صفحات الثقافة

كان نائما حين قامت الثورة/ عماد أبو صالح

عصفور

 

أنتم ثُرتم بصدق

كافحتم فعلاً

بُحّت حناجركم من الصراخ

وكادت قبضاتكم تخرق السماء

سال دمكم

وسقط شهداؤكم

لكن الحرية عصفور

يرتعب

ويطير عالياً

لئلا تمسك به

كل هذه الأيدي

لئلا تلتهمه

كل هذه الأفواه الجائعة.

 

لوركا

 

رأيت لوركا

وهم يجرّونه

إلى ساحة الإعدام.

لم أجرؤ على إنقاذه

مع أنه أعز أصدقائي

اختبأت في العتمة

وكتمت أنفاسي

خفت أن يعرفوا

أنني أحب أشعاره.

كان يرتجف كطفل

ويولول كأرملة

ويتضرع الى الله كقديس

ويتوسل للحراس كجبان

حتى لا يحرموه من الغناء

للقمر

والشجر

والغجر

(سامحيني يا قلوب محبّيه

لو قلت إنني رأيته بعينيّ

يعوي ككلب

حين وضعوا أصابعهم

على الزناد).

حاول

بكل الطرق،

أن يثبت لهم

أنه لا علاقة له بالثوار

أنه

أساساً،

يخاف البطولات والأبطال

أنه مجرد شاعر

لكنهم أخرسوه برصاصة.

* شاعر مصري

 

 

 

بائع

 

كتب قسطنطين كفافيس عن بائع متجوّل، عاش في الإسكندرية

سنة 31 قبل الميلاد. كان وسط الضجيج الكبير وصخب

الموسيقى، ينادي على «بخور»، «زيتون ممتاز»، «زيت شعر»، «لبان»!

لم يسمع أحد صوته. دفعته الجموع بأكتافها، وهي زاحفة للاحتفال

بأنطونيو، الذي كان يتقدم، في اليونان، من نصر إلى نصر.

أنا رأيت نفس البائع

بعد أكثر من ألفي سنة

بين الحشود الهائلة من الثوار

يحمل نفس البضائع

وينادي بنفس الحماس

وتدفعه نفس الأكتاف

كيف أمكنه أن يعيش

كل هذه السنين؟

كيف لم تتلف بضاعته

رغم مرور كل هذا الزمن؟

 

ذم الشعر

– اعطني سيجارة

تفضل

– من أنت؟

شاعر

– لماذا تجلس في الحديقة؟

انتظر الشعر

– لا يسكن هنا

تعرف مكانه؟

– المزبلة

كيف؟

– حين يعثر جائعان

على تفاحة كاملة

هربت من أسنان عائلة سعيدة

أكلاها معا؟

– كانا سيتقاسماها فعلا

لكن السكين

لمعت فجأة في نفس الكيس

من البيت نفسه

وحسمت الصراع

لصالح فم واحد

له بيت آخر؟

– المذبحة

حين يتدحرج ذراع قديس

ويحضن عاهرة

في مصالحة حقيقية

بعد فوات الأوان

أنت شاعر؟

– كنت

تركته؟

– أغواني وهجرني

لماذا تجلس في الحديقة؟

– لأنصح الأطفال

ماذا تقول لهم؟

– احذروه

يتخفى أحيانا، في الحلوى

وللشعراء الجدد؟

– أمامكم فرصة للهرب

سيحوّلكم إلى كلاب

تلهثون وراء خطواته

،

اكتبوا روايات.

عماد أبو صالح

 

 

 

زينب

 

تقول لي أمي:

“إذا مت

لا تدفنوني في الليل”.

تعودت أن ترعبني منذ كنت طفلا

في الصباح تقول لي:

“سأموت في المساء”

وحين يأتي المساء تقول:

“سأموت غدا”

زينب هذه

، لمن لا يعرفها

غرفة دمع

شوال ألم

مخزن عتمة

صندوق أحزان

لو تموت وترحمني

لو أموت وترحمني.

لكن

لماذا توصيني

بأن ندفنها في النهار؟

هل ستربي الدجاجات في قبرها

هل ستزرع فيه شجرة؟

هل تعتقد أن الشمس

ستشرق لها هناك؟

ماذا ستفعل بالنور أصلا

بعد أن أصبحت عمياء تماما؟

بعد أن أكل ذباب الزمن

عسل عينيها؟

لولا أنني متأكد

أنها لا تستطيع أن تكتب اسمها

لظننت أنها قرأت لوركا

هو الآخر كان يقول:

“إذا مت

دعوا الشرفة مفتوحة”

 

ا إلهي | عماد أبو صالح

يا إلهي/ كم هو رائع/ هذا الشاب هناك!/ يتقدم الصفوف/ ويفتح صدره للرصاص/ يعالج الجرحى/ ويتنازل عن طعامه القليل للجوعى/ كأنه نبي/ أنا معجب به/ إلى كل طفل/ يخلم بأن يكون بطلا:/ تعلّم منه/ لتثور ضده/ ، بنفس طريقته،/ حين يصبح ديكتاتور المستقبل

 

أنا مجرد متسول/ لكنني/ خدمت الثورة/ أكثر من الثوار أنفسهم/ كيف؟/ خدمتها بعدم مشاركتي/ بقيت جالساً/ ، على هذا الرصيف،/ أمد يدي للعابرين/ مددتها بحماس/ بإخلاص وخسّة/ بكل خبرتي في الوضاعة/ أنا لا أحلم بحياة أفضل/ ولا أهجر مهنتي/ يروح دكتاتور/ ويجيء دكتاتور/ وأنا ثابت في مكاني/ سلالتي طويلة/ لي أجداد في الماضي/ وأحفاد في المستقبل/ أنا الباقي/ أنا الخالد/ أنا الواقع في قاع الثورات/ أنا حارس الأمل/ في الثورة القادم

 

منذ طفولته/ وهو يعيش مشرداً هنا/ لا أهل/ لا عمل/ لا أمل/ تقافز من الفرح/ حين امتلأ الميدان بالثوار/ تنازل لهم عن غطائه الممزق/ ونصف سيجارة/ كان يشبكها خلف أذنه/ شعر بأنه صاحب بيت حقيقي/ يجب أن يحتفي بالضيوف/ حين رحلوا فجأة أحس بالألم/ بوحدة لم يجربها في حياته/ أطعمهم رغيفه/ وسرقوا منه/ نعمة العراء

 

وقف عارياً أمام عربة شرطة/ أحرقتها الجموع الغاضبة/ العربة نفسها / التي ركبها/ ، مقيد اليدين،/ حين كان شاباً/ انتظر هذه اللحظة كثيراً/ لكن حين جاءت/ لم يشعر بأي فرح/ على العكس/ فوجئ بحزن/ ينساب/ ببطء/ في كيانه كله/ وقاوم رغبة حقيقية/ في إطفاء ألسنة النار/ التي تأكل أغلى ذكرياته

 

ديكتاتور

الله نفسه معي

هكذا يقول الديكتاتور

أنا أخدمه

أكتر من الشيوخ

والرهبان

والثوار

لأنه لولا الخوف

لولا الجوع

لولا الدم

ستبور الجنة

التي وعد بها

ضحايا الحياة

الله نفسه يحتاجني

هو يحمي عرشي على الأرض

وأنا أحمي عرشه في السماء

قصيدة ديكتاتور من ديوان ‫#‏كان_نائما_حين_قامت_الثورة

 

ما هي العصا؟

غصن شجرة

ما طاولة التعذيب؟

جذع شجرة

ما الصليب.. ما الباب الذي يحجب الهواء، ما هو النعش؟

دلوني على شجرة، ليس فيها فرع جاهز لتعليق حبل

كل شجرة إغراء بمشنقة.

من نص “ذم الأشجار”

 

تحية لليد

(أتوسل لله أن يحفظها

ولو في أجساد اعدائي)

التي لا تحترس من لسعة النار

للقلب الممزق بطعنات الحب

ويتلهف

ببقايا نبضاته

لطعنة أخيرة

للفراشة والشمعة، للفأر والمصيدة، للقدم والحفرة، للطفل وقميصه المقلوب

تحية خاصة لك أنت يا يهوذا، يا إمام الخطائين، يا خالدًا في اللعنة، لولاك ما كان مجد المسيح

من قصيدة “مديح الخطأ”

 

 

المصدر : منتدى عفاريت نوسا البحر: http://hassanbalam.ibda3.org/t12475-topic#ixzz4QNljvwXU

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى