“كلنا سوريون” ضد احتكار تمثيل “الأقليات”
حسن عباس
في 24 آذار، سيطلق معارضون سوريون علويون، بمشاركة من باقي مكوّنات المجتمع السوري، موقفاً يحاول استعادة لغة المواطنة الجامعة في مواجهة نظام البعث. سيكون هذا في ختام أعمال مؤتمر “كلنا سوريون… معاً نحو وطن للجميع” الذي سيعقد في القاهرة في 22 و23 آذار مارس الحالي.
حتى الآن، معالم هذا المؤتمر غير محددة بدقة. هي رهن بمجريات الأيام المقبلة. المؤتمر الذي كان سيعقد في 16 و17 من الشهر نفسه، تم تأجيله بسبب ارتباط بعض الشخصيات السورية المدعوة إليه بفعاليات تتصل بمناسبة الذكرى الثانية للثورة.
الثابت الأكيد أن المؤتمر سيشهد جلستين منفصلتين: الأولى تنحصر المشاركة فيها بمن ينتمون “بالولادة” إلى الطائفة العلوية والثانية تضم شخصيات من كل مكوّنات المجتمع السوري. في الجلسة الأولى يحاول العلويون إطلاق وثيقة مقتضبة “شبيهة بموقف الشيخ صالح العلي، في ثلاثينات القرن الماضي، الداعي إلى الوحدة والمساواة بين جميع السوريين”، على ما يقول أحد المنظمين.
وفي الجلسة الثانية يعمل على تحقيق توافق وطني حول الوثيقة وتحويلها إلى مبادئ وطنية للعمل السياسي.
فكرة المؤتمر ولدت قبل حوالى أربعة أشهر، في ورشة عمل أقيمت في القاهرة وجمعت مشاركين من سوريا ولبنان ناقشوا مسألة السلم الأهلي. لتحقيق الفكرة، شكلت لجنة تنظيمية تضم عضوي الائتلاف السوري المعارض توفيق دنيا وبسام اليوسف والمخرج السينمائي ثائر موسى وناشطين شباب. هؤلاء ينطلقون في حركتهم من اعتبار أن الطائفية “لا تزال حتى اللحظة عائقاً أمام رابط المواطنة” في المجتمع السوري في لحظة أزمة تنذر بـ”النكوص الى مكونات ما قبل الدولة”.
بعض السياسيين العلويين رفضوا المشاركة بحجة أنهم علمانيون وأن المؤتمر بصيغته المطروحة يؤسس لحالة طائفية، يروي السياسي السوري توفيق دنيا. يخالف دنيا هؤلاء ويقول: “نحن مواطنون سوريون ونعمل لأهداف وطنية ولدولة تساوي بين جميع المواطنين ونرفض أية محاصصة، ورفض المشاركة بحجة العلمانية هي مزايدة تصب في خدمة النظام الذي يريد القول إنه يحتكر تمثيل العلويين”.
يرى دنيا أن “النظام السوري لا يمثل العلويين بل يمثل نفسه ومجموعة من اللصوص الموزّعة على كل أطياف الشعب السوري بينما يروّج لمقولة أن العلويين والأقليات تسانده ولذلك علينا عزله”. من هنا يعتبر أن اليوم العلوي يضفي قيمة على المؤتمر ويوجه رسالة إلى كل السوريين مفادها: “نحن كعلويين بالولادة نرفض التقسيم وملتزمون بالوحدة الوطنية وبالثورة السورية مع كل ما يقتضيه ذلك من تضحيات ودماء”.
في رسالتهم إلى المشاركين عبّر المنظمون عن خشيتهم من “سعي النظام الذي يزداد عزلة وضعفاً إلى دفع العصبيات الطائفية نحو الاقتتال الدموي، الأمر الذي يحقق له تفتيت القوى التي تقف في وجهه ويساعده على إرباك المجتمع الدولي في تعاطيه مع الأزمة السورية”.
لا يخفي المنظمون قلقهم على مصير أبناء طائفة “ألصقت ظلماً بالنظام من قبل كثيرين نتيجة سوء فهم لتركيبة هذا النظام، أو لغاية في نفس البعض”، أي على أبناء الطائفة العلوية التي يعمل النظام السوري على “إلباسها ثوب العداء للطوائف الأخرى كي يُبقي على ارتهانها له”. ولذلك يرون أن الإنطلاق من علويتهم “أصبح موقفاً وطنياً ضرورياً وملحاً، للمساهمة في إنقاذ سورية”.
أما ما يتوقعونه من حركتهم فهو “فك ارتباط النظام مع كل الموالين له على أساس طائفي أو أقلوي” و”تعزيز حالات الانشقاق عن النظام وخصوصاً بين أبناء الأقليات، بمن فيهم أبناء الطائفة العلوية، واحتضانها” و”تنقية الثورة السورية من التيارات التكفيرية المتطرفة التي تحاول حرف الثورة عن مسارها الوطني الديموقراطي”.
يواجه المؤتمر المنوي عقده تضييقاً من السلطات السورية على خروج ناشطين سياسيين تسربت أسماؤهم إلى الأجهزة الأمنية ويخشى آخرون، كعارف دليلة، من عدم تمكنهم من العودة إلى سوريا في حال مغادرتهم. بين المشاركين في اليوم الأول، يُتوقع حضور سفير الائتلاف السوري المعارض في فرنسا منذر ماخوس، مدير مكتب الائتلاف في نيويورك عباب خليل، سندس سليمان، الفنان جمال سليمان، الفنانة فدوى سليمان، بشار عبود، محمد مخلوف، الإعلامية على عباس.
أما في اليوم الثاني، فتنضم إلى الشخصيات العلوية شخصيات من كل الأطياف السورية وتتوقع مشاركة رئيس الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب، رياض سيف، هيثم المالح، برهان غليون، بسمة قضماني، ميشيل كيلو، مازن عدي، ريا السقال، سمير العيطة، حازم نهار وشخصيات دينية كالداعيتين الإسلاميين سارية الرفاعي ومنير الغضبان، الشيخ عصام عطار وشخصيات عسكرية من الجيش الحر. هذا مع العلم أن الدعوات الموجهة وجهت إلى الأشخاص بصفتهم الشخصية لا إلى الأطر السياسية السورية المعارضة.
حتى الآن لم تحسم مسألة حضور بعض الممثلين عن الأزهر وبعض علماء الدين العراقيين الشيعة المعارضين للنظام السوري. “تركيزنا الأساسي على الطيف السوري. ولكن وجود هؤلاء هو للقول بأن الإسلام ليس تعصباً وتكفيراً”، يقول توفيق دنيا.
في مؤتمر “كلنا سوريون… معاً نحو وطن للجميع” محاولة لإخراج صوت له صداه داخل الطائفة العلوية. هدف المؤتمر الذي يموّله أحد رجال الأعمال السوريين العلويين هو “تطمين العلويين والأقليات من خلال إعلاء صوت خطاب مواطني”، يقول أحد المنظمين ويضيف: “لا نريد ضمانات مادية. الضامن هو الخطاب المواطني الجامع”.
المدن