بيانات الانتفاضة

كلمة الفنانة فدوى سليمان الموجهة إلى مؤتمر (رياح التغيير في العالم العربي وآثارها على العلاقات العربية الكندية)


الذي انعقد في مدينة أوتاوا- كندا

 (بسم الله الرحمن الرحيم… بسم الآب والإبن والروح القدس… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)

نتحدث إليكم من سوريا، وأقول نتحدث لأنني لست وحدي من يتحدث، وإنما يتكلم بصوتي ملايين السوريين المنتفضين،لاسترجاع حرياتهم التي سلبت منهم، نتحدث إليكم من سوريا الثائرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، لقلب نظام الحكم الديكتاتوري فيها، وللإنتقال إلى الدولة المدنية الديموقراطية، حلم كل السوريين،من سوريا الثائرة منذ أكثر من ثمانية أشهر بثورة سلمية شريفة ورائعة، لإسترجاع الحقوق والحريات والهوية السورية المسلوبة وإقامة دولة مدنية ديموقراطية تليق بحضارة السوريين وعراقتهم ومدنيتهم،من سوريا الثورة السلمية والتي حولها النظام إلى ثورة دموية من قبله، من سوريا الثورة السلمية والتي تطالب بالحرية المطلب الأول والتي صودرت من السوريين لأكثر من أربعين عاما،طالبوا بها اليوم ،فقتلوا على يد الجيش السوري والأمن السوري والشبيحة السوريين على مرأى ومسمع العالم العربي والغربي،أمام الجامعة العربية التي لم تتدخل إلا بعد ثمانية أشهر من القتل والتنكيل والتعذيب الواقع على الشعب السوري، وحتى بعد تدخلها مازالت تعطي للنظام الفرصة تلو الأخرى لقتلنا، ثمانية أشهر والشعب السوري يقتل أمام المجتمع الغربي الديموقراطي والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات حقوق إنسان، ولم يتدخل أحد إلا بعد أن أصبح للشعب السوري ممثلا شرعيا له، وهو المجلس الوطني الانتقالي، كان قد قتل من قتل في سوريا وعذب من عذب وشوه من شوه،ورغم وجود المجلس لم ينجح المجتمع الدولي بإرسال حتى مراقبين دوليين أو منظمات حقوق إنسان أو إعلام حر،والشعب السوري يموت على مذبح حريته بينما العالم الديموقراطي يتفرج ويتمتع ببرلماناته وحرية التفكير والتعبير والصحافة والإعلام.

بعد هذا الكلام أيها السادة، أدعوكم لوقفة مع الذات قليلاً قبل أن تتذكروا أنكم سياسيون أودبلوماسيون، أدعوكم لتقفوا مع ذواتكم لنرى جميعاً مدى انحطاط الإنسانية والإنسان اليوم أمام تمجيد وتعظيم حضارة المادة،أطلب منكم هذه الوقفة مع الذات،لمراجعة إنسانيتنا ولمراجعة شكل السياسة العالمية اليوم ،سياسة تقوم على المصالح..مصالح الدول مع بعضها وتوازن القوى..أي توازن قوى وكل دولة تقول لادخل لي وليس لي مصلحة بالتدخل حتى لو صار العالم أنهار دم،مادامت بلدي بخير ومصالحي محققة؟؟علينا أن نراجع السياسة العالمية اليوم،والقائمة على المراوغة والغموض ونصب الأفخاخ، وبالتالي الفتنة والحقد والغضب ثم اندلاع الحروب، لماذا لايتم التدخل إلا إذا كانت لهذه الدولة أوتلك مصلحة في التدخل؟؟ولماذا تبقى الشعوب تحت وطأة القتل والتنكيل والتعذيب حتى تقق هذه الدولة أو تلك مصالحها؟؟.

تطور العالم في مجال العلم وارتقى،وأصبحت حياتنا مادية إلى أبعد حد،وأصبحنا نشبه الآلات التي نصنعها،

كل هذا على حساب بناء الإنسان من الداخل،لقد نمت الحضارة المادية وتطورت،ولكن لكي يتوازن الكون على الحضارة الروحانية أن تنمو أيضا وتوازي الحضارة المادية،وإلا غرقنا حقا في الحروب والإمراض والإذلال والتجويع والقتل والسلب والنهب والتسلح والتجيش وإختراع الأسلحة الفتاكة والأشد فتكا،

من سوريا أقول لكم آن للبشرية أن ترتقي بذاتها،آن للبشرية أن تكف عن سياسة المصالح،وتبدأ رحلة الوعي الإنساني على طريق النور،لن تقوم قائمة للبشر إن لم نتطور جميعا وبنفس السوية الروحية والمادية كي يكتمل الوجود،ونكتمل مع الكل ونكتمل مع الكون ، مع الله،علينا أن نبدأ سياسات ترتقي بالوعي البشري والفكر البشري،علينا أن نفهم أننا نستطيع أخذ ما نريده من بعضنا بعضاً ما نحتاجه دون اللجوء إلى العنف أو المراوغة وبعدها الاضطرار للتدخل العسكري لحل مشكلة السلم الأهلي مما يجلب الخراب لنا ويحقق مصالح غيرنا.

من سوريا نشكر الشعب الكندي الممثل بالدبلوماسيين الكنديين ،والذين نشكرهم أيضاً على وقفتهم الرائعة مع الشعب السوري الذي لن ينسى أي شعب أو حكومة وقفت معه في محنته، وأدعوكم باسم الشعب السوري لطرد سفير النظام السوري من دولتكم ، لأنه يمثل نظاماً لا شعباً، كما أدعوكم إلى الضغط على هيئة الأمم المتحدة لإرسال مراقبين دوليين ومنظمات حقوق إنسان وإعلام حر دون الرد على نظام فقد شرعيته أمام أنظار العالم، وأدعو الشعب الكندي وكل إنسان يملك ضميراً حياً إلى النزول للشارع لوقف الحرب.. لوقف العنف، ولنكن مع الإنسان أينما كان لا مع سياسات المصالح بينما الشعب السوري تتعرض له آلة القتل والحرب، فما زال الجيش السوري منتشراً في المدن السورية المنتفضة وما زالت الأحياء مقطعة والحواجز العسكرية والأمنية والقناصة، وما زال النظام يرسل التعزيزات تلو الأخرى ، البارحة فقط سقط واحد وعشرون شهيداً في حمص وحدها وذلك بعد يوم واحد من انتهاء مهلة الجامعة العربية للنظام السوري ليوافق على دخول المراقبين الدوليين ولم يوافق.

دعوكم لتقفوا حقاً مع حق الشعوب بالتغيير السلمي لتشكيل أنظمتها وفقاً لضروراتها وتطورها وليس وفقاً لمصالح الدول العالمية أو المصالح الذاتية، أدعوكم لنكون جميعاً دعاة سلامٍ لا دعاة حرب، ولن يتحقق هذا إلا إذا عدنا لإنسانيتنا وأصبحنا كالأشجار التي ترتجف كلها عندما يقطع الحطاب شجرة ومنها، وكالغزلان التي تحزن لموت غزال في الغابة دون أن تراه، لكنها تشعر به وتحس، لن تتحقق إنسانيتنا إلا إذا بدأنا سياسة عالمية جديدة، وهي بناء الإنسان من الداخل أولاً، وبفك شيفرة القتل بقبول الآخر، وفك شيفرة الحرب بالحب والتبادل المعرفي والفكري والروحاني، لا نريد لأطفالنا أن يكونوا حمزة الخطيب مجدداً ولا هاجر الخطيب وإبراهيم الشيباني وكاترين الخوري وغيرهم من الأطفال الذين اغتالتهم آلة القتل، لا نريد أن نكون مشعل تمو الذي صفي بقلب بارد، ولا غياث مطر وإبراهيم القاشوش اللذين اقتلعت حنجرتاهما لأنهما ناديا بالحرية وبالسلمية ولا أن تُكسر أصابعنا كالرسام علي فرزات، نريد أن نحيا بالحرية وأن نغني للحرية وأن نبني علاقات ندية وشفافة مع كل دول العالم، علاقات سلام ومحبة وبناء إنساني ومعرفي جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى