قيصر” الغامض يوثق تعذيب الأسد لمعارضيه
أ. ف. ب.
يسعى “قيصر” السوري، مجهول الهوية، الى اعداد ملف اثبات ضد الرئيس السوري بشار الاسد ومسؤولين سوريين آخرين بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الانسانية” وتقديمه الى محكمة جزائية دولية. مستفيدا من آلاف الصور التي قام بإلتقاطها.
باريس: اطلق على نفسه اسم “قيصر”، لكنه يعيش متخفيا عن اعين الجميع، باستثناء الذين ساعدوه على الخروج من سوريا والمحققين الدوليين. ويقول هذا المصور الذي كان يأتمر بالنظام انه جمع خلال سنتين الاف الصور عن عمليات التعذيب التي جعلت من سوريا “بلد الموت”.
ملف إدانة الأسد
وهو يهدف الى اعداد ملف اثبات ضد الرئيس السوري بشار الاسد ومسؤولين سوريين آخرين بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الانسانية” وتقديمه الى محكمة جزائية دولية على غرار ما حصل للرئيس الليبيري الاسبق تشارلز تايلور الذي حكم عليه بالسجن 50 عاما بسبب دوره الدموي خلال الحرب الاهلية في سيراليون، او الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي ادين بتهمة الابادة.
وقال حسن شلبي احد الذين ساهموا في اخراج “قيصر” من سوريا في تموز/يوليو الماضي، وعضو الشبكة التي نظمت عملية فراره، ان “القيصر عمل طوال سنتين في وحدة للتوثيق لدى الشرطة العسكرية. ولقد جعل منه النظام مصور احدى افظع الجرائم ضد الانسانية”.
انشقاق “قيصر”
وكشفت تفاصيل انشقاق “قيصر” خلال مؤتمر صحافي مساء الخميس في معهد العالم العربي في باريس، في حضور دايفيد كراين، المدعي العام السابق للمحكمة الدولية الخاصة حول سيراليون، وهو اليوم احد ابرز ثلاثة محققين في تقرير حول التعذيب في سوريا كشف في كانون الثاني/يناير.
وقال شلبي ان “شبكتنا التي تضم ناشطين اجرت في البداية اتصالات بمسؤولين سوريين كانوا يرغبون في مساعدة الثورة والكشف عن جرائم النظام، لكنهم لا يستطيعون”.
واضاف عماد الدين رشيد الذي شارك ايضا في اخراج “قيصر” من سوريا “منذ البداية، اجرينا اتصالات بقيصر الذي كان يعمل في دمشق .. وفي وقت لاحق، ونظرا الى الرعب الذي كان يواجهه، سعى الى الفرار لكننا اقنعناه بالبقاء في مركزه” حتى يواصل تسليمنا الصور التي يلتقطها.
وقال “خلال سنتين، نقل عمله الى المستشفيات حيث كانت تتكدس جثث الذين قضوا تحت التعذيب حتى بدأت تحوم حوله الشكوك. عندئذ نظمنا عملية فراره خلال صيف 2013، بعدما اوهمنا النظام بوفاته ونظمنا جنازة وهمية”.
صور مرعبة
وللمرة الاولى، عرضت الخميس امام الجمهور في معهد العالم العربي، صور عن عمليات تعذيب وفظائع لا توصف، مكدسة في بطاقة ذاكرة كان يحملها “قيصر” خلال فراره.
وقد اعدت هذه الصور التي جمعت في ملف يحمل عنوانا كتب عليه بحروف حمراء بلون الدم، “المجازر السرية للاسد”، لارسالها الى المحافل الدولية ومنها الامم المتحدة لتشكيل ملف حول مسؤولية النظام في “عمليات التعذيب الجماعية”.
بشاعة لا توصف
وترى في الصور عيون مقتلعة، واشخاص تعرضوا للضرب وغطت الجروح والدماء ظهورهم او بطونهم، وجثث مجرومة، وتبدو في صورة حوالى مئة جثة مكدسة في مرأب وسط اكياس من البلاستيك تمهيدا لدفنها.
ووصفت دمشق التقرير المؤلف من “1100 صفحة موثقة” الذي اعده محققون دوليون بأنه “سياسي”. لكن كراين قال ان الصور المرفقة به “لم يكن بالامكان تزويرها”.
وقال اسامة شوربجي عضو لجنة المعتقلين المفقودين “ما نراه هنا، هي شبكات لانتاج الموت”. واضاف في دمشق وضواحيها “24 مركز تعذيب ومستشفيان تنقل اليهما الجثث”.
واكد كراين “دققنا في ستة الاف صورة مع خبراء في الطب الشرعي” من اصل 55 الف صورة في بطاقة الذاكرة الموجودة في حوزة “قيصر” و”صدقوني، الامر مرعب فعلا”.
واعلن “نحن مقتنعون بأن 11 الف شخص تعرضوا للتعذيب” ثم اعدموا “بطريقة لم نر مثيلا لها منذ معسكر اوشفيتز للابادة” في اشارة الى اشهر معسكر اعتقال نازي لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
قياصرة آخرون
واذا كان التقرير يستند الى شهادة مصور واحد ما زال الناس يجهلون عنه كل شيء، لكنه التقى بالاضافة الى المدعين العامين السابقين، لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة حول انتهاكات حقوق الانسان في سوريا، “ثمة قياصرة اخرون” ما زالوا يعملون في سوريا، كما اكد شوربجي.
وفي ما يتعلق بالجرائم التي اقترفها المتطرفون الاسلاميون الذين يقاتلون النظام، لم يتملص منها المشاركون في المؤتمر، لكنهم حملوا الرئيس بشار الاسد مسؤولية ظهورهم على الاراضي السورية، “من خلال اطلاق شياطين التطرف”.
وقال رشيد ان “التطرف (الاسلامي) ولد من الوضع الميداني ولا علاقة له بسوريا التي ترقى الثقافة والحضارة فيها الى 10 الاف عام”.
وخلص مصطفى خليفة المعتقل السابق الذي تعرض للتعذيب في سجون حافظ الاسد، والد الرئيس الراحل، الى القول انه “موسم الموت بكل اشكاله في سوريا اليوم”.
ولا تتوافر ارقام دقيقة، لكن منظمات الدفاع عن حقوق الانسان تتحدث عن الاف المسجونين والمفقودين في سوريا. ويتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن 17 الف مفقود ما زال مصيرهم مجهولا و”عشرات الاف” المعتقلين الذين ما زالوا في سجون النظام.