صفحات الثقافة

كبير شعراء كوريا الجنوبية كو آن: السعادة هي النوم.. وكل ما أريد أن أكونه هو العشب

ترجمة وإعداد فوزي محيدلي

ليس ثمة مجالاً للشك أن «كو آن» هو أهم شعراء كوريا قاطبة، رغم انتمائه إلى كوريا الجنوبية. وهو إلى ذلك من أساطين الشعر في العالم، سيما وأن اسمه تردد أكثر من مرة، في السنوات الأخيرة، كمرشح قوي ضمن الأسماء الخمسة الأوائل لجائزة نوبل للآداب.

منذ بزوغ اسمه كشاعر في أواخر خمسينات القرن العشرين، عرف عنه تميزه بموهبة نادرة، لا سيما لناحية حساسيته الشعرية الشديدة، وقوة بديهته وحدسه، وسعة مخيلته، ومهارة استعماله للغة، فضلاً عن عمق فهمه للحياة الإنسانية، خصوصاً وأنه دخل مجال الرهبنة البوذية قبل انتهاء الحرب الكورية عام 1952، وأسس «الصحيفة البوذية» عام 1957، ولم يلبث لاحقاً أن ترك الجماعة البوذية عام 1962 بعد أن وصل إلى مركز رئيس دير.

أطلق على حياة كون آن على أنها «مثال صالح لأمواج بارتفاع عشرة آلاف قدم»، وهو تعبير كوري قديم يشير إلى العلاقة بين المعاناة والقوة. سمي قبلاً «الظاهرة» وأطلق عليه مرات الـ»كو آنات» العديدة وليس «كون آن» واحد، بسبب خصب إنتاجيته التي لا تضاهى في الأدب الكوري، حتى أن كو آن ينظم قصيدة كل نفس يأخذه. بدوره يقول كون آن «أقوم باستمرار بتحرير نفسي من القصائد التي نظمت قبلاً». يُنقل عن شاعر جيل «البيت» الأميركي مايكل ماكلير قوله: «تحت فنه أشعر بروح الحيوان الغامض التقليدي وبروح الطير، كما وأشعر باحتفالات وشعائر أمة أقرب ما تكون إلى تاريخها». من جهته يقول الشاعر الأميركي ألان غينسبيرغ: «كو آن شاعر رائع، هو عبارة عن توليفة لمطلع بوذي، مناصر سياسي شغوف بالحرية، ومؤرخ مفتون بالمذهب الطبيعي».

تحت الحكم العسكري لسيول لم يسمح له بمغادرة البلاد. وفقط في عام 1992 أعطي جواز سفر. ومنذ ذلك الوقت دعي إلى العديد من التجمعات والمؤتمرات الشعرية الدولية، حيث سحر الجمهور في أربع جهات الأرض، بلغة كورية جميلة وقوية، جاعلاً من يصغي إليه يطلع على التاريخ الطويل، الحزين والمضطرب، لكوريا وثقافتها وتقاليدها، المعبر عنها في قصائده. وتبعاً لسياسة مضمرة، تحت حكم الدكتاتورية العسكرية، بعدم السماح بترجمة أعماله، لم يصبح كو آن معروفاً في العالم الخارجي إلا بعد أن بلغ ستينات عمره، وقد حظيت أعماله منذ بدء ترجمتها في بداية تسعينات القرن الماضي بمراجعات قيمة. وقال آلان غينسبرغ عن مجموعته المؤلفة من قصائد «الزن»: هذا الديوان يعطي لمحة عن الانتظام الدعابي الصارم المنعكس من خلال التشكيلة الخصبة والمتنوعة لأشكاله الشعرية ومواضيعه».

هو العديد من الشعراء

هو شاعر وراهب بوذي حتى عام 1962، وشاعر عدمي حتى عام 1972، وشاعر «منشقّ» حتى ثمانينات القرن العشرين، لكن بعدها وبكل بساطة هو شاعر مهم، شاعر طليعي حتى يومنا هذا، وقد لا يحظى أحد آخر مجدداً بتسمية «الشاعر العظيم» إلا بعد مرور أجيال. واقعاً، هو من دون شك «شاعر كوريا القومي». وكما قال أمير شعراء أميركا السابق روبرت هاس، «المذهل بخصوص كتابة كو آن هو الطريقة التي أعاد من خلالها توليد نفسه بعد كل عقد من الزمن».

تمحورت معظم القصائد التي كتبها في المرحلة المبكرة من عام 1952 حتى عام 1962، حين كان راهباً، حول ممارسة الزن المنطوية على كثير من تحدي الذات، من حيث التعامل مع الطبيعة الزائلة والعبثية للحياة.

إنشغلت القصائد بالمرض، الجراح النفسية والموت مع اتصافها بحساسية جمالية ذات تلاوين رمزية. يحاول الشاعر استكشاف معنى الذروة القصوى للحياة والتي لا يمكن حل مغاليقها فيما خص الموت. هي قصائد بوذية وذات ألم إنساني بامتياز.

بين عامي 1962 و1972 المغاير الأساسي الذي استجد في شعره هو الإحساس العفوي والطبيعي. غدت طريقته في النظر إلى الأشياء قاتمة وعدمية وتقوم على نكران الذات. ولا عجب أن تُوجّت تلك الفترة بمحاولة انتحار، كادت أن تنجح.

القصائد التي نظمت بين 1973 و1983، وهي سنوات الاضطراب الاجتماعي حين غدت حركة ما قبل الديموقراطية أعتى، وأظهرت تغيراً آخر في شعرية كو آن. بدأت تُظهر إدراكه المأسوي بالتاريخ الكوري، المنغرس عميقاً في إحساسه الشديد بمأزق الشعب الكوري في القرن العشرين.

إنطلاقاً من عام 1983، وبعد سنواته التي قضاها في السجن بدأ كتابة العديد من القصائد، بما في ذلك المجموعات العدة المندرجة تحت عنواني «عشرة آلاف حياة» و»جبل بايكتو». في خلفية هذه القصائد تأثير الأحداث المرتبطة بحركة «كوانغيو» لما قبل الديموقراطية في أيار من عام 1980 وذلك حين قُتل المئات من المواطنين برصاص الجنود الكوريين، إلى تأثرها أيضاً بسجن الشاعر ومواجهته للموت.

بعد احتجازه داخل سجن عسكري خاص، أعطى الشاعر سلسلة من السير الشعرية السردية أسماها «ألف حياة»، لم تزل تتوالى إلى الآن، لتعكس كل شخص تعرّف إليه. كما وعكف على كتابة ملحمة من أجزاء عدة، خاصة بحركة استقلال كوريا تحت الحكم الياباني، وأسماها «جبل بايكتو».

وقد تتالى ما يقرب من أربعين ديواناً منذ ذلك الحين، ما حدا بأحد النقاد إلى التعليق قائلاً بأنها «انفجار عظيم من الشعر». يدعو الكثير من النقاد إلى الانتباه إلى اللغة في الملحمتين الكبيرتين واصفين إياها بـ»لغة التحرر لغة أليفة، غزيرة، ثرثارة لكن ليست مهملة، بل أنها أيضاً هادئة إلى حد الهشاشة، فضلاً عن حيوية تعبيرية». من جهته، قال امير شعراء أميركا السابق روبرت هاس عن «عشرة آلاف حياة» أن هذا العمل «من أكثر المشاريع استثنائية في عالم الأدب ضمن هذا الجزء من العالم». وكتب هاس في صحيفة «واشنطن بوست» بأن «القصائد غنية بما لا يقاس وحكائية ودارجة، ومليئة بحياة الناس، هي لا تشبه أي شيء آخر صادفته في الشعر الكوري».

منذ سبعينات القرن الماضي، وهذا الشاعر ينظم قصائد حول توحيد كوريا. فهو زار كوريا الشمالية قبل أن يصطحبه الرئيس كيم في قمة الدعوة لإعادة التوحيد التاريخية، وكانت النتيجة ديوان «جنوب وشمال» (2001)، إضافة إلى توقه القوي لحلول السلام في ربوع بلاده، منذ تسعينات القرن الماضي، يطمح شعره لاكتساب عالم رحب من التناغم، التحرر والحب، حيث بمقدوره معانقة كل الناس بحنو. يعترف الرجل أن ثمة بعد أشياء أكثر وأكثر متبقية للكتابة عنها مما نظم عنه من قبل.

في مقدمة مجموعته «جبل بحر الألماس» يقول كو آن عن مفهومه للإبداع الشعري: «إذا ما قام أحدهم بفتح ضريحي بعد وفاتي، سيجده مليئاً ليس بعظامي، بل بقصائد مكتوبة في عتمة ذلك القبر… هل أنا متعلق أكثر من اللازم بالشعر؟ لأن قصائدي تتواجد مع ما يشبه الوداع للشعر، يمكن النظر إلى تعلقي هذا على أنه أحد مظاهر الخلاص من الشعر». يبغي كو آن تحويل حياته كلها، حتى قبره، إلى قصيدة، رافضاً في الوقت نفسه السماح لنفسه الانحباس داخل السعي لكتابة الشعر كهدف بحد ذاته.

 مقابلة عن الشعر والبوذية

أجرى برينت ميرسمان أخيراً مقابلة مع كو آن عنه تميزه بطاقة لا تعرف الهرم، مضيفاً أنه يجيب غالباً بتعابير شعرية. من المقابلة نقتطف أهم مفاصلها.

[ عارضت ديكتاتورية بارك تشانغ هي (حَكَم كوريا بين 1963 1972). الآن ابنته هي أول رئيسة أنثى تنتخب ديموقراطياً. أنت كشاعر عرف عنه كونه ناشطاً سياسياً، كيف تجاوبت مع هذا المدى الديموقراطي؟

ـ أعتقد أنه ليس من حقبة أو عصر يضمن السعادة أو يجلبها. في مجال ما، السعادة هي النوم. عكس السعادة، اللاسعادة، تجعل الناس يستفيقون من النوم.

[ يأخذني الأمر إلى قصيدتك «كليشيهات كتاب البوذية المقدس» حيث تقول «يا شبه الجزيرة الكورية، إغطسي الآن لثلاثة قرون أو حول ذلك، أو اغمضي عينيك بعناد واغطسي تحت الماء ألفية كاملة!».

ـ لا يمكن السماح بعد الآن لوجود الديكتاتوريات، كما حالها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. ما يهمني حالياً تحت السلطة الموجودة أن المشكلة الأكثر أهمية في كوريا، التقسيم، لا يمكن تغييرها لأن الطرفين يتصادمان من وقت لآخر، ولا يمكن توقع توحيد كوريا كما نتمنى. أحياناً أشك في الديموقراطية لأن الاقتراع يعطي فائزاً عبر خطط تقنيتي الانتخاب أو الاقتراع. أحياناً أخشى أن الاقتراع قد يعطي انقلاباً من نوع آخر. للشاعر عمل يقتضي منه كتابة القصائد في غرفة خاصة، وأن يقرأ أيضاً القصائد في أماكن عامة. حري بالشعر محاولة الجمع بين هذين الفعلين.

[ وما يمكن للشعر فعله تحت نظام مثل الذي في كوريا الشمالية؟

ـ ذهبت إلى كوريا الشمالية مرات عدة عام 2000 كنت ضمن من رافقوا جماعة (يستعمل كلمة «حاشية» بل «بطانة») رئيسنا إلى القمة في بيونغ يانغ. قابلت كيم جونغ ـ إيل في مأدبة الدولة وتناولنا المشروب سوية. كما قمت بالقاء شعر مرتجل. وخلال تلك الرحلة قابلت بعض شعراء كوريا الشمالية. في مرة ثانية، قمت بتنظيم لقاء بين شعراء من الشمال والجنوب لكن علي الاعتراف أنني لا أعلم الكثير عما يكتبون. ما أعلمه بالتأكيد أنه من غير المسموح لهم قول اي شيء بخصوص نظام البلد الذي يعيشون فيه. بالنسبة لي يبدو الشعراء في كوريا الشمالية ساذجين (أشبه) بالأناس السذج المتدينين، لأنهم لا يستطيعون تصنع ذرف الدموع، بل يذرفونها حقاً من الداخل ممتدحين كيم جونغ ـ إيل ووالده كيم إيل سونغ. يشكل رجال السياسة الدهاة المستقبل بالنسبة إليهم.

[ هل أتيت على ذكر كيم جونغ ـ إيل في كتابك الكبير «عشر آلاف حياة».

ـ حتى الآن لم أكتب فيه عن أناس من كوريا الشمالية، فيما عدا الشخصيات التي من تاريخنا المشترك، وقبل ان تقسم البلاد نظمت العديد من القصائد عن الناس الذين هناك. بعد تطاول زمن التقسيم، انقسمت حتى اللغة. أعكف حالياً على كتابة قاموس، منجد، كبير في مسعى لتخفيف الهوة بين «اللغتين».

[ هل اثر الشعر الأوروبي على عملك؟

ـ لسوء الحظ ليس من أحد اثر علي فيما يخص كتابة القصائد. في أحد الأوقات أحببت بودلير. كما أني أحب عمر الخيام، ملحمة جلجامش، ملحمة رامايانا الهندية، لكن رغم حبي للعديد من هؤلاء الشعراء حتى المنتمين إلى الأصقاع والأزمنة السحيقة، لا أعتقد أنني تأثرت بهم، وهذا مصدر لعدم سعادتي. بدأت قراءة الكوميديا الإلهية لدانتي في السجن. التقيت روحياً باولئك الشعراء الكبار بعد ان شيدت دارتي الشعرية، لذا كان الأوان قد فات على أن أعتبرهم ضمن أعمدة دارتي الرئيسية، لكن هذا لا يمنع أنني كنت مسروراً جداً لاستقبالهم كضيوف. لا بد لي من أن اذكر أن الشعر الكوري الحديث له تاريخ لا يتجاوز المئة سنة.

[ التي أدركت أنت منها ثمانين سنة

ـ لهذا السبب ثمة في شعري بداية الشعر الكوري الحديث، لكن ثمة ايضا عمر المراهقة والشباب بعد ان كبر الطفل. فضلا عن ذلك أعتقد بامتلاكي دماء القدماء، لأزمنة لا تقاس، جارية في عروقي.

[ عشت لأكثر من عقد من السنين كراهب بوذي. كيف اثر ذلك على شعرك؟ هل ساعدك الأمر في السجن؟

ـ كطفل عشت على حليب صدر والدتي. منصبي كراهب بوذي كان نوعاً آخر من الحليب لي. اقبلت على تناول بل أكل البوذية. غدت جزءاً من تركيبة عظامي، من لحمي ودمي. لا أدري كيف كنت سأتابع العيش لو أني لم التقِ بالبوذية. في الوقت الذي قصدت الجبال (تعبير كوري للتحول إلى راهب)، حدث ذلك بعد الحرب الكورية حين مات الملايين من الناس. رائحة الموت ما زالت أحملها على جسدي. للحقيقة، حاولت الانتحار مرات عدة.

حين تعلمت كيفية انكار لغة الحكي، واللغة المكتوبة كراهب، وركزت على التأمل، شعرت أني تغيرت وصرت ذاتاً أخرى لي، لعل التبصرات في قصائدي، لا سيما في القصائد السردية الطويلة، يمكن ردها إلى ما فعلته كبوذي. تعمل البوذية على انكار العالم المرئي… حين كنت يافعاً كان انكاري للعالم ملائماً لي، لكن بعد تركي للبوذية ورائي، فان توكيد العالم أو الاقرار به غدا أكثر ملاءة لي. والحق يقال رغم تجربتي لا أحب القول أني بوذي أو أني واحد من البوذيات المعروفة كما قال نيتشه أنه بوذا اوروبا! كل ما أريد أن أكونه هو العشب أو السنجاب، أو الطير، الطير كطوطم.

[ هل تغدو الحياة اسهل مع تقدم المرء في العمر؟

ـ لطالما عملت على إتخاذ الاحتياطات.. ألجم نفسي عن أن اصبح مرتاحاً مع تقدمي في العمر. ارى في انتقاد زوجتي لي وليس مدحها شيئاً ذا معنى. لست مغرما بالذهاب إلى واد عميق لأنام هناك. أكثر ما أفضله هو الاعصار الاستوائي، الأمواج الغاضبة للبحر اشعر بقدر من الواجب تجاه أحواض الزهور، تلك الأحواض حيث ترفرف الفراشات.

لقد حكم علي بالسجن لمدى الحياة داخل رحاب الشعر. لا أنتظر أن يصار إلى تحريري.

[ هذا يجيب عن سؤالي.

ـ ليس من عادتي تذكر قصائدي، لكن تحضرني الآن قصيدة قصيرة جداً عنوانها «صدى»

[ أتذكر من جهتي قصيدة «قرب نهر صومجين»: «الروابي القريبة، أطرقت السمع».. حالما يقرأها المرء لا تبرح فكرة تلك الصورة.

ـ يقصد شخص ما الجبل عند الغسق ويتطلع في السلسلة الممتدة حوله ويسألها: من انت، من أنت، من أنت، في النهاية السؤال والجواب المفترض يختفيان سوية. بعدها كل ما يتبقى هو الغروب المتوهج.

[عند الغروب

ثمة أمنية واحدة.

التحول إلى ذئب تحت سماء البدر السمين

[صديق

بالتربة التي حفرتها أنت،

قمت أنا بصنع تمثال لبوذا

أمطرت السماء،

وتحول بوذا إلى وحل

الآن ما نفع السماء الصافية؟

وهذا الثناء على ما يسمى «الطريقة»

هذه الدرب إلى النيرفانا

مثابة هراء، سأشق دربي،

إذن، فوق الحجارة، وخائضاً الأموال،

فوق درب معلمي، هذه الدرب الميتة

[امرأة السلوى

رغم احتشاد وجهها بالنمش

الأشبه بحبات السمسم المدلوق،

أخذ النسيم على حين غرة

عيناها ورموشها الخلابة

أما صورتها المنعكسة على صفحة الماء

فشكلت الجمال المطلق

ذات يوم أُخِذَت مانسومي

من قبل الجيش الياباني إلى «وحدة المواساة،

وحين بلغت الحرب نهايتها:

نعم، تحقق التحرير، وعاد كل شخص،

أزهرت أحواض الزهور

وشدتْ الزيزان

لكن لم ترد كلمة عن مصير مانسومي.

[قيامك بالحج

خفف الوطأة، خطوات، ابطأ ستفي طبعاً

على حين غرة من الممكن ان تمطر،

لا بأس ان تدع نفسك تبتل

هو صديق قديم، المطر.

شيء أوحد جميل: الانطلاق

العالم شاسع جداً ليعيش

المرء في مكان واحد فقط،

أو في ثلاثة أو اربعة أماكن.

سر، وتابع المسير

حتى غروب الشمس،

وشريكك العتيق،

ظلك متأخر عنك كالعادة.

إذا ما انقشعت السحب،

تابع السير

غير مبال

[الهملايا

عمر الذكرى قصير، والأحلام مديدة!

مكان لم أولد فيه،

يجب الا يولد أبداً

ربوع الهملايا.

نيابة عن من

قصدت ذاك المكان؟

ذهبت فيما أناملي العشر ترتجف.

مع تخففي من أنواع عدة من الغباء ورائي في الديار

حدقت صعوداً صوب ردح من القمم

اللماعة على ارتفاع ثمانية آلاف متر فيما

نصولها الذهبية متكومة في الأعالي

قبل ذلك، وبعده،

لم أملك سوى أن أكون يتيماً

ليس لدي سوى أمنية واحدة

الابتعاد عن الهملايا قدر طاقتي البشرية،

والنأي عن عالم الأسئلة الشاقة.

بلى، هذا كل ما في الأمر

[النزول

شاهدت الزهرة

التي لم ارها تنبت

ها هنا مكان للشعراء الأحياء، إذن

تستهويني قراءة

«بعض الوقت مع الشعراء الموتى»:

إننا في المنطقة ذاتها من الكون،

أحياناً في برية لا ترحم،

وأحياناً داخل الرحم

ها هنا كل منا

ليس مجرد شاعر فرد على قيد الحياة.

ها هنا نحن الشعراء الأحياء جرى تحويلنا

الى شيء آخر، إلى بلاد خلفية.

لا صوت ينفذ عبر

حدود الانقراض

نشعر أحياناً أن أجسادنا ثقيلة،

وأحياناً هي أخف من افئدتنا

ارواح الشعراء الموتى

دخلت كلاً من اجسادنا،

طوت أجنحتها التعبة، وأقامت فينا

فصرنا أثقل

غدوت أنا أكثر من ذاتي،

وأنتم اكثر من ذواتكم

إننا نغني نشدو، بلغة الكون،

باللغة الأم للشعراء الموتى

بدأنا كل لوحده

ثم تجمعنا، خفت أحمالنا

مع انفجار الأمواج المشرئبة، المشكلة درامات مجنونة،

ثم هدأت صبيحة اليوم التالي،

مع خروج النوارس من مخابئها وانتهاء الرعب

حيث لا تعود هذه الطير ترتجف،

بل راحت تحلق عالياً، راسمة اروع الدوائر،

قضى مخلوق ما

إنه شاعر، همس أحدهم.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى