كانت ضحية جريمة الخطف هذه هي سميرة الخليل، المعتقلة السابقة والتي قضت أربع سنوات في سجن عدرا للنساء، معارضة منذ الثمانينات، انتقلت من منزلها في قدسيا إلى دوما لتساهم بشكل فعال في الحملات المدنية التي تستهدف الناس بشكل مباشر وتسهم في تحسين ظروف حياتهم.
سميرة التي افترقت عن زوجها ياسين الحاج صالح الذي عبر إلى تركيا منتظراً بأمل أن تتبعه سميرة بعد فترة، ومازال ينتظرها بالأمل ذاته.
جريمة الخطف استهدفت أيضا الشاعر والكاتب ناظم حمادي، ناظم الفلسطيني السوري الشاعر الرقيق والسند الذي افتقدته أمه أكثر فأكثر بعد رحيل والده في غيابه بمرض عضال.
ناظم كان يعتبر أن معاناة كل سوري تعنيه، وكانت جهوده الإغاثية منسجمة تماماً مع موقفه الإنساني كشاعر وإنسان يتألم لرؤية الناس يعانون ويسعى لوقف هذه المعاناة بأي ثمن.
وائل حمادة الناشط السياسي المعارض، وزوج رزان، ذهب في رحلة المجهول ذاتها، رغم أنه سيكون من الصعب تسجيل هذه الجريمة ضد مجهول.
فالجريمة ارتكبت في وضح النهار حيث اقتحمت قوة مسلحة مكتب لجان التنسيق المحلية في دوما واختطفت النشطاء الأربعة.
الجريمة سبقتها عدد من التهديدات والرسائل التي تركت احداها على باب منزل رزان قبل أيام من الجريمة.
فصيل واحد تتبع له جميع الحواجز التي يفترض أن يمر بها هؤلاء المسلحون الذين وصلوا وذهبوا دون أن تطلق رصاصة واحدة لردعهم: جيش الإسلام!
ورغم مطالبة أهالي المخطوفين بمحاكمة علنية يبرزون فيها أدلتهم على مرتكبي الجريمة إلا أن جيش الإسلام بقي يتهرب من ذلك، وما زال كلما سئل عن اعتقال “رزان زيتونة” يجيب مستنكراً “أوليس لديكم سوى رزان؟ ولماذا لا تسألون عن نساء المسلمين المعتقلات لدى النظام؟”.
جواب يشبه إلى حد بعيد تهرب النظام من إصلاح حقيقي ومن إفراج عن المعتقلين بحجة وجود “الاحتلال الصهيوني” في فلسطين، ونظرية المؤامرة التي صدع بها سقف الوطن!
سنتان على اعتقال محتمل حسب شهود أكدوا وجود المخطوفين في “سجن الباطون”، أحد سجون تنظيم “جيش الإسلام”، سجن يستبعد أن يحيا فيه السجين لأكثر من ستة أشهر نظراً للظروف الصحية السيئة حسب فارين قاموا برشوة جيش الإسلام للهروب من النفق إلى خارج الغوطة المحاصرة من داخلها وخارجها!
سنتان، ولا نريد أن نعد أكثر، لم يكن المعتقلون يوماً في سجلاتهم أرقاما بل قضية، اليوم صاروا هم في قلب القضية!.
الحرية لهم ولجميع المعتقلين في سجون النظام وجيش الإسلام وداعش وجميع السجون في العالم.. الحرية لعقول سجانيهم من عفان الجهل ومن ظلام الديكتاتورية!
روزنة