مراجعات كتب

كتب غير مرئيّة/ محمد الأسعد

 

 

لرواية الإيطالي إيتالو كالفينو (1923 – 1985)، “مدن غير مرئية”، تموجات في الثقافة الغربية لم تحدث إلا حين تعرّف هذا العالم على “ألف ليلة وليلة” العربية. فهذه الرواية حتى الآن ما تزال تلهم التشكيليين والمسرحيين والموسيقيين.. والمعماريين قبل كل هؤلاء، فينتجون أعمالاً من وحي مدنها الموجودة “بالقوة” ومدنها الموجودة “بالفعل”، وبمختلف ما يُطلق عليها من أسماء أميراتٍ وغجريات وأمكنة وكواكب من غالبية لغات العالم.

والسبب هو أنها نوع من النصوص الموحية كانت طريقة كالفينو في كتابتها أقرب إلى طريقة الشاعر في كتابة قصائده، على حد تعبيره، أو هي حسب تعليق له إجابة على سؤال: كيف يمكن للمرء قراءة شيء ليس مكتوباً، كأن يكون أمواج بحرٍ مثلاً؟

رواية مثل هذه كان من المتوقع أن تجد مكانة في اللغة العربية، شأنها في ذلك شأن روايات أميركا اللاتينية الساحرة في تركيبتها الغرائبية المسماة “الواقعية السحرية”، إلا أنها لم تضمحل فور ترجمتها مرتين، وطباعتها ثلاث مرات، بسبب رداءة الترجمتين فقط، بل وغابت علومها مثلما غابت علوم كاتبها كالفينو، لسبب آخر، هو أن ثقافة المترجمين تقع خارج نطاق مشاغل ثقافة ما بعد الحداثة، أي ثقافة كاتبها، وانشغاله بأزمة “تمثيل” الواقع بالكلمات والرموز.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى